المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌القسم الرابع: الحربيون: - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٧٩

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌الفتاوى

- ‌الصلاة على الميت الصف عن يمين الإمام فيها

- ‌الصلاة على الحائض والنفساء في المسجد

- ‌المقتول في الزنا أو غيره من الحدود

- ‌هل يصلى على المتخلف عن الجماعة من غير عذر

- ‌رفع الصوت حال اتباع الجنازة

- ‌جواز إدخال الأجنبي المرأة في قبرها، وخلعه عقد أكفانها

- ‌هل يجوز الدعاء عند قبر الميت بعد دفنه

- ‌تشجير المقابر وإضاءتها وترخيمها لا يجوز

- ‌وجوب تعدد المقابر في نواحي مكة

- ‌إذا بلي الميت في قبره جاز أن يدفن فيه غيره

- ‌المقابر والطرق والأسواق لها أحوال

- ‌نقل من دفن في أرض مملوكة

- ‌صورة الجواب

- ‌من فتاوى سماحة الشيخعبد العزيز بن عبد الله بن باز

- ‌ زكاة الدين الذي لم يوف

- ‌ لي دين عند أحد الإخوة، هل يلزمني زكاته، أو أن هناك وقتا محددا لذلك

- ‌ الزكاة في الدين المؤجل

- ‌أقوال العلماء حول كون الدين مانعا من الزكاة

- ‌الديون لا تمنع الزكاة ولو كانت أكثر من المال الموجود

- ‌ إذا كان لدي مبلغ من المال وحال عليه الحول، وعلي التزام تسديد صندوق التنمية العقاري

- ‌المقرض يزكي القرض إذا كان عند مليء

- ‌ هل في القرض زكاة

- ‌بهيمة الأنعام إذا لم تكن سائمة أغلب الحول فلا زكاة فيها

- ‌ ضم بعض المواشي إلى بعض لتكمل نصابا

- ‌أحكام خلطة المواشي

- ‌تجب الزكاة فيما أعد للتجارة من بهيمة الأنعام ولو كانت معلوفة

- ‌ ضرب الوالي قيمة محددةلعين ما يجب إخراجه من بهيمة الأنعام

- ‌ هل على الخضار والفواكه زكاة

- ‌الزكاة تجب في الحبوب والثمار التي تكال وتدخر وينتفع بها حالا ومآلا

- ‌ الزكاة في التين والزيتون

- ‌ الزكاة في البصل

- ‌ما يشترط لوجوب الزكاة في محصول المزرعة

- ‌ما يسقى بالأمطار والأنهار فيه العشروما يسقى بالمكائن فيه نصف العشر

- ‌ما اشتري من الحبوب قوتا لا تجب فيه الزكاة

- ‌العمدة في معرفة الأنصبة صاع النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌نصاب النقدين

- ‌ أملك خمسة وثمانين جراما من الذهب، ما هو مقدار الزكاة

- ‌ مقدار الذهب الذي يجب إخراج زكاته؟ وهل كل حلي المرأة ليس عليه زكاة

- ‌ ما هو نصاب زكاة الفضة بالريال السعودي في وقتنا الحاضر

- ‌إذا بلغ النقدان النصاب ففيهما ربع العشر

- ‌من فتاوى سماحة الشيخعبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ

- ‌ قام المسلم من نومه وأدخل يديه في الماء قبل أن يغسلهما ثلاث مرات، فهل يصلح هذا الماء للوضوء

- ‌ لا ينبغي للمسلم أن يدخل الخلاء بشيء فيه ذكر الله

- ‌قد كتب عليه لفظ الجلالة وأنا ألبسه دائما في الليل والنهار، فهل حرام أن أدخل به دورة المياه

