الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التمهيد وفيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: تعريف المماطلة في اللغة والاصطلاح:
المماطلة لغة: من المطل، وهو كما يقول الأزهري: هو إطالة المدافعة وكل مضروب طولا من حديد وغيره فهو ممطول (1).
والمطل أصل يدل على مد الشيء وإطالته كما يقول ابن فارس (2).
وهو مشتق من مطلت الحديدة إذا ضربتها ومددتها لتطول.
ومنه يقال: مطله بدينه مطلا، وماطله مماطلة: إذا سوفه بوعد الوفاء مرة بعد أخرى (3).
وفي الاصطلاح الفقهي: فقد حكى النووي، وملا علي القاري أن المطل شرعا: منع قضاء ما استحق أداؤه وزاد القرطبي قيدا فقال: " عدم قضاء ما استحق أداؤه مع التمكن منه (4).
وقال الحافظ ابن حجر: ويدخل في المطل كل من لزمه حق، كالزوج لزوجته والسيد لعبده، والحاكم لرعيته، وبالعكس (5)
(1) انظر: الزاهر ص 231.
(2)
انظر: معجم مقاييس اللغة (5/ 331).
(3)
انظر: المصباح المنير (2/ 700) أساس البلاغة ص 432، تحرير ألفاظ التنبيه ص 101.
(4)
انظر: المفهم فيما أشكل على صحيح الإمام مسلم (4/ 438).
(5)
فتح الباري (4/ 466).
وعلى هذا فلا تعتبر المدافعة والتسويف في قضاء الدين مطلا إذا كان الدين مؤجلا في الذمة؛ لأن الدائن لما رضي بتأجيل دينه، فقد أسقط حقه في التعجيل، ولم يعد له قبل المدين حق في استيفائه قبل حلول الأجل، ومن ثم فلا يعتبر الممتنع عن الوفاء في هذه الحالة مماطلا، بل متمسكا بحق شرعي (1).
وقد أوضح الباجي هذا المعنى بقوله: " المطل: هو منع قضاء ما استحق عليه قضاؤه فلا يكون منع ما لم يحل أجله من الديون مطلا، وإنما يكون مطلا بعد حلول أجله، وتأخير ما بيع على النقد عن الوقت المعتاد في ذلك على وجه ما جرت عليه عامة الناس من القضاء "(2).
ولا يعتبر مماطلا أيضا من امتنع عن الوفاء لأجل عذر طرأ عليه مثل العجز المالي أو نقص في السيولة، وقد صالح الدائن ببعض ما له عليه من الحق بأشياء عينية من عقار أو سلع ونحوه. لأنه ربما يحصل كساد لبعض السلع، فلا يمكن بيعها، وليس عنده من المال ما يوفي به الدين الذي عليه، فالدائن إما أن يصبر وإما أن يعتاض عن دينه بهذه الأشياء العينية التي يمتلكها المدين.
مسألة: وهل يتصف بالمطل، من ليس القدر الذي استحق عليه حاضرا عنده، لكنه قادر على تحصليه بالتكسب والعمل والتجارة مثلا؟
(1) انظر: دليل الفالحين (4/ 459)، قضايا فقهية معاصرة، د / نزيه حماد، ص 322.
(2)
المنتقى شرح الموطأ للباجي (5/ 66).