الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدقيق لمصادر الحديث الشريف ليس بدعا، بل هو إحياء لسنة علمية أميتت، اقتضت الضرورة العلمية الآن، وتطور طرق استقاء المعلومات وتوثيقها، أن تبعث من جديد، وأن ينسب فضلها إلى أهلها.
أخطاء في كيفية توثيق الحديث:
إني لأعجب من باحثين - وقد كتب بعضهم كتبا في أصول البحث العلمي - التزموا بطرق التوثيق لما نقلوه، فلا يستشهدون بآية إلا ويسارعون بتخريجها ولا يوردون بيت شعر إلا وينسبونه إلى قائله، ومكان وجود في ديوانه، ولا ينقلون نصا إلا ويذكرون مصدره، ومع ذلك تجدهم عند الاستشهاد بالحديث النبوي يخلون بطرق التوثيق التي التزموها في سائر النصوص! بل الأشد من ذلك أن يوثق الحديث من غير كتب السنة.
وبين يدي كتاب جديد في موضوعه، ظهر في الساحة الأدبية الإسلامية منذ سنوات، بعنوان " النظرة النبوية في نقد الشعر " أراد فيه مؤلفه أن يبين موقف النبي صلى الله عليه وسلم من الشعر والشعراء، واستدل على ما ذهب إليه بنصوص نبوية شريفة، وبالرغم من أن المؤلف استخدم طرق التوثيق العلمي في التثبت من نصوصه الأدبية، وعزا كل نقل إلى مصدره،
غير أنه في الأحاديث النبوية لم يلتزم الطريقة نفسها، فقد أحال بعض الأحاديث إلى كتب السنة، وأحال بعضها الآخر إلى كتب أدبية، وإليك بعض الأمثلة على النوع الأخير:
في هامش الصفحة 25 خرج حديثا من كتاب بهجة المجالس.
وفي هامش الصفحة 26 خرج حديثا من العقد الفريد ومحاضرات الأدباء.
وفي هامش الصفحة 29 خرج حديثا من محاضرات الأدباء.
وفي هامش الصفحة 36 خرج حديثا من خزانة الأدب، والأغاني، ومن شرح شواهد المغني (1).
ولا يخفى أنه لا قيمة علمية لهذا التوثيق، وأن هذا تساهل ينبغي تجنبه في كتابة البحوث العلمية، وينبغي أن لا يسلكه كاتب علمي جاد.
وإليك مثالا آخر من كاتب في علم التفسير، يوثق نقوله عموما، بيد أنه حينما يستشهد بحديث يحيل على كتاب تفسير، أو يقول:(رواه مسلم. (هكذا ولا يذكر موضعه) وأصحاب السنن وانظر تفسير ابن كثير 1/ 31)، أو يقول:" استشهد به أبو السعود في تفسيره إرشاد العقل السليم ص 8 " أو يقول: " انظر الحديث في تفسير ابن كثير " أو يقول: " رواه مسلم في صحيحه (ولا يذكر أين رواه) واستشهد به القرطبي في تفسيره 1/ 115 " وغير ذلك من الأمثلة. هذه إحالات لا يجوز أن تكون في بحث علمي موثق، وهذا التساهل حاصل أيضا عند كثير من المتخصصين في الفقه، واللغة، والتوحيد، والسيرة، وسائر العلوم.
(1) وهناك أمثلة أخرى في هوامش الصفحات 37، 38، 39، 43، 45 وغيرها.