- ‌ هل يلزم المرأة مسح جميع رأسها عند الوضوء

- ‌ هل لمس عورة الطفل ينقض الوضوء

- ‌ مصافحة النساء

- ‌ الوضوء في الحمام

- ‌ التسمية عند الوضوء

- ‌ دائما في حالة شك وإذا توضأت أشك هل أنا بقيت على وضوئي أو لا

- ‌ هل يجوز للمرء أن يقرأ القرآن من المصحف بدون وضوء

- ‌ هل التيمم لصلاة النافلة يمكن أن يصلي به الإنسان الفريضة

- ‌ هل غسل الرأس يدخل في الغسل من الجنابة أو الغسل للجسم فقط

- ‌ قراءة القرآن الكريم إذا كانت المرأة في عذرها

- ‌ إذا طهرت المرأة في وقت الظهر، هل تصلي الفجر والظهر جميعا

- ‌ ينزل علي بعد الطهر شيء يسير وقد لا ينزل، فهل يصح غسلي

- ‌من فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

- ‌ الصلاة بدون طهارة

- ‌ صلى الفرد وهو غير متوضئ وتذكر في نفس الصلاة سواء كان إماما أو مأموما

- ‌ الموجب للاستنجاء خروج شيء من القبل أو الدبر

- ‌ لاحظت وجود مني في إزاري، فاغتسلت وصليت المغرب ولكني لا أعلم متى حصل الاحتلام:

- ‌ أثناء الصلاة أصبح يخرج مني نزيف دم من مكان خلع الضروس وهو دم كثير

- ‌ نزل مني نزيف وأنا في الصلاة في الصف الأول

- ‌ تجوز الصلاة بعد الطهارة فروضا ونوافل ولو لم ينوها عند الوضوء

- ‌ بال ولم يستنج ثم توضأ وصلى فهل صلاته صحيحة

- ‌ رأى المسلم في ثوبه أو بدنه نجاسة بعد ما فرغ من الصلاة

- ‌ صلى الإنسان في أرض طاهرة وشك في طهارة ما أمامه بقدر شبر

- ‌ هل يصلي الرجل في الثوب الذي جامع زوجته فيه

- ‌ من صلى وعليه ثوب نجس ولم يتذكر إلا وهو في الصلاة

- ‌ رجل صلى وفي آخر الصلاة جاء طفل وبال على مكان سجوده وهو في صلاة الجماعة قبل آخر سجدة

- ‌ يواظب على الصلاة المكتوبة في الحمام

- ‌ دخول المساجد بالأحذية والصلاة فيها

- ‌أقسام الناس في الإيمان بالقضاء والقدر

- ‌المقدمة:

- ‌المبحث الأول: معنى القضاء والقدر والفرق بينهما

- ‌المطلب الأول: تعريف القضاء

- ‌المطلب الثاني: تعريف القدر

- ‌المطلب الثالث: الفرق بين القضاء والقدر

- ‌المبحث الثاني: الأدلة من الكتاب والسنة على وجوب الإيمان بالقضاء والقدر

- ‌المطلب الأول: الأدلة من الكتاب:

- ‌المطلب الثاني: الأدلة من السنة

- ‌المطلب الثالث: أقوال بعض الصحابة والتابعين

- ‌المبحث الثالث: أقسام الناس في الإيمان بالقضاء والقدر

- ‌المطلب الأول: الجبرية

- ‌ عقيدتهم في القدر:

- ‌المطلب الثاني: القدرية

- ‌ التعريف بهم:

- ‌ عقيدتهم في القدر:

- ‌ شبهاتهم والردود عليها:

- ‌الشبهة الأولى:

- ‌الشبهة الثانية:

- ‌الشبهة الثالثة:

- ‌الشبهة الرابعة:

- ‌المطلب الثالث: قول أهل السنة والجماعة

- ‌الخاتمة:

- ‌الولاء والبراءوأحكام التعامل مع الكفار والمبتدعة والفساق

- ‌المبحث الأول: تعريف الولاء والبراء وبيان حكمهما

- ‌المبحث الثاني: مظاهر الولاء المشروع والولاء المحرم

- ‌المطلب الأول: مظاهر الولاء المشروع

- ‌المطلب الثاني: مظاهر الولاء المحرم

- ‌القسم الأول: الموالاة الكفرية

- ‌القسم الثاني: المولاة المحرمة غير الكفرية:

- ‌المبحث الثالث: ما يجوز أو يجب التعامل به مع الكفار مما لا يدخل في الولاء المحرم

- ‌القسم الثاني: الذميون:

- ‌القسم الثالث: المستأمنون

- ‌القسم الرابع: الحربيون:

- ‌حكم مصليات الأعيادوهل تأخذ حكم المساجد

- ‌المبحث الأول: تعريف المساجد وبيان بعض أحكامها

- ‌المبحث الثاني: مصليات الأعياد وأحكام المساجد

- ‌المبحث الثالث: استبدال الوقف إذا تعطلت منافعه

- ‌المبحث الرابع: استبدال أو بيع مصليات الأعياد عند الاستغناء عن الصلاة فيها

- ‌أهم النتائج:

