المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثانيفي معرفة وجه حرمة المال وأثر ذلك على التملك - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٤٢

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌ثانيا: نصوص من القرآن والسنة يرجع إليها في الحكم بالرباعند تحقيق المناط

- ‌ نصوص من القرآن معها تفسيرها:

- ‌من أبواب الربا الشرعي السلم في الحيوان:

- ‌من أبواب الربا الدين بالدين:

- ‌باب البيع

- ‌ نصوص من أحاديث أحكام الربا مع شرحها

- ‌ نصوص من صحيح البخاري مع شرحها لابن حجر رحمه الله:

- ‌باب بيع التمر بالتمر:

- ‌باب بيع الزبيب بالزبيب والطعام بالطعام:

- ‌باب بيع الشعير بالشعير:

- ‌باب بيع الذهب بالذهب:

- ‌باب بيع الفضة بالفضة:

- ‌باب بيع الدينار بالدينار نساء:

- ‌باب بيع الورق بالذهب نسيئة:

- ‌باب بيع الذهب بالورق يدا بيد:

- ‌باب السلم في وزن معلوم:

- ‌باب السلم إلى من ليس عنده أصل

- ‌باب السلم في النخل:

- ‌باب الكفيل في السلم:

- ‌باب الرهن في السلم:

- ‌باب السلم إلى أجل معلوم:

- ‌باب السلم إلى أن تنتج الناقة:

- ‌ أحاديث من منتقى الأخبار لأبي البركات ابن تيمية معها شرحها من نيل الأوطار للشوكاني:

- ‌الفتاوى

- ‌ حكم المرتد في الإسلام

- ‌ بدء الكفار بالسلام

- ‌تهنئة النصارى بأعيادهم

- ‌ الحكمة في جعل الأنبياء والرسل على فترات متقطعة

- ‌ هل من الناس من أوحى الله إليه غير الأنبياء

- ‌ أول الرسل إلى أهل الأرض بعد آدم

- ‌ فتاوى سماحة الشيخعبد العزيز بن عبد الله بن باز

- ‌ إقامة مراسم العزاء

- ‌ قراءة الفاتحة على قبور الأولياء

- ‌أجوبة مفيدة تتعلق بالرؤيا والصوم عن الميت

- ‌ الرحلة للتفقه في القرآن واستماعهمن حسن الصوت

- ‌طاعة الوالد بالمعروف

- ‌أسئلة متفرقة وأجوبتها

- ‌ الحكم بغير شريعة الله

- ‌ متى يكون الأعجمي أفضل من العربي

- ‌ أخذ الأجرة على تحفيظ القرآن الكريم

- ‌تأويل في الصفات

- ‌ تصوير المحاضرات بجهاز الفيديو

- ‌شيخ الإسلام ابن تيمية

- ‌علومه ومعارفه ودعوته في شبه القارة الهندية

- ‌ الكتب المؤلفة باللغة العربية أو المترجمة إليها:

- ‌ الكتب المؤلفة باللغات الأردية والإنجليزية والبنجالية:

- ‌أهمية التوثيق عامة:

- ‌دفع فرية ابتكار المستشرقين لصناعة التوثيق العلمي:

- ‌مراحل توثيق السنة:

- ‌ضرورة تنوع طرق التوثيق:

- ‌تساهل بعض المعاصرين في توثيق الحديث:

- ‌ضرورة تميز الحديث الشريف:

- ‌الطريقة المثلى في توثيق الحديث:

- ‌اعتناء المحدثين السابقين بالتوثيق الأمثل:

- ‌أخطاء في كيفية توثيق الحديث:

- ‌أسباب عدم توثيق العلماء القدامى للأحاديث:

- ‌الصيغة التي يورد بها الحديث:

- ‌حكم الطلاق في الحيض

- ‌المقدمة:

- ‌المبحث الأولفي معنى الطلاق في الحيضوحكم الطلاق في الحيض

- ‌المطلب الثالث: حكم الطلاق في الحيض:

- ‌الأدلة على تحريم الطلاق في الحيض:

- ‌المبحث الثانيحكمة المنع من الطلاق في الحيضوحكم المراجعة منه ووقت الطلاق بعده

- ‌المطلب الأول: حكمة المنع من الطلاق في الحيض:

- ‌المطلب الثاني: في حكم المراجعة من الطلاق في الحيض وحكمتها وحكم الإجبار على الرجعة:

- ‌الفرع الأول: حكم المراجعة من الطلاق في الحيض:

- ‌الفرع الثاني: حكمة الأمر بالرجعة من الطلاق في الحيض:

- ‌الفرع الثالث: حكم الإجبار على الرجعة:

- ‌المطلب الثالث: وقت الطلاق بعد الطلاق في الحيض وحكمة تأخيره إلى الطهر وبيان المراد بالطهر:

- ‌الفرع الأول: وقت الطلاق لمريده بعد الطلاق في الحيض:

- ‌الفرع الثاني: حكمة تأخير الطلاق إلى الطهر الثاني:

- ‌الفرع الثالث: في بيان المراد بالطهر

- ‌المسألة الثانية:هل يباح وطء الحائض بمجرد انقطاع الدم ولو لم تغتسل

- ‌خاتمة البحث:

- ‌بحث في حكم زكاة المال الحرام

- ‌المبحث الأولحكم وجوب الزكاة في مال المسلم مطلقا

- ‌المبحث الثانيفي معرفة وجه حرمة المال وأثر ذلك على التملك

- ‌المبحث الرابعالتفريق بين مال حرام بيد تائب عن تكسبهومال حرام بيد من هو مستمر على الاستزادة منه

- ‌خلاصة البحث

- ‌الشيخ عبد الله القرعاويمجدد الدعوة في الجنوب

- ‌ صدر عن الشيخ:

- ‌مولده ونشأته:

- ‌اشتغاله بالتجارة:

- ‌بعض صفاته:

- ‌رحلاته في طلب العلم:

- ‌زهده في الوظائف:

- ‌إجازته العلمية:

- ‌دعوته في الجنوب:

- ‌حصيلة الجهد:

- ‌وفاته:

- ‌النوع الأول: أن يسأل عن شيء فيجيب: بتلاوة آية أو حديث، أو ذكر إجماع أو قول صحابي

- ‌النوع الثالث: عزوه أحد الأقوال إلى الصحابة والآخر إلى السنة

- ‌النوع الرابع: نقله الخلاف عن الصحابة في جوابه، دون ترجيح

- ‌النوع الخامس: نقله الخلاف في جوابه بين صحابي وتابعي، دون ترجيح

- ‌النوع السادس: الجواب بذكر الخلاف بين العلماء، دون ترجيح

- ‌النوع السابع: الجواب بحكاية عن غيره

- ‌النوع الثامن: الجواب بالإرشاد إلى ترك السؤال

- ‌النوع التاسع: الجواب عن السؤال برده إلى مشيئة السائل

- ‌النوع العاشر: الجواب عن السؤال بلا أعرف، وما سمعت

- ‌النوع الحادي عشر: الجواب عن السؤال بلا أدري

- ‌النوع الثاني عشر: الجواب بالسكوت عند المعارضة

- ‌النوع الثالث عشر: أفعاله في خاصة نفسه. والراجح أنه مذهبه

- ‌النوع الرابع عشر: ما لم يقل فيه شيئا، ولكن عزاه إليه أصحابه

- ‌النوع الخامس عشر: ما لم يقل فيه شيئا، ولكنه من قياس مذهبه

- ‌الفصل الثانيمصطلحات الإمام أحمد في الأجوبة التي صرح فيها باختياره

- ‌النوع الأول: المنع

- ‌النوع الثاني: الإباحة:

- ‌النوع الثالث: الطلب

- ‌النوع الرابع: التسوية:

- ‌خاتمة

- ‌حكم الشركة بأنواعها:

- ‌الحكمة من مشروعية الشركة:

- ‌حكم شركة الأبدان

- ‌أركان شركة الأبدان

- ‌شروط شركة الأبدان

- ‌أحكام شركة الأبدان

- ‌صور من شركة الأبدان

- ‌صور معاصرة ممنوعة

- ‌شمول شركة الأبدان على المفاوضة والعنان

- ‌مبطلات شركة الأبدان

- ‌حديث شريف

الفصل: ‌المبحث الثانيفي معرفة وجه حرمة المال وأثر ذلك على التملك

ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله، (1)» فقال أبو بكر: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها، فقال عمر: فوالله ما هو إلا أن قد شرح الله صدر أبي بكر رضي الله عنه فعرفت أنه الحق.

فالزكاة واجبة في مال كل مسلم بشرطه، وقد اشترط العلماء رحمهم الله لوجوب الزكاة في المال أن يكون مملوكا لمن هو بيده ملكا تاما، وقد ذكر الشيخ منصور البهوتي: أن معنى تمام الملك ألا يتعلق به حق غيره، بحيث يكون له حق التصرف فيه حسب اختياره وفوائده عائدة عليه، وذكر أن الزكاة في مقابلة تمام النعمة والملك الناقص ليس بنعمة تامة (2).

ومما تقدم يتضح أن المسلم يجب عليه أن يخرج زكاة ما عنده من مال له حق التصرف فيه التصرف المطلق. أما إذا كان المال الذي بيده متعلقا بحق غيره كأن يكون مغصوبا أو مسروقا أو منهوبا أو وديعة عنده أو دينا في ذمته، فهذا زكاته على مالكه لا على من هو بيده.

وإذا كان المال الحرام نتيجة تعامل ربوي مثلا بحيث لا يعرف من كان متعاملا معه بالربا فإن هذا المال بيده يتصرف فيه، وله فوائده ونماؤه، فهل يعتبر هذا المال ملكا تاما بيد مسلم تجب عليه الزكاة فيه؟.

(1) صحيح البخاري الزكاة (1400)، صحيح مسلم الإيمان (20)، سنن الترمذي الإيمان (2607)، سنن النسائي الجهاد (3092)، سنن أبو داود الزكاة (1556)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 19).

(2)

شرح منتهى الإرادات جـ1 ص 367.

ص: 251

‌المبحث الثاني

في معرفة وجه حرمة المال وأثر ذلك على التملك

قد تكون حرمة المال في ذات المال نفسه كالخمور والمخدرات والخنازير والأصنام والأوثان وآلات اللهو المحرمة، وقد تكون حرمة المال لمعنى تعلق

ص: 251

بالمال نفسه لأخذه بلا عهد ولا عقد ولا عوض كالأعيان المغصوبة والمسروقة والمنهوبة والمصادرة بغير حق. وقد تكون حرمة المال لوصف علق به وأصله مباح، كالمعاملات الربوية في قضايا الصرف والربا، فالزيادة في ذلك ربا فضل، والتأجيل في الاستيفاء لأحد العوضين ربا نسيئة، فلو خلصت المعاملة من الزيادة والتأجيل لزالت الصفة الموجبة للتحريم.

لقد فرق بعض العلماء في الأحكام بين ما كان حراما في ذاته وأصله، وما كان حراما لوصف تعلق به مع إباحة أصله.

فاختلفوا في صحة الصلاة في الأرض المغصوبة والثوب المغصوب أو المصنوع من حرير، فذهب بعضهم إلى صحة الصلاة مع إثم المصلي في ذلك.

قال في المقنع وحاشيته:

ولا تصح الصلاة. . . والموضع المغصوب وعنه تصح مع التحريم. اهـ (1).

وقال في الحاشية:

ولا تصح الصلاة في الموضع المغصوب في أظهر الروايتين وأحد قولي الشافعي، والرواية الثانية تصح، وهو مذهب أبي حنيفة ومالك، والقول الثاني للشافعي؛ لأن النهي لا يعود إلى الصلاة فلم يمنع صحتها. اهـ (2).

