المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الرابع: أسباب تعود إلى غير ما سبق: - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٧٩

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌الفتاوى

- ‌الصلاة على الميت الصف عن يمين الإمام فيها

- ‌الصلاة على الحائض والنفساء في المسجد

- ‌المقتول في الزنا أو غيره من الحدود

- ‌هل يصلى على المتخلف عن الجماعة من غير عذر

- ‌رفع الصوت حال اتباع الجنازة

- ‌جواز إدخال الأجنبي المرأة في قبرها، وخلعه عقد أكفانها

- ‌هل يجوز الدعاء عند قبر الميت بعد دفنه

- ‌تشجير المقابر وإضاءتها وترخيمها لا يجوز

- ‌وجوب تعدد المقابر في نواحي مكة

- ‌إذا بلي الميت في قبره جاز أن يدفن فيه غيره

- ‌المقابر والطرق والأسواق لها أحوال

- ‌نقل من دفن في أرض مملوكة

- ‌صورة الجواب

- ‌من فتاوى سماحة الشيخعبد العزيز بن عبد الله بن باز

- ‌ زكاة الدين الذي لم يوف

- ‌ لي دين عند أحد الإخوة، هل يلزمني زكاته، أو أن هناك وقتا محددا لذلك

- ‌ الزكاة في الدين المؤجل

- ‌أقوال العلماء حول كون الدين مانعا من الزكاة

- ‌الديون لا تمنع الزكاة ولو كانت أكثر من المال الموجود

- ‌ إذا كان لدي مبلغ من المال وحال عليه الحول، وعلي التزام تسديد صندوق التنمية العقاري

- ‌المقرض يزكي القرض إذا كان عند مليء

- ‌ هل في القرض زكاة

- ‌بهيمة الأنعام إذا لم تكن سائمة أغلب الحول فلا زكاة فيها

- ‌ ضم بعض المواشي إلى بعض لتكمل نصابا

- ‌أحكام خلطة المواشي

- ‌تجب الزكاة فيما أعد للتجارة من بهيمة الأنعام ولو كانت معلوفة

- ‌ ضرب الوالي قيمة محددةلعين ما يجب إخراجه من بهيمة الأنعام

- ‌ هل على الخضار والفواكه زكاة

- ‌الزكاة تجب في الحبوب والثمار التي تكال وتدخر وينتفع بها حالا ومآلا

- ‌ الزكاة في التين والزيتون

- ‌ الزكاة في البصل

- ‌ما يشترط لوجوب الزكاة في محصول المزرعة

- ‌ما يسقى بالأمطار والأنهار فيه العشروما يسقى بالمكائن فيه نصف العشر

- ‌ما اشتري من الحبوب قوتا لا تجب فيه الزكاة

- ‌العمدة في معرفة الأنصبة صاع النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌نصاب النقدين

- ‌ أملك خمسة وثمانين جراما من الذهب، ما هو مقدار الزكاة

- ‌ مقدار الذهب الذي يجب إخراج زكاته؟ وهل كل حلي المرأة ليس عليه زكاة

- ‌ ما هو نصاب زكاة الفضة بالريال السعودي في وقتنا الحاضر

- ‌إذا بلغ النقدان النصاب ففيهما ربع العشر

- ‌من فتاوى سماحة الشيخعبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ

- ‌ قام المسلم من نومه وأدخل يديه في الماء قبل أن يغسلهما ثلاث مرات، فهل يصلح هذا الماء للوضوء

- ‌ لا ينبغي للمسلم أن يدخل الخلاء بشيء فيه ذكر الله

- ‌قد كتب عليه لفظ الجلالة وأنا ألبسه دائما في الليل والنهار، فهل حرام أن أدخل به دورة المياه