- ‌المماطلةمظاهرها وأضرارها وأنواعها وأسبابها في الفقه الإسلامي

- ‌المقدمة:

- ‌المطلب الأول: تعريف المماطلة في اللغة والاصطلاح:

- ‌المطلب الثاني: تعريف الحقوق في اللغة والاصطلاح:

- ‌المطلب الثالث: أسباب شيوع ظاهرة الاستدانة:

- ‌المبحث الأول، وجوب إبراء الذمم من الحقوق

- ‌المطلب الأول: أهمية إبراء الذمم من الحقوق

- ‌المطلب الثاني: أنوع الحقوق:

- ‌القسم الثاني: حق خالص للعباد:

- ‌القسم الثالث: ما اجتمع فيه الحقان، وكان حق الله هو الغالب

- ‌القسم الرابع: ما اجتمع فيه الحقان، وحق العباد فيه غالب:

- ‌ثانيا: تقسيم الحق باعتبار متعلق الحق

- ‌أولا: الحق المالي:

- ‌ثانيا: الحق غير المالي:

- ‌المطلب الثالث: أهمية توثيق الحقوق ووسائلها:

- ‌المطلب الأول: مظاهر المماطلة والتسويف:

- ‌المطلب الثاني: أنواع الضرر المترتب على المماطلة:

- ‌المبحث الثالث: أنواع المطل

- ‌المطلب الأول: مطل المدين المعسر:

- ‌المطلب الثاني: مطل المدين الغني المعذور:

- ‌المطلب الثالث: مطل المدين الموسر بلا عذر:

- ‌المبحث الرابع، أسباب المطل

- ‌المطلب الأول: أسباب تعود إلى من عليه الحق:

- ‌المطلب الثاني: أسباب تعود إلى صاحب الحق:

- ‌المطلب الثالث: أسباب تعود إلى العلاقة بينهما:

- ‌المطلب الرابع: أسباب تعود إلى غير ما سبق:

- ‌الخاتمة

- ‌العقلتعريفه، منزلته، مجالاته، ومداركه

- ‌المسألة الأولى: تعريف العقل لغة واصطلاحا:

- ‌أولا: العقل في اللغة:

- ‌ثانيا: تعريف العقل اصطلاحا:

- ‌المسألة الثانية: منزلة العقل في الإسلام:

الفصل: ‌القسم الرابع: الحربيون:

النبي صلى الله عليه وسلم يهود خيبر على البقاء فيها للعمل للحاجة الماسة لعملهم فيها، ثم أجلاهم عمر رضي الله عنه لما زالت الحاجة إليهم (1)، وعليه فلا يجوز استقدامهم إلى جزيرة العرب كعمال أو خدم أو سائقين أو غيرهم مع وجود من يقوم بعملهم من المسلمين.

(1) رواه البخاري (2338)، ومسلم (1551).

ص: 216

‌القسم الرابع: الحربيون:

وهم من عدا الأصناف الثلاثة السابقة من الكفار.

ص: 216

فهؤلاء يشرع للمسلمين جهادهم وقتالهم بحسب الاستطاعة، قال الله تعالى:{فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا} (1).

أما الأمور التي تجب للكفار غير الحربيين على المسلمين فمن أهمها:

1 -

حماية أهل الذمة والمستأمنين ما داموا في بلاد الإسلام، وحماية المستأمن إذا خرج من بلاد المسلمين حتى يصل إلى بلد يأمن فيه، قال الله تعالى:{وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ} (2).

2 -

العدل عند الحكم فيهم وعند الحكم بينهم وبين المسلمين وبين بعضهم بعضا عند وجودهم تحت حكم المسلمين، قال الله تعالى:{وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (3) ومعنى الآية: لا يحملنكم بغض قوم على أن لا تعدلوا عند الحكم فيهم أو بينهم وبين غيرهم، بل اعدلوا، فإن العدل أقرب إلى تقوى الله تعالى، والعدل إنما يكون بالحكم بما جاء في كتاب الله تعالى وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.

