الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول
تحصيل أعظم المصلحتين بترك أدناهما
عبر الحافظ ابن حجر رحمه الله في كتابه «فتح الباري» من خلال استنباطه من الأحاديث عن هذه القاعدة بعبارات متنوعة منها:
1 -
تحصيل أعظم المصلحتين بترك أيسرهما (1)
2 -
الإتيان بأعظم المصلحتين إذا لم يمكنا معا (2)
3 -
تقديم أهم المصلحتين (3)
4 -
إذا تزاحمت مصلحتان قدم أهمهما (4)
5 -
تقديم الأهم فالأهم من الأمور المتعارضة (5)
6 -
الأمران إذا تعارضا بدئ بأهمهما (6)
7 -
ترك بعض المصالح لمصلحة راجحة أو أرجح (7)
وقد استنبط الحافظ من سبعة أحاديث ما يشهد لهذه القاعدة وهذه
(1) فتح الباري (1/ 325).
(2)
فتح الباري (1/ 329).
(3)
فتح الباري (3/ 14).
(4)
فتح الباري (9/ 123).
(5)
فتح الباري (1/ 81، 2/ 529، 3/ 359، 3/ 448، 6/ 266).
(6)
فتح الباري (3/ 448، 6/ 483).
(7)
فتح الباري (6/ 17).
الأحاديث هي:
الحديث الأول: حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قام أعرابي فبال في المسجد، فتناوله الناس فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم:«دعوه وهريقوا على بوله سجلا من ماء أو ذنوبا من ماء، فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين (1)»
ذكر الحافظ في ثنايا ما يستنبط من هذا الحديث ما يشهد لقاعدة «تحصل أعظم المصلحتين بترك أدناهما» فقال: «قال ابن دقيق العيد: لم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم على الصحابة ولم يقل لهم لم نهيتم الأعرابي؟ بل أمرهم بالكف عنه للمصلحة الراجحة وهو .... تحصيل أعظم المصلحتين بترك أيسرهما» (2)
ووجه الاستدلال من الحديث لهذه القاعدة ظاهر، ويتلخص في أن ترك الأعرابي يتم بوله في المكان الذي بال فيه، وعدم قطع بوله، لئلا
(1) كما في الإحسان ح (1399)، والأعرابي: واحد الأعراب، وهو الذي يسكن البادية، ينظر: اللسان، عرب، (1/ 586)، والسجل: بفتح المهملة وسكون الجيم، قيل: هو الدلو ملأى ولا يقال لها ذلك وهي فارغة، وقيل: السجل دلو واسعة، وقيل: الدلو الضخمة، ينظر: النهاية (2/ 343)، اللسان، سجل، (11/ 325)، والذنوب - بفتح الذال وضم النون -: الدلو المملوءة ماء، وقيل الدلو العظيمة، وهريقوا: أي صبوا عليه، ينظر: النهاية (2/ 171)، اللسان، ذنب (1/ 389).
(2)
فتح الباري (1/ 325).
يحصل له الضرر وتتنجس ثيابه ومواضع أخرى من المسجد مصلحة أكبر، ويعارضها مصلحة أخرى أدنى منها وهي زجر الأعرابي وأمره بقطع البول والخروج من المسجد؛ لئلا تزيد النجاسة في المسجد، فقدمت المصلحة الأولى وهي أكبر، قال ابن الملقن (ت: 804 هـ): «وفيه مصلحتان: الأولى: أنه لو قطع عليه بوله تضرر، وأصل التنجيس قد حصل؛ فكان احتمال زيادة أولى من إيقاع ضرر به، الثانية: أن التنجس قد حصل في جزء يسير من المسجد فلو أقاموه في أثناء بوله لتنجست ثيابه وبدنه ومواضع كثيرة من المسجد» (1)
وسوف يأتي الاستشهاد بالحديث لقاعدة «احتمال أخف المفسدتين بدفع أعظمهما» (2)
(1) الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (1/ 698).
(2)
ينظر: ص (32).
الحديث الثاني: حديث حذيفة رضي الله عنه قال: «رأيتني أنا والنبي صلى الله عليه وسلم نتماشى، فأتى سباطة قوم خلف حائط فقام كما يقوم أحدكم فبال، فانتبذت منه فأشار إلي فجئته فقمت عند عقبه حتى فرغ (1)»
(1) أخرجه البخاري ح (225)، ومسلم ح (273)، وأبو داود (24)، والترمذي ح (13)، والنسائي ح (18، 26)، وابن ماجه ح (305) وأحمد (5/ 382) ح (23289)، والسباطة: بضم السين المهملة وتخفيف الموحدة هي الموضع الذي يرمى فيه التراب والأوساخ وما يكنس من المنازل، وقيل هي الكناسة نفسها، ينظر: النهاية (2/ 335)، اللسان، سبط، (7/ 308)، وانتبذت: يعني تنحيت، ينظر: النهاية (5/ 6)، المغرب (2/ 282).
