الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(في التلول) جمع تل وهي الرّابية.
(إنّ شدّة الحرّ من فيح جهنّم) قال الخطّابي: معناه سطوع حرّها وانتشاره، وأصله في كلامهم السّعة والانتشار، ومنه أرض فيحاء أي. واسعة. ومعنى الحديث يحمل على وجهين؛ أحدهما: أن شدة حر الصيف من وهج حرّ جهنّم في الحقيقة، وروي أن الله سبحانه أذن لجهنم في نفسين نفس في الشتاء ونفس في الصيف فأشدّ ما تجدون من الحرّ في الصيف فهو من نفسها، وأشدّ ما تجدونه من البرد في الشتاء فهو منها، والوجه الآخر: أنّ هذا خرج مخرج التشبيه والتقريب، أي كأنّه نار جهنم في الحرّ، فاحذروها واجتنبوا ضررها.
(دحضت الشمس) بفتح الدّال والحاء المهملتين والضاد المعجمة، أي: زالت.
***
[باب في وقت صلاة العصر]
(قبل أن تظهر) أي: تصعد وتعلو على الحيطان.
(الزبرقان) بكسر الزّاي وسكون الباء الموحّدة وكسر الرّاء وقاف وألف ونون.
(عن زيد بن ثابت قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلّي الظهر) الحديث. هذا دليل على أن الصّلاة الوسطى هي الظهر وهو اختياري، وقد بسطته في حواشي الرّوضة. قال في النّهاية: الظهر اسم لنصف النهار سمّي به من ظهيرة الشمس، وهو شدّة حرّها، وأضيفت الصلاة إلى هذا الوقت، وقيل أضيفت إليه لأنّه أظهر أوقات الصلاة للأبصار، وقيل أظهرها حرًّا، وقيل: لأنّها أوّل صلاة أظهرت (1) وصلّيت.
(بالهاجرة) هي اشتداد الحرّ نصف النّهار.
(ولم يكن يصلّي صلاة أشدّ على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منها) في رواية أحمد والنسائي من طريق الزبرقان أنّ رهطًا من قريش أرسلوا إلى زيد بن ثابت يسألونه عن الصلاة الوسطى، فقال: هي الظهر، ثمّ سألوا أسامة بن زيد فقال: هي الظهر، إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلّي الظهر بالهجير فلا يكون وراءه إلّا الصفّ والصفّان والنّاس في قائلتهم وتجارتهم، فأنزل الله:{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لينتهينّ رجال أو لأحرقنّ بيوتهم".
(1) في ج: "ظهرت".
قال الشيخ وليّ الدّين العراقي: استدلّ زيد بن ثابت على أنّ الصلاة الوسطى هي الظهر، بأنّها كانت أشقّ الصّلوات على الصّحابة بسبب كونها في شدّة الحرّ، فأنزل الله هذه الآية يحضّهم على المحافظة عليها ويؤكّد عليهم في ذلك، وهذا استدلال ظاهر يقوي قبوله لصدوره من الصحابي الذي شاهد (1) الوحي والتنزيل. انتهى.
(فكانت بين قرني شيطان) قال الخطّابي: اختلفوا في تأويله على وجوه، فقيل معناه مقارنة الشيطان الشمس عند دنوّها للغروب، على ما روي أن الشيطان يقارنها إذا طلعت، فإذا ارتفعت فارقها، فإذا استوت قارنها، فإذا زالت فارقها، فإذا دنت للغروب قارنها، فإذا غربت فارقها، فحرّمت الصّلاة في هذه الأوقات لذلك، وقيل: معنى قرن الشيطان قوّته، من قولك أنا مقرن لهذا الأمر أي مطيق له قويّ عليه، وذلك لأنّ الشيطان إنّما يقوى أمره في هذه الأوقات لأنّه يسوّل لعَبَدة الشمس أن يسجدوا لها في هذه الأوقات الثلاثة، وقيل: قرنه حزبه وأصحابه الذين يعبدون الشمس، يقال: هؤلاء قرن أي: نشوء جاءوا بعد قرن مضوا، وقيل إن هذا تمثيل وتشبيه وذلك أن تأخير الصلاة إنّما هو من تسويل الشيطان لهم وتسويفه وتزيينه ذلك في قلوبهم، وذوات القرون إنّما تعالج الأشياء وتدفعها بقرونها،
(1) في ج: "شاهدى".
فكأنهم لما دافعوا (1) الصلاة وأخّروها عن أوقاتها بتسويل الشيطان لهم حتى اصفرّت الشمس، صار ذلك منه بمنزلة ما يعالجه ذوات القرون بقرونها وتدفعه بأرواقها (2)، وقيل: إنّ الشيطان يقابل الشمس حيث طلوعها وينتصب دونها حتى يكون طلوعها بين قرنيه، وهما جانبا رأسه، فينقلب سجود الكفار للشمس عبادة له، وقرنا الرأس فوداه وجانباه.
(قام فنقر أربعًا) أي: لم يمكّن ركوعها ولا سجودها، شبّه سرعة حركاته بنقر الطائر كأنّه لم يمكث في السّجود إلّا قدر ما يمكث الطائر إذا وضع منقاره ليلتقط شيئًا.
(لا يذكر الله فيها إلّا قليلًا) قال القرطبي: أي لسرعة حركاته فيها، أو ليرائي بالقليل الذي يذكره عند تخيّله من يلاحظه من الناس.
(الذي يفوته (3) صلاة العصر) قيل المراد فواتها بغروب الشمس، وقيل باصفرارها، وقيل بخروج وقتها المختار، وقيل: المراد فواتها (4) في الجماعة.
(فكأنّما وتر أهله وماله) أي: نقص أو سلب وبقي وترًا فردا بلا أهل ولا مال، قال الخطّابي: يريد فليكن حذره من فواتها كحذره من فوات أهله وماله.
***
(1) في أ: "دفعوا".
(2)
جمع روق: القَرن.
(3)
كذا في أوب، وفي ج وسنن أبي داود المطبوع:"تفوته".
(4)
في ج: "فوات وقتها".