الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم إنني وأمثالي من الذين يكتبون في أحوال الأسر سيذكرون ذلك ويسجلونه للأجيال اللاحقة.
أصدقاء من التواجر:
كما كان لوالدي رحمه الله أصدقاء من أسرة التويجري كان لي أصدقاء منهم، ولكن كان لي تلاميذ كثر منهم يبلغون العشرات ممن درسوا في المعهد العملي في بريدة إبان إدارتي له.
وكان من أصدق الأصدقاء في بريدة الأستاذ صالح بن إبراهيم التويجري رحمه الله، فكان صديقا كريمًا نبيهًا محبوبًا من الجميع، وكنت عزمت على أن أستعين به في بيان الشخصيات البارزة من (التواجر) من المتأخرين في الزمن منهم، ولكن المنية اخترمته ونحن أحوج ما نكون إليه رحمه الله.
أما في مكة فإن الشيخ صالح بن محمد التويجري - المقطر - كان من حسنات التواجر، بل من حسنات الدهر كما كان الأدباء والمؤرخون القدماء يعبرون به لمن هو مثله.
فكان إلى جانب مرتبته العالية (عضو في محكمة التمييز في المنطقة الغربية) وكان يشغل عدة وظائف قضائية قبل ذلك، حريصًا على فعل الخير، وعلى إسعاف المحتاجين وبخاصة من الطلبة والمهاجرين في مكة المكرمة إلى درجة أنه استعمل علاقاته الطيبة بل الحميمة ببعض الأمراء والتجار المحبين للخير، فحصل منهم على تبرعات أنشأ بها دارا في مكة المكرمة للمحتاجين من طلبة العلم الفقراء ومن غيرهم وجعلها بمثابة الفندق المجاني بل الذي فيه إضافة إلى السكن - خدمات مجانية.
وكان يسعى بالخير والشفاعة الحسنة لدى أولياء الأمور لكل محتاج إلى ذلك.
وكانت له علاقات بالأمراء والوزراء وهم يجلونه ويحترمونه، فكان يحضر مجلس الملك فهد عندما يكون في الحجاز.
وكان من عادة المراسم الملكية أن لديها قائمة ببعض الأشخاص البارزين في مكة وجدة من كبار الموظفين والتجار والأعيان تخبرهم المراسم بأن الملك سوف يجلس الليلة وأنه يدعوهم إلى طعام العشاء على المائدة الملكية.
ويكون الموعد في العادة في الثامنة مساءً غير أن الملك كثيرًا ما يمنعه الاشتغال بأمور الدولة عن التقيد بذلك فيتأخر حضوره إلى المجلس، ولكنه يحضر بعد ذلك ولا أذكر أنه تخلف عنه.
وكنت من بين المذكورين ولكن لم أكن أواظب على حضور مجلس الملك هذا الطبيعة في من جهة ولكوني مشغولا ببعض المؤلفات وللتأخر في انتهاء المجلس.
ومرة قال لي الشيخ صالح بن محمد التويجري: سنذهب اليوم إلى مجلس الملك فهد في جدة معًا، فقلت له: المشكلة أنني إذا تأخرت وجدت صدر المجلس وما حوله قد امتلا، وإن تقدمت ضاع عليَّ الوقت.
فقال: سنذهب اليوم أنا وإياك معا إلى مجلس الملك في جدة، وسترى.
وكان اليوم يوم ثلاثاء، فقال: لابد أن نترك مكة في الخامسة بعد العصر، لنصل إلى جدة في السادسة ثم نجلس في مجلس الملك في السابعة حتى ننتظر حضور الملك في الثامنة.
وهكذا كان، فقد ذهبت معه بسيارته إلى بيت له في جدة كبير قد أسكن فيه أحد أبنائه فاسترحنا فيه وصلينا المغرب.
ثم ذهبنا إلى مجلس الملك ونحن معا معروفون لدى المراسم الملكية، وقد تقدمنا في الحضور وجلسنا في صدر المجلس وكان حظنا حسنا إذ حضر الملك فهد إليه قبيل التاسعة، وأذكر أن الملك عندما صافحته قال له الشيخ صالح التويجري: هذا الشيخ محمد العبودي فقال الملك فهد: أشهر من نار على علم يريد أنه يعرفني.