ذكر الحافظ في ثنايا ما يستنبط من هذا الحديث ما يشهد لقاعدة «تحصل أعظم المصلحتين بترك أدناهما» ، فقال:«يستفاد من هذا الحديث .... الإتيان بأعظم المصلحتين إذا لم يمكنا معا، وبيانه أنه صلى الله عليه وسلم كان يطيل الجلوس لمصالح الأمة، ويكثر من زيارة أصحابه وعيادتهم، فلما حضره البول وهو في بعض تلك الحالات لم يؤخره حتى يبعد كعادته؛ لما يترتب على تأخيره من الضرر، فراعى أهم الأمرين وقدم المصلحة في تقريب حذيفة منه؛ ليستره من المارة، على مصلحة تأخيره عنه إذ لم يمكن جمعهما» (1)
ويتلخص من كلام الحافظ – رحمه الله – أن التباعد عند قضاء الحاجة مصلحة، ويحصل بها التستر عن أعين الناس، وقد كان هذا من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ولكن لما كان التباعد في بعض الحالات يفوت مصلحة الجلوس للاشتغال بمصالح الأمة، والإكثار من زيارة النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه، فالنبي صلى الله عليه وسلم ترك مصلحة التباعد لتقديم مصلحة أكبر،
(1) فتح الباري (1/ 329)
واستعاض عن التباعد بتقريب حذيفة رضي الله عنه منه، واختار السباطة لأنها رخوة يتخللها البول (1) ويمكن أن يضاف إلى ما سبق أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك لبيان الجواز.
(1) ينظر: فتح الباري (1/ 330).
(2)
الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (1/ 630).
الحديث الثالث: حديث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى ذات ليلة في المسجد فصلى بصلاته ناس ثم صلى من القابلة فكثر الناس، ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أصبح قال:«قد رأيت الذي صنعتم ولم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن تفرض عليكم» وذلك في رمضان
ذكر الحافظ في ثنايا ما يستنبط من هذا الحديث ما يشهد لقاعدة «تحصل أعظم المصلحتين بترك أدناهما» ، فقال:«وفيه تقديم أهم المصلحتين» (1)
ووجه ما ذكره الحافظ – رحمه الله – من تقديم أهم المصلحتين
(1) فتح الباري (3/ 14).
هو أن اجتماع الصحابة رضي الله عنه في المسجد، وصلاة النبي صلى الله عليه وسلم بهم في تلك الليالي المباركة مصلحة ظاهرة، ولكن تعارضها مصلحة أخرى أكبر، وهي أن تبقى الصلوات المفروضة على حالها لا يزاد عليها؛ لئلا تعجز عنها الأمة، وهو صلى الله عليه وسلم رؤوف رحيم بأمته، وقد راجع ربه عز وجل حين فرضت الصلاة خمسين صلاة حتى استقرت على خمس صلوات
الحديث الرابع: حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم، ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم، فقال رجل: يا رسول الله إني أريد أن أخرج في جيش كذا وكذا وامرأتي تريد الحج؟ فقال: اخرج معها (1)»
ذكر الحافظ في ثنايا ما يستنبط من هذا الحديث ما يشهد لقاعدة «تحصل أعظم المصلحتين بترك أدناهما» ، فقال:«قال النووي: وفي الحديث تقديم الأهم فالأهم من الأمور المتعارضة، فإنه لما عرض له الغزو والحج رجح الحج؛ لأن امرأته لا يقوم غيره مقامه في السفر معها، بخلاف الغزو، والله أعلم» (2)
وما ذكره الحافظ عن الإمام النووي (ت: 676 هـ) – رحمهما الله – ظاهر الدلالة لتقديم أهم المصلحتين، وذلك أن خروج هذا الرجل
(1) أخرجه البخاري ح (1862)، ومسلم ح (1341)، وابن ماجه ح (2900)، وأحمد (1/ 222) ح (1934)، وقوله في الحديث: إلا مع ذي محرم: المحرم بفتح الميم، هو زوجها أو من تحرم عليه على التأبيد بنسب كأبيها أو أخيها، أو بسبب مباح من مصاهرة أو رضاع، ويشترط في المحرم أن يكون بالغا عاقلا. ينظر: فيض القدير (6/ 398)، القاموس الفقهي ص (87).
(2)
فتح الباري (4/ 78)، وينظر: شرح النووي على مسلم (9/ 110).
