المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ثانيا: جهمية المرجئة - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٨٨

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌الافتتاحية

- ‌الفتاوى

- ‌ التختم بالفضة):

- ‌ دبلة الخطوبة: من ذهب، أو فضة ـ للرجل والمرأة)

- ‌ تحلي الرجال بالجواهر):

- ‌من فتاوى سماحة الشيخعبد العزيز بن عبد الله بن باز

- ‌الديون التي لم يحصل عليها صاحبهالا تمنع من دفع الزكاة إليه

- ‌حكم دفع الزكاة إلى الفقيرالمسلم إذا كان لديه بعض المعاصي

- ‌حكم دفع الزكاة للعاجز عن الزواج

- ‌حكم تسديد ديون المعسرين من الزكاة

- ‌حكم إسقاط الدين عمنلم يستطع الوفاء واحتسابه من الزكاة

- ‌حكم دفع الزكاة لمنكوبي المجاعة في الصومال

- ‌من فتاوى سماحة الشيخعبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ

- ‌من فتاوىاللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

- ‌قبض اليدين وإرسالهما في الصلاةإرسال اليدين في الصلاة

- ‌ صلاة المرسل يده في الصلاة

- ‌ وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة

- ‌البحوث

- ‌المقدمة

- ‌تمهيد في بيان المراد بعلماء الدعوة

- ‌الفصل الأول: التعريف بالمرجئة، ونشأتها، وفرقها

- ‌المبحث الأول: التعريف بالمرجئة

- ‌المبحث الثاني: نشأة الإرجاء

- ‌المبحث الثالث: فرق المرجئة

- ‌الفصل الثاني: آراء المرجئة في مسائل الإيمان

- ‌المبحث الأول: مسمى الإيمان عند المرجئة

- ‌أولا: مرجئة الفقهاء

- ‌ثانيا: جهمية المرجئة

- ‌ثالثا: الكرامية

- ‌المبحث الثاني: زيادة الإيمان ونقصانه عند المرجئة

- ‌المبحث الثالث: حكم الاستثناء في الإيمان عند المرجئة

- ‌المذهب الثاني: أنه يجب الاستثناء في الإيمان

- ‌المبحث الرابع: مرتكب الكبيرة عند المرجئة

- ‌الفصل الثالث: نقض حجج المرجئة

- ‌الحجة الأولى: نصوص الوعد

- ‌الحجة الثانية من حجج المرجئة: أن الإيمان إذا ذهب بعضه ذهب كله

- ‌الحجة الثالثة: اللغة

- ‌الحجة الرابعة: المجاز

- ‌الفصل الرابع: حكم المرجئة عند علماء الدعوة

- ‌الخاتمة

- ‌ركائز منهج السلف في الدعوة إلى الله

- ‌المقدمة

- ‌المبحث الأول: تعريفات ومفاهيم

- ‌المبحث الثاني: ركائز المنهج

- ‌المطلب الأول: العلم

- ‌أدلة فضل العلم:

- ‌درجات العلوم:

- ‌العلم الدعوي:

- ‌المطلب الثاني: الاستقامة:

- ‌استقامة الداعي:

- ‌المطلب الثالث: الحكمة:

- ‌أنواع الحكمة وأسباب تحصيلها:

- ‌الحكمة الدعوية:

- ‌المطلب الرابع: سلامة الأساليب والوسائل الدعوية

- ‌أنواع الأساليب الدعوية

- ‌الوسائل الدعوية

- ‌المطلب الخامس: الصبر:

- ‌فضل الصبر

- ‌أقسام الصبر

- ‌صبر الدعوة:

- ‌الخاتمة

- ‌أثر الفتوى في تأكيد وسطية الأمة

- ‌المقدمة:

- ‌التمهيد:

- ‌ الوسطية في اللغة

- ‌المراد بوسطية الأمة في الاصطلاح الشرعي:

- ‌المبحث الأول:أثر الفتوى في إقامة الدين بين المسلمين:

- ‌المبحث الثاني:أثر الفتوى في التصدي للغلو:

- ‌الغلو في اللغة:

- ‌والمراد بالغلو شرعا:

- ‌المبحث الثالث:أثر الفتوى في التصدي للجفاء:

- ‌الجفاء في اللغة:

- ‌وتظهر ملامح الجفاء فيما يلي:

- ‌ الاعتقاد:

- ‌ الإعراض والتساهل في الأمور العملية مأمورا بها أو منهيا عنها:

- ‌المبحث الرابع:الوسطية في الفتوى:

- ‌المبحث الخامس:أثر الفتوى في انتظام أحوال المستفتي على الشرع:

- ‌المبحث السادس:أثر الفتوى في محافظة المجتمع المسلم على هويته الإسلامية:

- ‌المبحث السابع:أثر الفتوى في رسوخ الأمن في المجتمع الإسلامي:

- ‌الخاتمة:

- ‌مراعاة جلب المصالح ودفع المفاسد في السنة

- ‌مقدمة

- ‌تمهيد

- ‌أولا: ترجمة موجزة للحافظ ابن حجر:

- ‌ثانيا: تعريف موجز بكتاب «فتح الباري»:

- ‌المبحث الأولتحصيل أعظم المصلحتين بترك أدناهما

- ‌المبحث الثانيتقديم المصلحة الراجحة على المفسدة الخفيفة

- ‌المبحث الثالثتقديم دفع المفسدة على جلب المصلحة

- ‌المبحث الرابعاحتمال أخف المفسدتين لدفع أعظمهما

- ‌خاتمة

- ‌المنهج العلمي والخلقي عند سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

- ‌المقدمة

- ‌أسباب اختيار الموضوع:

- ‌الدراسات السابقة:

- ‌هدف البحث:

- ‌خطة البحث:

- ‌منهج البحث:

- ‌نبذة موجزة عن حياة سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

- ‌المبحث الأول: المنهج العلمي في الاستمداد والاستدلال

- ‌التعريف:

- ‌أولا: الاستمداد من الكتاب والسنة

- ‌ثانيا: اعتماد النصوص الصحيحة في الاستدلال

- ‌ثالثا: اتباع سلف الأمة في فهم النصوص

- ‌رابعا: الأخذ بالقواعد والأصول في الاستنباط

- ‌المبحث الثاني: المنهج الخلقي في التبليغ والبيان

- ‌التعريف:

- ‌أولا: الصدق والإخلاص

- ‌ثانيا: النصح

- ‌ثالثا: الوضوح

- ‌رابعا: القوة في الحق مع الرفق واللين

- ‌خامسا: التواضع

- ‌سادسا: القدوة

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌ثانيا: جهمية المرجئة

وهم يخرجون أيضا عمل القلب من الإيمان، فقد نقل إمام الدعوة عن شيخ الإسلام ابن تيمية قوله:«وعند الجهمية الإيمان مجرد تصديق القلب لا عمله (1) وعند فقهاء المرجئة: قول اللسان، مع التصديق، وعلى القولين: أعمال القلوب ليست من الإيمان عندهم» (2)

والحاصل مما تقدم أن مسمى الإيمان عند هؤلاء هو قول القلب، وقول اللسان، وليس منه عمل القلب، ولا عمل الجوارح.

(1) كذا في مسائل، وفي المنهاج:«مجرد تصديق القلب وعلمه» .

(2)

انظر: مسائل لخصها الإمام 137، وراجع كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في: منهاج السنة 5/ 278 - 288.

ص: 78

‌ثانيا: جهمية المرجئة

.

هذا الوصف وإن لم أقف عليه عند علماء الدعوة، لكنهم ذكروا قول من يقول إن الإيمان مجرد التصديق، كالجهمية، والأشعرية، وكلهم يشملهم وصف جهمية المرجئة

يقول الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن: «ومن أهل البدع: المرجئة، الذين يقولون: إن الإيمان هو التصديق، وإنه شيء واحد لا يتفاضل» (1)

(1) الدرر السنية 1/ 490.

ص: 78

والمرجئة هنا هم جهمية المرجئة، خلافا لمرجئة الفقهاء، والكرامية، وإن كان الجميع يقول إن الإيمان لا يتفاضل.

