الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من فتاوى سماحة الشيخ
عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ
مفتى عام المملكة العربية السعودية
س: لم أبت بمنى في أول ليلة، وذلك بسبب إصابتي بضربة الشمس، وضياع مالي بعرفة، أي أجرة السيارة، فهل على فدية؟
ج: أرجو أن لا حرج عليك في ذلك، لأنك معذور في ترك المبيت بمنى، وذلك لعدم قدرتك البدنية والمادية، فأسأل الله أن يعفو عنا وعنك، وليس عليك فدية.
س: إذا بيت النية من الليل أن أصوم الاثنين، ولكن بعد طلوع الفجر نسيت وشربت ماء، والصيام تطوع، فهل على أن أكمل الصيام؟.
ج: النبي صلى الله عليه وسلم يقول كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: «من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه (1)» متفق عليه واللفظ لمسلم، وهذا من تخفيف الله على عباده، ورحمة الله بهم، وعليه فإن أتمت صومك
(1) صحيح البخاري الصوم (1933)، صحيح مسلم الصيام (1155)، سنن الترمذي الصوم (721)، سنن أبو داود الصوم (2398)، سنن ابن ماجه الصيام (1673)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 425)، سنن الدارمي الصوم (1726).
فهو صحيح إن شاء الله.
س: سماحة الشيخ: من أجرى عملية جراحية، ولا يستطيع القيام من السرير، وفي بدنه وثوبه نجاسة، كيف يتطهر؟ هل يتوضأ بالماء؟ مع العلم بأنه يجد صعوبة في إزالة النجاسة؟.
ج: يقول العلماء رحمهم الله: إن الصلوات الخمس لها خصوصية بين سائر الأركان الثلاثة، الصوم إنما يجب في كل عام، ومن استطاع وإلا صام من أيام أخر، وإن عجز أطعم، والزكاة إنما تجب على مالك النصاب الزكوي الماضي عليه الحول، في العام مرة، والحج إنما يجب في العمر مرة على من استطاعه، أما الصلوات الخمس؛ فإن الله أوجبها علينا خمس مرات في كل يوم وليلة، وما دام عقل الإنسان موجودا، فهو مطالب بهذه الفريضة، وهذه الفريضة تجب على المسافر وعلى المقيم، تجب على الخائف وعلى الآمن، تجب على المريض وعلى الصحيح، وهذه الصلوات الخمس أنت مطالب بأن تؤديها بكامل أركانها وواجباتها، هذا مع القدرة، وأن تستكمل شروطها نحو استقبال القبلة، والطهارة من الحدث والنجس، فيكون الثوب طاهرا، والبقعة طاهرة، والبدن طاهرا، وتصليها أيضا باستكمال الأركان والواجبات، ولكن إذا عجزت عن شيء سقط عنك، فعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال:
«كانت بي بواسير، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة، فقال: صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنب (1)» أخرجه البخاري.
إذا المريض يصلي، فإن قدر على استكمال الأركان والواجبات فالحمد لله، وإن عجز صلى على حاله، إن أعجزه القيام، صلى جالسا، وإن أعجزه السجود والركوع أومأ بالركوع والسجود، ولو جالسا، وإن تعذر عليه استقبال القبلة، بأن كان سريره ليس إلى جهة القبلة، ولا يستطيع تحويله، صلى على حاله، إن قدر على الطهارة بالماء فالحمد لله، فإن عجز عنها تيمم. ومن لا يستطيع الوضوء وليس عنده من يحضر له التراب، صلى ولو بلا تيمم.
يجب أن يطهر الثوب من النجاسة، والمريض إن لم يكن عنده من ينظف ملابسه، وهو لا يقوى على تنظيف ملابسه، من البول والغائط أو غيرهما من النجاسات، عافانا الله وإياكم، نقول صل على حالك، وصلاتك صحيحة إن شاء الله {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (2).
(1) صحيح البخاري الجمعة (1117)، سنن الترمذي الصلاة (371)، سنن النسائي قيام الليل وتطوع النهار (1660)، سنن أبو داود الصلاة (951، 952)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1231)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 433، 4/ 435، 4/ 442، 4/ 443).
(2)
سورة المائدة الآية 6
س: حججت ومعي ابني الصغير والبالغ من العمر سنة واحدة، هل أطوف، ثم أنوي له الطواف وأطوف، أم أنوي له الطواف ولنفسي في طواف واحد؟
ج: لو طفت به في طوافك فأرجو أن يجزئ ذلك.
