الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خالف الصحابة، والتابعين، والأئمة» (1)
ووجه هذه المخالفة أن لفظ الإيمان حيث أطلق في الكتاب والسنة دخلت فيه الأعمال، وإنما يدعى خروجها منه عند التقييد، فالحقيقة هي دخول الأعمال في الإيمان، لا العكس
وبإبطال هذه الحجة ينتهي القول في حجج المرجئة التي أوردها علماء الدعوة في مصنفاتهم حسبما تم الوقوف عليه، والله تعالى أعلم.
(1) مجموعة الرسائل 2/ 2/49.
الفصل الرابع: حكم المرجئة عند علماء الدعوة
جاءت أحاديث فيها ذم المرجئة، منها حديث «صنفان من أمتي ليس لهما في الإسلام نصيب: المرجئة، والقدرية (1)» وحديث «صنفان من أمتي لا تنالهما شفاعتي يوم القيامة: المرجئة، والقدرية (2)» وحديث «صنفان من أمتي لا يردون علي الحوض: القدرية، والمرجئة (3)»
(1) رواه الترمذي: كتاب القدر، باب ما جاء في القدر 6/ 321 رقم 2150، وابن ماجه: المقدمة، باب في الإيمان 1/ 13 رقم 50، وابن أبي عاصم في السنة 2/ 655 رقم 980، وابن بطة في الإبانة الكبرى 2/ 905 رقم 1272.
(2)
رواه: ابن أبي عاصم في السنة 2/ 654 رقم 979، وابن بطة في الإبانة الكبرى 2/ 884 رقم 1220.
(3)
رواه ابن أبي عاصم في السنة 2/ 655 رقم 982، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة 4/ 142 رقم 1157.
ولا ريب أن هذا وعيد شديد لأصحاب هذه البدع، بيد أن أنظار العلماء قد اختلفت في صحة ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم أو لا، والذي يراه الشيخ عبد الله بن الإمام أنها لا تثبت
وعلى كل، فإن البدع مذمومة شرعا، واختلاف أهلها من الاختلاف المذموم، ومن ذلك بدعة الإرجاء، وأهلها من أهل الأهواء
وقد جاء ذمها على لسان السلف، فقد " أنكر السلف على من أخرج الأعمال عن الإيمان إنكارا شديدا، وممن أنكر ذلك على قائله، وجعله قولا محدثا سعيد بن جبير، وميمون بن مهران، وقتادة، وأيوب السجستاني، والنخعي، والزهري، ويحيى بن أبي كثير، وغيرهم.
وقال الثوري: رأي محدث أدركنا الناس على غيره.
وقال الأوزاعي: كان من مضى من السلف لا يعرفون الإيمان إلا العمل (1)
ومع هذا فإن الذم والتحذير من البدعة شيء، والحكم على قائلها بالكفر شيء آخر، ولذلك نجد الشيخ عبد الله بن الإمام يقول: " الذي عليه المحققون من العلماء أن أهل البدع، كالخوارج، والمرجئة، والقدرية، والرافضة، ونحوهم، لا يكفرون؛ وذلك لأن الكفر لا يكون
(1) انظر التوضيح 122، وراجع: جامع العلوم والحكم 1/ 104.
إلا بإنكار ما علم من الدين بالضرورة، ثم قال:
«ولا تختلف نصوص أحمد أنه لا يكفر المرجئة، فإن بدعتهم من جنس اختلاف الفقهاء في الفروع» (1)
فهذا في حق مرجئة الفقهاء، وأما من قال إن الإيمان مجرد المعرفة أو التصديق، فإن السلف اشتد نكيرهم على أهل هذه المقالة، ومنهم من كفر من قال بها
ويذكر الشيخ عبد الله أبا بطين رحمه الله أن المشهور في مذهب الحنابلة، والصحيح منه، هو تكفير المجتهد الداعي إلى القول بخلق القرآن، ونفي الرؤية، ونحو ذلك.
(1) الدرر السنية 10/ 243، 244 - 245، ومجموعة الرسائل 1/ 195، وانظر: الضياء الشارق 383، 384.
قال المجد رحمه الله: الصحيح أن كل بدعة كفرنا فيها الداعية، فإنا نفسق المقلد فيها، كمن يقول بخلق القرآن، أو أن علم الله سبحانه مخلوق، أو أسماءه مخلوقة، أنه لا يرى في الآخرة، أو يسب الصحابة، أو أن الإيمان مجرد الاعتقاد، ونحو ذلك، فمن كان عالما في شيء من هذه البدع، يدعو إليه، ويناظر عليه، فهو محكوم بكفره، نص أحمد على
ذلك في مواضع. انتهى.
فتبين أن الصحيح من المذهب تكفيره، ولم يعذرهم بالجهل
وحصول الاختلاف في تكفير بعض الفرق والطوائف مبني كما يقول الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن رحمه الله على أن بعض أقوالهم قد يبقى معه أصل الإيمان، والتوحيد المانع من الكفر المخرج عن الملة، فمن كفر بعضهم، فهو يحتج بالنصوص المكفرة لهم من الكتاب والسنة، ومن لم يكفر فحجته أن أصل الإسلام الثابت لا يحكم بزواله إلا لحصول مناف لحقيقته، مناقض لأصله، فالعمدة استصحاب الأصل وجودا وعدما (1)
ومبني أيضا على التفريق بين المسائل الخفية والمسائل الظاهرة الجلية، ففي المقالات الخفية التي قد يخفى دليلها على بعض الناس، كما في مسائل القدر، والإرجاء، ونحو ذلك مما قاله أهل الأهواء، فإن بعض أقوالهم تتضمن أمورا كفرية، من رد أدلة الكتاب والسنة المتواترة، فيكون القول المتضمن لرد بعض النصوص كفرا، ولا يحكم على قائله بالكفر؛ لاحتمال وجود مانع الجهل، وعدم العلم بنقض النص، أو
(1) انظر: مصباح الظلام 522.