للجهاد في سبيل الله مصلحة ظاهرة، ولكن عارض هذه المصلحة مصلحة أهم، وهي صحبة هذا الرجل لمرأته التي خرجت للحج، وليس معها محرم، ولا يقوم غيره مقامه في السفر معها، بخلاف الغزو الذي يوجد من يسد مكانه.
الحديث الخامس: حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كان رجل في بني إسرائيل يقال له: جريج يصلي، فجاءته أمه فدعته فأبى أن يجيبها، فقال أجيبها أو أصلي ثم أتته فقالت: اللهم لا تمته حتى تريه وجوه المومسات وكان جريج في صومعته فقالت امرأة: لأفتنن جريجا فتعرضت له فكلمته، فأبى فأتت راعيا فأمكنته من نفسها، فولدت غلاما فقالت: هو من جريج، فأتوه وكسروا صومعته فأنزلوه وسبوه، فتوضأ وصلى ثم أتى الغلام فقال: من أبوك يا غلام؟ قال الراعي: قالوا: نبني صومعتك من ذهب قال: لا إلا من طين (1)»
(1) أخرجه البخاري ح (2482)، ومسلم ح (2550)، وأحمد (2/ 307) ح (8057)، وابن حبان كما في الإحسان (6489)، المومسات: جمع مومسة بضم الميم وسكون الواو وكسر الميم بعدها مهملة وهي الزانية ينظر: كتاب العين (7/ 322)، اللسان، ومس (6/ 258)، شرح النووي لصحيح مسلم (16/ 105)، فتح الباري (6/ 481)، والصومعة بفتح المهملة وسكون الواو هي البناء المرتفع المحدد أعلاه، ووزنها فوعلة من صمعت إذا دققت لأنها دقيقة الرأس، ينقطع فيه الرهبان للعبادة، ينظر: اللسان، صمع (8/ 206)، القاموس ص (954)، فتح الباري (6/ 480).
ذكر الحافظ في ثنايا ما يستنبط من هذا الحديث ما يشهد لقاعدة «تحصل أعظم المصلحتين بترك أدناهما» ، فقال:«في الحديث أن الأمرين إذا تعارضا بدئ بأهمهما» (1)
ووجه الدلالة لما ذكره الحافظ – رحمه الله – أن جريجا تعارض عنده أمران ومصلحتان هما: إجابته لأمه حين دعته، واستمراره في صلاته فكان عليه أن يجيب أمه ويقطع صلاته لا سيما وقد تكررت دعوتها له مرات وصلاته تطوع، ولكنه قدم المصلحة الأدنى وهي استمراره في صلاته وترك إجابة أمه، فلذلك ابتلي بأن الله سبحانه وتعالى أجاب دعاء أمه حين دعت عليه بأن لا يمت حتى يرى وجوه المومسات، ولكنه بصدق إيمانه وتقواه وإخلاصه جعل الله له مخرجا حيث أنطق هذا الصبي وهو في المهد بتكذيب المرأة البغي التي اتهمته بأنه زنا بها.
قال القرطبي (ت: 656 هـ): قوله: «يا رب أمي وصلاتي (2)» قول يدل على أن جريجا رضي الله عنه كان عابدا، ولم يكن عالما، إذ بأدنى فكرة يدرك أن صلاته كانت ندبا، وإجابة أمه كانت عليه واجبة، فلا تعارض يوجب عليه إشكالا، فكان يجب عليه تخفيف صلاته أو قطعها، وإجابة أمه،
(1) فتح الباري (6/ 483)، وينظر: شرح النووي على مسلم (16/ 108).
(2)
قوله: «يا رب أمي وصلاتي» هذا لفظ مسلم.
لا سيما وقد تكرر مجيئها إليه، وتشوقها واحتياجها لمكالمته
الحديث السادس: حديث جابر رضي الله عنه قال: «هلك أبي وترك سبع أو تسع بنات فتزوجت امرأة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: تزوجت يا جابر؟ قلت: نعم قال: بكرا أم ثيبا؟ قلت: ثيبا قال: هلا جارية تلاعبها وتلاعبك أو تضاحكها وتضاحكك؟ قلت: هلك أبي فترك سبع أو تسع بنات فكرهت أن أجيئهن بمثلهن فتزوجت امرأة تقوم عليهن قال: فبارك الله عليك (1)»
(1) أخرجه البخاري ح (5367)، ومسلم ح (715)، والترمذي ح (1100)، وابن ماجه ح (1860)، وأحمد (3/ 308) ح (14345).
