الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ونقدها، ومع جودة كتبه، فقد كان يقول كما ذكر تلميذه السخاوي (ت 902 هـ):«لست راضيا عن شيء من تصانيفي؛ لأني عملتها في ابتداء الأمر، ثم لم يتهيأ لي من يحررها معي، سوى: «شرح البخاري» ، و «مقدمته» ، و «المشتبه» ، و «التهذيب» ، و «لسان الميزان» ، وأما سائر المجموعات فهي كثيرة العدد واهية العدد، ضعيفة القوى، ظامئة الروى
وكانت وفاته في ذي الحجة سنة 852 هـ، وازدحم الناس في الصلاة عليه وتشييعه، رحمه الله رحمة واسعة.
ثانيا: تعريف موجز بكتاب «فتح الباري» :
كتاب «فتح الباري» هو أجل شروح صحيح البخاري، وأوفاها، وأفضلها، وهو أشهر مصنفات الحافظ ابن حجر، وأكثرها نفعا وفائدة، قال عنه مصنفه:«لولا خشية الإعجاب لشرحت ما يستحق أن يوصف به هذا الكتاب، لكن لله الحمد على ما أولى، وإياه أسأل أن يعين على إكماله منا وطولا» .
وكان الابتداء في تأليفه في أوائل سنة سبع عشرة وثمانمائة، والانتهاء منه في أول يوم من رجب سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة سوى ما ألحق فيه بعد ذلك، فلم ينته إلا قبيل وفاة ابن حجر بيسير.
ووضع ابن حجر مقدمة جليلة لفتح الباري اسماها «هدي الساري» تحدث فيها عن الجامع الصحيح للبخاري ومنزلته بين كتب السنة، ومنهج البخاري في صحيحه، وذكر الأحاديث المنتقدة فيه، والإجابة عليها، وذكر الرجال الذين تكلم فيهم من رجال البخاري، والإجابة عن ذلك، وتحدث عن التعليق في صحيح البخاري وسببه، ووصل ما فيه من تعليق على سبيل الاختصار، وضبط فيها الكلمات الغريبة والأسماء المشكلة الواردة في أحاديث الجامع الصحيح، وختم المقدمة بتحرير عدد أحاديث الجامع الصحيح، وبترجمة وافية للإمام البخاري.
وعقب فراغه من المقدمة شرع في الشرح، وأطال فيه النفس، وكتب منه قطعة قدر مجلد، ثم خشي الإسهاب وألا يستطيع إكمال الشرح، فابتدأ في شرح متوسط.
وقد اعتنى الحافظ ابن حجر – رحمه الله – في شرحه بالصناعة الحديثية والفقهية، وبيان معاني الألفاظ وضبطها وإعرابها، والأحكام والفوائد المستفادة من الأحاديث، والمباحث الأصولية، والنكات الأدبية والبلاغية، وامتاز بجمع طرق الحديث، وذكر رواياته في كتب السنة الأخرى، وتوسع في ذكر الشواهد والأحاديث الواردة في الباب، وحكم على كثير من أسانيدها، وطريقته في الأحاديث المكررة أنه يشرح في كل موضع ما يتعلق بالباب، وما ترجم له البخاري، ويحيل القارئى إلى المواضع الأخرى التي استكمل فيها شرح الحديث.
ولما كمل فتح الباري تصنيفا ومقابلة، عمل مصنفه رحمه الله وليمة عظيمة لهذه المناسبة في يوم السبت ثامن شعبان سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة، وكان يوما مشهودا حضره وجوه الناس من العلماء والمشايخ وطلبة العلم وغيرهم.
وقد عظم الانتفاع بكتاب «فتح الباري» ، وتداوله العلماء، وأصبح مرجعا لا يستغنى عنه، واستفاض الثناء عليه، حتى إن العلامة محمد بن علي الشوكاني (ت 1255 هـ) لما طلب منه أن يشرح الجامع الصحيح للبخاري قال:«لا هجرة بعد الفتح» (1) وصرح كثير من العلماء أن فتح الباري ليس له نظير من شروح البخاري
(1) ينظر: فهرس الفهارس (1/ 338).