الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البليهد:
(أهل بريدة والبكيرية والقرعا) والأخيرة هي موطنهم الأول في القصيم.
جاءوا إلى القصيم من الوشم في حدود منتصف القرن الثالث عشر من قرية غسله هناك.
منهم العلامة الشهير الشيخ عبد الله بن سليمان بن سعود بن محمد بن عبد الله بن سليمان بن عثمان بن بليهد.
تولى عدة مناصب قضائية منها رئاسة القضاة ومقرها مكة المكرمة، وكان آخرها قضاء حائل، توفي عام 1359 هـ.
كنا عندما عقلنا الأمور نعرف الشيخ عبد الله بن سليمان البليهد من أحاديث الناس بأنه من العلماء بعيدي النظر وكان الناس يقدرونه ويعظمونه، ولكننا لم نتمكن من القراءة عليه لأنه لم يكن يعيش في بريدة، وإنما كان يلم بها إلمامًا ولو استطعنا لذهبنا إليه في مقره في الفوَّارة ولكن الأمور في ذلك الوقت ليست كما هي عليه الآن.
وقد اشتهر الشيخ عبد الله بن بليهد بتصرفه القوي الحازم بعد فتح الحجاز على يدي الملك عبد العزيز آل سعود عام 1343 هـ، فكان ابن بليهد قاضيا، بل رئيسًا للقضاة هناك بخلاف نجد التي لم تعرف هذا المنصب ولم تكن فيها رئاسة للقضاء.
وعندما جاءت طائفة من أهل الهند ممن دعاهم الملك عبد العزيز آل سعود إلى مكة المكرمة لعقد مؤتمر يقرر مصير الأمر في الحجاز وفق خطة كان أعدها في سياسة ذكية، بل تدل على الدهاء الذي لا يستغرب منه، وكانت ضرورية من أجل أن يظهر أن ما كان يقوله من كونه حارب الشريف حسين بن علي ومن معه من أجل دفع العدوان الذي قاموا به على نجد ورعايا ابن
سعود، ومن أجل رفع المظالم، وإزالة المنكرات الموجودة في الحجاز بسببهم، وليس من أجل أن يحكم هو الحجاز.
عندما عقد الاجتماع كان فيه من علماء نجد الشيخ عبد الله بن سليمان البليهد فقال جماعة من أعيان الهند الذين حضروا: يجب أن تحكم مكة المكرمة بل والمدينة المنورة من العالم الإسلامي كله فاعترض ممثلو الملك عبد العزيز ومن معه متسائلين: من الذي سينفق على هذه الحكومة؟ ومن أين تأتي مواردها المالية؟
فقالوا: منا نحن أهل الهند، وكانوا كما هو معروف أقلية في الهند وكانت الهند تحكم من البريطانيين، لذلك كان معنى كلامهم أنها ستقوم على التبرعات الشعبية من الأقلية المسلمة، فأسرع الشيخ عبد الله البليهد يقول بحدة (يا أهل الهند أغنوا دراويشكم).
أي إذا كانت لديكم أموال تقولون إنكم سوف تغنون بها أهل الحجاز عن طريق تخصيصها للحكومة المقبلة فالأولى بكم أن تبدعوا بدراويشكم وهم فقراؤكم فتغنوهم، فسار قوله (يا أهل الهند أغنوا دراويشكم) مثلًا في الناس يضرب في السخرية ممن يزعم أنه سيعطي الناس وهو في حاجة للعطاء.
ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل اعتقد كبار أهل مكة أنه لو طبقت خطة حكم الحجاز من قبل ممثلين للعالم الإسلامي لوجدوا أنفسهم محكومين من الهنود والجاويين والإفريقيين لذلك اتفقوا مع الملك عبد العزيز على أن يولوه عليهم، وهذا ما كان الملك عبد العزيز رحمه الله يرمي إليه من تدبيره الذي كان محكمًا وموفقًا، وقد خدمته الأقدار في ذلك بمعنى أن الله سبحانه وتعالى قد قدر ذلك وهو خير للإسلام والمسلمين كما ظهر ذلك جليا.
كان الشيخ عبد الله بن بليهد من أوائل من اتخذوا السيارات من المشايخ ربما كان ذلك بسبب اتصاله بالحجاز قبل ذلك بسنوات ولكن اتخاذ السيارة في
نجد في تلك الأزمان مشكلة لأنه لم يكن يوجد في البلاد (ورشات) لإصلاحها ولا يوجد مهندسون، فكان على من يسوق السيارة أن يكون ملمًا بما يتعلق بها، وإذا عجز عن ذلك، بأن احتاجت إلى تغيير آلة من الآلات أن يوقفها أيامًا عديدة حتى يحضرها من جدة أو من البحرين أو العراق.