س: نرجو أن تدلنا على الكتب المفيدة لطلب العلم؟
ج: من يريد العلم مخلصا في ذلك لله، فليتصل بعالم ذي معتقد سليم، ومنهج قويم، وطريقة مثلى؛ لأن طالب العلم الذي على المنهج، في عقيدته وسلوكه، وأعماله، هو الذي بتوفيق الله يهديك إلى الطريق المستقيم، فتأتي لذي علم يدلك على الكتب النافعة، سواء في باب العقيدة، أو في باب الأحكام، أو في باب الحديث، أو اللغة العربية، أو غير ذلك من علوم الإسلام، فإنك إن ظفرت بعالم ذي علم ومعرفة، ومنهج قويم، وعقيدة مستقيمة، فسيدلك إن شاء الله على ما ينفعك ويعينك، وليس من منهج سلفنا الصالح الاكتفاء بالكتب، بل كانوا يثنون الركب عند العلماء، وفي حلقاتهم، وهم مع ذلك يطالعون الكتب، وينسخونها أو يستنسخونها، والواجب علينا السير على منهاجهم، وفق الله الجميع لما يحب ويرضاه.
س: حضانة الطفل الذكر إن تزوجت الأم، لمن تكون بعد السنين السبع، كيف يكون وضع هذا المولود؟
ج: الأم إذا تزوجت سقطت حضانتها؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قال لها: «أنت أحق به ما لم تنكحي (1)» والحضانة للأم، ثم أمها، ثم الخالة، فإن عدم، انتقل ذلك إلى الأب، وينبغي في جنس هذه
(1) سنن أبو داود الطلاق (2276)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 182).
الأمور أن يذكر الأبوين أن نزاعهما، الضحية فيه ذلك المولود، فليحاولا علاج القضية، بدون أمور قد تسبب في إحداث شيء في نفس الطفل، وعدم مبالاة الأب، وبعده عن الأم، فينبغي في هذه المسائل أن يذكر الأب والأم مصلحة الابن والبنت، مصلحة الأولاد الصغار، لو تذكرها الأب، لما أقدم على الطلاق، بل يصبر، ويتحمل، ولو تعقلت الأم، لصبرت على زوجها، وتحملت في سبيل ما يجمع أولادها بأبويهم، أسأل الله التوفيق.
س: من أكل من كبد الإبل، هل انتقض وضوؤه، وهل لحم البقر ناقض للوضوء؟
ج: أما لحم البقر فلا ينقض الوضوء، هو كلحم الغنم، النبي صلى الله عليه وسلم سئل «أنتوضأ من لحم الإبل؟ " قال: نعم قال: " أنتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: إن شئت (1)». ولحم البقر سكت عنه، فهو كالغنم، لكن هل الكبد في الجمل كاللحم الأحمر أم لا؟ من العلماء من يقول: إن قول النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل: «أنتوضأ من لحوم الإبل، قال: نعم (2)» أخرجه مسلم، من حديث جابر بن سمرة. أن اللحم يطلق على الهبر الأحمر، أما الكرش والكبد ونحو ذلك، فلا تنقض الوضوء، قالوا لأن ظاهر اللفظ أنتوضأ من اللحوم، والكبد والطحال والكرش ونحو ذلك لا يأخذ مسمى اللحم، تقول: هذه كبد. هذه كرش. هذا لحم، فأنت تخص اللحم
(1) صحيح مسلم الحيض (360)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (495)، مسند أحمد بن حنبل (5/ 106).
(2)
صحيح مسلم الحيض (360)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (495)، مسند أحمد بن حنبل (5/ 98).
بالهبر ولا تلحق به غيره، ومن العلماء من عمم وقال: إن الله لما حرم الخنزير، أخبر عن لحمه، والإجماع قائم على أن كل أجزائه حرام، وعلى كل، من توضأ من أكل عموم لحوم الإبل كبدها وغيرها، فهو احتياط، ومن اقتصر على الوضوء من الهبر، اللحم الأحمر فلا شيء عليه.
