الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أصنعه، فوالله إني لأعلمهم بالله وأشدهم له خشية (1)» ومثله ما ثبت عن أنس أن نفرا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم سألوا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن عمله في السر، فقال بعضهم: لا أتزوج النساء، وقال بعضهم: لا آكل اللحم، وقال بعضهم: لا أنام على فراش، فحمد الله وأثنى عليه فقال:«ما بال أقوام قالوا كذا وكذا، لكني أصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني (2)»
إن الحكمة هي الضابط المهم لتصرفات الداعية وتعامله مع المدعوين. وهي من أهم الصفات التي يجب أن يتحلى بها الداعية في جميع مراحل دعوته قبل الدعوة وأثناءها وبعدها.
(1) صحيح البخاري /كتاب الأدب: باب من لم يواجه الناس بالعتاب /5636.
(2)
صحيح مسلم /كتاب النكاح: باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه /2487.
المطلب الرابع: سلامة الأساليب والوسائل الدعوية
سبق تعريف الأسلوب أما الوسيلة فهي الأداة الناقلة للمضمون والأسلوب، وهناك من يرى أنهما بمعنى واحد، ولكل من الوسائل والأساليب أهمية بالغة في الدعوة إلى الله لأنها الطريق الذي تنقل به المضامين الدعوية ويتوصل بها إلى المدعو بل لا يمكن القيام بالدعوة إلا عن طريقها ولذلك اعتبرت ركنا من أركان الدعوة التي هي: الداعي، والمدعو، والمضمون، والوسيلة، والأسلوب.
وكلما كانت الوسائل والأساليب الدعوية قوية ومناسبة كان تأثيرها أبلغ وأنفع، ولذلك لا بد من الاهتمام بها والعناية بمعرفتها وإتقان استخدامها.
وترتبط الوسائل والأساليب بالأهداف والغايات والمقاصد ارتباطا وثيقا، فكلما كانت الأهداف والغايات سليمة صحيحة، فالواجب أن تكون الوسائل والأساليب كذلك، ولذلك فنظرية الغاية تبرر الوسيلة نظرية مرفوضة في الرؤية الشرعية، فالإسلام يرفض هذه النظرية الفاسدة، ويوجب على الإنسان مشروعية الوسائل، فمن راعى مقاصد الشرع دون وسائله فقد أخذ ببعض الدين وترك الآخر، والله تعالى يقول:{أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} (1)، ومخالفة الشرع في باب الوسائل كمخالفته في باب المقاصد، وقال الله تعالى:{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (2)، فقوله:{عَنْ أَمْرِهِ} (3) عام، لأن النكرة المضافة تفيد العموم، فيشمل أمره في باب الوسائل، وفي باب المقاصد أيضا، والثابت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان يوصي المجاهدين بالوصايا الأخلاقية حتى مع الأعداء كنهيه عن
(1) سورة البقرة الآية 85
(2)
سورة النور الآية 63
(3)
سورة النور الآية 63