الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على ضيقه، وقد وافقته على ذلك شاكرًا، وذكرته مرة احتجت فيها إلى كبر القهوة، وذلك أنني بعد أن انتقل عملي إلى الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة كان الشيخ عبد العزيز بن باز يريد الزواج فذكرتْ له ابنة عبد الرحمن بن خضير فاستشارني في زواجه منها وبخاصة فيما يتعلق بأسرتها فأشرت عليه بذلك.
وعندما حان وقت ذهابه إلى بريدة للزواج منها حجزت عشاء اليوم التالي لوصوله في بيتي في بريدة ودعوت أمير منطقة القصيم آنذاك سعود بن هذلول ورئيس المحكمة الشيخ صالح الخريصي والقضاة الآخرين والمشايخ وكبار طلبة العلم وكبار الجماعة من الرشود والمشيقح والربادي وكلهم كان حريصًا على الاجتماع بالشيخ ابن باز وسماع حديثه لذلك لبوا الدعوة وكان بين الذين دعوتهم الشيخ صالح البليهي، وقد ذبحنا سبعة خرفان للمأدبة، وعندما امتلأت (القهوة) بهؤلاء الأعيان لم أصبر حتى قلت للشيخ صالح البليهي: هذه بركة رأيك يا شيخ صالح، لو أنا ما طعتك ما قدرت أعزم كل هؤلاء ولا وسعتهم قهوتي.
وذلك أنني كنت تركت البيت مغلقًا فيه أثاثه وهو قليل في ذلك الوقت!
رسائل من الشيخ صالح بن إبراهيم البليهي:
رأيت مؤخرًا أن أنقل في هذا الكتاب بعض الرسائل القديمة التي كانت وصلتني من أشخاص لهم قدرهم، لأنها تكون - في الغالب - بخطوطهم، وهي على كل حال من أفكارهم وتوضح عباراتهم، حتى ولو كانت تتعلق بموضوع غير مهم، لأن مجرد كونها كذلك كافٍ لتسجيلها.
وكان من المكمل لذلك أن أذكر رسائلي إليهم، غير أن ذلك غير ممكن في أكثر الحالات، لأننا في السنوات البعيدة نسبيًا لم تكن وصلت إلينا آلات تصوير الأوراق والمستندات، وكان من الصعب على أن أنسخ الرسالة التي أرسلها نسختين بيدي كما هو ظاهر، وإن كانت وجدت استثناءات قليلة في هذا
الشأن يرد ذكرها في مواضعها.
ورسائل الشيخ صالح البليهي التي هي بخطه ما عدا الأخيرة منها فهي ربما كانت بخط غيره ولكنها من إملائه.
ورثاه الدكتور عبد الله بن حامد الحامد الآتي ذكره في حرف الحاء بمرثية مؤثرة قال فيها:
في رثاء الشيخ صالح البليهي رحمه الله:
قال لي مات! قلت بل مات جيل!
…
من صلاح والصالحون قليل
غاب نجم من الفضائل زاهٍ
…
والدراري كم يعتريها الأفول
نبع العلم بين جنبيه نورًا
…
وجرى من أكفُّه (السلسبيل)
إن بنى الناس من علوم قصورًا
…
كم بنى الزهدَ علمه المبذول
شغل الناس جمع مال وجاه
…
وهو بالعلم والهدى مشغول
رغب الناس في الحطام وطاروا
…
وهو بالدين والحجى معقول
عاف دنيا من اللذائذ تجري
…
عانق البر منه جسم نحيل
مشرق الوجه كالحصان انوف
…
ما ثنى عزمه عضال وبيل
* * *
أيها الشيخ يا واهب النو
…
ر لنشء يصغي وأنت تقول
كم شباب قد جمعتهم غداة
…
وكهول قد زان منهم أصيل
نهلوا حكمة وعلمًا وفضلًا
…
من شفاه منها الدراري تسيل
فهُمُ مطرق وآخر مصغ
…
وفتى قارئ ودانٍ سئول
ابك يا مسجدًا هناك التراويـ
…
ـح فقد غاب ذلك القنديل
ابك يا معهدًا هناك التسابيـ
…
ـح لقد غار ذلك الإكليل
ابك للواردين منهل فضل
…
حلقًا حوله لهم ترتيل
وابك للطالبين في غسق الليـ
…
ـل تنادوا سبيلهم مجهول
ذهب الصالحون كيف بقاء
…
وعلى النعش صالح محمول
ذهب الطيبون عنا سراعًا
…
وبقينا ماذا عسى أن تقولوا
كثر العلم في الصدور ولكن
…
قل في الناس قدرة ودليل
إنما العلم في الرجال كثير
…
غير أن الحصان فيهم قليل
كرَّةُ الموت كل يوم ترينا
…
كم عظات لو كان فينا عقول
ثم نلهو وسط الفلاة ونرعى
…
مثل بهم ذكاؤها تغفيل
شغلتنا من الملذات دهم
…
فارهات أجسم وخفت عقول
فبنينا عمائرًا وركبنا
…
فارهات واين منها الخيول
وغزتنا حضارة من ملاهٍ
…
ودواه كانهن الغول
ترف حولنا يقيم بروجًا
…
وخيامًا ونحن فيها عجول
كل أشغالنا عقار وزرع
…
ومبانٍ لكل صاحٍ شمول
فطمسنا الأرواح فهي خواء
…
وجلونا اللسان فهو صقيل
ما كأنا للاختبار خُلقنا
…
وبلاءٌ هذا العطاءُ الجزيل
ما كانا نخاف دربًا إلى نا
…
ر عذاب فيها الرؤوس تميل
ما كانّا ألوا طموح إلى دا
…
ر جنان يطيب فيها المقيل
* * *
هذه الدار أي دار خئون
…
تنبت الشوك إذْ يموت النخيل
لن يرد البكاء ميتًا ولكن
…
فيض حزن على الرجال الفحول
حسبنا الله أننا قد رزئنا
…
ثابت الخيم والرياح شمول
لم يكن عالمًا من الحبر لكن
…
رجل والرجال فينا قليل
رحم الله ذلك الجسد النا
…
بض بالخير رحمة لا تزول
وحباه من الجنان نعيمًا
…
وسرورا وهو الكريم المنيل
ذلك الحي لا قلوب مراض
…
من نفاق أماتها التمثيل
* * *
ورثاه أيضًا الشيخ إبراهيم بن عبد الله الصالح المديفر بقوله:
أيا راحلًا بالعلم والناس حوله
…
ظُماةٌ رأوا ماءً من البئر يطفحُ
وسرعان ما انهدت من الجب صخرة
…
فضاع بها ما كان بالأمس يسفح
فإن يتوارَ اليوم فيك زلاله
…
ففي (السلسبيل) الغيث منه سنمتح
دليل يضاهي للثريا وصِنْوه
…
كتاب فتاةٍ كالسهيل يلوّح
تهاجم تقليدًا تحذر أهله
…
ولا سيما من كان للعلم يطمح
وهذا دليل كم تحاشاه سالك
…
لدرب شرعتم فيه أسمى وأنجح
لقد كنت ذا عقلٍ كبيرٍ بك اقتدى
…
رجال وساروا حيث سرت وأصلحوا
فارغد في النعماء كل ميتمٍ
…
وذات عيالٍ من مصابٍ ترنحوا
وذو مرض لا يستطيع تكسبًا
…
ومن هي ثكلى فاستقاموا وأفلحوا