وقال في المقنع وحاشيته:

ومن صلى في ثوب من حرير أو غصب لم تصح صلاته وعنه تصح مع التحريم. اهـ (3).

(1) جـ1 ص 127.

(2)

جـ1 ص127، ص128.

(3)

جـ1 ص116.

ص: 252

قال في الحاشية:

وعنه تصح مع التحريم، وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي؛ لأن النهي لا يعود إلى الصلاة اهـ (1).

وقد قالوا بإباحة ما يأخذه الأجير على إجارة مباحة ممن لا يتورع من أكل الربا، وغيره من الأموال الحرام، إذا لم تكن الأجرة محرمة في ذاتها كالخمر والخنزير، فقد ثبت «أن امرأة يهودية استأجرت علي بن أبي طالب رضي الله عنه على سقي بستان لها بتمرات، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فأقره على ذلك» .

ومن وجبت له نفقة على من لا يتورع عن أكل المال الحرام فله أخذها منه إذا لم يكن من مال حرام بذاته، فإن ابن مسعود رضي الله عنه سئل عن رجل يعامل بالربا إذا أضاف غيره فقال ابن مسعود: كل فإن مهناه لك وحسابه عليه. اهـ (2).

ومن كان وارثا فله حقه الإرثي من مورثه من غير نظر إلى وسائل كسب هذا المال من المورث إلا أن يكون في المال الموروث مالا حراما بذاته كالخمور والخنازير وغيرها، فلا يجوز أخذها بل يجب إتلافها.

وقد اتجه جمهور أهل العلم إلى وجوب الزكاة في الحلي المحرم وإن كان معدا للاستعمال كالأواني الذهبية والفضية والحلي المحرم على الرجال، فلم يكن التحريم موجبا لسقوط الزكاة، لأن التحريم لم يتعلق بذات المحرم بل تعلق بوصف صار سبب تحريمه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

وأما ما يحرم كالأواني ففيه الزكاة. . وأما حلية الفرس كالسرج

(1) جـ1 ص117.

(2)

مجموع الفتاوى جـ29 ص 247.

ص: 253

واللجام والبرذون فهذا فيه الزكاة عند جمهور العلماء، وقد منع من اتخاذه مالك والشافعي وأحمد، وكذلك الدواة والمكحلة ونحو ذلك فيه الزكاة عند الجمهور، سواء كان فضة أو ذهبا. اهـ (1).

وقال في شرح المنتهى:

وتجب الزكاة في حلي محرم، وآنية ذهب، أو فضة؛ لأن الصناعة المحرمة كالعدم. اهـ (2).

كما اتجهوا إلى تصحيح حج من حج على راحلة مسروقة أو مغصوبة مع قيام الإثم على من حج عليها. وكذلك تصحيح حج امرأة سافرت بلا محرم مع قيام الإثم عليها لحجها بدون محرم.

وقالوا رحمهم الله ببطلان صلاة من صلى في ثوب نجس، أو بدن فيه نجاسة، أو بقعه نجسة، وقالوا بحرمة أخذ الأجرة من مال حرام بذاته كالخمر والخنزير وآلات اللهو ونحوها، وقالوا بحرمة أخذ المال الحرام من الذمي جزية إذا كان المال حراما بذاته كالخمر والخنزير.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

قال عمر بن الخطاب: ولو هم بيعها وخذوا أثمانها. وهذا كان سببه أن بعض عماله أخذ خمرا في الجزية، وباع الخمر لأهل الذمة، فبلغ ذلك عمر فأنكر ذلك وقال: ولو هم بيعها وخذوا أثمانها. اهـ (3).

وقالوا: يحرم شراء سلعة يعرف الراغب في شرائها أن عارضها للبيع

(1) مجموع الفتاوى جـ25 ص 17.

(2)

شرح المنتهى جـ1 ص404.

(3)

مجموع الفتاوى جـ29 ص 265.

