الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول: تعريف المساجد وبيان بعض أحكامها
فالمسجد لغة: الموضع الذي يسجد فيه، ثم اتسع المعنى إلى البيت المتخذ لاجتماع المسلمين لأداء الصلاة فيه، قال الزركشي رحمه الله:(ولما كان السجود أشرف أفعال الصلاة لقرب العبد من ربه اشتق اسم المكان منه فقيل مسجد، ولم يقولوا مركع، ثم إن العرف خصص المسجد بالمكان المهيأ للصلوات الخمس حتى يخرج المصلى المجتمع فيه للأعياد ونحوها فلا يعطى حكمه (1).
والمسجد في الاصطلاح الشرعي: هو المكان الذي أعد للصلاة فيه على الدوام، وأصل المسجد شرعا: كل موضع من الأرض يسجد لله فيه لحديث جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (
…
«وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل (2)» .
والمساجد لها مكانتها وفضلها عند الله تعالى، فقد أضافها إلى نفسه إضافة تشريف وتكريم وذكرها عز وجل في كتابه في ثمانية عشر موضعا، ومن أهم أحكام المساجد ما يلي:
1 -
أنها أفضل البلاد.
روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أحب البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها (3)» .
(1) إعلام الساجد بأحكام المساجد للزركشي ص 27 - 28.
(2)
متفق عليه. البخاري حديث 335، ومسلم حديث 521
(3)
رواه مسلم، كتاب المساجد حديث 671.
وقال الإمام القرطبي رحمه الله: «أحب البلاد إلى الله مساجدها (1)» أي أحب بيوت البلاد أو بقاعها، وإنما كان ذلك لما خصت به من العبادات والأذكار واجتماع المؤمنين وظهور شعائر الدين وحضور الملائكة (2).
2 -
المشي إلى المساجد ترفع به الدرجات، وتحط الخطايا، وتكتب الحسنات، لحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة، ويرفعه بها درجة، ويحط بها عنه سيئة (3)» .
3 -
صيانة المساجد من الروائح الكريهة، لحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«من أكل ثوما أو بصلا فليعتزلنا أو ليعتزل مسجدنا وليقعد في بيته (4)» .
وفي لفظ لمسلم: «فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الإنس (5)» .
وفي لفظ لمسلم: «من أكل البصل والثوم والكراث فلا يقربن مسجدنا فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم (6)» .
4 -
صلاة تحية المسجد لمن دخلها، لحديث أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا
(1) صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (671).
(2)
المفهم لما أشكل في تلخيص مسلم للقرطبي 2/ 295.
(3)
مسلم حديث رقم 654.
(4)
صحيح البخاري الاعتصام بالكتاب والسنة (7359)، صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (564)، سنن الترمذي الأطعمة (1806)، سنن النسائي المساجد (707)، سنن أبي داود الأطعمة (3822)، مسند أحمد (3/ 400).
(5)
صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (564)، سنن النسائي المساجد (707).
(6)
متفق عليه. البخاري حديث رقم 855، ومسلم حديث رقم 564.
يجلس حتى يصلي ركعتين (1)».
5 -
التزين والتجمل عند كل مسجد، لقول الله تعالى:{يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (2).
6 -
تقديم الرجل اليمنى عند الدخول للمسجد، وتقديم الرجل اليسرى عند الخروج من المسجد بعكس دخوله.
فيقول عند الدخول: «بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، وإذا خرج يقول: اللهم إني أسألك من فضلك (3)» .
7 -
عدم تشبيك الأصابع في الطريق إلى المسجد، لحديث كعب بن عجرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه ثم خرج عامدا إلى المسجد فلا يشبكن بين أصابعه فإنه في صلاة (4)» .
8 -
النظر في النعلين قبل دخول المسجد، فإن رأى فيهما أذى مسحه بالتراب، لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وفيه:
…
«إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر فإن رأى في نعليه قذرا أو أذى فليمسحه وليصل فيهما (5)» .
(1) متفق عليه. البخاري حديث رقم 44، ومسلم حديث رقم 714.
(2)
سورة الأعراف الآية 31
(3)
رواه مسلم كتاب صلاة المسافرين وقصرها حديث رقم 113.
(4)
الترمذي حديث 387، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي 1/ 121.
(5)
أبو داود كتاب الصلاة حديث 650، وابن خزيمة حديث 1017، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود 1/ 128.
