الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التوبة؛ لأن التوبة تزيل الفسق فيزول حكم رد الشهادة؛ لزوال العلة الموجبة لرد الشهادة، وقد سبق ذكر الأدلة ومناقشتها (1).
الترجيح:
على ضوء ما سبق من ذكر أقوال العلماء وأدلتهم وما ورد عليها من مناقشات، يتبين رجحان القول الثاني، وهو أن شهادة القاذف قبل الحد مردودة ما لم يتب، وذلك لقوة أدلتهم، فقد سلم جلها من الاعتراضات، والمناقشات، وما ورد على بعضها فقد أجيب عنه. بما يدفعه.
وضعف أدلة القول الأول، بما ورد عليها من مناقشات، واعتراضات، جعلتها لا تقوى على معارضة أدلة القول الثاني. وقد سبق تفصيل ذلك عند مناقشة أدلة الفريقين. والله أعلم بالصواب.
(1) انظر: ص (297) من هذا البحث
المبحث الثالث: أثر التوبة على عقوبة التفسيق
اتفق: العلماء على أن القاذف إذا تاب من قذفه، فإن صفة الفسق تزول عنه.
قال ابن حزم: ". . . . فإن سقط بالتوبة بعد الجلد، وما عدا الجلد؛
لأن الجلد قد نفذ، فلا يسقط بعده بالتوبة إلا الفسق. . . " (1).
وقال ابن قدامة: ". . . فإن تاب لم يسقط عنه الحد وزال الفسق بلا خلاف. . . "(2).
والأصل في ذلك قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (3){إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (4).
وجه الاستدلال:
دلت الآيتان على أن القاذف إذا تاب بعد قذفه، فإن الفسق يزول عنه؛ لأن الآية تضمنت الحكم على القاذف بالفسق، ثم استثنى من ذلك الذين تابوا.
قال القرطبي: " تضمنت الآية ثلاثة أحكام في القاذف: جلده، ورد شهادته أبدا، وفسقه. فالاستثناء غير عامل في جلده بإجماع. . . وعامل في فسقه بإجماع. . . "(5)
(1) المحلى (11/ 130).
(2)
المغني (9/ 197).
(3)
سورة النور الآية 4
(4)
سورة النور الآية 5
(5)
تفسير القرطبي (12/ 178).