وقد أفاد الشيخ عبد اللطيف في موضع آخر، ومثله الشيخ عبد الرحمن بن قاسم أن القول بأن الإيمان هو التصديق هو قول الجهمية

كما أفاد الشيخ عبد الرحمن بن حسن أنه قول الأشاعرة (1) وكما هو معلوم أنهم متفقون على هذا، فإن الأشاعرة قد أخذوا مقالتهم في الإيمان عن جهم بن صفوان.

يقول الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله: «وكل صاحب بدعة لا يألف إلا كتب من هو مثله، كالأشاعرة، فإنهم لا يألفون من التفاسير وغيرها إلا تفاسير من هو مثلهم في المعتقد، ممن يؤولون النصوص، ويصرفها عن مدلولها اللائق بجلال الله وعظمته، ويخالف أهل السنة في الإيمان، وحكمة الرب تعالى، ويقول بالجبر، وهذه البدع أخذوها عن أتباع جهم بن صفوان» (2)

ثم إن جهما ومن تبعه متفقون على أن النطق بالشهادتين للقادر عليه ليس شرطا في الحكم بالإسلام (3)

(1) انظر: فتح المجيد 468، وقرة عيون الموحدين 53، والدرر السنية 13/ 401.

(2)

الدرر السنية 11/ 354.

(3)

انظر: الدرر السنية 1/ 181.

ص: 79

وإن كان بعض من تابعه في الإيمان قد يخالفه في هذه المسألة، ويجعل القول والعمل من شرائط الإيمان.

يقول الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن رحمه الله بعد كلام له: مذهب الجهمية القائلين بأن الإيمان هو التصديق، ولم يدخلوا التلفظ والعمل في مسماه.

وبعضهم قال: هي شرائط، وليست من المسمى.

وكلام أهل السنة في تبديعهم، وتضليلهم، وتفسيقهم معروف مشهور

ويقول: «وقد شنع سلف الأمة وأئمتها على من قال: إن الإيمان هو التصديق، وبدعوه، وضللوه، وذكروا لقوله من اللوازم المكفرة ما لا يتسع له هذا الجواب» (1)

والحاصل من العرض المتقدم عن مذهب جهمية المرجئة في مسمى الإيمان يتبين أنهم يرونه مجرد تصديق القلب، وليس منه عمل القلب، ولا قول اللسان، ولا عمل الجوارح.

ومنهم من يجعل القول أو العمل من شرائط الإيمان، بمعنى أن من لم

(1) مصباح الظلام 215.

ص: 80

يأت به لا يكون مؤمنا، وهذا في الحقيقة لا يخرج عن مقالة الجهمية؛ لأنهم يتفقون على أن كفر من كانت هذه حاله راجع لزوال التصديق من قلبه.

وفي بطلان هذه الدعوى، وهي تعليق الكفر بزوال التصديق ينقل الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قوله:«وهذا أمر خالفوا به الحس، والعقل، والشرع، وما أجمع عليه طوائف بني آدم السليمي الفطرة، وجماهير النظار» .

فإن الإنسان قد يعرف أن الحق مع غيره، ومع ذلك يجحد ذلك؛ لحسده إياه، أو لطلب علوه عليه، أو لهوى النفس، ويحمله ذلك الهوى أن يعتدي عليه، ويرد ما يقول بكل طريق، وهو في قلبه يعلم أن الحق معه.

وعامة من كذب الرسل يعلم أن الحق معهم، وأنهم صادقون؛ لكن إما لحسدهم، وإما لإرادتهم العلو والرياسة، وإما لحبهم دينهم الذي كانوا عليه، وما يحصل لهم به من الأغراض، كأموال ورياسة وصداقة وغير ذلك، فيرون في اتباع الرسل ترك الأهواء المحبوبة إليهم، أو حصول أمور مكروهة إليهم، فيكذبونهم ويعادونهم، فيكونون من أكفر الناس، كإبليس وفرعون، مع علمهم بأنهم على الباطل، والرسل على الحق.

