الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رجلا يطرح عليه العمل بالنصف فالقياس أن لا تجوز هذه الشركة لأنها شركة العروض لأن من أحدهما العمل ومن الآخر الحانوت، والحانوت من العروض، وشركة العروض غير جائزة، وفي الاستحسان جائزة لأن هذه شركة الأعمال لأنها شركة التقبل وتقبل العمل من صاحب الحانوت عمل وشركة الأعمال جائزة بخلاف بين أصحابنا مبناها على الوكالة والوكالة على هذا الوجه جائزة.
شمول شركة الأبدان على المفاوضة والعنان
المفاوضة مأخوذة من مادة " فوض " بمعنى إعطاء الشخص التصرف والتوكيل على أمر من الأمور، وإعطائه مقاليد الأمر، ومنه قوله تعالى:{وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ} (1).
وتطلق المفاوضة على الاختلاط، ومن ذلك: باتوا فوضى أي مختلطين مترددين في أمرهم ومنه قوله:
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم
…
ولا سراة إذا جهالهم سادوا
ويشمل هذان المعنيان ما نحن بصدده من حيث اللغة ففي شركة المفاوضة اختلاط وترك كل واحد أمره للآخر على وجه الوكالة، قال في معجم مقاييس اللغة:" وتفاوض الشريكان في المال إذا اشتركا ففوض كل أمره إلى صاحبه، هذا راض بما صنع ذاك، وذاك راض بما صنع هذا مما أجازته الشريعة "(2) اهـ.
(1) سورة غافر الآية 44
(2)
4/ 460 مادة " فوض "
وعند الفقهاء: تفويض كل واحد الآخر في كل شيء وهذا ما دل عليه المعنى اللغوي ولكنهم من حيث الحكم قسموا شركة المفاوضة قسمين، قسم فاسد وقسم صحيح:
القسم الفاسد: أن يدخل في الشركة كسبا لا مجال للعمل فيه من المكاسب النادرة التي تحصل له قهرية كالميراث أو مصادفة كلقطة وضمان غصب وأرش جناية، كأن يقول مثلا: نشترك في كل شيء أتحصل عليه حتى لو جنى علي وأخذت أرشه اشتركنا فيه، فهذا القسم فاسد لأنه عقد لم يرد الشرع بمثله فأشبه القمار، لما فيه من كثرة الغرر، وذلك بأن لا يحصل شيء مطلقا أو يحصل شيء لا أثر للعمل فيه فيأخذه الآخر بغير مقابل عمل، ومن ثم ربما يحدث النزاع والشقاق والحقد والندم، وقد يشمل هذا العقد أيضا ما لا يقتضيه فيحمل الشريك ما لا طاقة له به كضمان كفالة وغيرها.
فإذا وجد مثل هذا العقد يعتبر فاسدا ولاغيا، وعليه يكون لكل واحد من الشريكين ربح ماله وله أجرة عمله، وكذا ما يستفيده له وحده، ويختص بضمان ما غصبه أو جناه أو ضمنه عن الغير لفساد الشركة ولكل نفس ما كسبت وعليها ما اكتسبت (1).
القسم الثاني من شركة المفاوضة صحيح وهو: أن يفوض كل منها إلى صاحبه شراء وبيعا ومضاربة وتوكيلا وابتياعا في الذمة ومسافرة بالمال وارتهانا وضمانا أي تقبل ما يرى من الأعمال كخياطة وحدادة فهي صحيحة، وهي الجمع بين عنان ومضاربة، ووجوه وأبدان؛ لأن كل واحدة منها صحت مفردة فصحت مجتمعة، اهـ. من الكشاف (2) ونقل عن ابن منجا تنظيرا لهذه المسألة وكما لو ضم ماء طهور إلى مثله (3) اهـ.
(1) كشاف القناع 3/ 531.
(2)
كشاف القناع 3/ 531.
(3)
كشاف القناع 3/ 531.