المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌علومه ومعارفه ودعوته في شبه القارة الهندية - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٤٢

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌ثانيا: نصوص من القرآن والسنة يرجع إليها في الحكم بالرباعند تحقيق المناط

- ‌ نصوص من القرآن معها تفسيرها:

- ‌من أبواب الربا الشرعي السلم في الحيوان:

- ‌من أبواب الربا الدين بالدين:

- ‌باب البيع

- ‌ نصوص من أحاديث أحكام الربا مع شرحها

- ‌ نصوص من صحيح البخاري مع شرحها لابن حجر رحمه الله:

- ‌باب بيع التمر بالتمر:

- ‌باب بيع الزبيب بالزبيب والطعام بالطعام:

- ‌باب بيع الشعير بالشعير:

- ‌باب بيع الذهب بالذهب:

- ‌باب بيع الفضة بالفضة:

- ‌باب بيع الدينار بالدينار نساء:

- ‌باب بيع الورق بالذهب نسيئة:

- ‌باب بيع الذهب بالورق يدا بيد:

- ‌باب السلم في وزن معلوم:

- ‌باب السلم إلى من ليس عنده أصل

- ‌باب السلم في النخل:

- ‌باب الكفيل في السلم:

- ‌باب الرهن في السلم:

- ‌باب السلم إلى أجل معلوم:

- ‌باب السلم إلى أن تنتج الناقة:

- ‌ أحاديث من منتقى الأخبار لأبي البركات ابن تيمية معها شرحها من نيل الأوطار للشوكاني:

- ‌الفتاوى

- ‌ حكم المرتد في الإسلام

- ‌ بدء الكفار بالسلام

- ‌تهنئة النصارى بأعيادهم

- ‌ الحكمة في جعل الأنبياء والرسل على فترات متقطعة

- ‌ هل من الناس من أوحى الله إليه غير الأنبياء

- ‌ أول الرسل إلى أهل الأرض بعد آدم

- ‌ فتاوى سماحة الشيخعبد العزيز بن عبد الله بن باز

- ‌ إقامة مراسم العزاء

- ‌ قراءة الفاتحة على قبور الأولياء

- ‌أجوبة مفيدة تتعلق بالرؤيا والصوم عن الميت

- ‌ الرحلة للتفقه في القرآن واستماعهمن حسن الصوت

- ‌طاعة الوالد بالمعروف

- ‌أسئلة متفرقة وأجوبتها

- ‌ الحكم بغير شريعة الله

- ‌ متى يكون الأعجمي أفضل من العربي

- ‌ أخذ الأجرة على تحفيظ القرآن الكريم

- ‌تأويل في الصفات

- ‌ تصوير المحاضرات بجهاز الفيديو

- ‌شيخ الإسلام ابن تيمية

- ‌علومه ومعارفه ودعوته في شبه القارة الهندية

- ‌ الكتب المؤلفة باللغة العربية أو المترجمة إليها:

- ‌ الكتب المؤلفة باللغات الأردية والإنجليزية والبنجالية:

- ‌أهمية التوثيق عامة:

- ‌دفع فرية ابتكار المستشرقين لصناعة التوثيق العلمي:

- ‌مراحل توثيق السنة:

- ‌ضرورة تنوع طرق التوثيق:

- ‌تساهل بعض المعاصرين في توثيق الحديث:

- ‌ضرورة تميز الحديث الشريف:

- ‌الطريقة المثلى في توثيق الحديث:

- ‌اعتناء المحدثين السابقين بالتوثيق الأمثل:

- ‌أخطاء في كيفية توثيق الحديث:

- ‌أسباب عدم توثيق العلماء القدامى للأحاديث:

- ‌الصيغة التي يورد بها الحديث:

- ‌حكم الطلاق في الحيض

- ‌المقدمة:

- ‌المبحث الأولفي معنى الطلاق في الحيضوحكم الطلاق في الحيض

- ‌المطلب الثالث: حكم الطلاق في الحيض:

- ‌الأدلة على تحريم الطلاق في الحيض:

