الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من الفتوى رقم 8381
السؤال الأول والثاني:
ما
الحكمة في جعل الأنبياء والرسل على فترات متقطعة
، ولماذا لم يجعلهم في فترة واحدة؟
الحمد الله وحده، والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه. . . وبعد:
جـ: الله تعالى حكيم، ومن حكمته أن جعل أنبياءه ورسله على فترات، يختارهم ويبعثهم كلما دعت حاجة البشر إليهم؛ ليهدوهم إذا ضلوا؛ ولينقذوهم مما انتشر فيهم من الشرك والفساد، وقد يجتمع أنبياء ورسل في فترة واحدة، كداود وسليمان وكإبراهيم ولوط وموسى وهارون.
س: ما هو آخر نبي ورسول كان قبل آخر رسول وهو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؟
جـ: هو عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أنا أولى الناس بابن مريم لأنه ليس بيني وبينه نبي (1)» .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو
…
عضو
…
نائب رئيس اللجنة
…
الرئيس
عبد الله بن قعود
…
عبد الله بن غديان
…
عبد الرزاق عفيفي
…
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
(1) أحمد 2/ 319 و 437 و 463 و 482 و 541 والبخاري برقم 3442 و 3443 ومسلم برقم 2365 وأبو داود برقم 4675 والطبراني في معجمه كتاب التفسير برقم 7145
من الفتوى رقم 1000
السؤال السادس:
أستفسر عن التفريق بين رسل الله، وأيهم أفضل مكانة؟
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه. . . وبعد:
جـ: يجب الإيمان برسالة كل من ثبتت رسالته بالقرآن أو السنة الصحيحة، فمن آمن ببعضهم وكفر ببعض فقد كفر لقوله تعالى:{آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ} (1) سورة البقرة، وقوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} (2){أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا} (3){وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (4) وأما الفرق بين الرسل في المكانة والمنزلة، والتفاوت بينهم في الفضل والدرجة، فهذا صحيح، ورد به النص الشرعي قال الله تعالى:{تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ} (5).
وأفضلهم أولو العزم، وهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد - عليهم الصلاة والسلام - وأفضل هؤلاء الخمسة الخليلان إبراهيم ومحمد لاختصاصهما بالخلة، وهي كمال المحبة - عليهم الصلاة والسلام - وأفضل الرسل
(1) سورة البقرة الآية 285
(2)
سورة النساء الآية 150
(3)
سورة النساء الآية 151
(4)
سورة النساء الآية 152
(5)
سورة البقرة الآية 253
على الإطلاق، خاتم النبيين محمد - عليهم الصلاة والسلام - لحديث:«أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع وأول مشفع (1)» رواه مسلم في صحيحه، وأبو داود في سننه، وحديث:«أنا قائد المرسلين ولا فخر، وأنا خاتم النبيين ولا فخر (2)» . . . الحديث رواه الدارمي في سننه، وحديث:«أنا أكثر الأنبياء تبعا يوم القيامة، وأنا أول من يقرع باب الجنة (3)» رواه مسلم في صحيحه، وأحاديث اختصاصه بالشفاعة العظمى وإقدامه عليها بعد اعتذار الأنبياء عنها، وإنقاذ الناس من هول الموقف بشفاعته لهم وغير ذلك من الأحاديث التي وردت في تفضيله، وإجماع الأمة على ذلك، إلا أنه ينبغي للمسلم أن يتأدب مع الأنبياء فلا يخوض في التفضيل بينهم إلا في مقام التعليم والإرشاد ونحو ذلك، خشية أن يجر ذلك إلى الجدل والتفاخر، وأن يكون ذريعة إلى انتقاص بعضهم، فقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة أنه قال:«استب رجل من المسلمين ورجل من اليهود فقال اليهودي في قسم يقسمه: والذي اصطفى موسى على العالمين. فرفع المسلم يده فلطم وجه اليهودي، فقال: أي خبيث وعلى محمد صلى الله عليه وسلم. فجاء اليهودي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاشتكى المسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تفضلوني على الأنبياء. . . (4)»
(1) أحمد 5/ 540 ومسلم برقم 2278 وأبو داود برقم 4673 وابن خزيمة في التوحيد برقم 362.
(2)
الدارمي 1/ 31 والبيهقي في الدلائل 5/ 480 من حديث جابر بن عبد الله.
(3)
أحمد 2/ 341 و451 ومسلم برقم 196 وابن ماجه برقم 4356 وابن أبي شيبة في المصنف 11/ 503.