وكان للشيخ عبد الله بن بليهد ابن هو عبد الرحمن أكبر من نعرفه من الأبناء له، وكان الناس عندنا ينظرون إلى أبناء العالم الكبير كالشيخ ابن بليهد نظرة تختلف عن نظرتهم إلى سائر الناس فيطلبون منهم أن يكونوا متدينين ملتزمين لأن هذا هو الذي ينبغي أن يكون من يربيه عالم متدين كما هي حالة الشيخ عبد الله وعظم قدره في نفوس العامة، ولكن عبد الرحمن ابن الشيخ لم يكن طبعه ولا عمله كما يريده والده له، وكما يريده المتدينون، فكان في شبابه يجالس أناسا ليسوا قريبين من المتدينين مما أحزن كثيرًا من الناس.
ثم تعلم قيادة السيارة وكانت وظيفة سواق عند الناس منحطة في ذلك الوقت لأن أوائل السواقين كانوا تعلموا في الخارج وكان من بين ما تعلموه التدخين والتهاون في أداء الصلوات.
ولكن الشيخ ابن بليهد لبعد نظره كان يرفق بابنه حذرًا من أن يبتعد كليًا عن نظره، فجعله سائقًا لسيارته مما آثار انتقاد بعض الذين لا بصيرة لهم من المتدينين الذين تحملهم محبتهم للتدين على عدم النظر إلى العواقب البعيدة.
وقد ظل عبد الرحمن على حاله قريبًا من والده يستفيد من تربيته ويتعلم من أخلاقه إلَّا أنه لم يتفرغ لطلب العلم.
وبعد مدة من وفاة والده رجع إلى التدين وطلب العلم على المشايخ إضافة إلى ما كان تعلمه من المعرفة عن والده.
وكانت النتيجة أن أصبح في مستوى من العلم والتدين لا يقل عن مستوى بعض من تولوا القضاء من المحدثين، ولكن المشكلة تمثلت في كون الالتحاق بالوظائف الدينية ومنها القضاء والإرشاد الرسمي محتاجًا إلى شهادة جامعية.
وقد عرف المشايخ من آل الشيخ في الرياض قدر والده الشيخ عبد الله بن بليهد وصلاحية ابنه الشيخ عبد الرحمن للعمل في المعاهد العلمية التي لا يشترط لإدارتها الحصول على شهادة جامعية فعينوه مديرًا للمعهد العلمي في الرس، فأداره بجدارة وأثبت بحسن تصرفه ومعرفته بالأمور الدينية ما جعله جديرًا بأن يلتحق بكلية الشريعة في الرياض، إلَّا أن العقبة التي تحول دون ذلك أنه كان مثلي لم يلتحق بمدرسة نظامية ثانوية.
فما شعرت مرة من المرات إلَّا به يدخل عليَّ مكتبي في إدارة المعهد العلمي في بريدة عندما كنت مديرًا له، معه محمد بن عبد العزيز السعود البليهد من أبناء عمومته والأستاذ عبد الله بن الشيخ سليمان المشعلي أحضره معه من أجل أن يعرفني به لأنه لم تسبق له مجالسة معه، وإن كنت أعرفه ويعرفني على البعد، ومن أجل أن يحاول أن يشرح لي ما يسهل تلك المهمة.
ابتدأ عبد الله المشعلي الكلام قائلًا ما معناه هذا عبد الرحمن بن الشيخ عبد الله البليهد له حاجة عندك، ويرجوك أن تقضيها.
فرحبت به كثيرًا ودعوت لوالده ثم أعطاني الشيخ عبد الرحمن كتابًا مغلقًا من رئيسي الشيخ عبد اللطيف بن إبراهيم آل الشيخ المدير العام للكليات والمعاهد العلمية يقول فيه ما معناه (لقد طلب منا الشيخ عبد الرحمن بن بليهد أن نكون له لجنة لاختباره في مواد الشهادة الثانوية من أجل أن يلتحق بكلية الشريعة في الرياض فنرجو تأليف لجنة لاختباره وإخبارنا بالنتيجة).
كان الشيخ عبد الرحمن البليهد واللذان معه مشفقين كما أخبرني بعد ذلك من ألا أقبل أو أضع شروطا لا يستطيع تحملها ولو كانوا يعلمون ما في نفسي لما وقع
في نفوسهم مثل ذلك لأنني كنت في غاية السرور، بل في غاية السعادة، إذ أتيحت لي فرصة أقدم فيها شيئًا لهذا الرجل الطيب من أسرة علمية طيبة.
