المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌صور من شركة الأبدان - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٤٢

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌ثانيا: نصوص من القرآن والسنة يرجع إليها في الحكم بالرباعند تحقيق المناط

- ‌ نصوص من القرآن معها تفسيرها:

- ‌من أبواب الربا الشرعي السلم في الحيوان:

- ‌من أبواب الربا الدين بالدين:

- ‌باب البيع

- ‌ نصوص من أحاديث أحكام الربا مع شرحها

- ‌ نصوص من صحيح البخاري مع شرحها لابن حجر رحمه الله:

- ‌باب بيع التمر بالتمر:

- ‌باب بيع الزبيب بالزبيب والطعام بالطعام:

- ‌باب بيع الشعير بالشعير:

- ‌باب بيع الذهب بالذهب:

- ‌باب بيع الفضة بالفضة:

- ‌باب بيع الدينار بالدينار نساء:

- ‌باب بيع الورق بالذهب نسيئة:

- ‌باب بيع الذهب بالورق يدا بيد:

- ‌باب السلم في وزن معلوم:

- ‌باب السلم إلى من ليس عنده أصل

- ‌باب السلم في النخل:

- ‌باب الكفيل في السلم:

- ‌باب الرهن في السلم:

- ‌باب السلم إلى أجل معلوم:

- ‌باب السلم إلى أن تنتج الناقة:

- ‌ أحاديث من منتقى الأخبار لأبي البركات ابن تيمية معها شرحها من نيل الأوطار للشوكاني:

- ‌الفتاوى

- ‌ حكم المرتد في الإسلام

- ‌ بدء الكفار بالسلام

- ‌تهنئة النصارى بأعيادهم

- ‌ الحكمة في جعل الأنبياء والرسل على فترات متقطعة

- ‌ هل من الناس من أوحى الله إليه غير الأنبياء

- ‌ أول الرسل إلى أهل الأرض بعد آدم

- ‌ فتاوى سماحة الشيخعبد العزيز بن عبد الله بن باز

- ‌ إقامة مراسم العزاء

- ‌ قراءة الفاتحة على قبور الأولياء

- ‌أجوبة مفيدة تتعلق بالرؤيا والصوم عن الميت

- ‌ الرحلة للتفقه في القرآن واستماعهمن حسن الصوت

- ‌طاعة الوالد بالمعروف

- ‌أسئلة متفرقة وأجوبتها

- ‌ الحكم بغير شريعة الله

- ‌ متى يكون الأعجمي أفضل من العربي

- ‌ أخذ الأجرة على تحفيظ القرآن الكريم

- ‌تأويل في الصفات

- ‌ تصوير المحاضرات بجهاز الفيديو

- ‌شيخ الإسلام ابن تيمية

- ‌علومه ومعارفه ودعوته في شبه القارة الهندية

- ‌ الكتب المؤلفة باللغة العربية أو المترجمة إليها:

- ‌ الكتب المؤلفة باللغات الأردية والإنجليزية والبنجالية:

- ‌أهمية التوثيق عامة:

- ‌دفع فرية ابتكار المستشرقين لصناعة التوثيق العلمي:

- ‌مراحل توثيق السنة:

- ‌ضرورة تنوع طرق التوثيق:

- ‌تساهل بعض المعاصرين في توثيق الحديث:

- ‌ضرورة تميز الحديث الشريف:

- ‌الطريقة المثلى في توثيق الحديث:

- ‌اعتناء المحدثين السابقين بالتوثيق الأمثل:

- ‌أخطاء في كيفية توثيق الحديث:

- ‌أسباب عدم توثيق العلماء القدامى للأحاديث:

- ‌الصيغة التي يورد بها الحديث:

- ‌حكم الطلاق في الحيض

- ‌المقدمة:

- ‌المبحث الأولفي معنى الطلاق في الحيضوحكم الطلاق في الحيض

- ‌المطلب الثالث: حكم الطلاق في الحيض:

- ‌الأدلة على تحريم الطلاق في الحيض:

- ‌المبحث الثانيحكمة المنع من الطلاق في الحيضوحكم المراجعة منه ووقت الطلاق بعده

- ‌المطلب الأول: حكمة المنع من الطلاق في الحيض:

- ‌المطلب الثاني: في حكم المراجعة من الطلاق في الحيض وحكمتها وحكم الإجبار على الرجعة:

- ‌الفرع الأول: حكم المراجعة من الطلاق في الحيض:

- ‌الفرع الثاني: حكمة الأمر بالرجعة من الطلاق في الحيض:

- ‌الفرع الثالث: حكم الإجبار على الرجعة:

- ‌المطلب الثالث: وقت الطلاق بعد الطلاق في الحيض وحكمة تأخيره إلى الطهر وبيان المراد بالطهر:

- ‌الفرع الأول: وقت الطلاق لمريده بعد الطلاق في الحيض:

- ‌الفرع الثاني: حكمة تأخير الطلاق إلى الطهر الثاني:

- ‌الفرع الثالث: في بيان المراد بالطهر

- ‌المسألة الثانية:هل يباح وطء الحائض بمجرد انقطاع الدم ولو لم تغتسل

- ‌خاتمة البحث:

- ‌بحث في حكم زكاة المال الحرام

- ‌المبحث الأولحكم وجوب الزكاة في مال المسلم مطلقا

- ‌المبحث الثانيفي معرفة وجه حرمة المال وأثر ذلك على التملك

- ‌المبحث الرابعالتفريق بين مال حرام بيد تائب عن تكسبهومال حرام بيد من هو مستمر على الاستزادة منه

- ‌خلاصة البحث

- ‌الشيخ عبد الله القرعاويمجدد الدعوة في الجنوب

- ‌ صدر عن الشيخ:

- ‌مولده ونشأته:

- ‌اشتغاله بالتجارة:

- ‌بعض صفاته:

- ‌رحلاته في طلب العلم:

- ‌زهده في الوظائف:

- ‌إجازته العلمية:

- ‌دعوته في الجنوب:

- ‌حصيلة الجهد:

- ‌وفاته:

- ‌النوع الأول: أن يسأل عن شيء فيجيب: بتلاوة آية أو حديث، أو ذكر إجماع أو قول صحابي

- ‌النوع الثالث: عزوه أحد الأقوال إلى الصحابة والآخر إلى السنة

- ‌النوع الرابع: نقله الخلاف عن الصحابة في جوابه، دون ترجيح

- ‌النوع الخامس: نقله الخلاف في جوابه بين صحابي وتابعي، دون ترجيح

- ‌النوع السادس: الجواب بذكر الخلاف بين العلماء، دون ترجيح

- ‌النوع السابع: الجواب بحكاية عن غيره

- ‌النوع الثامن: الجواب بالإرشاد إلى ترك السؤال

- ‌النوع التاسع: الجواب عن السؤال برده إلى مشيئة السائل

- ‌النوع العاشر: الجواب عن السؤال بلا أعرف، وما سمعت

- ‌النوع الحادي عشر: الجواب عن السؤال بلا أدري

- ‌النوع الثاني عشر: الجواب بالسكوت عند المعارضة

- ‌النوع الثالث عشر: أفعاله في خاصة نفسه. والراجح أنه مذهبه

- ‌النوع الرابع عشر: ما لم يقل فيه شيئا، ولكن عزاه إليه أصحابه

- ‌النوع الخامس عشر: ما لم يقل فيه شيئا، ولكنه من قياس مذهبه

- ‌الفصل الثانيمصطلحات الإمام أحمد في الأجوبة التي صرح فيها باختياره

- ‌النوع الأول: المنع

- ‌النوع الثاني: الإباحة:

- ‌النوع الثالث: الطلب

- ‌النوع الرابع: التسوية:

- ‌خاتمة

- ‌حكم الشركة بأنواعها:

- ‌الحكمة من مشروعية الشركة:

- ‌حكم شركة الأبدان

- ‌أركان شركة الأبدان

- ‌شروط شركة الأبدان

- ‌أحكام شركة الأبدان

- ‌صور من شركة الأبدان

- ‌صور معاصرة ممنوعة

- ‌شمول شركة الأبدان على المفاوضة والعنان

- ‌مبطلات شركة الأبدان

- ‌حديث شريف

الفصل: ‌صور من شركة الأبدان

العمل، وإن زاد عمل أحدهما على الآخر فبذله تبرعا، إذ الزيادة تحتمل من كل واحد فلا غرر على واحد منهما في المبدأ بحيث يتصور أن أحدهما يأخذ مال الآخر الذي هيأه بل إن كل واحد منهما بذل الوسع في العمل.