- ‌المبحث الثانيحكمة المنع من الطلاق في الحيضوحكم المراجعة منه ووقت الطلاق بعده

- ‌المطلب الأول: حكمة المنع من الطلاق في الحيض:

- ‌المطلب الثاني: في حكم المراجعة من الطلاق في الحيض وحكمتها وحكم الإجبار على الرجعة:

- ‌الفرع الأول: حكم المراجعة من الطلاق في الحيض:

- ‌الفرع الثاني: حكمة الأمر بالرجعة من الطلاق في الحيض:

- ‌الفرع الثالث: حكم الإجبار على الرجعة:

- ‌المطلب الثالث: وقت الطلاق بعد الطلاق في الحيض وحكمة تأخيره إلى الطهر وبيان المراد بالطهر:

- ‌الفرع الأول: وقت الطلاق لمريده بعد الطلاق في الحيض:

- ‌الفرع الثاني: حكمة تأخير الطلاق إلى الطهر الثاني:

- ‌الفرع الثالث: في بيان المراد بالطهر

- ‌المسألة الثانية:هل يباح وطء الحائض بمجرد انقطاع الدم ولو لم تغتسل

- ‌خاتمة البحث:

- ‌بحث في حكم زكاة المال الحرام

- ‌المبحث الأولحكم وجوب الزكاة في مال المسلم مطلقا

- ‌المبحث الثانيفي معرفة وجه حرمة المال وأثر ذلك على التملك

- ‌المبحث الرابعالتفريق بين مال حرام بيد تائب عن تكسبهومال حرام بيد من هو مستمر على الاستزادة منه

- ‌خلاصة البحث

- ‌الشيخ عبد الله القرعاويمجدد الدعوة في الجنوب

- ‌ صدر عن الشيخ:

- ‌مولده ونشأته:

- ‌اشتغاله بالتجارة:

- ‌بعض صفاته:

- ‌رحلاته في طلب العلم:

- ‌زهده في الوظائف:

- ‌إجازته العلمية:

- ‌دعوته في الجنوب:

- ‌حصيلة الجهد:

- ‌وفاته:

- ‌النوع الأول: أن يسأل عن شيء فيجيب: بتلاوة آية أو حديث، أو ذكر إجماع أو قول صحابي

- ‌النوع الثالث: عزوه أحد الأقوال إلى الصحابة والآخر إلى السنة

- ‌النوع الرابع: نقله الخلاف عن الصحابة في جوابه، دون ترجيح

- ‌النوع الخامس: نقله الخلاف في جوابه بين صحابي وتابعي، دون ترجيح

- ‌النوع السادس: الجواب بذكر الخلاف بين العلماء، دون ترجيح

- ‌النوع السابع: الجواب بحكاية عن غيره

- ‌النوع الثامن: الجواب بالإرشاد إلى ترك السؤال

- ‌النوع التاسع: الجواب عن السؤال برده إلى مشيئة السائل

- ‌النوع العاشر: الجواب عن السؤال بلا أعرف، وما سمعت

- ‌النوع الحادي عشر: الجواب عن السؤال بلا أدري

- ‌النوع الثاني عشر: الجواب بالسكوت عند المعارضة

- ‌النوع الثالث عشر: أفعاله في خاصة نفسه. والراجح أنه مذهبه

- ‌النوع الرابع عشر: ما لم يقل فيه شيئا، ولكن عزاه إليه أصحابه

- ‌النوع الخامس عشر: ما لم يقل فيه شيئا، ولكنه من قياس مذهبه

- ‌الفصل الثانيمصطلحات الإمام أحمد في الأجوبة التي صرح فيها باختياره

- ‌النوع الأول: المنع

- ‌النوع الثاني: الإباحة:

- ‌النوع الثالث: الطلب

- ‌النوع الرابع: التسوية:

- ‌خاتمة

- ‌حكم الشركة بأنواعها:

- ‌الحكمة من مشروعية الشركة:

- ‌حكم شركة الأبدان

- ‌أركان شركة الأبدان

- ‌شروط شركة الأبدان

- ‌أحكام شركة الأبدان

- ‌صور من شركة الأبدان

- ‌صور معاصرة ممنوعة

- ‌شمول شركة الأبدان على المفاوضة والعنان

- ‌مبطلات شركة الأبدان

- ‌حديث شريف

الفصل: ‌علومه ومعارفه ودعوته في شبه القارة الهندية

‌شيخ الإسلام ابن تيمية

‌علومه ومعارفه ودعوته في شبه القارة الهندية

تأليف: الدكتور عبد الرحمن بن عبد الجبار الفريوائي

كتب الله لدعوة شيخ الإسلام قبولا عاما في البلاد الإسلامية، فانتشرت كتبه، ورسائله، وفتاويه، بسرعة عجيبة في أقاصي البلاد وأدانيها شرقا وغربا في حياته، وبعد مماته، وحمل هذه الدعوة المباركة أصحابه وتلاميذه في حياته في دمشق، ومصر، ونقلوها إلى بلاد المغرب غربا، وإلى بلاد الهند شرقا.

وقد أوذي أصحابه ومحبوه من أجل نصرتهم لدعوته، وكان من هؤلاء العلامة شمس الدين بن الحريري قاضي الحنفية بمصر الذي كتب في حق شيخ الإسلام محضرا في الثناء عليه بالعلم والفهم، وكتب فيه بخطه ثلاثة عشر سطرا من جملتها:" أنه منذ ثلاثمائة سنة ما رأى الناس مثله "، فبلغ ذلك ابن مخلوف القاضي، فسعى في عزل ابن الحريري، فعزل (1).

رحل ابن الحريري إلى الهند عصر السلطان علاء الدين الخلجي في سنة 708هـ فصحب معه أربعمائة كتاب.

(1) الدرر الكامنة (1/ 148).

ص: 163

وممن وصل إلى الهند من أصحاب شيخ الإسلام: العلامة عبد العزيز الأردبيلي الذي اتصل ببلاط السلطان محمد تغلق (1) وأثر دعوته ظاهر وملموس في الإصلاحات التي نفذها محمد تغلق في القضاء على تصور الولاية عند الصوفية، وفي القضاء على نظام الخلوات الصوفية وتكاياهم، وهي تتشابه تماما مع أفكار شيخ الإسلام الإصلاحية.

ومن هؤلاء العلماء الذين كان لهم دور في نشر دعوة شيخ الإسلام في شبه القارة الهندية: العلامة علم الدين سليمان بن أحمد الملتاني، حفيد العلامة بهاء الدين زكريا الملتاني، الذي رحل إلى الهند، واتصل بالسلطان محمد تغلق، وهو يعتبر من أشهر الناس الذين شجعوا السلطان على القضاء على البدع والخرافات المنتشرة في صفوف المسلمين هناك.

وقد نوه بجهود هؤلاء العلماء من أصحاب شيخ الإسلام كل من كتب في تاريخ الإسلام والمسلمين في القرن الثامن كالعلامة أكبر شاه خان النجيب آبادي، والمحقق المحدث الشيخ محمد عطاء الله الفوجياني، والدكتور خليق أحمد النظامي، إلا أن هذه الدعوة كانت محدودة في خواص العلماء، فكانوا هم يستفيدون من أفكار شيخ الإسلام في مختلف العلوم والفنون، وكانت علاقة علماء الهند في الغالب مع علماء الحرمين، فهم كانوا على مذهبهم في الأصول والفروع، ومن المعلوم لدى المشتغلين بتاريخ العقائد الإسلامية أن معظم العلماء كانوا ينتسبون إلى الأشعرية والماتريدية في الاعتقاد، وإلى بعض المذاهب الفقهية السائدة، وكان أهل

(1) رحلة ابن بطوطة (212، 456).