(1) سورة النساء الآية 91

(2)

سورة التوبة الآية 6

(3)

سورة المائدة الآية 8

ص: 217

3 -

دعوتهم إلى الإسلام، فإن دعوة الكفار فرض كفاية على المسلمين، وذلك لإخراجهم من الظلمات إلى النور، ولإخراجهم من عبادة المخلوق إلى عبادة الخالق جل وعلا، وإن زار أو عاد المسلم كافرا من أجل دعوته فحسن، فقد «عاد النبي صلى الله عليه وسلم غلاما يهوديا في مرضه، ودعاه إلى الدخول في الإسلام، فأسلم (1)» . رواه البخاري.

4 -

يحرم إكراه اليهود والنصارى والمجوس على تغيير أديانهم، قال الله تعالى:{لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} (2).

5 -

يحرم على المسلم أن يعتدي على أحد من الكفار غير الحربيين في بدنه بضرب أو قتل أو غيرهما، فقد روى البخاري عن عبد الله بن عمرو مرفوعا:«من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاما (3)» ، وروى الإمام أحمد والنسائي عن رجل من

(1) صحيح البخاري الجنائز (1356)، سنن أبي داود الجنائز (3095)، مسند أحمد (3/ 280).

(2)

سورة البقرة الآية 256

(3)

صحيح البخاري: الجزية والموادعة (3166)، وروى مسلم في صحيحه (2613) عن هشام بن حكيم بن حزام أنه مر على أناس من الأنباط في الشام قد أقيموا في الشمس، فقال: ما شأنهم. قالوا: حبسوا في الجزية، فقال: أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:. (إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا)).

ص: 218

أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قتل رجلا من أهل الذمة لم يجد ريح الجنة (1)» .

6 -

يحرم على المسلم أن يغش أحدا من الكفار غير الحربيين في البيع أو الشراء، أو أن يأخذ شيئا من أموالهم بغير حق، ويجب عليه أن يؤدي إليهم أماناتهم، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«ألا من ظلم معاهدا أو انتقصه، أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة (2)» .

7 -

يحرم على المسلم أن يسيء إلى أحد من الكفار غير الحربيين بالقول، ويحرم الكذب عليهم، لعموم قوله تعالى:{وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} (3)، بل ينبغي له أن يلين القول لهم، وأن يخاطبهم بكل ما هو من مكارم الأخلاق مما ليس فيه إظهار للمودة وليس فيه تذلل لهم ولا إيثار من المسلم لهم على نفسه.

(1) رواه أحمد 4/ 237، و 5/ 369، والنسائي (4763) وإسناده صحيح.

(2)

رواه أبو داود (3052)، والبيهقي 9/ 250 بأسانيد كثيرة، يقوي بعضها بعضا، فهو حديث صحيح. وقد قوى إسناده العراقي والسخاوي، وله شواهد كثيرة. ينظر: المقاصد الحسنة، رقم (1044)، السلسلة الصحيحة، رقم (445).

(3)

سورة البقرة الآية 83

ص: 219

8 -

يجب إحسان الجوار لمن كان له جار من الكفار غير الحربيين بكف الأذى عنه، ويستحب أن يحسن إليه بالصدقة عليه إن كان فقيرا، وأن يهدي إليه، وأن ينصح له فيما ينفعه لعموم قوله صلى الله عليه وسلم:«ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه (1)» . متفق عليه.

9 -

يجب على المسلم أن يرد السلام على الكافر، فإذا سلم على المسلم بقول:(السلام عليكم) وجب على المسلم أن يرد عليه بقوله: (وعليكم) فقط، لقوله صلى الله عليه وسلم:«إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم (2)» . متفق عليه. لكن لا يجوز أن يبدأ الكافر

(1) صحيح البخاري الأدب (6015)، صحيح مسلم البر والصلة والآداب (2625)، مسند أحمد (2/ 85).

(2)

صحيح البخاري الاستئذان (6258)، صحيح مسلم السلام (2163)، سنن الترمذي تفسير القرآن (3301)، سنن أبي داود الأدب (5207)، سنن ابن ماجه الأدب (3697).

ص: 220

بالسلام عليه، لقوله صلى الله عليه وسلم:«لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام (1)» . رواه مسلم (2).

ويجوز للمسلم أن يتلطف بالكافر، فيناديه بكنيته، ويسأله عن حاله وحال أولاده، ويهنئه بمولود ونحوه، ويبدأه بالتحية كـ (أهلا) ونحوها إذا اقتضت المصلحة الشرعية ذلك، كترغيبه في الإسلام، وإيناسه بذلك ليقبل الدعوة إلى الإسلام ويستمع لها، أو كان في ذلك مصلحة للمسلم بدفع ضرر عنه أو جلب مصلحة مباحة له، ونحو ذلك.

