الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الأول
مصطلحات الإمام أحمد في الأجوبة والفتاوى التي لم يصرح فيها برأي
وردت بعض المسائل عن الإمام أحمد دون الإشارة صراحة إلى الحكم المقصود، أو الإعلان عنه بصورة واضحة. مما دفع علماء المذهب الحنبلي إلى الاجتهاد في تفسير قصده، وبيان مراده وتلمس رأيه حسب مقتضيات الأحوال وطبيعة السؤال. ويمكن تقسيم هذه المسائل إلى خمسة عشر نوعا، وهي كما يلي:
النوع الأول: أن يسأل عن شيء فيجيب: بتلاوة آية أو حديث، أو ذكر إجماع أو قول صحابي
. فما تضمن من حكم فهو مذهبه؛ لأنه اعتقد ما ذكره دليلا، حيث أجاب به، وأفتى بحكمه، ولو كان غير ذلك لبين مراده (1).
قال ابن حامد: والمذهب أنه إذا سئل عن مسألة فأجاب بتلاوة آية يقرؤها، وينسب إليه ذلك مفسرا. وما سئل عنه فيجيب بالحديث أو يفتي ويستدل فيه بالحديث، أو يسأل عنه، فيروي فيه الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: فكل ذلك مذهب له صريح، بمثابة ما يفتي به من قبله سواء، وأنه يراعى فيه ظاهر الحديث الذي احتج به، فيكون ظاهر موجب الخبر.
(1) ينظر: أبو الخطاب الكلوذاني، " الانتصار "(213)، وابن حمدان، " صفة الفتوى "(97).
وهذا مذهب أصحابنا كافة، لا أعلم بينهم فيه خلافا (1).
مثال: سئل عن النذر، فقال: قال الله عز وجل: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا} (2)(الإنسان: 7)(3).
وسئل عن الصلاة على الغال، فقال: النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل على الغال (4)
(1) ابن حامد، " تهذيب الأجوبة "(19، 22).
(2)
سورة الإنسان الآية 7
(3)
رواية ابن هانئ، " المسائل " رقم (1499).
(4)
رواية الميموني، " تهذيب الأجوبة "(21).
النوع الثاني: أن يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم خبرا أو يروي قول صحابي، دون أن يتقدم سؤال من أحد. وسواء حكم بثبوته، أو سكت عنه ولم يرده.
والراجح: أن مقتضى ذلك هو مذهبه؛ لأن من أصله أن ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ به. فلا يظن به أنه يفتي بخلافه، والأصل عدم المعارض حتى يتبين (1).
قال ابن حامد: كل ما بينه إمامنا رضي الله عنه من الأثر، وصح به السند عن الصحابة له نقل من غير رد ولا نكير. فذلك بأسره عندي ثابت في مذهبه بمثابة جوابه نطقا، وهذه طريقة عامة شيوخنا (2).
مثال: ما ذكره في كتبه الحديثة، (كالمسند) و (فضائل الصحابة) وكتاب (الزهد)، وما رواه تلاميذه من طريقه في كتبهم.
(1) ينظر: ابن حمدان " صفة الفتوى "(98).
(2)
ابن حامد " تهذيب الأجوبة "(27).