الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والعفو مع عمل السيئات، مثل قول الله تعالى:{قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (1)، ثم صاروا مع هذا إلى تأويل نصوص الوعيد، ومن تأويلاتهم أن من كفره الشارع فإنما كفره لعدم معرفته بالله ولانتفاء تصديق القلب بالله عز وجل، وكذا أولوا نصوص الوعيد بأنه إنما قصد بها تخويف الناس لينزجروا عما نهوا عنه، وليس للوعيد حقيقة تنطبق عليها (2)
وأهل الوسط (أهل السنة والجماعة) قالوا: إن الإيمان قول واعتقاد وعمل، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، فلا بد من التصديق بالقلب والقول والعمل (3)
(1) سورة الزمر الآية 53
(2)
مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 19/ 150، التكفير في ضوء السنة النبوية 14.
(3)
شرح العقيدة الطحاوية 373، 379، تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد 118، 121.
2ـ
الإعراض والتساهل في الأمور العملية مأمورا بها أو منهيا عنها:
فمن أعرض أو تساهل عن القيام بما أمر الله عز وجل به أو فعل ما نهى الله عز وجل عنه فقد جفا في دين الله عز وجل، وذلك دركات بعضها أعظم من بعض، منها: الإصرار على الصغائر وفعل الكبائر، مثل: ترك الصلاة أو الصيام أو الزكاة أو الحج، أو الإعراض عن شيء من أحكام الإسلام من الترخص الذي يجفو بصاحبه عن
الامتثال، ناهيك عمن يقع في ذلك تحت تبريرات فاسدة، كمن يبرر للاختلاط والسفور، ومعارضة آيات المواريث بتسوية المرأة بالرجل مما جعل لها فيه النصف من نصيب الرجل، ويطعن في شرعية تعدد الزوجات، ومن ينادي بإباحة الربا بحجة الضرورة، ويجوز أكل الخنزير بحجة أن المحرم منها كان خنازير سيئة التغذية، ويسوغ الحكم بغير ما أنزل الله، أو يفتي بجواز زواج الكافر من المسلمة، وغير ذلك من وجوه الجفاء والانحراف نحو التفريط في شريعة الله ودينه، فمن كانت غايته أن يأخذ بالسهل من الأمور وموافقة الأهواء وتقليد الأمم غير الإسلامية من غير نظر في دلالة كتاب ولا سنة على وفق قواعد الاستنباط الصحيح؛ فإن ذلك يؤدي إلى الانسلاخ من الأحكام والابتعاد عن الشرع والتهاون في مسائل الحلال والحرام في المطاعم والمشارب والمعاملات المالية والمناكح وغيرها مدعيا أن لا حرج في الدين والأخذ بالمقاصد دون الدلالات الجزئية ـ فقد أخطأ وضل السبيل، فلا يجوز أن تعارض الصرائح بدلالات متوهمة، ولا أن تنقلب الوسائل غايات أو أن تتغلب الوسائل على الغايات.
وقد اشتدت وطأة الجفاء في هذا الزمان، فصار الأعداء يخططون لإيقاع الأمة فيه، وانجفل معهم أقلام وإعلام في أرض الإسلام تجر الأمة إلى الجفاء جرا، وخطر ذلك على الفرد والأمة عظيم؛ لأنه يخرجها عن وسطيتها ويجعلها رهينة الجفاء، فتصبح الأمة في وضع