الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإذا طالت المدة، ولم يعرف الرجل الذي أخذ منه الربا، فعلى آكل الربا التائب أن يتحرى، فإن عجز عن معرفته، فله أن يتصدق بهذا المال عنه.
13 -
الربا في دار الحرب:
ذهب الحنفية خلافا لأبي يوسف، إلى جواز أخذ الربا من الكفار في دار الحرب؛ لأن مال الحربي مباح بغير عقد.
واحتجوا لرأيهم بما روي عن مكحول عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا ربا بين المسلمين وبين أهل دار الحرب (1)» .
وهذا الحديث وإن كان مرسلا، إلا أن مكحولا فقيه ثقة، والمرسل منه مقبول (2).
كما استدلوا بما جاء في تفسير قوله تعالى: {الم} (3){غُلِبَتِ الرُّومُ} (4){فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ} (5)، فقد ورد أن أبا بكر رضي الله عنه خاطر المشركين على غلب الروم لفارس، كما أخبرت الآية الكريمة، فأجاز عليه الصلاة والسلام لأبي بكر أن يأخذ خطره، وهو القمار بعينه، بين أبي بكر ومشركي مكة،
(1) انظر شرح فتح القدير 7/ 38.
(2)
المبسوط للسرخسي 14/ 56 حاشية ابن عابدين 5/ 186.
(3)
سورة الروم الآية 1
(4)
سورة الروم الآية 2
(5)
سورة الروم الآية 3
وكانت مكة دار شرك.
ويرد جمهور العلماء على هذا الدليل، بأن ذلك كان قبل تحريم المخاطرة والمقامرة، وبعد أن تحقق نصر الروم، وأخذ أبو بكر رضي الله عنه ما خاطر عليه، تصدق به.
وذهب جمهور أهل العلم من المالكية والشافعية والحنابلة (1)، ومعهم أبو يوسف من الحنفية، إلى تحريم الربا مطلقا، بلا تفريق بين دار السلام ودار الحرب، فما هو محرم في دار الإسلام، فهو محرم في دار الحرب، كالخمر والخنزير وسائر المحرمات.
وقالوا: إن حديث مكحول مرسل وضعيف، فلا حجة فيه، وهو محتمل للنهي، فهو نفي في معنى النهي، كما في قوله تعالى:{فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} (2).
وأما القول بأن أموال الحربي مباحة بلا عقد، فلا نسلم هذه الدعوى، إن دخلها مسلم بأمان، وإن كان بغير أمان، فالعلة منتقضة.
(1) شرح فتح القدير 7/ 38، الربا والقروض ص 95.
(2)
سورة البقرة الآية 197