وقلت لهم وأنا أتصنع الجد: إنني لن أقضي حاجتكم هذه إلَّا بشرط فتطلعوا إلى ما أقوله باهتمام لأنهم بالفعل كانوا خائفين من اعتراضي بشيء فقالوا: ما هو؟ قلت: أن تتعشوا عندي الليلة وبعد ذلك أخبركم لأن الشيخ عبد الرحمن له حق ووالده له حق كبير وأسرة البليهد لها حق علينا.
انشرح صدر عبد الرحمن وابن عمه محمد بن عبد العزيز السعود الذي يعرفني حقا وقال: أبرك الساعات.
فقلت له: إذا أقول لك الآن مرحبا وسوف نقوم باللازم نحوك.
كان فرحه غامرًا، ولكنه أضاف إنك الله يسلمك تعرف أن الوقت عندي قصير وأنا أريد أن أعود بالنتيجة للشيخ عبد اللطيف بن إبراهيم في الرياض.
وقد أقمت له مأدبة عشاء كبيرة لم يكن يتوقعها لأنه لم تكن لدي صلة شخصية وثيقة به من قبل، دعوت لها عبد الله المشعلي واثنين من أسرة البليهد وبعض المشايخ المدرسين في معهدنا.
وفي الصباح ألفت اللجنة من أعضاء التدريس في المعهد وعهدت فيها بالناحية الفنية للمسئول عن الاختبار بمعهدنا وطلبت منهم أن يضعوا له أسئلة مناسبة في مستوى الشهادة الثانوية وأن يطلعوني عليها.
وبسرعة تم ذلك، ونجح في الاختبار ووقع على ذلك ثلاثة من المشايخ المدرسين فأعطيته النتيجة حملها مسرورا إلى الرياض.
وحدثني الشيخ عبد الله المشعلي لأنه كان ذهب معه إلى الرياض لمساعدته، قال: وصلنا في الرياض إلى رجل كبير القدر فلم يلتفت إلى عبد الرحمن ولم يدعه إلى بيته فقال عبد الرحمن بن بليهد: يا عبد الله قل آمين،
فقلت: على أي شيء؟ قال عسى جبهة فلان - يقصد ذلك الذي في الرياض فديّ لمحمد العبودي الذي أكرمنا وقضى حاجتنا، وكان ترحيبه بي أعظم عندي من ذلك، وهذا الرجل عكسه.
هذا وقد التحق الشيخ عبد الرحمن بكلية الشريعة ومستواه في العلوم الشرعية أعلى من مستوى طلابها
ولكنه توفي في حادث سيارة ومعه ابن عمه محمد بن عبد العزيز السعود البليهد الذي توفي معه وهما ذاهبان إلى الرس، عام 1388 هـ رحمه الله رحمة واسعة.
وكانت حالة عبد الرحمن التي أصبح عليها من التدين والمحبة لطلب العلم داعية للترحم على والده الذي رفق به حتى صار كذلك، وكأنما كان والده ينظر في الغيب عندما فعل له ذلك.
وكان تولى إدارة المعهد العلمي في الرس، وكانت الحادثة التي توفي فيها وقعت بين عنيزة والرس.
وفيما يتعلق بسيارة الشيخ ابن بليهد وقيادة ابنه عبد الرحمن لها حدث عبد الرحمن الطرير من أهل البدائع قال: كان للشيخ عبد الله بن بليهد رحم في البدائع أو قرابة، قال بعضهم: إنها أمه، فجاء إلى البدائع في سيارة في وقت لم يعرف الناس فيه السيارات، فكانت سيارته تلك أول سيارة تصل البدايع ولم يكن أحد من أهلها شاهد سيارة من قبل.
قال: فاجتمعنا نحن الشبان والصبيان قريبًا منها، لم نجرأ على لمسها خوفًا وفزعًا منها فقال أحدهم: الذي يلمسها له (إبريق شاهي يشربه) قال عبد الرحمن الطرير: فجمعت نفسي واستجمعت شجاعتي وغامرت بلمسها وكان بداخلها عبد الرحمن بن الشيخ ابن بليهد وهو الذي كان يسوقها لأبيه ولم نكن
فطنا له فضرب بوق السيارة عندما لمستها فأجفل الصبيان ظنًّا منهم أن هذا رد فعل منها، وهربنا جميعا لا نلوي على شيء.
قالوا: وعندما اجتمع الشيخ ابن بليهد بكبار السِّنِّ من أهل البدايع قال له أحدهم: هذي يا شيخ سمعنا أن النصارى يركبونها ولا اهتمينا بهم، لكن الشرهة عليك أنت يا شيخ - إنك تركبها.
وقال ثان وثالث وهو ساكت، ولما فرغوا قال لهم: اسمعوا يا أهل البدايع - إن كان الله أعطاكم عَمار وطَّول لكم بها الدنيا أن تشوفونها أكثر من زمايل البدايع!