كما يجوز للمسلم أن يعزي الكافر في ميته إذا رأى مصلحة شرعية في ذلك، لكن لا يدعو لميتهم بالمغفرة؛ لأنه لا يجوز الدعاء لموتى الكفار بالرحمة والمغفرة.

وعلى وجه العموم فإنه يجوز للمسلم أن يتلطف بالكافر بالقول

(1) صحيح مسلم السلام (2167)، سنن الترمذي الاستئذان والآداب (2700)، سنن أبي داود الأدب (5205)، مسند أحمد (2/ 266).

(2)

صحيح مسلم (2167).

ص: 221

وبالفعل الذي ليس فيه إهانة للمسلم عند وجود مصلحة شرعية في ذلك).

ويدل على جواز ذلك قوله تعالى: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ} (1)، والتقية إظهار الموالاة مع إبطان البغض والعداوة لهم، وعلمه فيحرم أن يتكلم

(1) سورة آل عمران الآية 28

ص: 222

معهم بكلام يقصد به الموادة لهم - أي كسب محبتهم - من غير تحقيق مصلحة شرعية.

وهناك أمور يباح أو يستحب للمسلم أن يتعامل بها مع الكفار، منها:

1 -

يجوز استعمالهم واستئجارهم في الأعمال التي ليس فيها ولاية على مسلم وليس فيها نوع استعلاء من الكافر على المسلم، فيجوز أن يعمل عند المسلم في صناعة أو بناء أو في خدمة، فقد «استأجر النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أريقط في الهجرة (1)» ، «واستعمل يهود خيبر في أرضها ليزرعوها ولهم نصف ما يخرج منها (2)» ، أما الأعمال التي فيها ولاية على المسلمين أو فيها اطلاع على أخبارهم فلا يجوز توليتهم إياها، كما سبق بيانه عند الكلام على تحريم اتخاذهم بطانة.

(1) رواه البخاري (2263).

(2)

رواه البخاري (2285)، ومسلم (1551).

ص: 223

2 -

يستحب للمسلم الإحسان إلى المحتاج من الكفار، كالصدقة على الفقير المعوز منهم، وكإسعاف مريضهم، لعموم قوله تعالى:{وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (1)، ولعموم حديث «في كل كبد رطبة أجر (2)» رواه البخاري ومسلم (3).

3 -

تستحب صلة القريب الكافر، كالوالدين والأخ بالهدية والزيارة ونحوهما، لكن لا يتخذه المسلم جليسا، وبالأخص إذا خشيت فتنته وتأثيره على دين المسلم، قال الله تعالى:{وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ} (4)، وقال تعالى في حق الوالدين:{وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ} (5).

(1) سورة البقرة الآية 195

(2)

صحيح البخاري المساقاة (2363)، صحيح مسلم السلام (2244)، سنن أبي داود الجهاد (2550)، مسند أحمد (2/ 521)، موطأ مالك الجامع (1729).

(3)

صحيح البخاري (2363)، وصحيح مسلم (2244).

(4)

سورة الإسراء الآية 26

(5)

سورة لقمان الآية 15

ص: 224

4 -

يجوز برهم بالهدية ونحوها لترغيبهم في الإسلام، أو في حال دعوتهم، أو لكف شرهم عن المسلمين، أو مكافأة لهم على مسالمتهم للمسلمين وعدم اعتدائهم عليهم، ليستمروا على ذلك، أو لما يشبه هذه الأمور من المصالح الشرعية، قال الله تعالى:{لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (1)، والبر هو: الإحسان إليهم بالمال أو غيره، والقسط هو: العدل؛ أما إذا كانت الهدية من باب الصداقة أو المحبة ونحوهما فهي محرمة.

5 -

يستحب إكرامه عند نزوله ضيفا على المسلم، كما يجوز أن ينزل المسلم ضيفا على الكافر، لكن لا يجوز إجابة المسلم لدعوته، لما في

(1) سورة الممتحنة الآية 8

ص: 225

ذلك من الموادة له.

