الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
7 -
الخاتمة
بعد هذه الجولة في أقوال العلماء واختلافهم في
لبس الثياب الحمر للرجال
؛ وجدت:
1 -
أن العلماء- رحمهم الله تعالى- لم يتركوا من المسائل مسألة إلا بحثوها، ولا مشكلة إلا بينوها، ولا معضلة إلا وضعوا لها الحلول؛ فرحمهم الله تعالى ونفعنا بعلومهم.
2 -
أن العلماء اهتموا بالدليل في كل ما بحثوه من العلم، وهذا يجعلنا نسير على هدى من سيرتهم في البحث في المسائل التي نريد بحثها.
3 -
أن الفقهاء يقولون بالقول إذا رأوا أن لهذا القول وجاهته؛ سواء من حيث وجودُ دليل له، أو من حيث نظرة المجتمع إلى صاحبه؛ كما رأينا الإمام الطبري رحمه الله كره الأحمر؛ لأنه ليس من لبس أهل المروءة.
4 -
أن على المسلم أن يراعي نظر الناس إلى ما يلبسونه ولا يخرج عن عادتهم؛ ولو لم يكن محرَّمًا؛ حتى لا يقع الناس فيه، ولا يكون لباسه لباس شهرة.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
بيان من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
بوجوب صلاة الجماعة في المساجد في حق الرجال
الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. أما بعد:
فإن إقامة الصلاة في الجماعة في المساجد من سنن الهدى ومن شعائر الإسلام الظاهرة قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه مبينًا سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وعمل الصحابة رضي الله عنهم في ذلك قال: «من سره أن يلقى الله غدًا مسلمًا فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن فإنهن من سنن الهدى. وإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى. وإنكم لو صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم. وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة ويرفعه بها درجة ويحط بها عنه سيئة. ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق. ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف» (1). رواه مسلم في صحيحه فقد بين رضي الله عنه أن صلاة الجماعة في المساجد من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم الواجبة الاتباع وأن الصحابة رضي الله عنهم عملوا بها فحافظوا على صلاة الجماعة في المساجد وأنكروا على من
(1) صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (654)، سنن أبو داود الصلاة (550)، سنن ابن ماجه المساجد والجماعات (777)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 415).
تخلف عنها وأن من عادة المنافقين في زمانهم التخلف عن صلاة الجماعة في المساجد، فليحذر المسلم من أن يشابه أولئك القوم في تخلفه عن الصلاة في المسجد مع جماعة المسلمين، وهذا كله مأخوذ من أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم وأفعاله في صلاة الجماعة. من ذلك ما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:«أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل أعمى فقال: يا رسول الله إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد فرخص له، فلما ولى دعاه فقال: هل تسمع النداء بالصلاة. قال: نعم. قال: فأجب» (1) وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلاّ من عذر» (2) قال الحافظ ابن حجر في البلوغ: رواه ابن ماجه والدارقطني وابن حبان والحاكم. وإسناده على شرط مسلم لكن: رجح بعضهم وقفه. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيحتطب. ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها. ثم آمر رجلاً فيؤم الناس. ثم أخالف إلى رجال لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم» (3). الحديث متفق عليه واللفظ للبخاري. وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا» . متفق عليه فهذه الأحاديث تدل على وجوب الذهاب إلى المسجد بعد الأذان لأداء الصلاة في الجماعة. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: لا ينبغي له أن يترك حضور
(1) صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (653)، سنن النسائي الإمامة (850).
(2)
سنن أبو داود الصلاة (551)، سنن ابن ماجه المساجد والجماعات (793).
(3)
صحيح البخاري الأذان (644)، صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (651)، سنن الترمذي الصلاة (217)، سنن النسائي الإمامة (848)، سنن أبو داود الصلاة (548)، سنن ابن ماجه المساجد والجماعات (791)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 537)، موطأ مالك النداء للصلاة (292)، سنن الدارمي الصلاة (1212).
المسجد إلاّ لعذر كما دلت على ذلك السنن والآثار والصلاة في المساجد من أكبر شعائر الدين وعلاماته وفي تركها بالكلية أو في المسجد محو لآثار الصلاة بحيث إنه يفضي إلى تركها ولو كان الواجب فعل الجماعة لما جاز الجمع للمطر ونحوه وترك الشرط وهو الوقت لأجل السنة ومن تأمل الشرع المطهر علم أن إتيان المسجد لها فرض عين إلا لعذر. انتهى.