والزمايل: الحمير.
هذا وقد صدق حدس الشيخ: إذ صارت السيارات في البدائع أكثر من الحمير الآن، لأن الحمير قلت والسيارات كثرت.
قال الأستاذ صالح العمري: ولد المترجم أي عبد الرحمن ابن الشيخ بن بليهد في بريدة عام 1320 هـ تقريبًا ونشأ في أحضان والده وتعلم القراءة والكتابة، وقد رافقه إلى البكيرية والرس عندما كان قاضيًا فيهمًا وهو في سن الطفولة ثم رافقه إلى حائل عندما عن والده قاضيًا، ثم رافقه إلى مكة المكرمة عندما عيِّن رئيسًا للقضاء ولم ينقطع عنه.
وكان يقرأ عليه ويسمع كلامه ويعيه ويتحدث به فيما بعد مما يدل على تأثره به وكان في خدمة والده حتى عام 1353 هـ عندما رغب في العلم ورغَّبه والده بذلك فترك البقاء مع والده، وانقطع للدرس والتحصيل ولازم العلامة الشيخ عمر بن محمد بن سليم في بريدة قرابة خمس سنوات كما لازم الشيخ عبد العزيز بن إبراهيم العبادي وغيرهما من علماء بريدة، وفي آخر عام
1358 هـ سافر إلى حائل لزيارة والده بعد أن تزود من العلوم في بريدة فبقي عنده في حائل حتى سافر والده للعلاج بالطائف وكان طوال هذه المدة يقرأ على والده ويستفيد منه، فلما توفي والده انشغل بأمور إخوانه فانقطع عن الدراسة، وفي عام 1376 هـ رشح مديرًا لدار التربية بحائل، ولما تخرج من كلية الشريعة عين مديرًا للمعهد العلمي بالرس استمر عامًا أو أكثر، وكان في طريقه للرس ليلًا فاصطدمت سيارته بسيارة قلاب فتوفي على أثرها، وكان معه الشيخ محمد بن عبد العزيز السعود بن بليهد فتوفي معه (1). انتهى.
وقد أعاد الشيخ عبد الله بن بليهد إجراء عين في عيون الفوَّارة، وكانت عيون الفوارة كلها قد دثرت حتى لم يبق لها من ذكر معروف عند العامة ولكنه استدل عليها من معجم البلدان لياقوت.
وبذل في حفرها وإعادة إجرائها أموالًا طائلة حتى جرت وغرسها غير أنه لحقته الديون بسببها ومات مدينًا.
وكان الشيخ ابن بليهد رحمه الله قد حاول قبل عزمه على إجراء عين الفوَّارة أن يعيد حفر عين ذكرها البكري في معجم ما استعجم في شرقي الحمى قرب (نفي)، فبحث عنها فترة إلَّا أنه لم يهتد إلى مكانها الحقيقي فعزم على حفر عين الفوارة هذه.
ومن البليهد سعود .. بن بليهد طالب علم من تلاميذ الشيخ محمد بن عبد الله بن سليم.
وعبد العزيز بن سعود البليهد من طلبة العلم أيضًا ومن تلاميذ آل سليم وهو أكبر منا وقد عين إمامًا لمسجد في شرق الحبيب وتوفي وهو إمام فيه.
(1) علماء نجد خلال ثمانية قرون، للشيخ عبد الله البسام، ج 2، ص 96 - 97.
ومنهم الشيخ حمد بن سليمان بن سعود بن سالم بن محمد البليهد تولي القضاء في البكيرية، ومات في عام 1360 هـ.
وقد ساق عبد الرحمن بن محمد البليهد من أهل القراين نسب الشيخ عبد الله بن سليمان البليهد كما يلي: عبد الله بن سليمان بن سعود بن محمد بن عبد الله بن سليمان بن عثمان بن بليهد.
وقال: ولد عام 1291 هـ وتوفي عام 1360 هـ.
أصلهم من بلدة غسلة في القراين بناحية الوشم جاءوا إلى القرعاء في جنوب الجواء.
وذكر عبد الرحمن بن محمد بن بليهد من أهل القراين أيضًا: أن جد آل بليهد عثمان نزل في ضرية فأقام بها فولد له ابنه بليهد وصارت له ذرية انتقلوا من ضرية إلى القراين.
وأن سعود بن عبد الله البليهد عينه الإمام تركي في علاوي القصيم وأن ذريته هم الباقون الآن في القصيم ومنهم الشيخ عبد الله بن سليمان البليهد (1).
