الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى} (1){وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} (2)، وقال عز من قائل:{وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} (3).
(1) سورة طه الآية 123
(2)
سورة طه الآية 124
(3)
سورة السجدة الآية 21
ثانيا: اعتماد النصوص الصحيحة في الاستدلال
لما كان من الأصول المعتمدة عند أهل السنة والجماعة الاعتصام بالكتاب والسنة، والوقوف عند حدودهما، والرد إليهما عند التنازع – كما تقدم -، وحيث إن السنة تتفاوت باعتبار وصولها إلينا؛ فمنها المتواتر ومنها الآحاد والآحاد منها المقبول ومنها المردود، فإن الواجب الاعتماد على الأحاديث المقبولة وهي الصحيحة والحسنة – وأما الضعيفة والموضوعة فلا يجوز الاستدلال بها أو الاعتماد عليها في الأحكام الشرعية.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «فالواجب أن يفرق بين الحديث
الصحيح والحديث الكذب، فإن السنة هي الحق دون الباطل، وهي الأحاديث الصحيحة دون الموضوعة. فهذا أصل عظيم لأهل الإسلام عموما ولمن يدعي السنة خصوصا» (1)
ويقول أيضا: «ولا يجوز أن يعتمد في الشريعة على الأحاديث الضعيفة التي ليست صحيحة ولا حسنة» (2)
ولقد اعتمد الشيخ ابن باز هذا الأصل العظيم، فعني بتمحيص مرويات الحديث، ودعا إلى اعتماد الأحاديث الصحيحة في الاستدلال، والرد إليها عند التنازع (3) وبين أنه لا يجوز مخالفتها، أو معارضتها برأي أو هوى، أو قياس، يقول الشيخ – رحمه الله تعالى -: «وإذا صحت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تجز معارضتها بقول أحد من الناس ولا فعله كائنا من كان، ووجب على المؤمن اتباعها والتمسك بما دلت عليه، ورفض ما خالفه، كما قال تعالى:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (4)(5)
ويقول أيضا: «وأما من علم الأحاديث الصحيحة. . فلا عذر له في
(1) مجموع الفتاوى (3/ 380).
(2)
المرجع السابق (1/ 250).
(3)
مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (6/ 106)، (9/ 177).
(4)
سورة الحشر الآية 7
(5)
مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (4/ 217 – 218).
مخالفتها، ومتى خالف العبد الأحاديث الصحيحة الصريحة اتباعا للهوى، أو تقليدا لأحد من الناس استوجب غضب الرب ومقته، وخيف عليه من زيغ القلب وفتنته، كما حذر الله سبحانه من ذلك في قوله:{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (1)، وفي قوله تعالى:{فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} (2)، وقوله تعالى:{فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ} (3)(4)
وإذا كان طوائف من أهل الكلام ومن سلك سبيلهم، يرون أن أخبار الآحاد لا تقبل في العقائد، لأنها لا تفيد القطع واليقين، وأن العقائد لا بد فيها من اليقين، فردوا بهذه الشبهة كثيرا من الأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم
فإن هذا الذي ذهب إليه أهل الكلام خلاف ما كان عليه سلف الأمة من الصحابة والتابعين ومن سلك سبيلهم من الأئمة، الذين يأخذون بكل ما
(1) سورة النور الآية 63
(2)
سورة الصف الآية 5
(3)
سورة التوبة الآية 77
(4)
مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (4/ 218).
صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، دون تفريق بين الآحاد وغيره، ودون تفريق بين العمل والاعتقاد.
وقال ابن عبد البر: «وكلهم – يعني أهل الفقه والأثر – يدين بخبر الواحد العدل في الاعتقادات، ويعادي ويوالي عليها ويجعلها شرعا ودينا يعتقده، وعلى ذلك جماعة أهل السنة»
وما سار عليه سلف الأمة من الأخذ بحديث الآحاد والاحتجاج به، هو ما يختاره الشيخ ابن باز – رحمه الله – ويعتمده ويدعو إليه، وفي هذا يقول: «متى صح السند إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجب الأخذ به مطلقا، ولا يشترط في ذلك أن يكون متواترا أو مشهورا أو مستفيضا أو بعدد كذا من الطرق، بل يجب أن يؤخذ بالسنة ولو كانت من طريق واحدة
(1) الكفاية في علم الرواية ص72 دار الكتب الحديثة، القاهرة ط2.