ص: 254

لا يملكها، وأنها بيده على سبيل الغصب أو النهب أو السرقة، وأن مالكها. . . . . . . . . .

هذه الأمثلة تدل على التفريق في الحكم بين ما كان حلالا بأصله وذاته ولكن تعلق به وصف أوجب حرمته، وبين ما كان حراما بأصله كالخمر والخنزير، فهل لهذا التفريق في وجوب الزكاة في المال الحرام لوصف تعلق به دون ذاته أثر؟ وهل يعتبر المال الحرام لوصفه دون ذاته مملوكا إلى من هو بيده؟.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وأما المقبوض بعقد فاسد كالربا والميسر ونحوهما فهل يفيد الملك على ثلاثة أقوال للفقهاء:

أحدها: أنه يفيد الملك وهو مذهب أبي حنيفة.

والثاني: لا يفيده وهو مذهب الشافعي، وأحمد في المعروف من مذهبه.

والثالث: أنه إن فات أفاد الملك وإن أمكن رده إلى مالكه ولم يتغير في وصف ولا سعر لم يفد الملك وهو المحكي عن مذهب مالك. اهـ (1).

فتلخص من هذا المبحث أن المال الحرام نوعان:

أحدهما: حرام لذاته كالخمر والخنزير، أو حرام على من هو بيده لأخذه بغير حق كالغصوب والمسروقات والودائع المجحودة، فهذا لا يجوز أن تنسب ملكيته لمن هو بيده، ولا يجوز المعاوضة به، ولا التصرف فيه تصرف المالك في ملكه المباح، ويلزم من هو بيده من المسلمين التخلص منه بإتلاف ما لا يجوز تملكه لحرمة ذاته، وبرد الغصوب والودائع والمسروقات إلى أهلها، وليس في هذا النوع زكاة على من هو بيده.

(1) مجموع الفتاوى جـ29 ص 327، ص328.

ص: 255

الثاني: حرام لوصفه كالربا والميسر، فهذا للعلماء في اعتبار ملكيته لمن هو بيده ثلاثة أقوال تقدم ذكرها، ولعل الثالث منها أقربها إلى الصواب، والله أعلم، فهذا النوع إخراج الزكاة منه أدنى حد للتخلص منه.

ص: 256

المبحث الثالث

في أثر تخلف بعض أهداف الزكاة على وجوبها

تقدم لنا أن للزكاة أهدافا عدة، أهمها تطهير دافعها من الآثام وسوء الأخلاق وتنمية المال بدفعها واستقرار حق أهل الزكاة فيها.

لا شك أن من بيده مال حرام، فدفع الزكاة منه، قد لا يطهره مما اكتسب من هذا المال الحرام، كما أن الزكاة لا تنمي مالا حراما؛ حيث إن الزكاة في مقابلة تمام النعمة والمال الحرام ليس بنعمة، ولكن نظرا إلى أن هذا المال بيد مسلم وهو لبنة اجتماعية في الكيان الإسلامي المكون من فئات من الناس ما بين غني وفقير وتقي وفاسق، وقد استقرت حقوق الفقراء في أموال الأغنياء يدفعونها لهم طوعا أو كرها، والمال الحرام إذا كان حراما لوصفه ووسيلة اكتسابه كالمال الربوي والحلي المحرم، تعتبر يد من يضعها عليه يد تمليك على القول المختار، فهل لبقاء هذا الهدف - حق الفقراء في المال - أثر في بقاء وجوب الزكاة في هذا المال؟.

يذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن الزكاة واجبة في الأموال التي بيد المتناهبين من الأعراب إذا لم يعرف لها مالك معين فقال رحمه الله: والأموال التي بأيدي هؤلاء الأعراب المتناهبين إذا لم يعرف لها مالك معين فإنه يخرج زكاتها فإنها إن كانت ملكا لمن هي في يده كانت زكاتها عليه، وإن لم تكن ملكا له ومالكها مجهول لا يعرف فإنه يتصدق بها كلها فإذا

ص: 256