ولم يذكر مسمى الوظيفة التي عين فيها سعود، ثم نقل عن ابن بسام أن الذي عينه الإمام تركي هو سعود بن بسام البليهد جعله الإمام تركي قاضيًا في القصيم.
ثم نقل عن ابن سالم ترجمة الشيخ حمد بن سليمان بن سعود وقال: كان جد المترجم سعود قاضيًا في (عيون الجواء) إحدى بلدان القصيم فاستقر فيها واستوطنها، ونشأ في هذه القرية (القرعاء)(2)، وهذا فيه تناقض كما ترى، وفيما بينه وما قبله، وليس من المعتاد في تلك الأوقات تعيين قضاة في القرى والبلدان الصغيرة مثل عيون الجواء، مما يدل على أن النقل غير صحيح.
(1) غسلة بالقراين ص 93
…
(2)
غسلة بالقراين، ص 94.
وقد ترجم الأستاذ إبراهيم بن عبد العزيز المعارك للشيخ عبد الله بن بليهد في (أعلام القصيم) والغالب أنه ينقل عن والده عبد العزيز بن عبد العزيز المعارك معظم ما ذكر مما لم يكن في الكتب المكتوبة.
وفي ترجمته له تفاصيل وافية قال من بين ما قاله:
العلامة الشيخ عبد الله بن سليمان بن سعود بن بليهد: أول رئيس للقضاء في المملكة العربية السعودية.
ولد هذا العالم الجليل في القرعاء - شمال بريدة عام 1284 هـ ونشأ وتربي في بيت علم وفضل، تعلم القراءة والكتابة على يد والده، وقرأ القرآن الكريم وحفظه على ظهر قلب ثم انتقل إلى مدينة المذنب ولازم قاضي المذنب العلامة الشيخ عبد الله بن محمد بن دخيل، ثم رحل إلى مدينة بريدة ولازم علماءها كالشيخ محمد بن عبد الله بن سليم، وصالح بن قرناس، والشيخ الزاهد عبد الله بن فدا، ثم سافر للهند فقرأ على علمائها ثم عاد إلى الرياض وجلس إلى علمائها وفيهم الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف والشيخ سعد بن عتيق والشيخ حمد بن فارس ثم عاد إلى القصيم متنقلًا بين بريدة وعنيزة والبكيرية والخبراء والبدائع مرشدًا وواعظًا ومدرسًا فنفع الله به وبعلمه، قال لأولاده وهو يحثهم على طلب العلم، لقد كنت أطلب العلم وإن وسادتي لعدة شهور لينَة في جامع بريدة.
ومن أهم أعماله رحمه الله:
- عين قاضيًا في الرس والبكيرية والخبراء والبدائع ودخنة والشقة.
- عين قاضيًا لمدينة حائل وما جاورها عام 1342 هـ.
- اختاره الملك عبد العزيز رحمه الله أول رئيس لقضاء المملكة في مكة المكرمة في 12 صفر 1344 هـ.
- دَرَّس في الحرم المكي أخذ عنه كثير من المواطنين والمهاجرين والحجاج
وتولى عدد من تلامذته القضاء والإفتاء والوعظ والإرشاد (1). انتهي.
لقد كان للشيخ عبد الله بن سليمان بن بليهد معرفة واسعة بالأماكن والبلدان والجبال والوديان المذكورة في المعاجم القديمة.
قالت مجلة الفتح (في عام 1345 هـ) قام الأستاذ الشيخ عبد الله بن بليهد رئيس القضاة في الحجاز برحلة في جزيرة العرب بسيارته - وهي من طراز فورد. من مكة المكرمة إلى جدة فالمدينة المنورة ثم حائل ثم القصيم وعاد في تلك الطريق حتى بلغ مكة، وقد استطاع وللمرة الأولى في التاريخ أن يقطع المفاوز والوديان، وقد قطع من المدينة إلى جدة في اثنتي عشرة ساعة.
والذي ساعده على ذلك خبرته الشخصية بالطرق، ومعرفة المسالك الصالحة لسير السيارة فيها فتمكن من عدم إضاعة الوقت بقدر الإمكان.
(من العدد 50 ذي الحجة 1345 هـ)(2).
يقول إبراهيم جارالله الشريفي (3): وقد عينه الملك عبد العزيز عند دخوله الحجاز فعينه رئيسًا للقضاء بمكة المكرمة عام 1343 هـ ولغاية 1345 هـ وللشيخ عبد الله من المصنفات:
جامع المناسك في أحكام المناسك، كما أن له رسالة حول هدم القبور منشورة في جريدة أم القرى عام 1345 هـ العدد رقم 104، انتهى كلامه.