ص: 164

الهند قاطبة ماتريدية المعتقد، وحنفية المذهب، ومن الطرقيين المنتسبين إلى الطرق الصوفية كالنقشبندية، والقادرية، والجشتية، والسهروردية إلى غير ذلك من مذاهب التصوف، مع ميل كثير منهم إلى ابن عربي ومذهبه الإلحادي.

ويتبين ذلك من شروح أهل الهند لكتب ابن عربي، وكان لابن حجر الهيتمي المكي تأثير بالغ على أفكار علماء الهند لتتلمذهم عليه، وعلى أصحابه، وابن حجر معروف بعدائه الشديد لشيخ الإسلام.

ويوجد أثر هذا العداء سافرا في كتابات بعض علماء الهند (1).

وقد من الله على أهل الهند، بالشاه ولي الله الدهلوي.

الذي ركز جهوده على تحصيل علم الحديث النبوي فرحل إلى الحرمين، وأخذ علم الحديث عن علمائهما، واطلع على كتب ابن تيمية، وابن القيم بواسطة الشيخ إبراهيم الكوراني ابن الشيخ طاهر الكردي، واستفاد من آراء شيخ الإسلام في كتاباته، ولعل هذه الانطلاقة الفكرية التي وجدت في كتب ولي الله الدهلوي كانت بتأثير كتابات شيخ الإسلام.

ومن المعلوم أن الشاه ولي الله الدهلوي ألف كتابين عظيمين في فضائل الصحابة، وخلافة الخلفاء الأربعة باللغة الفارسية التي كانت لغة المسلمين

(1) وليس هذا موضع بسطه، ولعلي أجد فرصة للكتابة في هذا الموضوع إن شاء الله.

ص: 165

آنذاك أولهما: " إزالة الخفاء عن خلافة الخلفاء " وثانيهما: " قرة العينين في تفضيل الشيخين "(1) وقد سبق أن شيخ الإسلام ألف كتابه العظيم " منهاج السنة " ورجح أن خلافة أبي بكر ثابتة بالنص، ونرى أن الدهلوي يذهب إلى هذا المذهب، ويسوق لها الأدلة نحو ما وجد في المنهاج، وهكذا نرى أن الشاه ولي الله الدهلوي قد استفاد من أفكار ابن تيمية في حجة الله البالغة، حتى نقل بعض عباراته حرفيا.

وأكبر دليل على معرفته التامة بشيخ الإسلام وعلومه هو ما كتبه إلى تلميذه المحقق العلامة الملا محمد معين السندي الحنفي مصنف " دراسات اللبيب " ردا على سؤاله عن شخصية شيخ الإسلام فهو يقول:

إننا قد تحققنا من حاله أنه عالم بكتاب الله ومعانيه اللغوية والشرعية، وحافظ لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وآثار السلف، عارف بمعانيها اللغوية والشرعية، أستاذ في النحو واللغة، محرر لمذهب الحنابلة: فروعه وأصوله، فائق في الذكاء، ذو لسان وبلاغة، اللهم إلا هذه الأمور التي ضيق عليه لأجلها، وليس شيء منها إلا ومعه دليله من الكتاب والسنة وآثار السلف، فمثل هذا الشيخ عزيز الوجود في العالم، ومن يطيق أن يلحق شأوه في تحريره وتقريره؟! والذين ضيقوا عليه ما بلغوا معشار ما آتاه الله، وإن كان تضييقهم ذلك ناشئا عن اجتهاد ". انتهى (2).

(1) نقله إلى العربية فضيلة الدكتور مقتدي حسن الأزهري، وهو جاهز للطبع محققا ومخرجا بإذن الله.

(2)

مناقب البخاري وفضيلة ابن تيمية ط. السلفية، بلاهور، باكستان.

ص: 166

ثم وضح في هذه الرسالة موقف شيخ الإسلام من مسألة الاستواء وزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم ثم جاء بعده ابنه الشاه عبد العزيز الدهلوي، وألف كتابه القيم في الرد على الروافض وأسماه " تحفة الاثني عشرية "(1) باللغة الفارسية، وأفاد فيه " منهاج السنة " كما لا يخفى على من قرأ الكتابين، وفي هذه المدة نرى أن كتب شيخ الإسلام قد وصلت إلى جنوب الهند.