- ‌ هل يلزم المرأة مسح جميع رأسها عند الوضوء

- ‌ هل لمس عورة الطفل ينقض الوضوء

- ‌ مصافحة النساء

- ‌ الوضوء في الحمام

- ‌ التسمية عند الوضوء

- ‌ دائما في حالة شك وإذا توضأت أشك هل أنا بقيت على وضوئي أو لا

- ‌ هل يجوز للمرء أن يقرأ القرآن من المصحف بدون وضوء

- ‌ هل التيمم لصلاة النافلة يمكن أن يصلي به الإنسان الفريضة

- ‌ هل غسل الرأس يدخل في الغسل من الجنابة أو الغسل للجسم فقط

- ‌ قراءة القرآن الكريم إذا كانت المرأة في عذرها

- ‌ إذا طهرت المرأة في وقت الظهر، هل تصلي الفجر والظهر جميعا

- ‌ ينزل علي بعد الطهر شيء يسير وقد لا ينزل، فهل يصح غسلي

- ‌من فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

- ‌ الصلاة بدون طهارة

- ‌ صلى الفرد وهو غير متوضئ وتذكر في نفس الصلاة سواء كان إماما أو مأموما

- ‌ الموجب للاستنجاء خروج شيء من القبل أو الدبر

- ‌ لاحظت وجود مني في إزاري، فاغتسلت وصليت المغرب ولكني لا أعلم متى حصل الاحتلام:

- ‌ أثناء الصلاة أصبح يخرج مني نزيف دم من مكان خلع الضروس وهو دم كثير

- ‌ نزل مني نزيف وأنا في الصلاة في الصف الأول

- ‌ تجوز الصلاة بعد الطهارة فروضا ونوافل ولو لم ينوها عند الوضوء

- ‌ بال ولم يستنج ثم توضأ وصلى فهل صلاته صحيحة

- ‌ رأى المسلم في ثوبه أو بدنه نجاسة بعد ما فرغ من الصلاة

- ‌ صلى الإنسان في أرض طاهرة وشك في طهارة ما أمامه بقدر شبر

- ‌ هل يصلي الرجل في الثوب الذي جامع زوجته فيه

- ‌ من صلى وعليه ثوب نجس ولم يتذكر إلا وهو في الصلاة

- ‌ رجل صلى وفي آخر الصلاة جاء طفل وبال على مكان سجوده وهو في صلاة الجماعة قبل آخر سجدة

- ‌ يواظب على الصلاة المكتوبة في الحمام

- ‌ دخول المساجد بالأحذية والصلاة فيها

- ‌أقسام الناس في الإيمان بالقضاء والقدر

- ‌المقدمة:

- ‌المبحث الأول: معنى القضاء والقدر والفرق بينهما

- ‌المطلب الأول: تعريف القضاء

- ‌المطلب الثاني: تعريف القدر

- ‌المطلب الثالث: الفرق بين القضاء والقدر

- ‌المبحث الثاني: الأدلة من الكتاب والسنة على وجوب الإيمان بالقضاء والقدر

- ‌المطلب الأول: الأدلة من الكتاب:

- ‌المطلب الثاني: الأدلة من السنة

- ‌المطلب الثالث: أقوال بعض الصحابة والتابعين

- ‌المبحث الثالث: أقسام الناس في الإيمان بالقضاء والقدر

- ‌المطلب الأول: الجبرية

- ‌ عقيدتهم في القدر:

- ‌المطلب الثاني: القدرية

- ‌ التعريف بهم:

- ‌ عقيدتهم في القدر:

- ‌ شبهاتهم والردود عليها:

- ‌الشبهة الأولى:

- ‌الشبهة الثانية:

- ‌الشبهة الثالثة:

- ‌الشبهة الرابعة:

- ‌المطلب الثالث: قول أهل السنة والجماعة

- ‌الخاتمة:

- ‌الولاء والبراءوأحكام التعامل مع الكفار والمبتدعة والفساق

- ‌المبحث الأول: تعريف الولاء والبراء وبيان حكمهما

- ‌المبحث الثاني: مظاهر الولاء المشروع والولاء المحرم

- ‌المطلب الأول: مظاهر الولاء المشروع

- ‌المطلب الثاني: مظاهر الولاء المحرم

- ‌القسم الأول: الموالاة الكفرية

- ‌القسم الثاني: المولاة المحرمة غير الكفرية:

- ‌المبحث الثالث: ما يجوز أو يجب التعامل به مع الكفار مما لا يدخل في الولاء المحرم

- ‌القسم الثاني: الذميون:

- ‌القسم الثالث: المستأمنون

- ‌القسم الرابع: الحربيون:

- ‌حكم مصليات الأعيادوهل تأخذ حكم المساجد

- ‌المبحث الأول: تعريف المساجد وبيان بعض أحكامها

- ‌المبحث الثاني: مصليات الأعياد وأحكام المساجد

- ‌المبحث الثالث: استبدال الوقف إذا تعطلت منافعه

- ‌المبحث الرابع: استبدال أو بيع مصليات الأعياد عند الاستغناء عن الصلاة فيها

- ‌أهم النتائج:

- ‌المماطلةمظاهرها وأضرارها وأنواعها وأسبابها في الفقه الإسلامي

- ‌المقدمة:

- ‌المطلب الأول: تعريف المماطلة في اللغة والاصطلاح:

- ‌المطلب الثاني: تعريف الحقوق في اللغة والاصطلاح:

- ‌المطلب الثالث: أسباب شيوع ظاهرة الاستدانة:

- ‌المبحث الأول، وجوب إبراء الذمم من الحقوق

- ‌المطلب الأول: أهمية إبراء الذمم من الحقوق

- ‌المطلب الثاني: أنوع الحقوق:

- ‌القسم الثاني: حق خالص للعباد:

- ‌القسم الثالث: ما اجتمع فيه الحقان، وكان حق الله هو الغالب

- ‌القسم الرابع: ما اجتمع فيه الحقان، وحق العباد فيه غالب:

- ‌ثانيا: تقسيم الحق باعتبار متعلق الحق

- ‌أولا: الحق المالي:

- ‌ثانيا: الحق غير المالي:

- ‌المطلب الثالث: أهمية توثيق الحقوق ووسائلها:

- ‌المطلب الأول: مظاهر المماطلة والتسويف:

- ‌المطلب الثاني: أنواع الضرر المترتب على المماطلة:

- ‌المبحث الثالث: أنواع المطل

- ‌المطلب الأول: مطل المدين المعسر:

- ‌المطلب الثاني: مطل المدين الغني المعذور:

- ‌المطلب الثالث: مطل المدين الموسر بلا عذر:

- ‌المبحث الرابع، أسباب المطل

- ‌المطلب الأول: أسباب تعود إلى من عليه الحق:

- ‌المطلب الثاني: أسباب تعود إلى صاحب الحق:

- ‌المطلب الثالث: أسباب تعود إلى العلاقة بينهما:

- ‌المطلب الرابع: أسباب تعود إلى غير ما سبق:

- ‌الخاتمة

- ‌العقلتعريفه، منزلته، مجالاته، ومداركه

- ‌المسألة الأولى: تعريف العقل لغة واصطلاحا:

- ‌أولا: العقل في اللغة:

- ‌ثانيا: تعريف العقل اصطلاحا:

- ‌المسألة الثانية: منزلة العقل في الإسلام:

الفصل: ‌المطلب الرابع: أسباب تعود إلى غير ما سبق:

«أدخل الله الجنة رجلا كان سهلا مشتريا وبائعا وقاضيا ومقتضيا (1)» ولأحمد من حديث عبد الله بن عمرو نحوه، وفيه الحض على السماحة في المعاملة واستعمال معالي الأخلاق وترك المشاحة والحض على ترك التضييق على الناس في المطالبة وأخذ العفو منهم " اهـ (2).

(1) سنن النسائي البيوع (4696)، سنن ابن ماجه التجارات (2202)، مسند أحمد (1/ 70).

(2)

فتح الباري (4/ 307).

ص: 331

‌المطلب الرابع: أسباب تعود إلى غير ما سبق:

هناك أسباب تؤدي إلى تعثر الديون وتأخير الوفاء بها لا تعود إلى العلاقة بين الدائن والمدين ولا إلى أي منهما، بل تعود إلى أمور أخرى لا علاقة لواحد منهما بها.

وهذه الأسباب هي ما يسمى عند الفقهاء بالجوائح.

والجائحة كما يقول ابن قدامة رحمه الله: كل آفة لا صنع للآدمي فيها " (1).

وعرفها أبو العباس ابن تيمية رحمه الله بقوله: " الجائحة هي الآفات السماوية التي لا يمكن معها تضمين أحد "(2).

غير أن المذهب المالكي له تفصيل في معنى الجائحة على ثلاثة أقوال:

الأول: منهم من يرى إلى أن الجائحة في الأمور السماوية وحدها، ولا خلاف بينهم أنها جائحة.

الثاني: ومنهم من يرى أن الجائحة تشمل أيضا أعمال الآدميين

(1) المغني (6/ 179).

(2)

مجموع الفتاوى (30/ 278)

ص: 331

التي لا يمكن التحرز عنها وكان غالبا مثل الجيش يمرون بالنخل، فيأخذون ثمرته هو جائحة.