6 -

يجوز الأكل العارض معهم، من غير أن يتخذ المسلم الكافر صاحبا وجليسا وأكيلا، فيجوز أن يأكل مع الكافر في وليمة عامة، أو وليمة عارضة، وأن يأكل مع خادمه الكافر (1)، أو في حال كون الكافر ضيفا عند المسلم أو إذا نزل المسلم ضيفا عند الكافر، من غير قصد التحبب إليه بذلك، ومن غير قصد للاستئناس به، أما إن جالسه بقصد التحبب إليه من غير تحقيق مصلحة شرعية، أو جالسه للاستئناس به فذلك محرم، وكبيرة من كبائر الذنوب (2).

7 -

يجوز التعامل معهم في الأمور الدنيوية التي هي مباحة في دين الإسلام، فقد عامل النبي صلى الله عليه وسلم اليهود وبايعهم واشترى منهم، كما يجوز للمسلم أن يأخذ عنهم وأن يتعلم منهم ما فيه منفعة

(1) ينظر: مجموع فتاوى شيخنا عبد العزيز بن باز 3/ 1039، 1040، 1045، 1054.

(2)

ينظر: الزواجر عن اقتراف الكبائر (الكبيرة 441).

ص: 226

للمسلمين من أمور الدنيا مما أصله مباح في دين الإسلام، وقد يكون ذلك مستحبا أو واجبا، وقد ثبت «أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل فداء بعض أسرى بدر ممن لم يكن عنده فداء من المال تعليم أولاد الأنصار الكتابة (1)» .

8 -

يجوز للمسلم أن يتزوج بالكافرة الكتابية فقط إذا كانت عفيفة عند الأمن من ضررها على الدين والنفس والأولاد (2)، قال الله تبارك وتعالى:{الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} (3)، والمحصنة هي العفيفة عن الزنى، وإن كان الأولى للمسلم أن لا يتزوج بكافرة؛ لأن ذلك أسلم له ولذريته، ولذلك

(1) رواه الإمام أحمد (رقم 2216 تحقيق شاكر) بإسناد حسن.

(2)

ينظر المراجع الآتية بعد تعليقين.

(3)

سورة المائدة الآية 5

ص: 227

عاتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعض من تزوج بكافرة، وأمره أمر ندب بطلاقها.

أما بقية الكافرات غير الكتابيات فلا يجوز للمسلم أن يتزوج بواحدة منهن بإجماع أهل العلم، لقوله تعالى:{وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} (1)، فإن تزوج بها فالنكاح باطل.

أما المسلمة فلا يجوز لأي كافر كتابي أو غيره أن يتزوج بها بإجماع المسلمين (2).

9 -

يجوز للمسلمين أن يستعينوا بالكفار في صد عدوان على المسلمين، وذلك بشرطين أساسيين:

الأول: الاضطرار إلى إعانتهم.

(1) سورة البقرة الآية 221

(2)

حكى هذا الإجماع ابن جرير في تفسير الآية السابقة 4/ 367.

ص: 228

الثاني: الأمن من مكرهم وضررهم، بحيث يكونون جنودا مرؤوسين عند المسلمين، وتحت إشرافهم ومتابعتهم بحيث لا يمكن أن يحصل منهم أي ضرر على المسلمين.

10 -

يجوز للمسلم أن يذهب إلى الطبيب الكافر للعلاج إذا وثق به.

11 -

يجوز دفع الزكاة إلى المؤلفة قلوبهم من الكفار، قال الله تعالى:{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ} (1).

12 -

يجوز للمسلم أن يشارك الكافر في التجارة، لكن بشرط أن يلي المسلم أمرها أو يشرف عليها، لئلا يقع في تعامل محرم عند إشراف

(1) سورة التوبة الآية 60

ص: 229

غير المسلم على هذه التجارة وتصريفه لها (1).

13 -

يجوز قبول الهدية من الكافر، إذا لم يكن فيها إذلال للمسلم ولا موالاة منه للكافر، فقد قبل النبي صلى الله عليه وسلم الهدية من أكثر من مشرك، لكن إن كانت هذه الهدية بمناسبة عيد من أعياد الكفار فينبغي عدم قبولها.

14 -

يجوز للمسلم أن يعمل عند الكافر، ويجوز أن يعمل في عمل يديره بعض الكفار، لكن لا يجوز أن يعمل في خدمة الكافر الشخصية، لما في ذلك من إذلال نفسه له.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

(1) ينظر: أحكام أهل الذمة 1/ 205.

ص: 230