الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(لمّا بدن) قال أبو عبيد: روي بالتخفيف وإنَّما هو بالتشديد، أي كبر وأسن، والتخفيف من البدانة وهي كثرة اللَّحم، ولم يكن صلى الله عليه وسلم سمينًا.
***
[باب النداء يوم الجمعة]
(على الزوراء) بفتح الزّاي وسكون الواو وراء ممدودة، دار بالسوق.
***
[باب الرجل يخطب على قوس]
(شهاب بن خراش) بإعجام الخاء والشين وراء.
(حدّثني شعيب بن رزيق الطائفي) بتقديم الرَّاء على الزاي.
(الحكم بن حزن) بالزاي والنون (الكلفي) بضمّ الكاف وفتح اللّام، ليس له غير هذا الحديث.
(أنّ خطيبًا خطب عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من يطع الله ورسوله ومن يعصهما، فقال: قم أو اذهب بئس الخطيب أنت) قال النَّووي: قال القاضي عياض وجماعة من العلماء إنّما أنّكر عليه لتشريكه في الضّمير المقتضي (للتسوية)(1)، وهذا ضعيف، والصواب أن سبب النهي أنَّ الخطب شأنها البسط والإيضاح، واجتناب الإشارات والرموز، وقد تكرّر مثل هذا الضمير في الأحاديث الصَّحيحة، منها الحديث الذي (يلي) (2) هذا في سنن أبي داود حيث قال فيه:
(1) في أ: "التسوية".
(2)
كذا في ب وج، وفي أكتب ذلك في الأصل غير أن الناسخ في الهامش كتب. مصحّحًا:"قبله".
(من يطع الله ورسوله فقد رشد) بفتح الشِّين، قال القاضي تاج الدِّين (بن) (1) السبكي في الطبقات الكبرى: قرأ الشيخ شهاب الدّين بن المرحَّل على الحافظ جمال الدّين المري، فجرى على لسانه "رشِد" بكسر الشين، فردَّ عليه المزّي "رشَد" بالفتح، وقال له: قال الله تعالى: {لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} ومراده أن "يفعُل" إنّما يكون مضارعًا لـ"فَعِل"(2) ولا قائل به هنا، أو "لفَعَل" (3) وهو المدَّعى. فقال له ابن المرحّل: وكذلك قال تعالى: {فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا} ، فسكت المزّي. يعني أنّ "فعلا" بالتحريك إنّما يكون مصدرًا لفعِل بالكسر كفرح فرحًا، قال الشيخ جمال الدّين بن هشام: ورأيت في كتاب سيبويه رشِد يرشَد رشدًا مثل سخط يسخط سخطًا، قال: وهذا عين ما ذكره شيخنا ابن المرحّل فلله درّه قد جاء السماع على وفق قياسه.
قال ابن السبكي: لا يغنيه هذا السماع الغريب و (لا)(4) القياس في كتب الحديث، لأنّها إنّما تقرأ على جادة اللغة كما وقعت الرواية به، والرواية لم تقع إلَّا على ما قاله المزّي وهو مشهور اللّغة. انتهى.
(1) غير موجود في ج.
(2)
في أ: "يفعل".
(3)
في ج: "يفعل".
(4)
في أ: "لا به".
(ومن يعصهما فإنّه لا يضرّ إلَّا نفسه) وقال الشيخ عزّ الدّين بن عبد السلام: من خصائصه صلى الله عليه وسلم أنَّه كان يجوز له الجمع في الضمير بينه وبين ربّه تعالى، كقوله:"أن يكون الله ورسوله أحبَّ إليه ممِّا سواهما"، وقوله:"من يعصهما فإنَّه لا يضرّ إلَّا نفسه" وذلك ممتنع على غيره، وكذلك أنكر على الخطيب، قال: وإنَّما امتنع من غيره دونه لأنّ غيره إذا جمع أوهم إطلاقه التسوية، بخلافه هو فإنَّ منصبه لا يتطرَّق إليه إيهام ذلك.
