الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أركان شركة الأبدان
شركة الأبدان عقد كغيرها من العقود فتستوجب أركانا كغيرها، والركن هو ما تقوم عليه الماهية وتعتمد عليه فهو الجانب الأساسي وبعدمه تنعدم الماهية وبوجوده توجد وتثبت، فأركان شركة الأبدان:
1 -
عاقدان.
2 -
معقود عليه.
3 -
الصيغة وهي الإيجاب والقبول من الطرفين، والمعقود عليه ما اختير للمشاركة فيه بعد تحصيله من ناتج صنعة أو عمل أو تملك مباح على اختلاف في بعض المعقود عليه عند من قال بجوازها، فإذا اختل ركن من هذه الأركان اعتبرت باطلة لفقد مسمى المشاركة أو فقد محلها أو ما تنعقد به من إيجاب وقبول.
شروط شركة الأبدان
من المعلوم أن لكل عقد شرعي أركانا وشروطا، فشروط شركة الأبدان على قسمين: قسم تشترك فيه مع غيرها وقسم تنفرد به، فما تشترك فيه مع غيرها ما يلي:
1 -
أهلية الشريكين للتصرف لأن كل واحد وكيل عن الآخر فيما يعمله ويكتسبه ويتقبله، والوكيل لا بد له من الأهلية، وهي البلوغ والعقل وعدم السفه.
2 -
معلومية نصيب كل واحد ومقداره مما يكتسبانه بسبب عملهما
وجهد أبدانهما وتحملهما الصنائع والأعمال لأن هذا هو مقصود الشركة لما يترتب عليه من تعاون على البر والتقوى وتكاتف وتساعد على المعيشة الدنيوية فوجب العلم به، والجهالة تحدث ضد ذلك من شقاق ونزاع وما لا تحمد عقباه.
3 -
شيوع نصيب كل واحد من الشريكين أو الشركاء كالنصف والربع ونحو ذلك مما يتحصل عليه الجميع، فإن خصص ربح كل واحد من صنعة معينة أو عمل معين أو من كسب مباح معين فلا تصح الشركة وتعتبر باطلا لفوات الغرض منها، فقد يتحصل الواحد ما لا يحصل للآخر.
4 -
الشرط الرابع وهو الشرط الشامل لقول من يجيزها في المباحات ويشمل غيرها من باب أولى وهو: أن يكون كل واحد من الشريكين أهلا للتوكيل، قال في بدائع الصنائع ما نصه (1):" روى أبو يوسف عن أبي حنيفة رحمهما الله أنه قال: ما تجوز فيه الوكالة تجوز فيه الشركة وما لا تجوز فيه الوكالة لا تجوز فيه الشركة، وعلى هذا تخرج الشركة بالأعمال في المباحات من الصيد والحطب والحشيش في البراري وما يكون في الجبال من الثمار وما يكون في الأرض من المعادن وما أشبه ذلك بأن اشتركا على أن يصيدا أو يحتطبا أو يحتشا أو يستقيا الماء ويبيعانه على أن ما أصابا من ذلك فهو بينهما ".
فما أحسن هذا التقرير من بدائع الصنائع لمن قال بجواز الشركة بالمباحات وإن كان الحنفية لا يرونها، ثم قال في بدائع الصنائع (2) بعد هذا التقرير: " أن هذه الشركة فاسدة لأن الوكالة لا تنعقد على هذا الوجه، ألا
(1) بدائع الصنائع للكاساني 6/ 63.
(2)
المرجع السابق ف 6/ 63.
ترى أنه لو وكل رجلا ليعمل له شيئا من ذلك لا تصح الوكالة كذا الشركة " اهـ. .
والخلاصة: أن الحنفية إنما يجيزون شركة الأبدان إذا كانت على الاشتراك في تقبل الأعمال أما إذا كانت على الاشتراك في تملك المباحات فهي ممنوعة عندهم ويعتبرونها شركة فاسدة ويكون لكل من الشركاء ما اكتسبه دون صاحبه لأن الشركة تتضمن معنى الوكالة، والتوكيل في أخذ المباح باطل.
وأجيب بأن هذا الاحتجاج لا يسلم لهم حيث إنه يجوز الاستئجار على تحصيله فجاز التوكيل بذلك.
وأما شروط شركة الأبدان عند المالكية فهي (1) كما يلي:
1 -
اتحاد الصنعة
2 -
اتحاد المكان
3 -
يشترطون الاشتراك في الآلات التي يعملون بها.
4 -
والشرط الرابع عند المالكية أن لكل من الشريكين من الربح بقدر عمله.
ولا يخفى ما في هذا من الضيق والحرج الناتج عن اشتراط المالكية وعدم ظهور الفائدة من الاشتراك حسب شروطهم.
وإذن فالأظهر أن الشروط الواضحة في تحصيل المقصود من شركة الأبدان معلومية مقدار نصيب كل واحد وشيوعه، وبهذا تظهر فائدة القول بجواز شركة الأبدان، ويتضح مدى الاستفادة منها، ولا يقال: إن فيه جهالة إذا التزم كل واحد بما تعاقدا عليه من جدية في العمل وأمانة في التحصيل ونصح للآخر، فلربما صار اجتماعهما سبب خير وبركة في
(1) انظر المغني لابن قدامة 5/ 6.