الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني: القدرية
أ -
التعريف بهم:
القدرية: القدرية اسم يطلق على من نفى القدر، يقول البغدادي:(وقد زعموا أن الناس هم الذين يقدرون أكسابهم وأنه ليس لله عز وجل في أكسابهم وفي أعمال سائر الحيوانات صنع ولا تقدير، ولأجل هذا القول سماهم المسلمون قدرية)(1).
وكان أول ظهورهم بالبصرة في العراق على يد رجل ينسب إلى الزهد، يقال له معبد الجهني، حيث قال بنفي القدر، وأن العبد حر في تصرفاته.
وكان ذلك في أواخر زمن الصحابة رضي الله عنهم فأنكروا ذلك عليه كما أنكره عليه عامة التابعين، جاء في صحيح الإمام مسلم رضي الله عنه عن يحيى بن يعمر قال: «كان أول من قال في القدر بالبصرة معبد الجهني، فانطلقت أنا وحميد بن عبد الرحمن (2) الحميري
(1) الفرق بين الفرق ص (94).
(2)
أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان (1/ 36 - 37).
حاجين أو معتمرين، فقلنا: لو لقينا أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألناه عما يقول هؤلاء في القدر، فوفق لنا عبد الله بن عمر بن الخطاب داخلا المسجد، فاكتنفته أنا وصاحبي أحدنا عن يمينه والآخر عن شماله، فظننت أن صاحبي سيكل الكلام إلي، فقلت: يا أبا عبد الرحمن، إنه قد ظهر قبلنا ناس يقرؤون القرآن ويتقفرون العلم وذكر من شأنهم، وأنهم يزعمون أن لا قدر، وأن الأمر أنف، قال: فإذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم، وأنهم براء مني، والذي يحلف به عبد الله بن عمر لو أن لأحدكم مثل أحد ذهبا فأنفقه ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر، ثم قال: حدثني أبي عمر بن الخطاب قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما
…
فذكر حديث جبريل».
وقد أخذ معبد هذه المقالة عن رجل نصراني أسلم ثم تنصر، قال الأوزاعي: أول من نطق في القدر رجل من أهل العراق، يقال له: سوسن، كان نصرانيا فأسلم ثم تنصر فأخذ عنه معبد الجهني وأخذ غيلان عن معبد (1).
وبعد أن أخذ غيلان بن مسلم هذه المقالة عن معبد رفع أمره إلى عمر بن عبد العزيز: فأتي به، وناظرهم، فأظهر توبته وأنه رجع عما كان عليه فأطلقه عمر: فلما توفي عمر بن عبد العزيز وتولى هشام بن عبد الملك،
(1) أخرجه الآجري في الشريعة ص (242)، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (4/ 750).