قال العلائي في كتاب الفصول المفيدة في الواو المزيدة: قيل في الجمع بين هذه الأحاديث وجوه؛ أحدها: أن هذا خاصّ بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم فإنّه يعطي مقام الرّبوبية حقّه وأن لا يتوهم فيه تسوية له بما عداه أصلًا بخلاف غيره من الأمَّة، فإنّه مظنّة التسوية عند الإطلاق والجمع (في)(1) الضمائر بين اسم الله وغيره، فلهذا جاء الإتيان بالجمع بين الاسمين بضمير واحد في كلام النبيّ صلى الله عليه وسلم في الحديثين المشار إليهما، وفي قوله صلى الله عليه وسلم أيضًا:"من كان الله ورسوله أحبَّ إليه ممِّا سواهما" وغير ذلك، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم] (2) ذلك الخطيب بالإفراد كيلا يوهم كلامه التسوية، وهو مثل الحديث المتقدّم من قوله صلى الله عليه وسلم:"لا تقولوا: ما شاء الله وشئت، قولوا: ما شاء الله ثمّ شئت" وهذا يرد عليه أن حديث ابن مسعود المتقدِّم فيه تعليم النبيّ صلى الله عليه وسلم أمَّته تلك الخطبة ليقولوها عند الحاجة وفيه: "ومن يعصهما"، فيدل على عدم الخصوصية به، إلَّا أن يقال يؤخذ من مجموع الحديثين أن يقولوا في خطبة الحاجة ومن يعصي الله ورسوله، لا بجمع (3) ألفاظها، وفيه نظر. وثانيها: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم حيث أنكر على ذلك الخطيب كان هناك من يتوهَّم منه التسوية بين المقامين عند الجمع بين الاسمين بضمير واحد، فمنع من ذلك، وحيث لم يكن هناك من يلتبس عليه أتى بضمير الجمع، وهذا لعلَّه أقرب من الذي قبله. وثالثها: أنَّ ذلك المنع لم يكن على وجه التحتّم، بدليل الأحاديث
(1) في أ: "بين".
(2)
ما بين المعكوفين غير موجود في أ.
(3)
في ج: "بجميع".
الأخر (1)، بل على وجه النَّدب والإرشاد إلى الأولوية لما في إفراد اسم الله تعالى بالذكر من التعظيم اللَّائق بحاله، وهذا يرجع في الحقيقة إلى ما قاله أئمّة الأصول أوَّلا لكن بزيادة أنَّ ذلك ليس حتمًا، وحينئذٍ فلا تكون الواو مقتضية للترتيب. ورابعها: أن ذلك الإنكار كان مختصًّا بذلك الخطيب، وكأنّ النبي صلى الله عليه وسلم فهم عنه أنَّه لم يجمع بينهما في الضمير إلَّا لتسوية بينهما في المقام، فقال له:"بئس الخطيب أنت"، فيكون ذلك مختصًّا بمن كان حاله كذلك. ولعلّ هذا الجواب هو الأقوى لأنَّ هذه القصّة واقعة عين، وما ذكرناه محتمل ويؤثّر هذا الاحتمال فيها أن تحمل على العموم في حقّ كلّ أحد، فإذا انضمّ إلى ذلك حديث أبي داود الذي علّم فيه النبي صلى الله عليه وسلم أمّته كيفية خطبة الحاجة، وفيها "ومن يعصهما" بضمير التثنية قوي ذلك الاحتمال، وهذا مثل ما قيل في قوله صلى الله عليه وسلم:"لا تفضّلوني على موسى" مع قوله: "أنا سيِّد ولد آدم"، فقيل في الجمع بينهما وجوه، منها أنَّ الذي منعه من التفضيل فهم منه غضًّا من منصب موسى عليه السلام عند التفضيل عليه فمنعه منه، فيكون ذلك مختصًّا بمن هو مثل حاله، والعلم عند الله تعالى.
(غوى) روي بفتح الواو وكسرها، قال عياض: والصواب الفتح.
(قصدًا) أي: متوسّط بين الطّول والقصر.
(1) في ج: "الأخرة".