الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني: مظاهر الولاء المشروع والولاء المحرم
وفيه مطلبان:
المطلب الأول: مظاهر الولاء المشروع
هناك أمور كثيرة تدخل في الولاء المشروع، وأهم هذه الأمور والمظاهر ما يلي:
1 -
محبة جميع المؤمنين في جميع الأماكن والأزمان ومن أي جنسية كانوا من أجل إيمانهم وطاعتهم لله تعالى، وهذه المحبة واجبة على كل مسلم، فقد روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم (1)» . .
وينبغي للمسلم الحذر من معاداة أحد من المؤمنين من أجل دنيا أو تعصب قبلي أو مذهبي أو من أجل مشاجرة حصلت بينهما، فإن معاداة المؤمن الذي هو من أولياء الله تعالى حرب لله تعالى، فقد جاء في الحديث
(1) صحيح مسلم الإيمان (54)، سنن الترمذي الاستئذان والآداب (2688)، سنن أبي داود الأدب (5193)، سنن ابن ماجه الأدب (3692)، مسند أحمد (2/ 512).
القدسي أن الله تعالى قال: «من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب (1)» . رواه البخاري.
2 -
نصرة المسلم لأخيه المسلم إذا ظلم أو اعتدي عليه في أي مكان، ومن أي جنسية كان، وذلك بنصرته باليد، وبالمال، وبالقلم، وباللسان فيما يحتاج إلى النصرة فيه، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«انصر أخاك ظالما أو مظلوما (2)» . رواه البخاري. والأمر للوجوب.
فيجب على المسلم أن ينصر المسلمين إذا اعتدى عليهم الأعداء، فإذا اعتدى الكفار على بلد من بلاد المسلمين وعجز أهلها عن صد عدوانهم وجب على من يليهم من المسلمين نجدتهم والدفاع عنهم بالأموال والأنفس، وكذلك يجب على المسلم أن يعين أخاه على أخذ حقه ممن ظلمه، وأن يذب عن عرض أخيه المسلم إذا اغتيب أو قدح فيه وهو يسمع، كما يجب على المسلم أن يدافع عن المسلمين بلسانه أو قلمه عندما يقدح فيهم أحد في كتاب أو غيره، وهذا كله من فروض الكفايات.
3 -
مساعدتهم بالنفس والمال عند اضطرارهم إلى ذلك. فيجب على المسلم أن يعين أخاه المسلم ببدنه عند اضطراره إلى
(1) صحيح البخاري الرقاق (6502).
(2)
صحيح البخاري الإكراه (6952)، سنن الترمذي الفتن (2255)، مسند أحمد (3/ 201).
ذلك، فيجب عليه مثلا إذا وجده منقطعا في سفر أن يعينه بإصلاح ما يحتاج إليه لمواصلة سفره، ونحو ذلك، ويجب عليه أن يعينه بماله - عند اضطراره إلى ذلك، كأن يكون فقيرا ولم يجد ما يأكله هو وأولاده فيجب على الأغنياء من المسلمين مساعدته، وهذا كله من فروض الكفايات، فإن لم يوجد ممن يستطيع مساعدته إلا شخص واحد كان فرض عين عليه.
4 -
التألم لما يصيبهم من المصائب والأذى، والسرور بنصرهم، وجميع ما فيه خير لهم، والرحمة لهم، وسلامة الصدر نحوهم، قال تعالى في وصف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم:{أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} (1) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه (2)» . رواه البخاري ومسلم.
هذا وهناك أمور أخرى تدخل في الولاء للمسلمين يطول الكلام بذكرها، منها ما هو فرض عين على المسلم، كتشميت العاطس، وكف أذاه عنهم.
ومنها ما هو فرض كفاية، كرد السلام، وتجهيز الميت، والصلاة عليه، ودفنه، والقيام بما يحتاج إليه المسلمون في أمور دينهم من طلب للعلم، ومن تعليم له، ومن دعوتهم إلى الله تعالى وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، ومن القيام بما يحتاجون إليه في أمور دنياهم من أمور
(1) سورة الفتح الآية 29
(2)
صحيح مسلم الإيمان (45)، سنن الترمذي صفة القيامة والرقائق والورع (2515)، سنن النسائي الإيمان وشرائعه (5039)، سنن ابن ماجه المقدمة (67)، سنن الدارمي الرقاق (2741).