ص: 366

‌أحكام شركة الأبدان

1 -

بطلانها عند الشافعية.

2 -

اتفاق المذاهب الثلاثة الحنفية والمالكية والحنابلة على مبدأ جواز شركة الأبدان.

3 -

أوسعها مذهب الحنابلة.

4 -

اتفق المجيزون لها على الصنائع، لكن اختلفوا في شروطها فالحنابلة يطلقون الجواز والمالكية يشترطون اتحاد الصنعة والمكان.

5 -

اتفق الحنابلة والحنفية على عدم اشتراط الصنعة والمكان.

6 -

اتفق الحنفية والحنابلة على جواز شركة الأبدان للتقبل.

7 -

انفرد الحنابلة بجواز شركة الأبدان في المباحات كما سيأتي إن شاء الله في ذكر صور من شركة الأبدان.

ص: 366

‌صور من شركة الأبدان

وحيث إن أوسع المذاهب فيها مذهب الحنابلة وسلامة وجهتهم في نظري وتحقيق المصلحة من شركة الأبدان أكثر في مذهب الحنابلة، فسأذكر جملة من صور شركة الأبدان مما تبرز أهميتها وفائدتها، وتبرز أيضا وضوح الرؤية في مصلحة شركة الأبدان، وأن التقعيد لها مواكب وملائم لكل مكان

ص: 366

وزمان، وأن الفقهاء قعدوا في الفقه على ضوء ما فهموه من الشريعة الخالدة إلى يوم القيامة ولهذا ما حدث من بعدهم إن لم تجده منصوصا عليه عندهم وجدته ضمن قواعدهم وأمثلتهم، ومن ذلك ما يلي:

1 -

استدل الفقهاء على تأصيل شركة الأبدان بما روى أبو داود والأثرم بإسنادهما عن أبي عبيدة بن عبد الله عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: " اشتركنا أنا وسعد وعمار يوم بدر، فلم أجئ أنا وعمار بشيء وجاء سعد بأسيرين " ومثل هذا لا يخفى على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أقرهم عليه، وقال أحمد: أشرك بينهم النبي صلى الله عليه وسلم

2 -

وفي هذا الخبر رد على الشافعية الذين أبطلوا شركة الأبدان حيث إن الغنائم إنما جعلت للنبي صلى الله عليه وسلم بعد أن غنموا واختلفوا في الغنائم فأنزل الله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} (1) والشركة كانت قبل ذلك، ويدل على صحة هذا أنها لو كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم لم يخل: إما أن يكون قد أباحهم أخذها فصارت كالمباحات أو لم يبحها لهم فكيف يشتركون في شيء لغيرهم.

وفي هذا الخبر حجة على أبي حنيفة القائل بمنع شركة الأبدان في المباحات لأنهم اشتركوا في مباح وفيما ليس بصناعة.

وهذه أمثلة وصور لشركة الأبدان مما ذكره الفقهاء نسوقها ونبينها ليتيسر تصورها ويسهل إلحاق ما جد في أي زمان بما ذكره الفقهاء مبتدئا بتعريفها عند الحنابلة ثم قواعد لا بد منها ثم الصور والأمثلة مما ذكره الفقهاء ومما ينطبق عليه في وقتنا الحاضر، وبيان الصحيح منها والفاسد مع ذكر أسباب الصحة والفساد.

وقد اخترت مذهب الحنابلة في شركة الأبدان لما سأذكره من الأمثلة

(1) سورة الأنفال الآية 1

ص: 367

والصور لسعته مع انضباط قواعده ودعاء المصالح إلى هذه الشركة في كل زمان ومكان، وما فيه مصلحة مبناه على التيسير ما لم يعارض نصا شرعيا أو مفسدة أكبر، ولأن الأصل في الأشياء الإباحة، ولتضمن شركة الأبدان التعاون ما لم يتضح فيها الإثم والعدوان.

