الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفتاوى
من فتاوى سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ
مفتى الديار السعودية رحمه الله
(1023 - التختم بالذهب، ونصيحة فيه):
من محمد بن إبراهيم إلى حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم سعود بن عبد العزيز، أيده الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: -
حفظكم الله؛ حيث قد عمت البلوى بالتختم بالذهب، وذلك أمر محرم شرعا، ولا يسع السكوت عليه، فقد كتبنا في ذلك نصيحة نرفقها لكم بكتابنا هذا، مؤملين بعد الاطلاع الأمر بنشرها وتعميمها للناس عسى أن ينفع الله بها. والسلام عليكم ورحمة الله.
(ص - م - دوسيه 14 - 11 في 23 - 6 - 1375هـ)
(النصيحة)
من محمد بن إبراهيم إلى من يراه من إخواننا المسلمين، رزقني الله وإياهم القيام بما أوجبه علينا من الدين، ومن علينا جميعا بتحليل حلاله وتحريم حرامه طاعة لله ولرسوله سيد المرسلين.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فقد بلغني بل تحققت أنه يوجد من لعب عليه الشيطان فزين له التختم بالذهب، وعدم المبالاة بالوعيد الشديد والتغليظ الأكيد فيه.
فتعين علي أن أبين لهم النصوص الشرعية الثابتة في ذلك عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم، الدالة على غلظ تحريم التختم بالذهب، براءة للذمة، ونصيحة للأمة، فعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال:«نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبس القسي والمعصفر، وعن تختم الذهب، وعن قراءة القرآن في الركوع (1)» رواه مسلم. وعن عبد الله بن عباس «أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى خاتما من ذهب في يد رجل فنزعه، فقال: يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده، فقيل للرجل بعدما ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذ خاتمك فانتفع به. قال: لا والله، لا آخذه أبدا وقد طرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم (2)» رواه مسلم: وعن أبي موسى الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أحل الذهب والحرير لإناث أمتي وحرم على ذكورها (3)» رواه الترمذي والنسائي، وقال الترمذي: إنه حديث حسن صحيح. «وعن أبي سعيد أن رجلا قدم من نجران إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه خاتم من ذهب، فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: أنت جئتني وفي يدك جمرة من النار (4)» رواه النسائي. وعن أبي أمامة أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يلبس حريرا ولا ذهبا (5)» رواه أحمد ورواته ثقات. وعن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من مات من أمتي وهو يشرب الخمر حرم الله عليه شربها في الجنة، ومن مات من أمتي وهو يتحلى بالذهب حرم الله عليه لباسه في الجنة (6)» رواه أحمد ورواته ثقات ورواه الطبراني.
فهذا أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعضها نهيه الصريح عن التختم بالذهب المفيد لتحريمه على الذكور، وفي بعضها الوعيد الشديد الدال على تغليظ تحريمه. فالناصح لنفسه من يعظم نهي الله ورسوله
(1) صحيح مسلم اللباس والزينة (2078)، سنن الترمذي الصلاة (264)، سنن النسائي التطبيق (1042)، سنن أبي داود اللباس (4044)، سنن ابن ماجه اللباس (3602)، مسند أحمد (1/ 92)، موطأ مالك النداء للصلاة (177).
(2)
صحيح مسلم اللباس والزينة (2090).
(3)
سنن الترمذي اللباس (1720)، سنن النسائي الزينة (5148)، مسند أحمد (4/ 392).
(4)
سنن النسائي الزينة (5188، 5206)، مسند أحمد (3/ 15).
(5)
مسند أحمد (5/ 261).
(6)
صحيح البخاري الأشربة (5575)، صحيح مسلم الأشربة (2003)، سنن الترمذي الأشربة (1861)، سنن النسائي الأشربة (5674)، سنن أبي داود الأشربة (3679)، سنن ابن ماجه الأشربة (3373)، مسند أحمد (2/ 209)، موطأ مالك الأشربة (1597)، سنن الدارمي الأشربة (2090).
بالمبادرة إلى اجتناب محارمه، وهذا من أوجب الواجبات؛ بل هاهنا واجب فوق هذا الواجب وهو قيام المسلمين لله بإنكار هذا المنكر وغيره من سائر المنكرات، وإن كان هذا الواجب يختلف باختلاف الناس، فيجب على أرباب العلم والمقدرة والنفوذ أكثر مما يجب على غيرهم من بيان الحق في ذلك، والمنع من ارتكاب المحارم، والحيلولة بين من استولت عليهم الشهوات وبين شهواتهم التي حرم الله ورسوله، وأن يقوم المسلمون لله مثنى وفرادى ويتفكروا فيما ألم بهم مما طغى سيل طوفانه حتى اجترف أصول الغيرة لله من قلوبهم إلا من شاء الله، وأن يعتصموا بحبل الله جميعا في بذل الأسباب في الحصول على دواء هذا الداء العضال بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، على ما توجبه الشريعة، من غير تقصير في ذلك، ولا تجاوز للحد الشرعي فيما هنالك. وأن يأخذوا على أيدي سفهائهم من قبل أن يعاقبوا على ترك هذا الفرض العظيم بقسوة القلوب، وعدم الاكتراث من معضلات المعاصي والذنوب. فإذا قام المسلمون بهذا الواجب منحهم الله في علومهم وأفهامهم ودنياهم ودينهم وآخرتهم ما يحبون. وإن أعرضوا عنه والعياذ بالله فإنهم لا يزالون في نقص في علومهم وأفهامهم ودنياهم ودينهم وسفال وتعثر في شتى مساعيهم.
اللهم أرنا وإخواننا المسلمين الحق حقا ووفقنا لاتباعه، وأرنا الباطل باطلا وأعنا على اجتنابه، إنك على كل شيء قدير. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
حرر في 21 - 6 - 1375هـ
(ص /ف 259 في 21/ 6 / 75هـ)