الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذا يستلزم تقسيم البحث إلى ثلاث مسائل:
المسألة الأولى: تعريف العقل لغة واصطلاحا:
أولا: العقل في اللغة:
العقل في اللغة يطلق على المنع والحبس. يقال: اعتقل الرجل، إذا حبس.
ومرض فلان، فاعتقل لسانه، إذا امتنع عن الكلام، فلم يقدر عليه (1).
ومنه قول ذي الرمة:
ومعتقل اللسان بغير خبل
…
يميد كأنه رجل أميم (2)
ويقال: أعطني عقولا أشربه، إذا طلب دواء يمسك بطنه (3).
ويقال كذلك: عقلت البعير أعقله عقلا، إذا منعته من الحركة، وذلك بأن تثني وظيفه مع ذراعه، فتشدهما جميعا في وسط الذراع (4).
ومن هذا الباب قوله صلى الله عليه وسلم لصاحب الناقة:
(1)"الزمخشري، 1409 هـ، مادة "" عقل "". "
(2)
"الحربي، 1405هـ، 3/ 1232، قوله "" جعل دية المقتولة على عاقلة القاتلة "". "
(3)
الفيروزآبادي، القاموس المحيط، 1407 هـ، مادة العقل.
(4)
"الجوهري، 1402 هـ، مادة "" عقل "". "
وذلك الحبل الذي تعقل به الناقة يقال له العقال، والجمع عقل (2).
ومنه قوله صلى الله عليه وسلم عن القرآن الكريم: «لهو أشد تفصيا من الإبل في عقلها (3)» .
وإنما يعقل البعير لحبسه، ومنعه من الهرب، والشرود.
واعتقلت الشاة، إذا وضعت رجلها بين فخذيك أو ساقيك لتحلبها (4)؛ فأنت بفعلك هذا تمنعها من الحركة.
وعقل الوعل، إذا امتنع في الجبل العالي، يعقل عقولا. والمكان الممتنع فيه يسمى " المعقل "(5). وبه سمي الوعل عاقلا.
يقول النابغة الذبياني:
وقد خفت حتى ما تزيد مخافتي
…
على وعل في ذي المطارة عاقل (6)
(1)"أخرجه الترمذي في جامعه، ك القيامة، باب رقم 60، من حديث أنس رضي الله عنه، وقال: "" هذا حديث غريب من حديث أنس، لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وقد صححه الألباني في "" صحيح سنن الترمذي "" 1408 هـ، 2/ 309 ح 2044 "
(2)
"الجوهري، مصدر سابق، مادة "" عقل "". "
(3)
أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه. (البخاري، كتاب فضائل القرآن، باب استذكار القرآن وتعاهده. ومسلم، صلاة المسافرين، باب فضائل القرآن).
(4)
"الزمخشري، مصدر سابق، مادة "" عقل "". "
(5)
الحربي، مصدر سابق.
(6)
النابغة: ديوانه، 1405 هـ، ص 129.
وتسمى الدية عقلا ومعقلة؛ فيقال: القوم على معاقلهم الأولى؛ أي على ما كانوا يتعاقلون في الجاهلية، كذا يتعاقلون في الإسلام (1).
وقد جاء في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب بين المهاجرين من قريش، والأنصار، أنهم على رباعتهم (2)؛ يتعاقلون معاقلهم الأولى (3).
وعقلت عن فلان؛ أي غرمت عنه جنايته إذا لزمته دية، فأديتها عنه (4). وعاقلة الرجل: عصبته؛ وهم القرابة من قبل الأب الذين يعطون دية من قتله خطأ (5).
ويشهد لهذا المعنى، ما جاء في حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما:«أن امرأتين قتلت إحداهما الأخرى، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم دية المقتولة على عاقلة القاتلة (6)» .
وإنما أطلقوا على الدية، وأدائها عقلا؛ لأن الإبل كانت تعقل
(1)"الجوهري، مصدر سابق، مادة "" عقل "". "
(2)
أي أمرهم الذي كانوا عليه. (الفيروزآبادي، مصدر سابق، ص 928، 929).
(3)
أخرجه أحمد في المسند 1/ 271 من حديث ابن عباس، و2/ 204 من ابن عمرو رضي الله عنه.
(4)
"الزمخشري، مصدر سابق، مادة "" عقل "". "
(5)
الفيروزآبادي، القاموس المحيط، مصدر سابق، مادة العقل.
(6)
"أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الديات، باب دية الجنين. وصححه الألباني في "" صحيح سنن أبي داود ""، 1409هـ، 3/ 865، ح 3826. "
- تحبس - بفناء ولي المقتول (1).
والعقيلة هي كريمة الحي، وسميت بذلك لحبسها نفسها في بيتها (2).
يقول امرؤ القيس:
عقيلة أتراب لها لا دميمة
…
ولا ذات خلق إن تأملت جأنب (3)
أي ليست دميمة، ولا قصيرة.
وخلاصة القول: أن العقل في اللغة يطلق على المنع والحبس.
ووجه تسمية العقل بهذا الاسم: كونه يمنع صاحبه عن التورط في المهالك، ويحبسه عن ذميم القول والفعل (4).
والفهم والبيان يسمى عقلا أيضا؛ لأنه عن العقل كان، فيقول الرجل للرجل: أعقلت ما رأيت، أو سمعت؟ فيقول: نعم، يعني: أني قد فهمت، وتبينت. والعرب إنما سمت الفهم عقلا؛ لأن ما فهمته فقد قيدته بعقلك، وضبطته (5).
وهذا التعريف اللغوي للعقل يوضح مراد أمير المؤمنين عمر بن
(1) الجوهري، مصدر سابق، مادة عقل.
(2)
"الحربي، مصدر سابق، قوله "" اعقلها وتوكل "". "
(3)
امرؤ القيس: ديوانه، 1404 هـ، ص 30.
(4)
"ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، 1366 هـ، مادة "" ع ق ل "". "
(5)
المحاسبي، 1406هـ، ص 24