وقبل أن أدخل في ذكر صورها وأمثلتها أشير إلى تعريف شركة الأبدان عند الحنابلة الذي اخترته، وربط الصور والأمثلة به، قال في كشاف القناع (1):

" فصل: القسم الرابع شركة الأبدان أي شركة بالأبدان فحذفت الباء ثم أضيفت لأنهم بذلوا أبدانهم في الأعمال لتحصيل المكاسب، وهي ضربان:

أحدهما: أن يشتركا أي اثنان فأكثر فيما يتقبلان بأبدانهما في ذممهما من العمل فهي شركة صحيحة، روى أبو طالب: لا بأس أن يشترك القوم بأبدانهم وليس لهم مال مثل الصيادين والبقالين والحمالين، وقد أشرك النبي صلى الله عليه وسلم بين عمار وسعد وابن مسعود فجاء سعد بأسيرين ولم يجيئا بشيء. والحديث رواه أبو داود والأثرم، وكان ذلك في غزوة بدر وكانت غنائمها لمن أخذها قبل أن يشرك الله تعالى بين الغانمين، ولهذا نقل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«من أخذ شيئا فهو له (2)» فكان ذلك من قبيل المباحات.

الضرب الثاني: ذكره بقوله: ويصح الاشتراك في تملك المباحات من الاحتشاش والاصطياد والتلصص على دار الحرب وسائر المباحات لما تقدم من نص الإمام واحتجاجه ".

(1) كشاف القناع 3/ 527.

(2)

رواه أبو داود والحاكم، التلخيص الحبير 3/ 103.

ص: 368

وأما القواعد التي أشرت إليها فهي ما يلي:

القاعدة الأولى: أن شركة الأبدان عقد جائز يصح لكل شريك فسخها ما لم ينتج عن ذلك ضرر على أحد.

القاعدة الثانية: عدم اشتراط اتفاق الصنعة.

القاعدة الثالثة: ما يتقبله أحدهما من العمل يكون في ضمانهما سواء عمله بنفسه أو أقام غيره مقامه.

القاعدة الرابعة: الاتفاق على أن أحدهما يتقبل والآخر يعمل فهذه شركة صحيحة.

القاعدة الخامسة: أن لكل شريك المطالبة بالأجرة وللمستفيد دفع الأجرة لأي واحد منهما، وبهذا التسليم لأحدهما يبرأ الدافع.

القاعدة السادسة: عدم ضمان الأجرة على أحدهما إذا تلف ما في يده من غير تفريط لأن كلا منهما أمين للآخر فتضيع عليهما.

القاعدة السابعة: تحمل من فرط منهما في تلف العين أو الأجرة نتيجة تفريطه.

القاعدة الثامنة: إقرار أحدهما على ما في يده إقرار عليه وعلى شريكه.

القاعدة التاسعة: عدم قبول إقرار أحدهما على الآخر من عين أو دين لأنه لا يد له عليه.

القاعدة العاشرة: إذا ترك أحد الشريكين العمل بعذر أو بلا عذر فالكسب بينهما على ما شرطاه.

القاعدة الحادية عشر: إذا طالب الشريك شريكه الذي ترك العمل أن يقيم مقامه لزمه وله الفسخ إن امتنع الشريك، كما أن له الفسخ حتى ولو لم يمتنع لأن الشركة عقد جائز كما تقدم.

ص: 369

القاعدة الثانية عشرة: موجب العقد المطلق في شركة وجعالة وإجارة التساوي في العمل والأجر لأنه لا مرجح لواحد، ولو عمل واحد أكثر ولم يتبرع بالزيادة طالب بالزيادة ليحصل التساوي.

أما الصور والأمثلة التي ذكرها الفقهاء مع ذكر ما يطابقها من الواقع فهي كما يلي:

1 -

لو قال أحدهما: أنا أتقبل وأنت تعمل صحت الشركة لأن تقبل العمل يوجب الضمان على المتقبل ويستحق به الربح فصار كتقبله المال في المضاربة، والعمل يستحق به العامل الربح كعمل المضارب فينزل بمنزلة المضارب (1) ومثل هذه الصورة لو اجتمع جماعة فعقدوا الشركة بما يكسبون وتقاسموا الأعمال فكان منهم من يتقبل العمل ومنهم من يحضر المواد ومنهم من يعمل بيده، مثل مقاولة في البنيان أو خياطة كأن يخيط أحدهم والآخر يفصل والثالث يكوي، ومثل أن يؤجروا سياراتهم فيكون منهم من يؤجر ومنهم من يقود السيارات ومنهم من يحملها ومنهم من يلاحظها فيما تحتاجه من زيوت وإصلاح أعطال أو غير ذلك.