هذا كتاب موجه من الملك عبد العزيز آل سعود إلى الشيخ عبد الله بن سليمان بن بليهد عندما كان الشيخ ابن بليهد في رئاسة القضاء في مكة المكرمة
(1) علماء نجد خلال ثمانية قرون، للشيخ عبد الله البسام، ج 4، ص 138 - 148.
(2)
علماء نجد خلال ثمانية قرون، للشيخ عبد الله البسام، الطبعة الثانية، 1419 هـ، ج 4، ص 145 - 146.
(3)
التحفة الذهبية في أنساب الجزيرة العربية، الطبعة الثانية، 1417 هـ، ص 299.
وتاريخ الكتاب هو 12 شوال سنة 1344 هـ.
وهذا أنموذج من تصديق الشيخ عبد الله بن سليمان البليهد على إحدى الوثائق وقد كتبه بخطه في 16 جمادي سنة 1354 هـ.
هذا ومع جلالة قدر الشيخ عبد الله بن سليمان البليهد فإنه لم يسلم من مضايقة العامة في بلدة من البلاد التي تولى القضاء فيها مما اضطره إلى أن يخرج من تلك البلدة في القائلة أي شدة الحر في وسط النهار ماشيًا على قدميه.
وهذا أمر طبيعي حدث لكثير من العلماء والصلحاء.
هذه أبيات أنشاها كاتبها يحض فيها نفسه ومن شاء الله من أبناء جنسه على طلب العلم، ويمدح الشيخ عبد الله بن سليمان البليهد، قائلها علي الأحمد.
نقلتها بخطي من إحدى الأوراق عام 1365 هـ.
وهذا أنموذج للأوراق التي أصدرها الشيخ عبد الله بن سليمان البليهد إبان توليه القضاء وهي موجهة منه إلى عبد الله بن سليمان بن عيسى (الطمل).
والطمل ليس من أسماء عبد الله العيسى وألقابه، وإنما هو لقب لعمه عيسى بن عبد الكريم أخي والده سليمان بن عبد الكريم العيسى.
وقد أرخها الشيخ ابن بليهد بتاريخ 10 صفر سنة 1353 هـ.
ومنهم الشيخ حمد بن سليمان البليهد أخو الشيخ عبد الله تولى القضاء في بلدة البكيرية.
توفي الشيخ حمد البليهد في آخر ذي الحجة من عام 1359 هـ.
ترجم له الشيخ عبد الله البسام (1).
والشيخ حمد السليمان بن سعود بن بليهد: شقيق العالم الشهير الشيخ عبد الله بن بليهد، ولد رحمه الله في بلدة القرعاء الواقعة شمال غرب بريدة بالقصيم عام 1291 هـ، وتعلم مبادئ القراءة والكتابة، ثم رحل إلى بريدة فقرأ فيها على الشيخ محمد بن عبد الله بن سليم والشيخ عبد الله بن فدا، ولازم شقيقه
(1) علماء نجد خلال ثمانية قرون، ج 2، ص 74 - 76.
الشيخ عبد الله بن بليهد وأخذ عنه واستفاد منه كثيرًا.
وفي عام 1341 هـ نقل الشيخ عبد الله بن بليهد من قضاء البكيرية إلى قضاء حائل فعين الشيخ حمد خلفًا له على قضاء البكيرية واستمر نحو ست سنوات، وكان خطيب وإمام الجامع الكبير في البكيرية خلال تلك الفترة، وقد جلس للتدريس في الجامع المذكور، والتف حوله طلبة أخيه الشيخ عبد الله فقرءوا عليه حتى عين الشيخ محمد بن مقبل في القضاء فاعتزل التدريس.
وممن أخذ عنه:
الشيخ محمد بن صالح بن خزيم، الشيخ سليمان بن صالح بن خزيم، الشيخ عبد الرحمن السالم الكريديس.
وغير هؤلاء، وفي آخر حياته انتقل إلى بريدة، فصار يحضر مجالس الشيخ عمر بن سليم، وقد توفي رحمه الله في عام 1360 هـ فرحمه الله وعفا عنه (1).
وترجم له الأستاذ محمد بن عثمان القاضي، فقال:
حمد السليمان البليهد من القرعا بالقصيم
هو العالم الجليل الورع الزاهد النبيل الشيخ حمد بن سليمان بن سعود بن سالم بن محمد بن أبليهد ينتمي إلى قبيلة بني خالد فخذ من آل جبور، ولد هذا العالم الجليل في بلدة القرعا بالقصيم في بيت علم وشرف ودين، سنة 1291 هـ، ونشأ نشأة حسنة بتربية أبوية كريمة وقرأ القرآن وحفظه عن ظهر قلب ثم شرع في طلب العلم بجد ومثابرة فقرأ على علماء القصيم في الأصول والفروع والحديث والتفسير.
