الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لمصطلحات البحث ومفردات عنوانه.
والثاني: يتكون من مطالب خمسة يتضمن كل واحد منها الحديث بالتفصيل عن ركيزة من ركائز المنهج والتي هي: العلم، والاستقامة، والحكمة، وسلامة الأساليب، والصبر.
والله تعالى الموفق والمعين وهو المسؤول سبحانه أن يجعل هذا الجهد مسددا، وخالصا لوجهه، ونافعا لكاتبه وقارئه، ومثريا للميدان العلمي في تخصصه.
المبحث الأول: تعريفات ومفاهيم
يحسن الحديث قبل الدخول في تفصيلات البحث أن نعرف تعريفا موجزا بمفردات عنوانه وهي الركائز، والمنهج، والسلف الصالح، والدعوة إلى الله.
فالركيزة: ما يرتكز عليه الشيء حتى يكون ثابتا مستقرا (1) ونعني بها هنا: القواعد التي يقوم عليها العمل الدعوي وتحكمه وتضبطه حتى يكون سديدا.
والمنهج: في اللغة كالنهج وهو الطريق البين الواضح (2) وهو في الاصطلاح الدعوي: مجموعة القواعد والأصول الدعوية الثابتة التي لا تتغير بتغير الظروف والأحوال.
(1) انظر: لسان العرب / ابن منظور (بيروت: دار الفكر: ط1: 1410) 5/ 356.
(2)
انظر: القاموس المحيط / الفيروزآبادي (بيروت: مؤسسة الرسالة: ط2: 1407)266.
وهو يختلف عن الأسلوب في الاصطلاح الدعوي، إذ الأسلوب: هو مجموعة الممارسات والتطبيقات الدعوية المتنوعة والمتغيرة بتغير الظروف والأحوال.
فالمنهج الدعوي أصول ثابتة وقواعد مستقرة لا مجال للاجتهاد فيه، أما الأسلوب الدعوي فممارسات وتطبيقات معنوية أو حسية يمكن الاجتهاد فيه بشرط عدم الخروج على القواعد الشرعية.
أما تعريف السلف في اللغة فهو: كل من سبق في الزمان وتقدم وانقضى
وفي الاصطلاح: هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعون وأتباع التابعين ومن جاء بعدهم من أئمة الدين وأعلام الملة الذين ساروا على منهج النبي صلى الله عليه وسلم في الاعتقاد والقول والعمل ولم يخالفوا في شيء من ذلك
وهؤلاء هم السلف الصالح وأهل السنة والجماعة، وهم الجماعة،
وهم الطائفة المنصورة، وهم الفرقة الناجية، وهم أهل الحديث، وأهل الأثر، وهم أهل السنة وهم الغرباء إلى غير ذلك من أوصافهم التي جاءت نصوص السنة بكثير منها، ومن ذلك: قوله عليه الصلاة والسلام «لا يزال طائفة من أمتي ظاهرين حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون (1)» وقوله عليه الصلاة والسلام في حديث الافتراق «والذي نفس محمد بيده لتفترقن أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، واحدة في الجنة وثنتان وسبعون في النار، قيل: يا رسول الله من هم؟ قال: الجماعة (2)» وقوله عليه الصلاة والسلام «بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء، قيل: يا رسول الله من هم؟ قال: الذين يصلحون إذا فسد الناس، أو يصلحون ما أفسد الناس (3)»
ولكونهم يجتمعون على الحق، ولأنهم أهل اتباع لا ابتداع وأهل اجتماع لا افتراق فمنهجهم وطريقتهم أسلم وأعلم وأحكم، فالخير كل الخير في
(1) صحيح البخاري / كتاب الاعتصام بالسنة: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم – لا تزال طائفة من أمتي / 667، وصحيح مسلم / كتاب الإمارة: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم – لا تزال طائفة من أمتي / 3544.
(2)
سنن ابن ماجه / كتاب الفتن: باب افتراق الأمم / 3982، وسنن أبي داود / كتاب السنة: باب شرح السنة / 3981 (صححه الألباني: صحيح سنن ابن ماجه: 3226).
(3)
صحيح مسلم / كتاب الإيمان: باب بيان أن الإسلام بدأ غريبا / 209، ومسند الإمام أحمد / أول مسند المدنيين: حديث عبد الرحمن بن سنة / 16094 وهذا لفظه.
اقتفائها والسير عليها، والاقتداء بهم، ولزوم منهجهم وسبيلهم قال تعالى:{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (1)، وقال سبحانه:{وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} (2).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أحسن الحديث كتاب الله عز وجل وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور
(1) سورة يوسف الآية 108
(2)
سورة النساء الآية 115
(3)
سنن الترمذي / كتاب العلم: باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدعة / 2600، وسنن أبي داود / كتاب السنة: باب في لزوم السنة / 3991 (صححه الألباني: صحيح سنن الترمذي: 2157.
محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة (1)»
ونقل الآجري عن محمد بن الحسين قوله: (علامة من أراد الله عز وجل به خيرا سلوك هذه الطريق كتاب الله عز وجل وسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنن أصحابه رضي الله عنهم ومن تبعهم بإحسان رحمة الله تعالى عليهم، وما كان عليه أئمة المسلمين في كل بلد
…
) (2)
وقال ابن أبي العز الحنفي: (فيجب على كل مسلم بعد موالاة الله ورسوله موالاة المؤمنين كما نطق به القرآن خصوصا الذين هم ورثة الأنبياء الذين جعلهم الله بمنزلة النجوم، يهدى بهم في ظلمات البر والبحر، وقد أجمع المسلمون على هدايتهم ودرايتهم؛ إذ كل أمة قبل مبعث محمد صلى الله عليه وسلم علماؤها شرارها إلا المسلمين فإن علماءهم خيارهم فإنهم خلفاء الرسول في أمته والمحيون لما مات من سننه، بهم قام الكتاب وبه قاموا وبهم نطق وبه نطقوا، وكلهم متفقون اتفاقا يقينيا على وجوب اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم ولكن إذا وجد لواحد منهم قول قد جاء الحديث بخلافه فلا بد له في تركه من عذر، وجماع الأعذار ثلاثة أصناف:
أحدها: عدم اعتقاده أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله. والثاني: عدم اعتقاده أنه أراد تلك المسألة بذلك القول، الثالث: اعتقاده أن ذلك الحكم منسوخ، فلهم
(1) صحيح مسلم / كتاب الجمعة: باب تخفيف الصلاة والخطبة / 1435.
(2)
الشريعة / الآجري (الرياض: دار السلام: ط1: 1413)24.
الفضل علينا والمنة بالسبق وتبليغ ما أرسل به الرسول صلى الله عليه وسلم إلينا وإيضاح ما كان منه يخفى علينا فرضي الله عنهم وأرضاهم: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} (1)(2)
أما تعريف الدعوة: ففي اللغة فلها معان كثيرة منها: الحث والحض والطلب والنداء والدعاء والرجاء والرغبة
وفي الاصطلاح هي: قيام المكلفين بتبليغ الإسلام للناس وإقامته بينهم بطرق مشروعة.
ويقوم منهج السلف الصالح في الدعوة على ركائز خمس هي: العلم، والاستقامة، والحكمة، وسلامة الوسائل والأساليب الدعوية، والصبر
وفيما يلي بيان كل واحد منها:
(1) سورة الحشر الآية 10
(2)
شرح العقيدة الطحاوية / علي الحنفي (مرجع سابق)503.