الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السؤال، ويفصلون الجواب.
وهذا لأن لفظ الإيمان فيه إطلاق وتقييد، فكانوا يجيبون بالإيمان المقيد، الذي لا يستلزم أنه شاهد لنفسه بالكمال، ولهذا كان الصحيح أنه يجوز أن يقول: أنا مؤمن، بلا استثناء، إذا أراد ذلك، لكن ينبغي أن يقرن كلامه بما يبين أنه لم يرد الإيمان المطلق الكامل، ولهذا كان أحمد يكره أن يجيب على المطلق بلا استثناء (1)
(1) الفتاوى 7/ 448، وهو في: هداية الطريق 195، والدرر السنية 1/ 553 - 554.
المذهب الثاني: أنه يجب الاستثناء في الإيمان
.
وقال به كثير من المتأخرين من الكلابية وغيرهم، وهو قول طائفة من أهل الحديث (1)
ومع اشتراكهم في القول بوجوب الاستثناء في الإيمان، إلا أنهم مختلفون في مأخذ الوجوب:
فمأخذ المتكلمين هو أن الإيمان هو ما مات عليه الإنسان، والإنسان إنما يكون عند الله مؤمنا وكافرا باعتبار الموافاة، وما سبق في علم الله أنه يكون عليه.
فهذا هو مأخذ هؤلاء ممن يريد أن ينصر ما اشتهر عند أهل السنة والحديث من قولهم: أنا مؤمن إن شاء الله، ويريد مع ذلك أن الإيمان لا يتفاضل، ولا يشك الإنسان في الموجود منه، وإنما يشك في المستقبل (2)
وهذا مخالف لمأخذ الموجبين للاستثناء من أهل السنة الذين بنوه
(1) انظر: هداية الطريق 194، 196، والدرر السنية 1/ 552، 555، والفتاوى 7/ 429 - 430.
(2)
انظر: هداية الطريق 194، والدرر السنية 1/ 552، والفتاوى 7/ 430.
على أن الإيمان المطلق يتضمن فعل الأوامر، وترك المحرمات، فقول الرجل لنفسه أنا مؤمن فيه تزكية لنفسه بإتيانه بهذا الإيمان المطلق (1)
وقال الشيخ حمد بن عتيق رحمه الله في أثناء نقله كلام شيخ الإسلام ابن تيمية لقول القائلين بوجوب الاستثناء من المتكلمين: " فالمرجئة والجهمية يحرمون الاستثناء في الحال والمآل، وهؤلاء (2) يبيحونه في المآل، ويمنعونه في الحال (3)
والمرجئة الذين يبيحون الاستثناء في المآل، ويحرمونه في الحال هم الكرامية، وكثير من الأشاعرة، منهم الباقلاني، والجويني.
وذهب الأشعري، وابن فورك، ونسب إلى الأكثرين من الأشاعرة إلى أنه يستثنى في الحال والمآل (4)
هذا ما عليه المرجئة في حكم الاستثناء في الإيمان، وأما عامة أهل السنة فإنهم يرون جواز الاستثناء وتركه؛ بناء على مأخذ المستثني، فمن أراد خوف سوء الخاتمة، أو علق الأمر بمشيئة الله تعالى، أو خشي من تزكية النفس بإتيانه بالإيمان المطلق، فإنه يستثني في الإيمان، وأما من جزم بإتيانه بتصديق القلب، أو بالإيمان المقيد الذي لا يستلزم كمال الإيمان، فإنه لا يستثني والله أعلم.
(1) راجع المبحث السابق.
(2)
يعني القائلين بالوجوب في الاستثناء من المتكلمين.
(3)
هداية الطريق 194، والدرر السنية 1/ 552.
(4)
راجع: الفتاوى 7/ 437 - 441، وشرح المقاصد 5/ 216، وشرح الإرشاد 280.