الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عبد الرزاق: «في بَطِيءِ قِيامِي» (1).
وقد اسْتَدَلَّ العلامة بَدْرُ الدِّينِ العَيْنِيُّ بهذا الحديث على إدراك الرَّكْعَة بإدراك الرُّكُوع، فقال:((وهذا يدل على أن المقتدي إذا لحق الإمام وهو في الرُّكُوع، فلو شرع معه، ما لم يرفع رأسه، يصير مدركًا لتلك الرَّكْعَةِ)) (2)
(1) أخرجه الإمام أحمد في ((المسند)):4/ 176 وعبد الرزاق في ((المصنف)): 2/ 153، ومن طريقه أخرجه ابن سعد في ((الطبقات)):7/ 432، وأخرجه البخاري في ((التاريخ الكبير)):8/ 446. قال الهيثمي: ((رواه أحمد، ورجاله ثقات، إلا أن الذي رواه عن ابن مسعدة: عثمان بن أبي سليمان، وأكثر روايته عن التابعين، والله أعلم)). ((مجمع الزوائد)): 2/ 77. وروى الطبراني في ((الكبير)) عن جبير بن مطعم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((إني قد بدنت فلا تبادروني بالقيام في الصلاة والرُّكُوع والسُّجُود)) ورجاله رجال الصحيح. ((مجمع الزوائد)): 2/ 78. ويشهد له أيضًا حديث معاوية بن أبي سفيان السالف من رواية أبي داود وغيره. وانظر: التعليق على ((المسند)) للإمام أحمد بإشراف الأرناؤوط: 29/ 133.
(2)
((عمدة القاري شرح البخاري)) للعيني: 5 153.
الدليل الخامس:
روى الحاكمُ في ((المستدرك)) عن عبد الله بن الزُّبَيْر، رضي الله عنهما، أنه قال على المنبر: «إذا دخل أحدُكم المسجدَ والنَّاسُ ركوعٌ فَلْيركَعْ حين يدخلُ، ثم لِيَدِبَّ راكعًا حتى يدخلَ في
الصفِّ، فإنَّ ذلك من السنَّة» قال عطاء: وقد رأيته هو يفعل ذلك (1)
وهذا قاله ابن الزُّبَيْر وعلّمه الناس على المنبر بمحضرٍ من الصَّحابة وهم جمعٌ عظيم، ولم يُنكره أحدٌ منهم رضي الله عنهم جميعًا- وهذا وأمثاله له حكم الحديث المرفوع؛ فإنَّ قول الصحابيِّ المعروفِ بالصحبة: أُمِرْنَا بكذا أو نُهِينَا عن كذا، أو مِنَ السنَّة كذا، وما أشبهه، كلُّه من نوعِ الحديثِ المرفوعِ والمسندِ إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم-عند أصحاب الحديث، على الصحيح الذي قاله جمهور العلماء، ولا فرق في ذلك بين قوله في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو بعده؛ لأنَّ مطلق ذلك ينصرف بظاهره إلى مَنْ له الأمر والنهيُ ومَنْ يجبُ اتِّباعُ سنَّتِه، وهو رسول الله صلى الله
(1) أخرجه الحاكم في ((المستدرك)): 1/ 214، وقال:((صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه))، ووافقه الذهبي، ورواه عبد الرزاق في ((المصنف)):/ 284، وابن المنذر في ((الأوسط)): 4/ 187، والبَيْهَقِيّ في ((السنن)): 3/ 106، والطبراني في ((الأوسط)): 8/ 11 برقم (7012) بزيادة: ((قال ابن جريج: وقد رأيت عطاء يصنع ذلك، ثم قال: لم يروِ هذا الحديثَ عن ابن جُرَيج إلا ابن وهب، تفرَّد به حرملةُ، ولا يُروى عن ابن الزبير إلا بهذا الإسناد)). وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)):2/ 96 ((رواه الطبراني في ((الأوسط)) ورجاله رجال الصحيح))، ويشهد له ما سيأتي من الآثار عن الصحابة رضي الله عنهم. وانظر:((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) للألباني: 1/ 401 - 403.
عليه وسلم، ولأنَّ مقصودَ الصحابيِّ بيانُ الشرع، لا بيان اللغة والعادة، والشرعُ يُتَلَقَّى من الكتاب والسنة والإجماع والقياس. ولا يصحّ أن يريدَ بقوله ذاك أمْرَ الكتاب؛ لكون ما في الكتاب مشهورًا يعرفه الناس، ولا الإجماعَ؛ لأنَّ المتكلِّمَ بهذا من أهل الإجماع ويستحيل أنْ يأمر نفسَه، ولا القياسَ؛ إذْ لا أَمْرَ فيه، فتعيّن كونُ المراد أمْرَ الرسول صلى الله عليه وسلم وهكذا قولُ الصحابيِّ:((من السنة كذا))، فالأصحُّ أنَّه مُسْنَدٌ مرفوعٌ؛ لأنَّ الظاهر أنَّه لا يريد به إلا سنَّةَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وما يجب اتِّباعُهُ.
وقد روى البخاريُّ في ((صحيحه)) من حديث ابنِ شهابٍ عن سالمِ بنِ عبد الله بنِ عمرَ، عن أبيه في قصته مع الحَجَّاج حين قال له:«إن كنتَ تريد السنَّة فَهَجِّرْ بالصلاة يومَ عرفةَ. . . قال ابن شهاب: فقلتُ لسالمٍ: أفَعَلَ ذلك رسولُ الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: وهل يتَّبِعُونَ إلا سنَّتَه» (1) فَنَقَلَ سالمٌ - وهو أحد الفقهاء السبعة من أهل المدينة وأحد الحفَّاظ من التابعين- عن الصحابة أنهم إذا
(1) انظر: ((صحيح البخاري)) كتاب الحج، باب الجمع بين الصلاتين بعرفة:3/ 513 مع فتح الباري، ((سنن البيهقي)): 5/ 114. قال ابن حجر في ((الفتح)): وللكشميهني (يبتغون في ذلك) من الابتغاء أي لا يطلبون في ذلك الفعل إلا سنة النبي صلى الله عليه وسلم. ونقلها السيوطي في ((تدريب الراوي)) بلفظ (وهل يعنون. .).