ولهذا لا يذكر الكفار حجة صحيحة تقدح في صدق الرسل، وإنما يعتمدون على مخالفة أهوائهم، كقولهم لنوح:{قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ} (1) ومعلوم أن اتباع الأرذلين لا يقدح في صدقه (2)

(1) سورة الشعراء الآية 111

(2)

مصباح الظلام 212 - 213، وهو في الفتاوى 7/ 191.

ص: 81

وأما ما أشار إليه الشيخ عبد اللطيف من اللوازم الباطلة المترتبة على مقالة جهمية المرجئة في مسمى الإيمان، فمما أورده علماء الدعوة منها أن يكون إبليس، وفرعون وقومه، واليهود، والذين عرفوا أن محمدا صلى الله عليه وسلم رسول الله كما يعرفون أبناءهم مؤمنين مصدقين، وقد قال تعالى:{فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ} (1) أي يعتقدون أنك صادق {وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} (2)، والجحود لا يكون إلا بعد معرفة الحق، وقال تعالى:{وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} (3)، وقال موسى لفرعون:{قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ} (4)، وقال تعالى عن اليهود:{يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (5).

ولما جاء النفران اليهوديان إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسألاه عما دلهما على نبوته، فقالا: نشهد أنك نبي، فقال: فما يمنعكما من اتباعي؟ قالا: إن داود دعا أن

(1) سورة الأنعام الآية 33

(2)

سورة الأنعام الآية 33

(3)

سورة النمل الآية 14

(4)

سورة الإسراء الآية 102

(5)

سورة البقرة الآية 146

ص: 82

لا يزال في ذريته نبي، وإنا نخاف إن اتبعناك أن تقتلنا يهود

فهؤلاء أقروا بألسنتهم إقرارا مطابقا لمعتقدهم أنه نبي، ولم يدخلوا بهذا التصديق والإقرار في الإيمان؛ لأنهم لم يلتزموا طاعته، والانقياد لأمره.

ومن هذا كفر أبي طالب، فإنه عرف حقيقة المعرفة أنه صادق، وأقر بذلك بلسانه، وصرح به في شعره، ولم يدخل بذلك في الإسلام.

والحاصل أن المعرفة بالحق لا تستلزم الإيمان ولا العمل، وقد قال صلى الله عليه وسلم «والفرج يصدق ذلك أو يكذبه (1)» فجعل التصديق عمل الفرج ما تمناه القلب، والتكذيب تركه لذلك، وهذا صريح في أن التصديق لا يصح إلا بالعمل

وقبل ختم مقالة جهمية المرجئة في مسمى الإيمان ينبه على رجوع إمام الأشاعرة أبي الحسن الأشعري عن هذه المقالة، وإعلانه متابعة الإمام أحمد.

يقول الشيخ عبد الرحمن بن حسن: «وممن خالفهم - يعني الأشاعرة -

(1) رواه البخاري: كتاب الاستئذان، باب زنى الجوارح دون الفرج 11/ 28 رقم 6243، ومسلم 16/ 315 رقم 2657.

ص: 83

أبو الحسن الأشعري في كتبه الإبانة، والمقالات، والرسائل، وصرح بأنه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل في إثبات الصفات، والإيمان، وغير ذلك من أصول الدين» (1)

وقد نقل الشيخ عبد اللطيف كلام الأشعري في المقالات، ومنه قوله حاكيا ما عليه أصحاب الحديث وأهل السنة:«ويقرون أن الإيمان قول وعمل» .

ثم ختم ذلك بقوله: «فهذه جملة ما يأمرون به، ويعتقدونه، ويرونه، وبكل ما ذكرنا من قولهم نقول، وإليه نذهب»

وأما في الإبانة، فقد نقل كلامه الشيخ سليمان بن سحمان، ومنه قوله: «قولنا الذي نقول به، وديانتنا التي ندين بها التمسك بكتاب ربنا عز وجل، وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وما روي عن الصحابة والتابعين وأئمة الحديث، ونحن بذلك معتصمون، وبما كان يقول به أبو عبد الله أحمد بن حنبل - نضر الله وجهه، ورفع درجته، وأجزل مثوبته - قائلون، ولما

(1) الدرر السنية 11/ 356.

ص: 84