2 -

إذا اشترك رجلان لكل واحد منهما دابة على أن يؤجراهما فما رزقهما الله من شيء فهو بينهما صح (2) والمراد بالدواب الصالحة للتأجير كبعيرين أو بغلين، وأما لو كان أحدهما صالحا للتأجير والآخر غير صالح كبعير وبقرة والعقد على التحميل فغير صحيحة لاختلاف المعقود عليه وظهور الغبن على أحدهما دون الآخر، أما

(1) المغني 5/ 7.

(2)

المغني 5/ 8.

ص: 370

وأن يكون العقد على تشغيل الدابتين في المجال الصالح لكل منهما كتأجير البقر للحرث والسقي والإبل للتحميل فأرجو أن لا يكون به بأس.

ومثل ذلك لو اشترك اثنان في تأجير سيارتيهما وما رزق الله فبينهما فصحيحة -إن شاء الله- ما لم تتفاوت السيارتان كأن تكون إحدى السيارتين شاحنة أطنان والأخرى غير صالحة للشحن فلا نسبة بينهما في الأجرة فمثل هذه الشركة غير صحيحة لظهور التفاوت، وشركة الأبدان مبنية على احتمال التساوي في العمل والإنتاج أو رجحان أحدهما في وقت والآخر في وقت آخر، أما وأن يتحقق ظهور كسب أحدهما دون الآخر فهذا لا يعتبر شركة، وإنما قد يدخل في التبرع وحينئذ لا يكون مبناه مبنى الشركة.

3 -

إذا تقبلا حمل شيء معلوم إلى مكان معلوم في ذمتهما ثم حملاه على البهيمين أو غيرهم صح (1)، ومما تلخص عندي أن العاملين إذا تقبلا حمل شيء بذممهما صحت الشركة على أي ناقلة نقلوه والأجرة بينهما على ما اشترطا، سواء اتفقت الناقلات أم اختلفت، أما إن أجرا ناقلاتهما كل واحد بعينها، سواء كانت الناقلة سيارة أو دابة أو سفينة أو طائرة فلكل واحد أجرة ما يخصه ولا تصح الشركة في هذه الصورة لعدم اشتراكهما في العمل.

4 -

إن كان لقصار أداة ولآخر بيت فاشتركا على أن يعملا بأداة هذا في بيت هذا والكسب بينهما جاز، والأجرة على ما شرطاه فيه (2) فجازت الشركة في هذه الصورة لوجود العمل من كل من الشريكين

(1) المغني 5/ 8 - 9.

(2)

المغني 5/ 9.

ص: 371

ووجود متطلبات الشركة من الشريكين فهذا منه الآلة وهذا منه المكان، والعمل منهما جميعا كأن يكون من أحدهما ماكينة الخياطة ومن الآخر الدكان ومن الآخر الكي، ومثل هذه الصورة.

5 -

لو انعقدت الشركة على العمل في بيت أحدهما أو على آلة صحت لوجود العمل منهما (1) وكذا لو انعقدت الشركة بين اثنين فأكثر على أن من بعض الآلات ومن بعضهم العمل صحت الشركة إن شاء الله لما فيها من التعاون؛ ولأنه ليس كل واحد يستطيع أن يعمل بآلته، كأن يكون عند أحدهم آلة حفر أو سيارة نقل لا يستطيع استغلالها أو أرض لا يستطيع استغلالها فيشترك مع من يستغلها على ما يتفقون عليه ولو لم يقع من صاحب الأصل عمل كما اشترطه بعضهم كما في المساقاة والمزارعة والمضاربة ولو لم يشترك صاحب الأصل في العمل.

6 -

نقل أبو داود عن أحمد رحمه الله فيمن يعطي فرسه على النصف من الغنيمة أرجو أن لا يكون به بأس قال إسحاق بن إبراهيم قال أبو عبد الله: إذا كان على النصف والربع فهو جائز (2) ومثله لو أعطى سيارته لمن يعمل عليها من حطب أو نقل بضائع وما رزقهما الله فهو بينهما.

