الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث: استبدال الوقف إذا تعطلت منافعه
لما كانت المساجد لا تكون إلا وقفا فإنه يحسن بنا هنا أن نذكر بعضا من أقوال أئمة المذاهب الأربعة في حكم استبدال الوقف إذا تعطلت منافعه، وهي كالتالي:
أولا: المذهب الحنفي: نقل ابن عابدين فيما لفظه (1): (في فتاوى قاري الهداية، سئل عن استبدال الوقف ما صورته هل هو على قول أبي حنيفة وأصحابه؟
(1) البحر الرائق شرح كنز الدقائق 5/ 244.
أجاب: الاستبدال إذا تعين بأن كان الموقوف عليه لا ينتفع فيه وثمة من يرغب فيه ويعطي بدله أرضا أو دارا لها ريع يعود نفعه على جهة الوقف، فالاستبدال في هذه الصورة قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى، وإن كان للوقف ريع ولكن يرغب شخص باستبداله إن أعطي بدله أكثر ريعا منه في سقع أحسن من سقع الوقف جاز عند القاضي أبي يوسف والعمل عليه، وإلا فلا يجوز).
ثانيا: المذهب المالكي وقال سحنون في المدونة (1): (وهذه جل الأحباس قد خربت فلا شيء أدل على سنتها منها، ألا ترى أنه لو كان البيع يجوز فيها ما أغفله من مضى، ولكن بقاءه خرابا دليل على أنا بيعه غير مستقيم وبحسبك حجة في أمر قد كان متقادما أن تأخذ منه ما جرى الأمر عليه).
وجاء في منح الجليل ما يلي (2): (قول الشيخ في رسالته وابن شعبان وابن رشد: إن كانت هذه القطعة من الأرض المحبسة انقطعت منفعتها جملة وعجز عن عمارتها وكرائها فلا بأس بالمعاوضة فيها بمكان حبسا مكانها، ويكون ذلك بحكم من القاضي بعد ثبوت ذلك السبب والغبطة في المعوض عنه ويسجل ذلك ويشهد به).
ثالثا. المذهب الشافعي، وفي فتاوى الرملي ما يلي: قال
(1) المدونة 5/ 418.
(2)
منح الجليل شرح مختصر خليل 5/ 154.
السبكي (1) وغيره: إن منع بيعها هو الحق لأن جوازه يؤدي إلى موافقة القائلين إلى الاستبدال).
وقال سليمان بن منصور العجيلي الشهير بالجمل ما يلي (2):
(ولا يباع موقف وإن خرب كشجرة جفت ومسجد انهدم وتعذرت إعادته وحصره الموقوفة البالية وجذوعه المنكسرة إدامة للوقف في عينه، ولأنه يمكن الانتفاع به كصلاة واعتكاف في أرض المسجد وطبخ جص أو آجر له بحصره وجذوعه، وما ذكرته فيهما بصفتهما المذكورة هو ما اقتضاه كلام الجمهور وصرح به الجرجاني والبغوي والروياني وغيرهم وبه أفتيت، وصحح الشيخان تبعا للإمام أنه يجوز بيعهما لئلا يضيعا ويشتري بثمنهما مثلهما، والقول به يؤدي إلى موافقة القائلين بالاستبدال، أما الحصر الموهوب أو المشتراة للمسجد من غير وقف لها فتباع للحاجة وقلة وقفه عند تعذر إعادته، قال الماوردي: تصرف للفقراء والمساكين، والمتولي لأقرب المساجد إليه، والروياني هي كمنقطع الآخر، والإمام تحفظ لتوقع عوده، وتعبيري بما ذكر أولى مما عبر به).
رابعا: المذهب الحنبلي قال ابن قدامة في المغني (3) ما يلي: قال الخرقي: (وإذا خرب الوقف ولم يرد شيئا بيع واشتري به ما يرد على أهل الوقف وجعل وقفا كالأول).
(1) فتاوى الرملي 3/ 65.
(2)
حاشية الجمل 3/ 591.
(3)
المغني 8/ 120.