الثالث: ومنهم من يرى أن الجائحة تشمل جميع أعمال الآدميين حتى تلك التي يمكن التحرز منها ما دامت من غير فعل المتعاقدين.

وهذه تسمى عند الفقهاء المعاصرين بنظرية الظروف الطارئة، وبعضهم يرى أن ثمة فرقا بين نظرية الجوائح وبين نظرية الظروف والحوادث الطارئة ومنهم الدكتور عبد الرزاق السنهوري الذي فرق بينهما بقوله: " نظرية الحوادث الطارئة تفترض أن عقدا يتراضى تنفيذه إلى أجل، أو آجال كعقد التوريد، وعند حلول أجل التنفيذ تكون الظروف الاقتصادية قد تغيرت تغيرا فجائيا لحادث لم يكن في الحسبان بحيث يختل التوازن الاقتصادي للعقد اختلالا خطيرا

ولو أن هذا الحادث الطارئ قد جعل تنفيذ الالتزام مستحيلا لكان قوة قاهرة، ولا نقضي به الالتزام. ولو أنه لم يكن من شأنه إلا أن يجعل تنفيذ الالتزام يعود بخسارة على التاجر لا تخرج عن الحد المألوف لما كان له من أثر ولا التزام المدين بتنفيذ التزامه التزاما كاملا، ولكنا نفترض من جهة أن تنفيذ الالتزام لم يصبح مستحيلا، ونفرض من جهة أخرى أن تنفيذه يعود بخسارة على المدين تخرج عن الحد المألوف ثم نفرض أن هذا كله لم يكن قائما وقت نشوء العقد، بل وجد

ص: 332

عند تنفيذه. فماذا يكون الحكم في المثل الذي أسلفناه؟ تقول نظرية الحوادث الطارئة: لا ينقضي التزام المدين؛ لأن الحادث الطارئ ليس قوة قاهرة، ولا يبقى التزامه كما هو؛ لأنه مرهق، ولكن يرد القاضي الالتزام إلى الحد المعقول، حتى يطيق المدين تنفيذه، يطيقه بمشقة ولكن في غير إرهاق

".

فالظروف الطارئة قد تكون سببا من أسباب تأخير الحقوق والالتزامات العقدية، فمثلا لو أن عقد مقاولة قد تم بين طرفين على إنشاء بناية كبيرة يحتاج إنشاؤها إلى مدة طويلة، وحدد فيه سعر المتر المكعب من البناء وكسوته بمبلغ 1000 ريال مثلا، وكانت كلفة المواد الأولية من حديد وأسمنت وأخشاب وسواها وأجور عمال تبلغ عند العقد للمتر الواحد (800) ريال، فوقعت حرب غير متوقعة، أو حادث آخر خلال التنفيذ قطعت الاتصالات والاستيراد وارتفعت بها الأسعار ارتفاعا كبيرا مما يجعل تنفيذ الالتزام مرهقا جدا في حق المقاول، مما يترتب على ذلك تأخير التزامه بالعقد ويماطل في الالتزام، وربما تأخر رب العمل أيضا بتسديد المبالغ المستحقة عليه لأن المقاول قد تأخر فيتأثر الالتزام بسبب هذه الظروف، وكذلك لو أن متعهدا في عقد توريد أرزاق عينية يوميا من لحم وجبن ولبن وبيض وخضروات وفواكه ومشروبات ونحوها إلى مستشفى أو إلى جامعة

ص: 333

فيها أقسام داخلية أو إلى دار ضيافة حكومية بأسعار اتفق عليها في كل صنف لمدى عام، فحدثت جائحة في البلاد أو طوفان أو زلزال أو جاء جراد جرد المحاصيل الزراعية فارتفعت الأسعار إلى أضعاف كثيرة عما كانت عليه عند العقد، فيترتب على ذلك تأخير التزام المورد، وبالتالي تأخير تسديد الأموال التي استحقت له.