فعلى سبيل المثال يوجد ذكر شيخ الإسلام في مؤلفات الشاه عبد القادر مهربان الفخري الملابوري المدراسي المتوفى سنة 1204هـ، والعلامة باقر آغا المدراسي المتوفى سنة 1220هـ.

وقد أثنى الشيخ باقر على " منهاج السنة " ثناء عظيما، وذكر أنه لم يؤلف مثله في الرد على الروافض.

هذه هي نبذة مختصرة عن وصول دعوة شيخ الإسلام إلى بلاد الهند، ولم تكن المطابع أنشئت بعد حتى تنشر مؤلفاته، ولم تكن القلوب متفتحة، ولا العقول متنورة لتقبل دعوته، إلى أن جاء النواب صديق حسن خان القنوجي البخاري، ثم البوفالي (ت 1307هـ)، والمحدث السيد نذير حسين الدهلوي مجددا الدعوة السلفية، وعلوم الكتاب والسنة، وأصحابهما، وتلاميذهما الذين وفقهم الله لنشر معارف شيخ الإسلام ودعوته، وكان للنواب صديق حسن خان فضل السبق في مجال التجديد

(1) راجع: مختصر التحفة الاثني عشرية للآلوسي ط. الجامعة السلفية.

ص: 167

والإصلاح، فألف مؤلفات كثيرة، ونشرها في أقطار الإسلام عامة، وفي بلاد الهند خاصة (1).

وأشاد بذكر شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم، وعلومهما، كما نقل عنهما في مؤلفاته باللغات العربية والأردية والفارسية مثل " أبجد العلوم "، " والتاج المكلل "، " وإتحاف النبلاء "، " وبقصار جيود الأبرار من تذكار جنود الأحرار "، وعدهما في مجددي هذه الأمة اللذين ليس لهما نظير في تاريخ الإسلام، وهو القائل في " أبجد العلوم " في ذكر أصول الدين: والكتب في العلم كثيرة جدا، وأحسنها كتب المحدثين في إثبات العقائد على الوجه المأثور عن الكتاب والسنة (2).

وفي الرد على المتكلمين منها كتب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وكتب تلميذه الحافظ ابن القيم، وكتاب الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم، للسيد الإمام محمد بن إبراهيم الوزير اليمني، وكتاب السفاريني وهو مجلد كبير، وقد من الله تعالى بتلك الكتب النافعة علي منا كافيا، وكتبت قبل ذلك رسالة سميتها " السبيل إلى ذم الكلام والتأويل " وهي نفيسة جدا (3).

وقال في مبحث الاجتهاد والتقليد: " ومن أراد تحقيق ذلك فعليه بكتب شيخنا (الإمام الشوكاني)، وكتب أئمة السنة، مثل (ابن تيمية، وابن الوزير، والسيد الأمير، ومن حذا حذوهم (4) وذكر نحوه في مبحث

(1) راجع لمعرفة جهود هذين الإمامين وأصحابهما: جهود مخلصة في خدمة السنة المطهرة للفريوائي.

(2)

راجع: أبجد العلوم (2/ 68)، وانظر لرأيه في زاد المعاد لابن القيم (2/ 42 من أبجد العلوم).

(3)

أبجد العلوم (1/ 140).

(4)

أبجد العلوم (1/ 359) وراجع أيضا ص 23، 144، 371، 193، 442.

ص: 168

ذم الكلام والتأويل وقال: واعتن بها اعتناء لا يفتر طبعك منها، واشدد يديك عليها شدا بالغا مبلغ النهاية تفز بسعادة الدارين، إن شاء الله تعالى، وسيتضح لك عند مطالعتها أي علم أحق بالتحصيل والاكتساب، وأشدها دخلا في الإنقاذ من الملكات في الدنيا والآخرة.