(1) علماء آل سليم، ص 216.
ومن أبرز مشائخه أخوه العلامة الشيخ عبد الله السليمان البليهد لازمه ليله مع نهاره سنين كما قرأ على الشيخ محمد بن عبد الله بن سليم وعبد الله بن مفدي لازمهما سنين، وكان يزور عنيزة فيحل ضيفًا على العم إبراهيم المحمد البسام الصداقة بينهما ويحضر دروس الجد الشيخ صالح بن عثمان ويستشكل في الدرس ويستفيد ويفيد وكان يحب البحث في مسائل العلم ويحفظ كثيرًا من المتون العلمية في فنون عديدة.
جلس للطلبة في بلدة البكيرية لأن أخاه كان قاضيًا فيها وصحبه للقراءة عليه فاستوطنها، وكان حسن التعليم ويجلس للطلبة ثلاث جلسات في الليل والنهار، فانتفع الطلبة منه، ومن أبرز تلامذته النابهين الشيخ عبد العزيز العبد الله بن سبيل قاضي البكيرية سابقًا والمدرس بالمسجد الحرام، ومحمد وسليمان الصالح الخزيّم وعبد الله الراشد الحديثي وعبد الله وإبراهيم العبد العزيز الخضيري وإبراهيم الهويريني المتوفى عام 1374 هـ وعبد الرحمن السالم الكريديس في آخرين.
أعماله التي زاولها: لما نقل أخوه الشيخ عبد الله من البكيرية إلى حايل في سنة 1341 هـ خلفه على قضائها بتعيين من الملك، وبطلب من الأهالي فسدد في أقضيته فكان عادلًا فيها يصدع بكلمة الحق لا يخاف في الله لومة لائم محبًا للمساكين يهجر أهل المعاصي، داعية خير ورشد وصلاح ويميل في الأوامر والنواهي إلى الشدة فتألبت الأعداء عليه وناله منهم أذى فصبر وصابر ثم أخذ الأشرار يؤلبون عليه وخصوصًا لمن يرونه محكومًا عليه في قضية فتحزَّبوا وطال النزاع بينهم، وكانت المحكمة تتبع بريدة فانتدب الشيخ عمر بن محمد بن سليم هيئة النظر فيما بينهم من التنازع برئاسة الشيخ محمد بن عبد الله بن حسين فأحضروهم معه وبعد أخذ إفادتهم حاولت الهيئة فصل النزاع بينهم فصمموا وكذا الشيخ حمد آثر العافية حينما رأى النزاع سيستفحل فطلب الإعفاء
من منصبه وكتب معهم إلى عمر بن سليم يستعفيه فأعفاه وعين خلفًا له الشيخ محمد بن مقبل من أهل خب المنسي بعد استشارتهم وباشر محمد بن مقبل أعمال القضاء في عام 1347 هـ.
وتجرد الشيخ حمد للعبادة، ولازم المسجد والتدريس فيه، وكان إمام وخطيب جامعها حتى استعفي ورشح للقضاء مرارًا بقرى بعدها فرفض وعزف عن الدنيا وأقبل إلى الله والدار الآخرة، وكان من قوام الليل وصوام النهار ويكثر من التلاوة، وكان فقيهًا محدثًا وله اليد الطولى في علم العربية، وعنده محفوظات لبعض دواوين الشعراء في الحكم يستشهد بها في كل مناسبة، وكان من الشجعان البواسل أبلى بلاء حسنًا في سنة 1347 هـ بالسبلة وأما أوصافه فكان مربوع القامة قليل اللحم كثيف اللحية أبيض اللون محبوبًا عند معظم أهالي البكيرية، ولكنه تعين بعد أخيه عبد الله البليهد، وكان ذا مكانة مرموقة وقد ألفوه وأشربوا حبه فلم ينسجموا مع أخيه حمد بعده على أن رضاء الناس غاية لا تدرك وكل منهما له مواقف حازمة وعزة في النفس يتوخيان الحق ولا يعرفان الهوى، وقد تولى الله سرائرهما توفي الشيخ حمد في البكيرية سنة 1360 هـ (1). انتهى.
ومنهم الشيخ سعود بن سليمان بن بليهد أخو الشيخ عبد الله السليمان البليهد ترجم له الشيخ صالح بن سليمان العمري بقوله:
الشيخ سعود بن سليمان بن بليهد: شقيق رئيس القضاة الشيخ عبد الله بن سليمان بن بليهد، وهو والد الشيخ عبد العزيز السعود البليهد، وجد الشيخ محمد
(1) روضة الناظرين لمحمد بن عثمان القاضي، ج، ص 94 - 95.
