الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أ - فقد استعملوه بمعنى عام يشمل كل ما يثبت للشخص من ميزات، سواء أكان الثابت شيئا ماليا أو غير مالي.
ب - كما استعملوه في مقابل الأعيان والمنافع المملوكة، بمعنى المصالح الاعتبارية الشرعية التي لا وجود لها إلا باعتبار الشارع، كحق الشفعة وحق الطلاق، وحق الحضانة والولاية.
ج - كما أنهم يلاحظون أحيانا المعنى اللغوي فقط في الاستعمال كما في قولهم حقوق الدار، أي مرافقها كحق التعلي وحق الشرب وحق المسيل ونحو ذلك؛ لأنها ثابتة للدار ولازمة لها، ويقولون حقوق العقد، ويقصدون بذلك ما يتبع العقد من التزامات ومطالبات تتصل بتنفيذ حكمه، فعقد البيع مثلا حكمه نقل ملكية المبيع، وحقوقه: تسليم المبيع ودفع الثمن.
المطلب الثالث: أسباب شيوع ظاهرة الاستدانة:
إن من أعظم أسباب الغنى، وأهم وسائل السعادة الاعتدال في تدبير المال والاقتصاد في النفقة، وذلك لأن الاقتصاد في النفقة نصف المعيشة، كان الإسراف في الإنفاق والتبذير في المال داعية للفقر، وسببا لتحمل الديون والالتزامات المالية، وهو أشد أنواع الفقر، فالدين هم بالليل، وذل بالنهار، وهو يحمل المدين على انتحال الأسباب الكاذبة،
واختلاق المعاذير الواهية وخلف المواعيد المحترمة، وعدم الوفاء بالواجب، فيجعل الآمن خائفا والمطمئن مضطربا، والصادق كاذبا، وكم تورطت أنفس بالديون فأصابها الفقر بعد الغنى، والذل بعد العز، والضعف بعد القوة وأصبحت تئن تحت أعباء الديون أنين الثكلى (1) ولقد تساهل كثير من الناس في الديون حتى أصبحت ذمم كثير منهم مشغولة منهكة وإذا نظرنا وسبرنا أسباب شيوع الاستدانة نجد أنها أسباب كثيرة لا تقتصر على شيء واحد، ولعل من أهمها:
أولا: التوسع في الشهوات، والترف البالغ، والتنعم الزائد، وحب الظهور الكاذب، واستهواء المظاهر الباطلة، ومجاراة المدنية المسرفة، فكل هذا أدى بالبعض لمجاراة هذه المظاهر إلى الاستدانة وإظهار خلاف الواقع، كي يظهر بالمظهر الكاذب من التنعم والترف.
ثانيا: تحكم العادات القبيحة في الأفراح والحفلات والمناسبات والتشبه بالأغنياء في أساليب معيشتهم ومناسباتهم، فبسبب هذه العادات جعلت محدودي الدخل، ينافس هؤلاء، فيستدين للإسراف غير العقلاني في الإنفاق البذخي، والمجاراة غير المحدودة مغترا براتبه الشهري، ومكتفيا
(1) انظر: مجلة الإسلام العدد (23) ص 22.
بما تحققه له اللحظة الحاضرة دون النظر إلى المستقبل، وما يحمل وراءه من أثقال الدين، وأحماله.
ثالثا: ومن أسباب الاستدانة، أن يقوم التاجر بدراسة مشروع استثماري، يستغرق مالا كثيرا، والجدوى الاقتصادية لهذا المشروع ناجحة، فيستدين لإتمام هذا المشروع، ويغطى الدين الذي عليه من أرباح هذا المشروع.
رابعا: ومن الأسباب أيضا العمل غير المشروع المقتضي لثبوت الدين على الفاعل، كالقتل العمد الذي عفا أولياء المقتول عن القصاص إلى الدين، أو كالجنايات الموجبة للأرش، وإتلاف مال الغير، وكتعدي يد الأمانة، أو تفريطها في المحافظة على ما كانت بيده - فكل هذه الأعمال غير المأذون فيها يترتب عليها أموال والتزامات للغير (1)، فربما لا يكون عنده من المال ما يقضي به لأصحاب الحقوق حقوقهم فيضطر للاستدانة.
خامسا: ومن الأسباب هلاك المال في يد الحائز إذا كانت يد ضمان مهما كان سبب الهلاك، كهلاك الشيء في يد الأجير المشترك فهلاك السيارات عند أصحاب الورش مثلا وتعرضها لحريق يجعل أصحاب المحلات مسؤولين مسؤولية تامة لأنهم أجراء مشتركون والأجير المشترك يضمن سواء تعدى أو لم يتعد (2) فيضطر أصحاب المؤسسات للاستدانة
(1) انظر: القوانين الفقهية لابن جزي ص: 360، والموسوعة الفقهية الكويتية 21/ 110.
(2)
انظر: المغني (8/ 103).