وترجم له في " التاج الملكي من جواهر مآثر الطراز الآخر والأول " وذكر أقوال أهل العلم في الثناء عليه، وقال وأقول: أنا لا أعلم بعد ابن حزم مثله وما أظن أنه سمع الزمان ما بين عصري الرجلين بمن يشابهما ويقاربهما (1).

وقال في المسائل التي تفرد بها شيخ الإسلام، وأنكر عليه بعض الفقهاء: أقول: وهذا الإنكار منهم إنكار جاهل على عالم، والمرء عدو لما جهل، والذي تفرد به شيخ الإسلام في بعض المسائل قد أثبته جماعة من أهل العلم بالأدلة الصحيحة المحكمة الثابتة. . . . ثم ذكر كلام الترمذي (2).

وقد قام النواب صديق حسن بنشر (كتاب جلاء العينين في المحاكمة بين الحمدين)، (والقول الجلي في ترجمة ابن تيمية الحنبلي) لصفي الدين البخاري (ت 1200هـ)، كما لخص وترجم إلى اللغة الفارسية بعض رسائله وفتاويه، ونشرها وأذاعها، وما جرى بين صاحبه: السهسواني وبين الشيخ عبد الحي اللكنوي من نقاش طويل وعريض حول مسألة شد الرحال لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم أمر معروف ومشهور.

وهكذا الإمام المصلح السيد نذير حسين الدهلوي عكف على نشر

(1) التاريخ المكلل (420).

(2)

المرجع السابق (420).

ص: 169

الكتاب والسنة، وفقه السلف الصالح، وبرز تلاميذه في هذا المجال بروزا، فقاموا بنشر مؤلفات شيخ الإسلام، وتداولوها دراسة وقراءة، وقد توطدت العلاقة بين علماء نجد الذين اشتهروا بمحبتهم لعلوم شيخ الإسلام ابن تيمية وأصحابه، كابن القيم، والذهبي، وابن كثير، وبين علماء الأسرة الغزنوية، أصحاب السيد نذير حسين الدهلوي وهو: العلامة محمد صاحب (تفسير جامع البيان)، والعلامة عبد الجبار، والعلامة عبد الرحيم، والعلامة عبد الواحد أبناء الإمام عبد الله الغزنوي تلميذ السيد حسين الدهلوي، فقام هؤلاء بنشر مؤلفات شيخ الإسلام حيث نشروا لأول مرة (مجموعة التوحيد)، (ومجموعة الحديث النجدية)، وفيها مؤلفات شيخ الإسلام وابن القيم، وبدءوا يدرسون دعوة شيخ الإسلام إلى التوحيد الخالص، وإلى السلفية المحضة في المدارس في المجتمع الإسلامي آنذاك.

ثم بدأت العلاقات بين الهند ومصر، وظهرت مؤلفات شيخ الإسلام تنتشر، وتصل إلى علماء الهند، وصارت شخصيته موضوع دراسة وبحث في مجالات مختلفة وكتب عديدة. وكانت لهذه الجهود الطيبة آثار حميدة في تعميم دعوة شيخ الإسلام.

ومن المعلوم أن الشيخ العلامة بشير الدين السهسواني قد قام بتأليف كتابه القيم " صيانة الإنسان من وسوسة القاضي دحلان "(1) والكتاب يعتبر دفاعا مجيدا عن دعوة شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، التي كانت تعتمد اعتمادا كبيرا على مؤلفات شيخ الإسلام، كما ألف العلامة السهسواني عدة كتب في مسألة شد الرحال لزيارة القبر النبوي الشريف حينما جرت بينه

(1) ط. بعناية العلامة السيد محمد رشيد رضا.

ص: 170

وبين الشيخ عبد الحي اللكنوي مساجلة علمية حول هذا الموضوع.

ونرى من هؤلاء العلماء المحدث الكبير عبد الرحمن المباركفوري، والمحدث شمس الحق العظيم آبادي وغيرهما، كانوا ينقلون من كتب شيخ الإسلام وتلاميذه ابن القيم وابن كثير، والذهبي (1).