وفي هذه الأيام تنشر بعض الصحف مقالات لبعض الكتاب يهونون فيها من أهمية صلاة الجماعة في المسجد نظرًا لأن بعض العلماء قال إنها سنة، ولهذا يستنكرون أمر الناس بها، ويستنكرون إغلاق المحلات التجارية وقت الصلاة، ولا شك أن الواجب هو اتباع الدليل من الكتاب والسنة فيما دلا عليه من وجوب صلاة الجماعة في المسجد، فهما حجة على من خالف في ذلك وفي غيره، وترى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء أن التهوين من أمر هذه الشعيرة في قلوب المسلمين مخالف لنصوص الكتاب والسنة، ويخشى على من قال ذلك أن يكون داخلا في عموم قول الله تعالى:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُبِينًا} (الأحزاب: آية 36)، وقوله تعالى:{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (النور: آية 63). قال الإمام أحمد رحمه الله عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته يذهبون إلى رأي
سفيان والله تعالى يقول: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} (النور: آية 63) وأما إغلاق المحلات التجارية حتى تقضى الصلاة فذلك لأجل أداء صلاة الجماعة. قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} (المنافقون: آية 9) وقال تعالى عن المساجد: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ (36) رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ} (النور: آية 36، 37) قال ابن كثير في تفسيره: وقال مطر الوراق: كانوا يبيعون ويشترون ولكن كان أحدهم إذا سمع النداء وميزانه في يده خفضه وأقبل إلى الصلاة، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس:{لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} (النور: آية 37) يقول عن الصلاة المكتوبة وكذا قال الربيع بن أنس ومقاتل بن حيان، وقال السدي يعني الصلاة في جماعة وأما أنه يكون هناك رجال يتتبعون الناس المتكاسلين فيأمرونهم بالذهاب إلى المساجد لصلاة الجماعة فهذا من هدي السلف الصالح ومما لا يتم الواجب إلا به وكان هديه صلى الله عليه وسلم تنبيه الناس في الطريق وإقامتهم إلى الصلاة فكان صلى الله عليه وسلم لا يمر برجل إلا ناداه بالصلاة أو حركه برجله رواه أبو داود وسكت عليه محتجًا به. وكان عمر وعلي رضي الله عنهما يوقظان الناس لصلاة الفجر كما ثبت ذلك في سيرهما وجرى عليه العمل في هذه
البلاد قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله كما جاء في الدرر السنية (4/ 418) يلزم الأمير أن يلزمهم تفقد الناس في المساجد حتى يعرف من يتخلف عن الصلاة ويتهاون بها ويجعل للناس نوابا للقيام على الناس بالاجتماع للصلاة في جميع البلدان. فإن هذا مما شرعه الله ورسوله وأوجبه كما دل على ذلك الكتاب والسنة. وقد ورد الزجر والوعيد على المتخلفين عن الصلوات الخمس في المساجد حيث ينادى لها والأحاديث في هذا المعنى كثيرة. ومن المعلوم أن الصلاة لا تقام إلا بالاجتماع لها. والتهاون بذلك من أسباب إضاعتها. وذلك يوجب عقوبة الدنيا والآخرة كما قال تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} (مريم: آية 59) انتهى.
هذا ولصلاة الجماعة في المساجد فوائد عظيمة: منها أن فيها أداء شعيرة عظيمة من شعائر الإسلام.
ومنها: أن فيها براءة من النفاق. كما قال الله تعالى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ} (التوبة: آية 18) أي يعمرها بالصلاة فيها والتردد عليها.
ومنها: أن المصلي في الجماعة يبتعد منه الشيطان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما من ثلاثة في قرية لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان فعليكم بالجماعة فإنما يأكل الذئب
من الغنم القاصية» رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما والحاكم. وزاد رزين في جامعه: «وإن ذئب الإنسان الشيطان إذا خلا به أكله» .
ومنها: أن الصلاة في الجماعة يحصل بها التعارف والتآلف والتعاون بين المسلمين إلى غير ذلك من المصالح العظيمة. ولذلك شرع الله بناء المساجد وتهيئتها لاجتماع المصلين فيها.
وفق الله الجميع للعلم النافع والعمل الصالح. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو الرئيس
صالح بن فوزان الفوزان عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ
عضو عضو عضو
عبد الله بن محمد المطلق محمد بن حسن آل الشيخ عبد الله بن محمد بن خنين
حديث شريف
عن أبي هرير رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالاً يرفع الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم» (1) رواه البخاري
(1) صحيح البخاري الرقاق (5997)، صحيح مسلم الزهد والرقائق (5303)، سنن الترمذي الزهد (2236)، مسند أحمد (2/ 334)، موطأ مالك الجامع (1563).