الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أدلة من يرى جواز كتابة المصحف بالرسم القياسي:
1 -
أن وجوب التزام رسم معين إنما يعرف بالنص ولم يرد في كتاب الله ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك بل ظهر من أدلة السنة جواز كتابته بأي وجه سهل، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر برسمه ولم يبين لهم وجها معينا ولا نهى أحدا عن كتابته بأي وجه ولذلك اختلفت خطوط المصاحف كما سبق بيانه ومن ادعى أنه يجب على الأمة التزام الرسم وتحريم أي رسم غيره عند كتابة المصحف وجب عليه أن يقيم الحجة على دعواه وأنى له ذلك انظر: مناهل العرفان 1/ 380، 381.
ونوقش هذا الدليل بأن الرسم العثماني ثابت في سنة النبي صلى الله عليه وسلم. قال عبد العزيز الدباغ: هو صادر من النبي صلى الله عليه وسلم وهو الذي أمر الكتاب من الصحابة أن يكتبوه على هذه الهيئة فما نقصوا ولا زادوا على ما سمعوه من النبي صلى الله عليه وسلم. وقال أيضا: ما للصحابة ولا لغيرهم في رسم القرآن ولا شعرة واحدة، وإنما هو توقيف من النبي صلى الله عليه وسلم وهو الذي أراهم أن يكتبوا على الهيئة المعروفة بزيادة الألف ونقصانها لأسرار لا تهتدي إليها العقول، وهو سر من الأسرار خص الله به كتابه العزيز دون سائر الكتب السماوية. وكما أن نظم القرآن
معجز، فرسمه أيضا معجز! وكيف تهتدي العقول إلى سر زيادة الألف في (مائة) دون (فئة). وإلى سر زيادة الياء في (بأييد) و (بأييكم)؟
أم كيف تتوصل إلى سر زيادة الألف في (سعوا) بالحج، ونقصانها من (سعو)، بسبأ؟ وإلى سر زيادتها في (عتوا) حيث كان، ونقصانها من (عتو) في الفرقان؟ وإلى سر زيادتها في (آمنوا)، وإسقاطها من (باؤ، جاؤ، تبوؤ، فاؤ) بالبقرة؟ وإلى سر زيادتها في (يعفوا الذي)، ونقصانها من (يعفو عنهم) في النساء؟
أم كيف تبلغ العقول إلى وجه حذف بعض أحرف من كلمات متشابهة دون بعض، كحذف الألف من (قرءانا) بيوسف والزخرف، وإثباتها في سائر المواضع؟
وإثبات الألف بعد واو (سموات) في فصلت وحذفها من غيرها.
وإثبات الألف في (الميعاد) مطلقا، وحذفها من الموضع الذي في الأنفال وإثبات الألف في (سراجا) حيثما وقع، وحذفه من موضع الفرقان وكيف تتوصل إلى فتح بعض التاءات وربطها في بعض؟
فكل ذلك لأسرار إلهية، وأغراض نبوية. وإنما خفيت على الناس؛ لأنها أسرار باطنية لا تدرك إلا بالفتح الرباني، فهي. بمنزلة الألفاظ والحروف المتقطعة التي في أوائل السور، فإن لها أسرارا عظيمة، ومعاني كثيرة. وأكثر الناس لا يهتدون إلى أسرارها، ولا يدركون شيئا من المعاني الإلهية التي أشير إليها! فكذلك أمر الرسم الذي في القرآن حرفا بحرف) ا. هـ
ويناقش هذا الكلام بأن إثباته يحتاج إلى سند صحيح أو حسن يوصله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يوجد ذلك.
2 -
أن كثيرا من المتعلمين والعامة لا يحفظون القرآن ولا يحسنون قراءته في المصحف، لعدم معرفتهم الرسم العثماني وأصوله، فلماذا نتقيد هذا الرسم، ولا نكتب المصاحف اليوم باصطلاح الكتابة المعروف في عصرنا؛ تسهيلا على الناشئة وتيسيرا على الناس (1).
والله تعالى قد يسر القرآن للذكر وتكفل بحفظه من التحريف.
ونوقش هذا الدليل بأمور آتية:
أ- حجة التيسير للقراءة على المتعلمين والدارسين حيث يجهل أكثرهم قواعد رسم المصحف لا تكون مبررا للتغيير الذي يؤدي إلى التهاون في تحري الدقة بكتابة القرآن، والذي يعتاد القراءة في المصحف يألف ذلك ويفهم الفوارق الإملائية بالإشارات الموضوعة على الكلمات، ومن يمارس هذا في الحياة التعليمية أو مع أولاده يدرك أن الصعوبة التي توجد في القراءة بالمصحف أول الأمر تتحول بالمران بعد فترة قصيرة إلى سهولة تامة (2).
ويناقش هذا بأن جواز كتابته بالرسم القياسي ليس فيه تهاون بتحري الدقة عند كتابة المصحف كما يقال في الدليل بل فيه تيسير
(1) ينظر: مناهل العرفان 1/ 397، مباحث علوم القرآن ص130.
(2)
مباحث في علوم القرآن ص130، 131.
تلاوته على الوجه الصحيح وذلك عين احترامه وتقديره والله تعالى يقول: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} (1) واتباع الرسم الذي يعرفه عامة الناس يقربهم من حسن التلاوة وتدبر القرآن والعمل به وتلك هي التلاوة الحقة التي أشار إليها القرآن الكريم حيث قال: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ} (2).
3 -
أنه قد جرت مخالفة الرسم العثماني في أشياء ظهرت حاجة الأمة إليها حيث احتاجوا إلى نقط الحروف ثم إلى تشكيلها ثم جرت المصاحف الاستانبولية على كتابة الألف التي في وسط الكلمة في مثل العالمين ومسلمات (3).
وقد تنازع العلماء في عصر التابعين وتابعيهم في كراهة نقط المصاحف وتشكيلها على قولين مشهورين هما روايتان عن أحمد (4) وقد رويت كراهة ذلك عن الإمام مالك (5) لكن القول بجواز ذلك للحاجة إليه هو الأشهر حتى لقد أجمع عليه المسلمون بعد ذلك قال أبو عمرو الداني: والناس في جميع أمصار المسلمين من لدن التابعين إلى وقتنا هذا على الترخص في ذلك في الأمهات وغيرها ولا
(1) سورة القمر الآية 17
(2)
سورة البقرة الآية 121
(3)
انظر: إيقاظ الأعلام ص17.
(4)
الفتاوى 12/ 101، 102.
(5)
كتاب النقط المطبوع مع المقنع ص130.