(4)
أحمد 3/ 41 بلفظ " لا تفضلوا بعض الأنبياء على بعض " من حديث أبي سعيد الخدري والبخاري برقم 3414 ومسلم كتاب الفضائل حديث 159 والبيهقي في الدلائل 5/ 482 بلفظ: " لا تفضلوا بين أنبياء الله ".
الحديث، فنهى عن الدخول في المفاضلة بينه وبين الأنبياء في مثل هذه الحالة؛ خشية أن يجر إلى ما لا تحمد عقباه، وإن كان تفضيل بعضهم على بعض ثابتا في القرآن والسنة، وتعيين من هو أفضل ثابتا أيضا بالنص الصريح.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو
…
عضو
…
نائب رئيس اللجنة
…
الرئيس
عبد الله بن منيع
…
عبد الله بن غديان
…
عبد الرزاق عفيفي
…
إبراهيم بن محمد آل الشيخ
فتوى رقم 11324
س: حدثت مناظرة بيني وبين شخص مسيحي، وقد فاجأني بقوله لي: هناك آية في القرآن تتضمن قول الله سبحانه وتعالى: {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ} (1) إلى آخر الآية، والآية الأخرى تتضمن قوله تعالى:{رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ} (2) و {يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِِحٍ} (3) وهناك آية أخرى، وهي قوله تعالى:{ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ} (4)
(1) سورة النور الآية 26
(2)
سورة هود الآية 45
(3)
سورة هود الآية 46
(4)
سورة التحريم الآية 10
{وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ} (1). . . إلى آخر الآية، وأن هناك - على حد زعمه - تناقضا، فكيف يقول الله سبحانه وتعالى:{وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ} (2) إلى آخر الآية، بينما زوجات أنبياء الله نوح ولوط خبيثات، وفرعون كما جاء فيه في القرآن وزوجته طيبة، وحيث ليس لدي جواب مقنع، آمل التكرم بإفتائي عن ذلك جزاكم الله خيرا؟
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه. . وبعد:
جـ: أولا: قال الله تعالى: {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} (3) هذه الآية ذكرت بعد الآيات التي نزلت في قصة الإفك تأكيدا لبراءة عائشة رضي الله عنها مما رماها به عبد الله بن أبي ابن سلول، رأس المنافقين، زورا وبهتانا، وبيانا لنزاهتها وعفتها في نفسها، ومن جهة صلتها برسول الله صلى الله عليه وسلم.
وللآية معنيان: الأول: أن الكلمات الخبيثات والأعمال السيئات أولى بها الناس الخبيثون، والناس الخبثاء أولى وأحق بالكلمات الخبيثات والأعمال الفاحشة، والكلمات الطيبات والأعمال الطاهرة أولى وأحق بها الناس الطيبون ذوو النفوس الأبية والأخلاق الكريمة السامية، والطيبون أولى بالكلمات والأعمال الصالحات.
والمعنى الثاني: أن النساء الخبيثات للرجال الخبيثين، والرجال الخبيثون
(1) سورة التحريم الآية 11
(2)
سورة النور الآية 26
(3)
سورة النور الآية 26
أولى بالنساء الخبيثات، والنساء الطيبات الطاهرات العفيفات أولى بالرجال الطاهرين الأعفاء، والرجال الطيبون الأعفاء أولى بالنساء الطاهرات العفيفات، والآية على كلا المعنيين دالة على المقصود منها، وهو نزاهة عائشة رضي الله عنها عما رماها به عبد الله بن أبي ابن سلول من الفاحشة، ومن تبعه ممن انخدع ببهتانه، واغتر بزخرف قوله.
ثانيا: قال الله تعالى: {وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ} (1){قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلا تَسْأَلْنِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلينَ} (2) سورة هود، ومعنى الآيتين أن الله تعالى أخبر عن رسوله نوح عليه السلام أنه سأله تعالى أن ينجز له وعده إياه بنجاة ولده من الغرق والهلاك بناء على فهمه من ذلك من قوله تعالى له:{احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ} (3){فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي} (4) وقد وعدتني بنجاة أهلي ووعدك الحق الذي لا يخلف {وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ} (5){قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ} (6) أي الذين وعدتك بإنجائهم لأني إنما وعدتك بإنجاء من آمن من أهلك بدليل الاستثناء في قوله تعالى: {إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ} (7) ولذلك عاتبه الله تعالى على تلك المساءلة وذلك الفهم بقوله: {يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ} (8) وبين ذلك بقوله {إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} (9) لكفره بأبيه نوح عليه السلام ومخالفته إياه فليس من أهله دينا، وإن كان ابنا له من النسب، قال ابن عباس وغير واحد من السلف رضي الله عنهم (ما زنت امرأة نبي قط) وهذا هو الحق، فإن الله سبحانه أغير من أن
(1) سورة هود الآية 45
(2)
سورة هود الآية 46
(3)
سورة هود الآية 40
(4)
سورة هود الآية 45
(5)
سورة هود الآية 45
(6)
سورة هود الآية 46
(7)
سورة هود الآية 40
(8)
سورة هود الآية 46
(9)
سورة هود الآية 46
يمكن امرأة من الفاحشة، ولذلك غضب سبحانه على الذين رموا عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم بالفاحشة، وأنكر عليهم ذلك، وبرأها مما قالوا فيها، وأنزل في ذلك قرآنا يتلى يوم القيامة.