وينظر على سبيل المثال (عون المعبود في شرح أبي داود) وخاصة كتاب السنة منه، والفتاوى النذيرية (كتاب الإيمان والعقائد) إلا أن دعوة شيخ الإسلام ابن تيمية لم تنتشر انتشارا عاما لدى أهل الحديث، فضلا عن الطوائف الأخرى؛ لأسباب كثيرة يطول شرحها.

ثم لما كثر إقبال الناس على مؤلفات شيخ الإسلام وأصحابه في مصر، وتأثر بعلمائها المبرزين أمثال الأستاذ الإمام محمد عبده، والأستاذ الداعية محمد رشيد رضا وأصحابهما: عالمان جليلان من علماء الهند، وهما يعتبران من أساتذة الجيل، وهما العلامة الشبلي النعماني، والعلامة أبو الكلام آزاد، وكان لهما صيت طيب في الأوساط العلمية والدينية في شبه القارة الهندية، فكتب العلامة الشبلي النعماني مقالة قيمة في مجلة الندوة عام 1908م، وأثنى على شيخ الإسلام ثناء بالغا حتى عده أكبر مجدد في تاريخ الإسلام، حيث قرر للمجددية ثلاثة شروط:

1 -

أن يحدث المجدد انقلابا عظيما مفيدا في مجال المذهب أو العلم أو السياسة.

2 -

وأن يكون مجتهدا فيما يراه، ولا يكون مقلدا للآخرين.

3 -

وأن يكون ممن أوذي في سبيل دعوته، ولم يبال بحياته.

(1) انظر لترجمتها: جهود مخلصة في خدمة السنة المطهرة (125 - 130 - 146 - ط1).

ص: 171

وقد ذكر العلامة الشبلي في هذا المقال أنه من الممكن أن يذكر في قائمة المجددين الإمام أبو حنيفة، والإمام الغزالي، والإمام الرازي، والشاه ولي الله الدهلوي، عند عدم ذكر الشرط الثالث للمجدد، لكن المصداق الحقيقي لمنصب التجديد هو الإمام ابن تيمية.

لفت هذا المقال أنظار الشباب إلى علوم شيخ الإسلام في أوساط الناطقين باللغة الأردية، فاشتاق الناس إليها. ثم جاء العلامة أبو الكلام آزاد الذي كان يشبه في منهجه وذكائه، وعبقريته شيخ الإسلام ابن تيمية، وكان يعتبر عميد الأدب الأردي، وإمام المسلمين في الهند، فكتب كتابات رائعة جدا في كتابه (التذكرة) الذي ألفه في أحوال أسرته، وأفاض فيه إفاضة عجيبة، ومدح شيخ الإسلام وتلميذه، فكانت بداية القرن العشرين الميلادي بداية مباركة؛ لتعميم هذه الدعوة المباركة في شبه القارة الهندية، فظهرت عدة كتب باللغة الأردية في ترجمة شيخ الإسلام ابن تيمية، كما قام بعض أصحاب أبي الكلام آزاد وغيرهم من علماء أهل الحديث بنقل كتبه إلى اللغة الأردية.

ولما توطدت العلاقات العلمية الثقافية في الآونة الأخيرة بين مسلمي الهند وبين العالم الإسلامي، زاد الاهتمام بعلوم شيخ الإسلام ابن تيمية وأصحابه.

وكانت لجهود الجامعة السلفية لتعميم علوم شيخ الإسلام في شبه القارة الهندية، وفي العالم الإسلامي بعقد مؤتمر عالمي حول سيرته ودعوته ومآثره التجديدية، ثم طبع مؤلفاته وبحوثه، ونشر دراسات حوله في مجلاتها العربية والأردية أثر كبير في تقريب علوم شيخ الإسلام إلى محبيه.

وبعد هذه الكلمة المختصرة المتواضعة عن تطورات دعوة شيخ الإسلام وعلومه، ومعارفه في شبه القارة الهندية أثبت قائمة للمؤلفات والبحوث

ص: 172