9 -
تنظيف المساجد وتطييبها وصيانتها، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت:«أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببناء المساجد في الدور وأن تنظف وتطيب (1)» .
10 -
إقامة صلاة الجماعة فيها، فالمساجد يجب أن تقام صلاة الجماعة فيها ولا يجوز للرجال فعلها إلا في المسجد، والأدلة على ذلك هي البراهين الدالة على وجوب صلاة الجماعة، وأنها فرض عين، قال ابن القيم رحمه الله تعالى: (من تأمل السنة حق التأمل تبين له أن فعلها في المساجد فرض على الأعيان إلا لعارض يجوز معه ترك الجمعة والجماعة، فترك حضور المسجد لغير عذر كترك أصل الجماعة لغير عذر، وبهذا تتفق جميع الأحاديث والآثار
…
فالذي ندين الله به أنه لا يجوز لأحد التخلف عن الجماعة في المسجد إلا من عذر، والله أعلم بالصواب) (2).
11 -
تحريم اتخاذ القبور مساجد، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (3)» .
12 -
تحريم السؤال عن الضالة في المسجد، لحديث أبي هريرة
(1) أحمد في المسند 6/ 279، أبو داود حديث 455، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود 1/ 92.
(2)
كتاب الصلاة لابن القيم ص 89.
(3)
متفق عليه. البخاري كتاب الصلاة حديث 436، ومسلم حديث، 530.
رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سمع رجلا ينشد ضالة في المسجد فليقل لا ردها الله عليك فإن المساجد لم تبن لهذا (1)» .
13 -
تحريم البيع والشراء في المساجد، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا لا أربح الله تجارتك، وإذا رأيتم من ينشد فيه ضالة فقولوا لا ردها الله عليك (2)» .
14 -
رفع الأصوات في المساجد ممنوع، لأنه يشوش على المصلين ولو بقراءة القرآن، لحديث أبي سعيد رضي الله عنه قال:«اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فسمعهم يجهرون بالقرآن فكشف الستر وقال: ألا إن كلكم مناج ربه فلا يؤذين بعضكم بعضا ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة (3)» أو قال: (في الصلاة)(4).
15 -
النهي عن التحلق قبل صلاة الجمعة، جاء فيه حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم «نهى عن التحلق يوم الجمعة قبل الصلاة وعن الشراء والبيع في المسجد، (5)» ولفظ الترمذي: «نهى عن تناشد الأشعار في المسجد وعن البيع والشراء فيه، وأن يتحلق
(1) مسلم كتاب المساجد حديث 568.
(2)
الترمذي كتاب البيوع حديث 1321، والنسائي حديث 176، وغيرهما.
(3)
سنن أبي داود الصلاة (1332)، مسند أحمد (3/ 94).
(4)
أبو داود حديث 1332، وأحمد 2/ 67.
(5)
سنن الترمذي الصلاة (322)، سنن النسائي المساجد (714)، سنن أبي داود الصلاة (1079).
الناس فيه يوم الجمعة قبل الصلاة (1)».
16 -
لا يجلس الجنب والحائض في المسجد، لقوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} (2).
والمعنى: لا تقربوا المصلى للصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون، ولا تقربوه جنبا إلا عابري سبيل، يعني: إلا مجتازين فيه للخروج منه، فقد أقيمت الصلاة هنا مقام المصلى والمسجد إذ كانت صلاة المسلمين في مساجدهم، ورجح هذا التفسير الإمام ابن جرير رحمه الله (3)، وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله:" ومن هذه الآية احتج كثير من الأئمة على أنه يحرم على الجنب المكث في المسجد ويجوز له المرور، وكذا الحائض والنفساء أيضا في معناه "(4)، ولكن على الحائض والنفساء أن تتحفظ حتى لا تلوث المسجد، وفي حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها:«ناوليني الخمرة من المسجد، فقالت إني حائض، فقال: إن حيضتك ليست في يدك (5)» .
(1) النسائي كتاب المساجد حديث 714، وأبو داود كتاب الجمعة حديث 1039، الترمذي كتاب الصلاة حديث 322.
(2)
سورة النساء الآية 43
(3)
انظر جامع البيان للطبري 8/ 384.
(4)
تفسير القرآن العظيم 2/ 327.
(5)
مسلم كتاب الحيض حديث 298.