الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا يلزم من كون أموالهم تباح بالاغتنام استباحتها بالعقد الفاسد (1).
كما أن وضع الأموال عند الكفار بدعوى جواز أخذ الربا منهم، إنما يكون لهم عونا على قتال المسلمين، ووضع اقتصاد المسلمين بأيدي أعدائهم. وقد وصل الحال ببعض هؤلاء الجامدين أن يفتوا بوضع الأموال في بنوك الكفار؛ لأن الربا في هذا الحال جائز، وقال بعضهم: بل توضع في بنوك الكفار من غير ربا.
أما مجرد وضع الأموال في بنوك المسلمين، فإن هذا ربا محرم، وإن كان بغير فائدة، فهو محرم عندهم كذلك، لما فيه من الإعانة لهذه البنوك.
ولله الأمر من قبل ومن بعد، فقد اختلطت العقول، ولعبت بالرءوس الأهواء، ومات العلم بموت العلماء، واتخذ الناس من بعد ذلك رءوسا جهالا، يفتون بغير علم، فيضلون ويضلون.
(1) المجموع للنووي، 9/ 392
14 -
شبهات حول الربا:
يخوض بعض المتأخرين في شبهات حول الربا، منها أن الاقتصاد العالمي قائم على البنوك والتعامل بالربا. ومنها أن عمل البنوك اليوم يشبه المضاربة، فالبنك يجني أرباحا من هذه الودائع، وهو يدفع نسبة من هذه الفوائد عن طواعية ورضا. وإذا وضعنا هذه
الأموال في البنوك دون أخذ فائدة - أي الربا - فإننا نعين البنك بذلك، وإذا أخذناها، فيمكن أن نساعد منها المحتاجين، ومعظم هذه الشبهات الدائرة يجمعها قول الكفار منذ ألف وأربعمائة عام، فيما حكاه عنهم الله تعالى:{إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا} (1) فوجه المشابهة لمن أراد أن يتلاعب بشرع الله يمكن أن يوجد، ولكن الله أحل البيع وحرم الربا.
ونقول: إن شيوع الباطل لا يجعله حقا، وقد بدأت محاولات محدودة للتعامل البنكي، قائمة على منهج البيع وتحريم الربا، وهي داخلة تحت ما أطلق عليه البنوك الإسلامية. وهذه البنوك تحارب من بعض علماء المسلمين، كما تحارب من البنوك الأخرى الربوية بدعاوى مختلفة.
ومن ضمن هذه المغالطات، أن البنوك الإسلامية تدفع ربحا غير محدد، بينما تدفع البنوك الأخرى ربحا محددا، وهذه أضمن لمصلحة الفقير، كما أنه يمكن اعتبار ما يدفعه البنك من ربا، بمثابة نسبة ربح قياسا على المضاربة، خاصة وأن البنك يدفعها عن رضا ورحابة صدر، وإذا خسر البنك، فيمكنه أن يلجأ للقضاء، ويثبت خسارته، وبالتالي فإنه يصبح غير ملزم بدفع نسبة الربح المنصوص عليها.
وأقول: إن مثل هذه الشبهات هي ترقيع لواقع اقتصادي بعيد عن الإسلام، ورحم الله الإمام إبراهيم بن أدهم، وهو القائل:
(1) سورة البقرة الآية 275
نرقع دنيانا بتمزيق ديننا
…
فلا ديننا يبقى ولا ما نرقع
وإلا فإن هذا الواقع الربوي، هو الذي كان موجودا قبل الإسلام، وهو ربا النسيئة، وكان يمكن لذلك المرابي أن يقول: إن الذي أخذ المال بالربا، اشترى به إبلا وأرضا وتاجر فيه، وليس بمحرم علي أن يعطيني نسبة مما ربحه، وكثير من الذين يأخذون الربا قديما وحديثا، إنما يأخذونه للاستثمار، وقليل منهم الذي يأخذ للحاجة الماسة أو للضرورة.
ولا أدعي أن البنوك الإسلامية تمثل شرع الله الحنيف، وبعيدة عن النقص في بعض جوانبها، ولكن يمكن القول: إن التعامل الأساس المعلن لهذا البنك، هو موافق لشرع الله، أما أن البنك قد يستعمل هذه الأموال استعمالا فيه شبهة، فالإثم على من كذب وغير، أما صاحب المال فقد اتفق على أن يكون التعامل موافقا لشرع الله.
وبالتالي فإن تشويش بعض العلماء على البنوك الإسلامية، إنما