الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهو الإيمان المطلق، كما قال أهل الحديث.
قالوا: فإذا ذهب شيء منه لم يبق مع صاحبه من الإيمان شيء، فيخلد في النار.
وقالت المرجئة على اختلاف فرقهم: لا تذهب الكبائر، وترك الواجبات الظاهرة شيئا من الإيمان؛ إذ لو ذهب شيء منه لم يبق منه شيء، فيكون شيئا واحدا يستوي فيه البر والفاجر.
ونصوص الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه تدل على ذهاب بعضه وبقاء بعضه، كقوله:«يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان (1)» (2)
فإذا اتفاق المرجئة على أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص مبني على هذا الأصل البدعي، وهو أن الإيمان شيء واحد، يستوي فيه البر والفاجر، وهذا الأصل سيأتي بعون الله إبطاله في فصل نقض حجج المرجئة.
(1) رواه الترمذي في الجامع: كتاب صفة جهنم، باب آخر أهل النار خروجا وآخر أهل الجنة دخولا: 7/ 263 رقم 2601، ونحوه عند مسلم 3/ 73 رقم 193.
(2)
الفتاوى 7/ 223، ونقله الشيخ عبد اللطيف في: مصباح الظلام 592 - 593.
المبحث الثالث: حكم الاستثناء في الإيمان عند المرجئة
وجه سؤال للشيخ حمد بن عتيق عن حكم الاستثناء في الإيمان، فقام رحمه الله بسياق كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في هذه المسألة، والمتضمن
بيان مقالة المرجئة في هذه المسألة، وأنهم في ذلك على مذهبين:
المذهب الأول: أنه لا يجوز الاستثناء في الإيمان.
والقائلون بذلك هم المرجئة الفقهاء، والجهمية، ونحوهم ممن يجعل الإيمان شيئا واحدا، يعلمه الإنسان من نفسه، كالتصديق بالرب، ونحو ذلك مما في قلبه.
فيقول: أحدهم: أنا أعلم أني مؤمن، كما أعلم أني قرأت الفاتحة، فمن استثنى في إيمانه فهو شاك عندهم، فهذا هو مستندهم في منع الاستثناء (1)
ولأجل ذلك أحدثوا بدعة السؤال عن الإيمان، فيقول أحدهم: أمؤمن أنت؟
ومرادهم تصحيح معتقدهم أن الإيمان شيء واحد، لا يتعدد، وقد فطن أئمة السنة لمقصدهم، فصاروا يكرهون الجواب، أو يفصلون فيه.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وقد كان أحمد وغيره من السلف مع هذا يكرهون سؤال الرجل غيره: أمؤمن أنت؟ ويكرهون الجواب؛ لأن هذا بدعة أحدثها المرجئة؛ ليحتجوا بها لقولهم، فإن الرجل يعلم من نفسه أنه ليس بكافر، بل يجد قلبه مصدقا لما جاء به الرسول، فيقول: أنا مؤمن، فلما علم السلف مقصودهم صاروا يكرهون
(1) انظر: هداية الطريق 193 - 194، 196، والدرر السنية 1/ 551 - 552، 555، وراجع: الفتاوى 7/ 429.