7 -

نقل أحمد بن سعيد عن أحمد رحمه الله فيمن دفع عبده إلى رجل ليكسب عليه ويكون له ثلث ذلك أو ربعه فجائز (المغني 5/ 11) ولعل مثل هذه الصورة آلة الصيد من الطيور والكلاب المعلمة والبندقية لو دفعها إلى من يصيد بها بجزء مما يتحصل عليه بسببها.

(1) المغني 5/ 9.

(2)

المغني 5/ 10 - 11.

ص: 372

8 -

إن دفع ثوبه إلى خياط ليفصل قمصانا يبيعها وله نصف ربحها بحق عمله جاز، نص عليه في رواية حرب (المغني 5/ 11) ولعل مثل هذه الصورة لو دفع أرضا لمن يخططها بجزء معلوم منها جاز، وكذا لو اتفقا على أن يخططها ويبيعها بنسبة من الثمن جاز ذلك.

9 -

إن دفع رجل دابته إلى آخر ليعمل عليها وما يرزق الله بينهما نصفين أو أثلاثا أو كيفما شرطا صح نص عليه في رواية الأثرم ومحمد بن حرب وأحمد بن سعيد (1) ومثله:

10 -

لو دفع غزلا إلى رجل ينسجه ثوبا بثلث ثمنه أو ربعه جاز نص عليه (2) ومثله:

11 -

لو دفع شبكة إلى صياد ليصيد بها السمك بينهما نصفين صحت الشركة، وما رزق الله بينهما على ما شرطاه (3) ومثله:

12 -

لو أعطى رجل لطحان أقفزة معلومة يطحنها بقفيز دقيق منها قياس قول أحمد جوازه (4).

وهذا مثل لو أعطى حبه لطحان ليطحنه بجزء منه، ومثله لو أعطى دقيقه للخباز ليخبزه بجزء منه فجائز، ومثله لو أعطى جزارا ذبيحة أكل ليذبحها بجزء منها فذلك جائز أيضا، والأمثلة من الواقع على هذا كثيرة.

13 -

إذا بذل كل من الشركاء آلة كثروا أو قلوا فهل يشترط أن يكون العمل منهم جميعا أو يكون العامل غيرهم؟، فالأظهر من كلام

(1) المغني 5/ 9 - 10.

(2)

المغني 5/ 11.

(3)

المغني 5/ 11.

(4)

المغني 5/ 12.

ص: 373

العلماء جواز الشركة ولو لم يعملوا كلهم، ومنهم من اشترط وجود العمل من الشركاء حتى تتحقق شركة الأبدان.

14 -

لو اشترك شخصان من أحدهما السيارة أو السفينة ومن الآخر البضائع والعمل لبيعها وما رزقا من ربح فبينهما فغير صحيحة لأن الوكالة لا تصح من أحدهما على الآخر فيكون الربح لصاحب البضائع ولصاحب السيارة أو السفينة أجرة المثل ولأنهما لم يشتركا في العمل والغرض يحصل بغير صورة الشركة، وذلك بأن يؤجر السيارة أو السفينة أو الطائرة أو الدابة على من يحمل بضائعه عليها ومن ثم يسير العمل بوضوح وبدون غرر وبمعرفة كل واحد ما يخص الآخر بدون إجحاف على الآخر وتؤمن الخلافات والمنازعات.

15 -

تصح الشركة في الاحتشاش؛ لأنه اشتراك في مكسب مباح كالقصارة والاصطياد والتلصص على دار الحرب وسائر المباحات كالحطب والثمار المأخوذة من الجبال والمعادن، وهذا هو الأصح فيهن (المبدع 5/ 40) ومثله لو اشتركا في جلب تراب أو حصى من البرية أو أي مادة مباح أخذها.

16 -

لو جمع الشركاء بين عدد من الشركات الصحيحة جاز ذلك (قال في المبدع (1) وإن جمعا بين شركة العنان والأبدان والوجوه والمضاربة صح لأن كل واحد منها يصح منفردا فصح مع غيره).

17 -

إن اشترك الشهود على أن كل ما حصله كل واحد منهم فهو بينهم بحيث إذا كتب أحدهم وشهد شاركه الآخر وإن لم يعمل فهي شركة الأبدان تجوز حيث تجوز الوكالة (2)(الإنصاف).

(1) 5/ 43.

(2)

5/ 462.

ص: 374