ولا شك أن هذا يسبب التنازع بين الطرفين مما يكون سببا إلى الاتجاه إلى القضاء للفصل بين الطرفين، وقد عرض موضوع هذه الظروف الطارئة على مجمع الفقه الإسلامي المنبثق من رابطة العالم الإسلامي وقرر ما يلي:

1 -

في العقود المتراخية التنفيذ (كعقود التوريد والتعهدات والمقاولات) إذا تبدلت الظروف التي تم فيها التعاقد تبدلا غير الأوضاع والتكاليف والأسعار تغييرا كبيرا، بأسباب طارئة عامة، لم تكن متوقعة حين التعاقد، فأصبح بها تنفيذ الالتزام العقدي، يلحق بالملتزم خسائر جسيمة غير معتادة، من تقلبات الأسعار في طرق التجارة، ولم يكن ذلك نتيجة تقصير أو إهمال من الملتزم في تنفيذ التزاماته، فإنه يحق للقاضي في هذه الحالة عند التنازع، وبناء على الطلب تعديل الحقوق والالتزامات العقدية، بصورة توزع القدر المتجاوز للمتعاقد من الخسارة على الطرفين المتعاقدين، كما يجوز له أن يفسخ العقد، فيما لم يتم تنفيذه منه، إذا رأى أن فسخه أصلح وأسهل في القضية المعروضة عليه، وذلك مع تعويض عادل للملتزم له

ص: 334

صاحب الحق في التنفيذ، يجبر له جانبا معقولا من الخسارة التي تلحقه من فسخ العقد، بحيث يتحقق عدل بينهما، دون إرهاق للملتزم، ويعتمد القاضي في هذه الموازنات جميعا رأي أهل الخبرة الثقات.

2 -

ويحق للقاضي أيضا أن يمهل الملتزم إذا وجد أن السبب الطارئ قابل للزوال في وقت قصير، ولا يتضرر الملتزم له كثيرا بهذا الإمهال " (1).

ونظرية الظروف الطارئة تناولها الفقهاء رحمهم الله عندما تحدثوا عن " الفسخ بالأعذار " وعن " الجوائح في بيع الثمار " وعن " تعديل العقد في حالة تقلب النقود " ووضعوا ضابطا للعذر الطارئ الذي يجيز فسخ عقد الإجارة وهو أن عجز العاقد عن المضي في موجب العقد إلا بتحمل ضرر زائد لم يلتزمه بموجب العقد يحق له بعد التقاضي التخفيف عنه أو الفسخ.

وقد ذكر ابن تيمية، رحمه الله، في مختصر الفتاوى المصرية:" أن من استأجر ما تكون منفعة إجارته لعامة الناس، مثل الحمام والفندق والقيسارية فنقصت المنفعة المعروفة، لقلة الزبون، أو لخوف، أو حرب، أو تحول سلطات ونحوه، فإنه يحط عن المستأجر من الأجرة بقدر ما نقص من المنفعة "(2).

(1) انظر: قرارات المجمع الفقهي الإسلامي (ص 107 - 108).

(2)

مختصر الفتاوى المصرية ص 376.

ص: 335

وقال الكاساني: "إن الفسخ في الحقيقة امتناع من التزام الضرر، وأن إنكار الفسخ عند تحقق العذر، خروج عن العقل والشرع؛ لأنه يقتضي أن من اشتكى ضرسه فاستأجر رجلا لقلعها، فسكن الوجع يجبر على القلع، وهذا قبيح عقلا وشرعا"(1).

وقد ذكر بعض الباحثين صورا من جوائح القرض فقال: القروض قد تكون عرضة للجوائح فإنها إن كانت نقودا مثلا فقد تكسد، وقد ترخص وقد تغلو وقد يبطل التعامل بها إلى غير ذلك من جوائح النقود (2).

2 -

ومن الأسباب أيضا تلك الأسباب التي تتعلق بالعوامل السياسية والاقتصادية والنظامية التي تؤثر على النشاط الائتماني، وكلما كانت هذه العوامل تتصف بعدم الاستقرار كلما زادت درجة المخاطر، وتزايدت ظروف عدم التأكد عما سيكون عليه الحال مستقبلا، وأثر ذلك بالسلب على الوفاء بالالتزامات المالية. وترجع هذه العوامل إلى اعتبارات محلية داخلية أو إلى اعتبارات عالمية دولية. من ذلك:

أ - سياسات التسعير بغير ضوابط شرعية وما لها من أثر مباشر أو غير مباشر على الأرباح، ومن ثم المقدرة المالية على الوفاء بالالتزامات المالية.

ب - السياسات المالية للدولة وبصفة خاصة السياسات الضريبية

(1) بدائع الصنائع (4/ 197).

(2)

انظر: الجوائح وأحكامها ص 241 د / سليمان الثنيان.

ص: 336