س: أقرضت رجلا مبلغا من المال، وبعد فترة، طلب مني أن أخبره برقم حسابي، ليحول عليه المبلغ، فوجدته قد زاد على المبلغ الذي أقرضته خمسة آلاف ريال، فراجعته في ذلك الأمر، فقال إنه قصد في ذلك جزاء الإحسان إليه، فهل يجوز لي أخذ هذا المبلغ؟
ج: الأصل أن من أقرض يأخذ قدر ما أقرض، وأما الزيادة فلا، فكل قرض جر نفعا فهو ربا، ولا شك أنه إذا دفعه إليك وأنت لم تطلبه، ولم ترض به، وإنما هو من باب الإحسان، فالظاهر جوازه، النبي صلى الله عليه وسلم استسلف من رجل بكرا، فقدمت عليه إبل من إبل الصدقة، فأمر أبا رافع أن يقضي الرجل بكره، فرجع إليه أبو رافع فقال لم أجد فيها إلا خيارا رباعيا، قال:«أعطه إياه، إن خيار الناس أحسنهم قضاء (1)» .
(1) صحيح البخاري في الاستقراض وأداء الديون والحجر والتفليس (2392)، صحيح مسلم المساقاة (1601)، سنن الترمذي البيوع (1316)، سنن النسائي البيوع (4618)، سنن ابن ماجه الأحكام (2423)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 431).
س: سماحة الشيخ في بلدنا أربع مسائل اختلف فيها المسلمون فنرجو بيان الحكم؟
المسألة الأولى: في بعض المساجد في ديارنا يصلى بعد صلاة الجمعة الظهر احتياطا، وفي بعض المساجد لا يصلون. فأيهما أصح؟
ج: هذه المسألة، وهي أن بعض إخواننا المسلمين، إذا صلوا الجمعة قاموا وأدوا الركعتين جميعا، يقولون هاتان الركعتان تكميلا؛ لأن تكون الصلاة أربعا، لماذا؟، قالوا: خوفا من أن تكون الجمعة أقيمت ولا حاجة لها، فتكون باطلة، فنأتي بركعتين احتياطا، هذا تصورهم، يقولون: لأن الأصل أن الجمعة لا يجوز تعددها، وإنا نصلي ركعتين حتى تكون ظهرا، جمعة في الظاهر، وظهرا في الباطن، وهذا قول خاطئ، لا دليل عليه، ولا أصل له؛ لأن الأصل أن يوم الجمعة فرضه ركعتان، والصحيح أن الجمعة يجوز تعددها إذا دعت الحاجة إليها، بعضهم يقول لعل الجمعة الأولى هي الأصل وجمعتنا في هذا المسجد ليست أصلا، كل هذا خطأ، كل هذا من تلبيس الشيطان، فلا نصلي بعد الجمعة إلا الركعتين النافلة، كل يصليها لنفسه، وأما الدعوى أن هاتين الركعتين خوفا من أن تكون هذه الجمعة لا تقبل، لكونها أقيمت لغير حاجة، فهذه الدعوة باطلة، لا يجوز للمسلم أن يعمل بها، ولا يعتقدها.
س: المسألة الثانية: يقول إذا طلقت المرأة بلفظ واحد بثلاث طلقات، فالبعض من العلماء يقولون يقع الطلاق، والبعض يقولون لا يقع، ومن يقول يقع الطلاق، يقول لا يجوز أن تعود للزوج حتى تنكح زوجا غيره، فما هو الصواب والصحيح؟
ج: هذه المسألة، الخلاف فيها من عهد الصحابة، في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه جاءت في هذه المسألة أحاديث كثيرة، والعلماء لهم اختلاف على حسب اختلاف الأدلة، لكن جاء في صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال «كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، وسنتين من خلافة عمر، طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر رضي الله عنه إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم (1)» . إذا فإمضاء عمر إنما هو من باب التعزير، لا من باب إلغاء الحكم الشرعي السابق، وبعد هذا اختلف العلماء، فمنهم من رأى قول عمر، وقال: هذا قول أجمع عليه الناس، فلا يجوز مخالفته، ومنهم من قال: لا، هذا الحكم في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينسخه إلا حكم في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يمكن أن يلغي حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم حكم عمر أو غيره، فعمر ما حرم، وحاشاه أن يحرم، ولا ألغى حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن عزر الناس لما تساهلوا بأمر الطلاق، وروي «أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبره ركانة أنه طلق امرأته ألبتة، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله فقال ما أردت بها قال: واحدة، قال: آلله ما أردت بها إلا واحدة قال: آلله ما أردت بها إلا واحدة، قال: فردها عليه (2)» أخرجه ابن ماجه، والحديث فيه
(1) صحيح مسلم الطلاق (1472)، سنن النسائي الطلاق (3406)، سنن أبو داود الطلاق (2199).
(2)
سنن الترمذي كتاب الطلاق (1177)، سنن أبو داود الطلاق (2208)، سنن ابن ماجه الطلاق (2051)، سنن الدارمي الطلاق (2272).