الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وذكر الشيخ محمد بن عبد اللطيف رحمه الله أن أول بدعة حدثت بدعة الخوارج، ثم خرجت المعتزلة، ثم تتابعت البدع وكثرت، كبدعة القدرية، والمرجئة، والجهمية، وغير ذلك من البدع (1)
ومن النقول المتقدمة الكاشفة عن زمن ظهور المرجئة ونشأة الإرجاء يتبين أنها سبقتها بدعتا الخوارج والمعتزلة، وأنها تزامن ظهورها مع بدعة القدرية في عصر صغار الصحابة، كعبد الله بن الزبير رضي الله عنه، الذي مات مقتولا سنة 73هـ (2) في زمن عبد الملك بن مروان المتوفى سنة 86 هـ (3)
والقدرية التي تزامن ظهورها مع بدعة الإرجاء هم القدرية الأولى، وهم النفاة المنكرون للقدر، الذين يعظمون الأمر والنهي، والوعد والوعيد، فهم يلتقون مع المرجئة من جهة التقابل (4)
(1) انظر: الدرر السنية 14/ 316.
(2)
انظر: البداية والنهاية 12/ 177.
(3)
انظر: البداية والنهاية 12/ 376، 396.
(4)
راجع: منهاج السنة 3/ 82، والفتاوى 17/ 446.
المبحث الثالث: فرق المرجئة
جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «تفرقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة (1)»
(1) رواه أحمد 14/ 124 رقم 8396، 19/ 241 - 242 رقم 12208، وأبو داود: كتاب السنة، باب شرح السنة 5/ 4 - 6 رقم 4596، 4597، والترمذي: كتاب الإيمان، باب ما جاء في افتراق هذه الأمة 5/ 25 - 26 رقم 2641، 2642، وابن ماجه: باب افتراق الأمم 2/ 1321 رقم 3991، 3992، وهو كما يقول شيخ الإسلام:"صحيح مشهور في السنن والمسانيد". الفتاوى 3/ 345، وانظر: قرة عيون الموحدين 19.
وقد اختلفت أنظار علماء الدعوة في أصول هذه الفرق الثلاث والسبعين، مع تتابعهم على عد المرجئة واحدة من تلك الفرق الأصول.
فالشيخ عبد الله بن الإمام يرى أن أصول هذه الفرق هم: الخوارج، والشيعة، والمرجئة، والقدرية (1)
وعند الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن أن أصولها ست فرق: الروافض، والخوارج، والمرجئة، والجهمية، والقدرية، والجبرية.
وأن كل فرقة من هذه الفرق تشعبت على اختلاف نحلهم ومللهم، وتشعب آراؤهم وأهوائهم (2)
ويقول الشيخ حسين ابن غنام: والحاصل أن الفرق الكبار من أمة الإجابة ثمان: الأولى فرقة الحق أهل الإسلام والإيمان، والمعتزلة، والشيعة، والمرجئة، والجبرية، والخوارج، والنجارية، والمشبهة، فهؤلاء الذين سلكوا أقبح المناهج (3)
وما ذهب إليه الشيخ عبد الله موافق لما جاء عن بعض السلف، كعبد الله بن المبارك، ويوسف بن أسباط رحمهما الله تعالى من أن أصول الثنتين
(1) انظر: الدرر السنية 10/ 243، ومجموعة الرسائل 1/ 195، وانظر: منهاج التأسيس 216.
(2)
انظر: الدرر السنية 12/ 548، وانظر منها أيضا 13/ 422.
(3)
العقد الثمين 225.
والسبعين فرقة هي أربع: الخوارج، والروافض، والمرجئة والقدرية
هذا من حيث كون المرجئة من الفرق الأصول التي تعود إليها سائر الفرق، وأما من حيث تصنيف علماء الدعوة لفرق المرجئة نفسها، فلم يكن هذا من مقصدهم أثناء حديثهم عن مقالة المرجئة، وإنما يأتي ذكر لبعض هذه الفرق ضمن شرحهم لغلط المرجئة في بعض مسائل الإيمان، ولا يستثنى من ذلك حسبما وقفت عليه سوى الشيخ حسين ابن غنام الذي صنف المرجئة إلى خمس فرق، وذلك في قوله: وقد افترقوا خمس فرق:
اليونسية: أصحاب يونس النميري، قالوا: الإيمان هو المعرفة بالله والخضوع، ولا يضر مع ذلك ترك الطاعات
والعبدية: قبحهم الله وقبح مقالتهم
والغسانية: أصحاب غسان الكوفي، يقولون: إن الله فرض الحج، ولا ندري
أهذه الكعبة أم غيرها؟ وبعث محمدا ولا ندري أهو الذي بالمدينة أو غيره؟ (1)
والثوبانية: أصحاب أبي ثوبان المرجئ
والتومنية: أصحاب أبي معاذ التومني، ومن مقالاتهم: أن السجود للصنم ليس كفرا، بل علامة على الكفر وتبعهم ابن الرواندي وبشر المريسي قبحهم الله تعالى (2)
والناظر في هذا الشرح يعلم أنه تلخيص شديد لما ذكره الشهرستاني أثناء عرضه مقالة المرجئة الخالصة (3) مع أن ابن غنام رحمه الله قد خالفه في أمرين:
(1) راجع عنهم: مقالات الإسلاميين 1/ 221، والفرق بين الفرق 203، والملل والنحل 1/ 13.
(2)
العقد الثمين 231.
(3)
انظر: الملل والنحل 1/ 138 - 141.
أولا: أنه عد المرجئة من أصول الفرق، بينما الشهرستاني لا يرى ذلك (1)
ثانيا: أنه جعل المرجئة هي هذه الفرق الخمس فحسب، وعند الشهرستاني أن هذه الخمس إنما هي المرجئة الخالصة
هذا ما أمكن الوقوف عليه من حديث علماء الدعوة عن أصول الفرق، وموقع المرجئة من ذلك، ثم إن الناظر يجد في أثناء بحوثهم لمسائل الإيمان والرد على المخالفين حديثا عن فرق عديدة تدخل في دائرة الإرجاء، منها:
مرجئة الفقهاء (2) ومتكلمي المرجئة (3) والجهمية (4) والأشعرية (5) والواقفة (6) والكرامية (7)
وسيأتي بعون الله تعالى تفصيل ما قالوه عن هذه الفرق عند شرح مقالة المرجئة في مسمى الإيمان.
(1) انظر: الملل والنحل 1/ 6.
(2)
انظر: مسائل لخصها الإمام 136 - 137، والدرر السنية 1/ 111، 2/ 66، والرسائل الشخصية 122.
(3)
انظر: مسائل لخصها الإمام 136 - 137.
(4)
انظر: مصباح الظلام 113، 162، 249، والدرر السنية 1/ 490.
(5)
انظر: الدرر السنية 1/ 490، 11/ 354، 356، 13/ 401، ومصباح الظلام 113.
(6)
انظر: مسائل لخصها الإمام 136 - 137.
(7)
انظر: مصباح الظلام 162، 249، والسيف المسلول 109.