الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
محفوظة فيؤخذ الحكم من دليل الخطاب وقد نقل ابن عبد البر وغيره الإجماع على هذا الحكم؛ أي التسوية في المنع بين الذهب بالذهب وبين الذهب بالورق فيستغنى حينئذ بذلك عن القياس.
باب بيع الذهب بالذهب:
حدثنا صدقة بن الفضل أخبرنا إسماعيل بن علية قال حدثني يحيى بن أبي إسحاق حدثنا عبد الرحمن بن أبي بكرة قال: قال أبو بكرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه: «لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا سواء بسواء والفضة بالفضة إلا سواء بسواء وبيعوا الذهب بالفضة والفضة بالذهب كيف شئتم (1)» .
قوله: (باب بيع الذهب بالذهب) تقدم حكمه في الباب الذي قبله، وذكر المصنف فيه حديث أبي بكرة ثم أورده بعد ثلاثة أبواب من وجه آخر عن يحيى بن أبي إسحاق ورجال الإسنادين بصريون كلهم. وأخذ حكم بيع الذهب بالورق من قوله:«وبيعوا الذهب بالفضة والفضة بالذهب كيف شئتم (2)» وفي الرواية الأخرى: «وأمرنا أن نبتاع الذهب بالفضة كيف شئنا (3)» الحديث، وسيأتي الكلام عليه.
(1) صحيح البخاري البيوع (2175)، صحيح مسلم المساقاة (1590)، سنن النسائي البيوع (4579)، مسند أحمد بن حنبل (5/ 38).
(2)
صحيح البخاري البيوع (2175)، صحيح مسلم المساقاة (1590)، سنن النسائي البيوع (4579)، مسند أحمد بن حنبل (5/ 38).
(3)
صحيح البخاري كتاب البيوع (2182)، صحيح مسلم المساقاة (1590)، سنن النسائي البيوع (4578)، مسند أحمد بن حنبل (5/ 38).
باب بيع الفضة بالفضة:
حدثنا عبيد الله بن سعد حدثنا عمي حدثنا ابن أخي الزهري عن عمه قال: حدثني سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن أبا سعيد الخدري حدثه مثل ذلك حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقيه عبد الله بن عمر فقال: يا أبا سعيد: ما هذا الذي تحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو سعيد في الصرف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «الذهب بالذهب مثلا بمثل والورق بالورق مثلا بمثل (1)» .
(1) صحيح البخاري البيوع (2176)، صحيح مسلم المساقاة (1584)، موطأ مالك البيوع (1324).
حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك عن نافع عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض ولا تبيعوا منها غائبا بناجز (1)» .
قوله (باب بيع الفضة بالفضة) تقدم حكمه أيضا. قوله (حدثني عبيد الله بن سعد) زاد في رواية المستملي " وهو ابن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف " وابن أخي الزهري هو محمد بن عبد الله بن مسلم.
قوله: (عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن أبا سعيد الخدري حدثه مثل ذلك حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقيه عبد الله بن عمر فقال: يا أبا سعيد ما هذا الذي تحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو سعيد في الصرف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول) فذكر الحديث. هكذا ساقه وفيه اختصار وتقديم وتأخير وقد أخرجه الإسماعيلي من وجهين عن يعقوب بن إبراهيم شيخ شيخ البخاري فيه بلفظ أن أبا سعيد حدثه حديثا مثل حديث عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصرف. فقال أبو سعيد فذكره فظهر بهذه الرواية معنى قوله (مثل ذلك) أي مثل حديث عمر؛ أي حديث عمر الماضي قريبا في قصة طلحة بن عبيد الله، وتكلف الكرماني هنا فقال: قوله (مثل ذلك) أي مثل حديث أبي بكرة في وجوب المساواة ولو وقف على رواية الإسماعيلي لما عدل عنها.
وقوله (فلقيه عبد الله) أي بعد أن كان سمع منهم الحديث فأراد أن يستثبته فيه، وقد وقع لأبي سعيد مع ابن عمر في هذا الحديث قصة، وهي هذه، ووقعت له فيه مع ابن عباس قصة أخرى كما في الباب الذي بعده.
فأما قصته مع ابن عمر فانفرد بها البخاري عن طريق سالم وأخرجها مسلم من طريق الليث عن نافع ولفظه: " أن ابن عمر قال له رجل من بني ليث: إن أبا سعيد الخدري يأثر هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
(1) صحيح البخاري البيوع (2177)، صحيح مسلم المساقاة (1584)، سنن الترمذي البيوع (1241)، سنن النسائي البيوع (4570)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 4)، موطأ مالك البيوع (1324).
نافع: فذهب عبد الله وأنا معه والليث حتى دخل على أبي سعيد الخدري فقال: إن هذا أخبرني أنك تخبر «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الورق بالورق إلا مثلا بمثل (1)» الحديث فأشار أبو سعيد بإصبعيه إلى عينيه وأذنيه فقال: أبصرت عيناي وسمعت أذناي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل (2)» (الحديث). ولمسلم من طريق أبي نضرة في هذه القصة لابن عمر مع أبي سعيد (أن ابن عمر نهى عن ذلك بعد أن كان أفتى به لما حدثه أبو سعيد بنهي النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما قصة أبي سعيد مع ابن عباس فسأذكرها في الباب الذي يليه.
قوله في الرواية الأولى: (الذهب بالذهب) يجوز في الذهب الرفع والنصب وقد تقدم توجيهه. ويدخل في الذهب جميع أصنافه من مضروب ومنقوش وجيد ورديء وصحيح ومكسر وحلي وتبر وخالص ومغشوش، ونقل النووي تبعا لغيره في ذلك الإجماع.
قوله (مثل بمثل) كذا في رواية أبي ذر بالرفع ولغير أبي ذر (مثلا بمثل)، وهو مصدر في موضع الحال أي الذهب يباع بالذهب موزونا بموزون أو مصدر مؤكد أي يوزن وزنا بوزن، وزاد مسلم في رواية سهيل بن أبي صالح عن أبيه «إلا وزنا بوزن مثلا بمثل سواء بسواء (3)»
قوله (ولا تشفوا) بضم أوله وكسر الشين المعجمة وتشديد الفاء: أي تفضلوا، وهو رباعي من أشف والشف بالكسر الزيادة، وتطلق على النقص.
قوله (ولا تبيعوا منها غائبا بناجز) بنون وجيم وزاي مؤجلا بحال، أي والمراد بالغائب أعم من المؤجل كالغائب عن المجلس مطلقا مؤجلا كان أو حالا، والناجز الحاضر، قال ابن بطال: فيه حجة للشافعي في قوله: من كان له على رجل دراهم ولآخر عليه دنانير لم يجز أن يقاص أحدهما الآخر بما له؛ لأنه يدخل في معنى بيع الذهب بالورق دينا؛ لأنه إذا لم يجز غائب بناجز فأحرى أن لا يجوز غائب بغائب، وأما الحديث الذي أخرجه أصحاب السنن عن ابن عمر قال:
(1) صحيح البخاري البيوع (2176)، صحيح مسلم المساقاة (1584)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 51).
(2)
صحيح البخاري البيوع (2177)، صحيح مسلم المساقاة (1584)، سنن النسائي البيوع (4570)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 73)، موطأ مالك البيوع (1324).
(3)
صحيح مسلم المساقاة (1584)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 9).