ثالثا: قال الله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا} (1) الآيتين من سورة التحريم.
بعد أن عاتب الله تعالى أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم وخاصة عائشة وحفصة رضي الله عنهن جميعا - على ما بدر منهن مما لا يليق بحسن معاشرة النبي صلى الله عليه وسلم حتى حلف أن يعتزلهن شهرا، وأنكر تعالى عليهن بعض ما وقع منهن من أخطاء في حقه عليه الصلاة والسلام وأنذرهن بالطلاق، وأن يبدله أزواجا خيرا منهن - ختم سورة التحريم بمثلين مثل ضربه للذين كفروا بامرأتين كافرتين: امرأة نوح وامرأة لوط، ومثل ضربه للذين آمنوا بامرأتين صالحتين: بآسية امرأة فرعون، ومريم بنت عمران إيذانا بأن الله حكم عدل لا محاباة عنده، بل كل نفس عنده بما كسبت رهينة، حث العباد على التقوى، وأن يخشوا يوما يرجعون فيه إلى الله، يوما لا يجزي فيه والد عن ولده، ولا مولود هو جاز عن والده شيئا، يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه، لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه، يوم لا تزر فيه وازرة وزر أخرى، وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء، ولو كان ذا قربى، يوم لا تنفع فيه الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا.
فبين سبحانه أن امرأة نوح وامرأة لوط كانتا كافرتين، وكانتا تحت رسولين كريمين من رسل الله، وكانت امرأة نوح تخونه بدلالة الكفار على من آمن بزوجها، وكانت امرأة لوط تدل الكفار على ضيوفه؛ إيذاء وخيانة لهما وصدا للناس عن اتباعهما، فلم ينفعهما صلاح زوجيهما نوح ولوط، ولم يدفعا عنهما من بأس الله شيئا، وقيل لهاتين المرأتين: ادخلا النار مع الداخلين
(1) سورة التحريم الآية 10
جزاء وفاقا بكفرهما وخيانتهما، بدلالة امرأة نوح على من آمن به، ودلالة امرأة لوط على ضيوفه، لا بالزنى، فإن الله سبحانه لا يرضى لنبي من أنبيائه زوجة زانية، قال ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير قوله تعالى:{فَخَانَتَاهُمَا} (1) قال: (ما زنتا). وقال: (ما بغت امرأة نبي قط إنما كانت خيانتهما في الدين) وهكذا قال عكرمة، وسعيد بن جبير، والضحاك وغيرهم.
وبين الله سبحانه بالمثل الذي ضربه للذين آمنوا بآسية زوجة فرعون وكان أعتى الجبابرة في زمانه، أن مخالطة المؤمنين للكافرين لا تضرهم إذا دعت الضرورة إلى ذلك ما داموا معتصمين بحبل الله تعالى، متمسكين بدينه، كما لم ينفع صلاح الرسولين نوح ولوط زوجتيهما الكافرتين، قال الله تعالى:{لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} (2) ولذلك لم يضر زوجة فرعون كفر زوجها وجبروته، فإن الله حكم عدل، لا يؤاخذ أحدا بذنب غيره، بل حماها وأحاطها بعنايته، وحسن رعايته، واستجاب دعاءها، وبنى لها بيتا في الجنة، ونجاها من فرعون وكيده، وسائر القوم الظالمين.
مما تقدم في تفسير الآيات من أن ابن نوح ليس ابن زنى، وأن عائشة رضي الله عنها برأها الله في القرآن مما رماها به رأس النفاق، ومن انخدع بقوله من المؤمنين والمؤمنات، وأن كلا من امرأة نوح وامرأة لوط لم تزن، وإنما كانتا كافرتين، ودلت كل منهما الكفار على ما يسوءهما، ويصد الناس عن اتباعهما، وأن زواج المؤمن بالكافرة كان مباحا في الشرائع السابقة، وكذا زواج الكافر بالمؤمنة، وأن الله حمى امرأة فرعون من كيده، وحفظ عليها دينها ونجاها من
(1) سورة التحريم الآية 10
(2)
سورة آل عمران الآية 28