الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن الوسائل ذات الانتشار الواسع والتأثير البالغ في العصر الحاضر والتي يمكن استخدامها في الدعوة إلى الله: وسائل الاتصال الحديثة من صحف ومجلات وإذاعة وتلفزيون وإنترنت ونحوها، والتي غزت البر والبحر والجو ووصلت إلى كل مكان، فلا يكاد يخلو منها بيت مدر ولا وبر، وقدمت المعلومة في قوالب مشوقة ومثيرة ومؤثرة بدرجة كبيرة
واستخدام الداعية لوسائل الدعوة وأساليبها يجب أن يكون وفق الحكمة وفي إطارها، بمعنى أن تستخدم الوسائل والأساليب المناسبة للداعي وللمضمون وللمدعو بما يحقق بإذن الله أعلى درجات التأثير والإقناع وهداية المدعو للفلاح والرشاد والسعادة في الدنيا والآخرة.
المطلب الخامس: الصبر:
الصبر في اللغة: الحبس والكف والمنع، ومنه: قتل فلان صبرا إذا أمسك وحبس، ومنه قوله تعالى:{وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} (1)(2)
(1) سورة الكهف الآية 28
(2)
انظر: مدارج السالكين /ابن القيم (مرجع سابق) 2/ 162.
ومن تعريفاته في الاصطلاح: حبس النفس عن الجزع والتسخط وحبس اللسان عن الشكوى وحبس الجوارح عن التشويش، ومن تعريفاته أيضا: حبس النفس على ما تكره ابتغاء مرضات الله
ويعرف بأنه: حبس النفس وحملها على ما تكره (من فعل الطاعة وترك المعصية) 1 (1)
وقال ابن العربي: (قال القاضي: الصبر مقام عظيم من مقامات الدين، وهو حبس النفس عما تكرهه من تسريح الخواطر، وإرسال اللسان، وانبساط الجوارح على ما يخالف حال الصبر
…
) (2)
والصبر من خصائص النفس الإنسانية وله قيمة كبيرة وأهمية بالغة، وليس هو من الفضائل الثانوية أو المكملة بل هو ضرورة لازمة للإنسان أيا كان ليرقى ماديا ومعنويا ويسعد فرديا واجتماعيا فلا ينتصر دين ولا تنهض دنيا إلا بصبر، فالصبر ضرورة دنيوية كما هو ضرورة دينية، فلا نجاح في
(1) تيسير الكريم الرحمن /السعدي (بيروت: مؤسسة الرسالة: ط1: 1416)57.
(2)
أحكام القرآن /ابن العربي (مرجع سابق) 4/ 1656.
الدنيا ولا فلاح في الآخرة إلا بصبر، في الدنيا لا تتحقق الآمال ولا تنال المقاصد ولا يؤتي عمل أكله إلا بصبر فمن صبر ظفر والصبر مفتاح الفرج والنصر مع الصبر، وبالصبر ينال المسلم الأجر الأخروي التام الذي لا حد له ولا حصر {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} (1)، وبالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين:{وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} (2). وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (خير عيش أدركناه بالصبر)(3)
والصبر خصلة فطرية ومكتسبة فأصل الصبر موجود عند كل أحد على تفاوت فيه، وهو قابل للتحصيل والتنمية والزيادة، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:«ومن يتصبر يصبره الله (4)»
(والصبر إما بدني كتحمل المشاق بالبدن فعلا كتعاطي الأعمال الشاقة، أو احتمالا كالصبر على الضرب الشديد. وإما نفسي وهو أعظم كالصبر عن شهوة الفرج والبطن وغيرهما من مشتهيات الطبع.)
(1) سورة الزمر الآية 10
(2)
سورة السجدة الآية 24
(3)
صحيح البخاري /كتاب الرقائق: باب الصبر عن محارم الله.
(4)
صحيح البخاري /كتاب الزكاة: باب الاستعفاف عن المسألة /1376، وصحيح مسلم /كتاب الزكاة: باب فضل التعفف والصبر /1745.