ذكر الحافظ في ثنايا ما يستنبط من هذا الحديث ما يشهد لقاعدة «تحصل أعظم المصلحتين بترك أدناهما» ، فقال:«يؤخذ منه أنه إذا تزاحمت مصلحتان قدم أهمهما، لأن النبي صلى الله عليه وسلم صوب فعل جابر، ودعا له لأجل ذلك» (1)
ووجه ما ذكره الحافظ – رحمه الله – هو أن جابرا تعارض عنده أمران ومصلحتان، الأولى: أن يتزوج بكرا، وهذا أفضل في حقه، لأن النفس تميل إلى الزواج بالبكر، والثانية: أن يتزوج ثيبا وهذا أفضل بالنسبة لأخواته كي تقوم بمصالحهن، وقد آثر جابر رضي الله عنه هذه المصلحة على المصلحة الأخرى، وقد صوب النبي صلى الله عليه وسلم فعله هذا، وجاء في رواية عند البخاري:«فكرهت أن أجمع إليهن جارية خرقاء مثلهن ولكن امرأة تمشطهن وتقوم عليهن قال: أصبت (2)»
قال القاضي عياض (ت: 544 هـ): «وقول جابر في اعتذاره عن زواج الثيب ما ذكر من قيامها على أخواته، وتصويب النبي صلى الله عليه وسلم ذلك له، ما هو الأولى من إيثار مصلحة الحال والنفس والآل على شهواتها ولذاتها» (3)
وقال القرطبي: «وهذا الحديث يدل على فضل عقل جابر، فإنه
(1) فتح الباري (9/ 123).
(2)
أخرجه البخاري ح (4052).
(3)
إكمال المعلم (4/ 674).
راعى مصلحة صيانة أخواته وآثرها على حق نفسه، ونيل لذته، ولذلك استحسنه منه النبي صلى الله عليه وسلم وقال له: بارك الله لك، وقال له خيرا، وفيه ما يدل على جواز قصد الرجل من الزوجة القيام له بأمور وبمصالح ليست لازمة لها في الأصل، ولا يعاب من قصد شيئا من ذلك» (1)
(1) المفهم (4/ 215).
الحديث السابع: حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «والذي نفسي بيده لولا أن رجالا من المؤمنين لا تطيب أنفسهم أن يتخلفوا عني، ولا أجد ما أحملهم عليه، ما تخلفت عن سرية تغزو في سبيل الله، والذي نفسي بيده لوددت أني أقتل في سبيل الله، ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا ثم أقتل (1)»
ذكر الحافظ في ثنايا ما يستنبط من هذا الحديث ما يشهد لقاعدة: «تحصل أعظم المصلحتين بترك أدناهما» ، فقال:«في الحديث ترك بعض المصالح لمصلحة راجحة أو أرجح أو لدفع مفسدة» (2)
(1) أخرجه البخاري ح (2797) ومسلم ح (1876)، والنسائي ح (3098)، وابن ماجه ح (2753)، وأحمد (2/ 496) ح (10446)، والسرية: طائفة من الجيش يبلغ أقصاها أربعمائة، تبعث إلى العدو، وجمعها: سرايا، سموا بذلك لأنهم يكونون خلاصة العسكر وخيارهم، من الشيء السري: النفيس، وقيل: سموا بذلك لأنهم ينفذون سرا وخفية، ينظر: النهاية (2/ 363)، اللسان، سرى، (14/ 377)، هدي الساري ص (131).
(2)
فتح الباري (6/ 17).
وهذا الاستنباط الذي ذكره الحافظ ظاهر، وهو أن خروج النبي صلى الله عليه وسلم مع كل سرية تقاتل في سبيل الله مصلحة، ولكن عارضها مصلحة أهم، وهي أنه يوجد من المسلمين من لا تطيب نفوسهم بالتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يجد النبي صلى الله عليه وسلم ما يحملهم عليه، فترك النبي صلى الله عليه وسلم الخروج في بعض السرايا مراعاة لهم وشفقة ورحمة بهم.
قال القاضي عياض: «قوله: لولا أن أشق على المؤمنين ما بقيت خلاف سرية، فيه رفقه صلى الله عليه وسلم بأمته ورأفته بهم، وأنه يترك من أعمال البر؛ لئلا يتكلفوه هم فيشق عليهم» (1)
وقال النووي: «قوله: «والذي نفسي بيده لولا أن رجالا من المؤمنين لا تطيب أنفسهم أن يتخلفوا عني ولا أجد ما أحملهم عليه ما تخلفت عن سرية تغزو في سبيل الله (2)» ، فيه: ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من الشفقة على المسلمين والرأفة بهم، وأنه كان يترك بعض ما يختاره للرفق بالمسلمين، وأنه إذا تعارضت المصالح بدأ بأهمها» (3)
(1) إكمال المعلم (6/ 296).
(2)
صحيح البخاري الجهاد والسير (2797)، سنن النسائي الجهاد (3152)، موطأ مالك الجهاد (1012).
(3)
شرح النووي على مسلم (13/ 22).