الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اختلف العلماء فيه على ثلاثة أقوال.
- قول بعدم الوجوب وهو إطلاق أكثر فقهاء الشافعية.
- وقول بالوجوب مطلقا.
- وقول بالتفصيل بين أن يكون أصل الدين وجب بسبب يعصى به فيجب، وإلا فلا. وقال جمال الدين الإسنوي، وهو واضح؛ لأن التوبة فيما فعله واجبة وهي متوقفة في حقوق الآدميين على الرد، وقال العراقي: " ولو قيل: بوجوب التكسب مطلقا لم يبعد، كالتكسب لنفقة الزوجة والقريب، وكما أن القدرة على الكسب كالمال في منع أخذ الزكاة (1).
وعلى هذا التفصيل فإذا وجب عليه نفقة زوجته أو ولده وليس عنده القدر الكافي لنفقتهم لكنه قادر على العمل والوظيفة فيجب، وإلا فلا. لأن نفقة الزوجة والأبناء الصغار واجبة. والله أعلم.
(1) انظر: طرح التثريب (6/ 261)، فتح الباري (4/ 465).
المطلب الثاني: تعريف الحقوق في اللغة والاصطلاح:
الحق في اللغة خلاف الباطل، وهو مصدر حق الشيء، يحق إذا ثبت ووجب (1) ويطلق على العدل، والإسلام، والمال، والملك، والموجود الثابت والصدق (2)، ويقال: حق الله الأمر: إذا أثبته وأوجبه (3)
(1) انظر: لسان العرب (10/ 49 وما بعدها).
(2)
انظر: القاموس المحيط (ص 1129) ولسان العرب (10/ 50) والصحاح (4/ 1460)
(3)
انظر: أساس البلاغة ص 187 والمصباح المنير (1/ 174).
وعرفه الجرجاني بقوله: " هو الثابت الذي لا يسوغ إنكاره (1) والحق اسم من أسماء الله تبارك وتعالى.
أما في الاصطلاح، فقد عرفه عبد العزيز البخاري صاحب كشف الأسرار بأنه:" الموجود من كل وجه الذي لا ريب في وجوده "(2).
وعرفه الأستاذ السنهوري بأنه: مصلحة ذات قيمة مالية يحميها القانون (3) أما الأستاذ الشيخ مصطفى الزرقا فقد قال: لم أر للحق بمفهومه العام تعريفا صحيحا جامعا لأنواعه كلها لدى فقهاء الشريعة أو القانون، ثم عرفه بأنه: اختصاص يقرر به الشرع سلطة أو تكليفا (4). وذلك كحق الولي في التصرف على من تحت ولايته، فإنه سلطة لشخص على شيء.
والمراد بالاختصاص: علاقة تشمل الحق الذي موضوعه مالي، كاستحقاق الدين في الذمة بأي سبب كان، والذي موضوعه ممارسة سلطة شخصية كممارسة الولي ولايته، والوكيل وكالته.
وهذه العلاقة لكي تكون حقا يجب أن تختص بشخص معين أو بفئة، إذ لا معنى للحق إلا عندما يتصور فيه ميزة ممنوحة لصاحبه، وممنوعة عن غيره. أما ما كان من قبيل الإباحات العامة، كالاصطياد، والاحتطاب فلا تعتبر حقا بالمعنى المراد هنا، إذ لا يوجد شخص مطالب
(1) التعريفات للجرجاني ص 48.
(2)
كشف الأسرار (3/ 134).
(3)
مصادر الحق في الفقه الإسلامي (1/ 9).
(4)
المدخل إلى نظرية الالتزام في الفقه الإسلامي ص 11.
بأداء هذا الحق لصاحبه.
ثم إن هذا الاختصاص لا يكون معتبرا ما لم يعتبره الشرع، ولذا اشترط إقرار الشرع له، إذ لا حق إلا ما اعتبره الشرع حقا.
والمراد بالسلطة: ما يشمل سلطة شخص على شخص كحق الولاية على النفس فهي للولي على القاصر، إذ له حق تأديبه وتطبيبه، والسلطة على شيء معين كحق الملكية، فهي سلطة على ذات الشيء.
والمراد بالتكليف: تكليف الغير بأداء ما في عهدته لصاحب الحق، كقيام الأجير بعمله، وقيام المدين بأداء دينه (1).
وما ذكره فضيلة الشيخ الزرقا في تعريفه وجيه وجامع، غير أن الفقهاء المتقدمين رحمهم الله لم يلتزموا في تعاريفهم ما التزمه المناطقة والأصوليون ومتأخرو الفقهاء بأن التعريف لا بد وأن يكون جامعا مانعا؛ لأن أكثر تعاريفهم إنما هو تعريف شمولي في الجملة وهو ما يعرف عند المناطقة بالتعريف بالرسم ولهذا نجد أن الفقهاء رحمهم الله يستعملون الحق بمعان عديدة، ومواضع مختلفة، وكلها ترجع إلى المعاني اللغوية للحق.
(1) انظر: المدخل إلى نظرية الالتزام في الفقه الإسلامي (ص 11 وما بعدها).