الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(ويستحب لمشيع الجنازة أن يكون متخشعا متفكرا في مآله متعظا بالموت وبما يصير إليه الميت)(1).
(1) ابن قدامة، المغني، ج3، ص 396
5 -
التفكر في المتقابلات:
خلق الله تبارك وتعالى في هذا الكون من المتقابلات والأضداد ما يدل على كمال قدرته وبديع صنعه، فالليل والنهار، والشمس والقمر، والسهل والوعر، والماء العذب والماء المالح، والذكر والأنثى، آيات ودلالات وعبرة لمن يعتبر، قال الله تعالى:{وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (1).
ولقد من الله تعالى على الإنسان بأن خلق له زوجا يسكن إليها كما قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا} (2) وبين تعالى تمام رحمته ولطفه بعباده. بما جعل بين الزوجين من المودة والرحمة، قال تعالى:{وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} (3) ثم دعا عباده إلى التفكر في ذلك في ختام الآية ليعتبر ويتعظ من أحيا الله قلبه، قال تعالى:{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (4).
قال ابن جرير: (يقول تعالى: إن في فعله ذلك لعبرة وعظات لقوم يتذكرون في حجج الله وأدلته فيعلموا أنه الإله الذي لا يعجزه شيء أراده ولا يتعذر عليه فعل شيء شاءه)(5).
والتفكر والنظر في تلك الدلائل هو الذي يجلي كنهها ويزيد
(1) سورة الذاريات الآية 49
(2)
سورة الروم الآية 21
(3)
سورة الروم الآية 21
(4)
سورة الروم الآية 21
(5)
ابن جرير: جامع البيان، ج21، ص 31
الناظر معرفة بمنافع أخرى ضمنها (1).
وقد دعت آيات عديدة في القرآن الكريم إلى الاعتبار بالليل والنهار والشمس والقمر، قال تعالى:{وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ} (2) وقال تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} (3)، وقال تعالى {يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ} (4).
وفي اختلاف الليل والنهار عبرة من وجوه متعددة:
أولا: من جهة أن الليل مظلم والنهار مضيء كما قال تعالى: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً} (5).
ثانيا: اختلافهما في الطول والقصر؛ أحيانا يطول الليل وأحيانا يطول النهار وأحيانا يتساويان، كما قال تعالى:{يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ} (6).
أي: يدخل هذا في هذا مرة فيأخذ منه، وهذا في هذا مرة فيأخذ منه وهذا اختلافهما.
ثالثا: اختلافهما في الحر والبرد؛ تارة يكون باردا وتارة حارا.
(1) انظر: الطاهر بن عاشور، التحرير والتنوير، ج 10 ص 71.
(2)
سورة فصلت الآية 37
(3)
سورة آل عمران الآية 190
(4)
سورة النور الآية 44
(5)
سورة الإسراء الآية 12
(6)
سورة الحج الآية 61