بن عبد العزيز السعود البليهد، كان من أهل الفضل والصلاح والتقوى والعبادة ومحبة الصالحين يتعصب لمشايخه ويعظمهم ويحترمهم، أخذ عن الشيخين محمد بن عبد الله ومحمد بن عمر بن سليم وأكثر مجالستهما، ثم من بعدهما أكثر مجالسة الشيخ عبد الله والشيخ عمر بن سليم.
حدثني الوالد رحمه الله قال: كان الشيخ سعود ملازمًا للصلاة في جميع الأوقات بمسجد الجامع في بريدة خلف الشيخ عبد الله بن محمد بن سليم، وكان بيته بعيدًا عن الجامع ويأتي إليه مع كبر سنه للصلاة خلف الشيخ عبد الله، فلما عين الشيخ عمر بن محمد بن سليم إمامًا لمسجد ناصر ببريدة، وهو أقرب إلى منزله صار يصلي خلف الشيخ عمر، وكان له مكان معين في الصف الأول خلف الشيخ عبد الله قل أن يفوته، فلما التفت الشيخ عبد الله لم ير سعودًا فظنه غائبًا أو مريضًا، ولما صلى الشيخ عبد الله قابله الشيخ سعود خارج المسجد فسأله عن حاله؟ فقال: إنه بخير قال الشيخ عبد الله: لم أرك في المسجد كالعادة فقال سعود: رزقنا الله إمامًا قريبًا من المنزل يقصد الشيخ عمر وهما عنده سواء فعرف الشيخ عبد الله قصده فرحمه الله رحمة الأبرار على محبته لهؤلاء العلماء، انتهى.
ومن طلبة العلم الذين أدركناهم من أسرة البليهد في بريدة عبد العزيز بن سعود البليهد، كان إمام مسجد شرق الخبيب إلى الشمال من المعهد العلمي.
ولم أعرف أنه تولى عملًا رسميًا غير الإمامة، ولكنه كان من المشددين على جماعة المسجد بالحضور إلى صلاة الجماعة، وعدم التخلف عنها.
وكان من الجماعة ثلاثة مدرسين مصريين يدرِّسون في المدرسة الثانوية التابعة لوزارة المعارف، فلما التفت الشيخ عبد العزيز بن سعود البليهد إلى يمينه من الصف قائلًا كالعادة: استووا، استووا، ويريد بذلك سوُّوا صفوفكم.
قال أحد المدرسين المصريين الذي بدا كأنما حضر الصلاة في الجماعة رغما عنه، استوينا يا ابن ....
ومراد المصري باستوينا: نضجنا من استوى اللحم في القدر إذا نضج.
ذكر لي ذلك أحد المدرسين عندنا في المعهد من المشايخ المصريين.
وقد خلفه في إمامة هذا المسجد ابنه محمد بن عبد العزيز السعود البليهد، وكان آنذاك طالبا عندنا في المعهد العلمي، ترجمه الدكتور عبد الله الرميان فقال في كتابه (مساجد بريدة) ص (115):
محمد بن عبد العزيز بن سعود البليهد: تولى إمامة هذا المسجد سنة 1369 هـ وبقي في إمامته حتى سنة 1375 هـ حيث انتقل إلى المسجد الذي أسسوه على نفقتهم شرق شارع الخبيب، فتكون إمامته في هذا المسجد في الفترة (1369 هـ - 1379 هـ).
ولد رحمه الله في بريدة سنة 1341 هـ ونشأ بها نشأة حسنة فتربي على يد والده وتوجه من صغره لطلب العلم، فحفظ القرآن في سن الصغر ولازم العلماء فأخذ عن الشيخ عمر بن سليم، والشيخ عبد الله بن حميد قاضي بريدة والتحق بالمعهد العلمي حال تأسيسه وتخرج منه، وعين مدرسًا في المدرسة الخالدية الابتدائية، وأثناء تدريسه انتسب إلى كلية الشريعة بالرياض عام 1385 هـ وانتقل سنة 1387 هـ إلى الرياض وانتظم في الدراسة بالكلية حتى تخرج منها سنة 1388 هـ فعين مدرسًا في المعهد العلمي بالرس، ودرَّس فيه بضعة أشهر فقط حيث توفي رحمه الله في شهر محرم عام 1389 هـ في حادث سيارة وهو في طريقه إلى الرَّس مع ابن عمه لشيخ عبد الرحمن بن عبد الله بن بليهد مدير المعهد العلمي بالرس.
وفي آخر الكلام على أسرة (البليهد) يجدر بي أن أورد وثيقة مؤرخة في عام 1282 هـ بخط إبراهيم آل محمد (السعود) البليهد كتبها في غرة ربيع سنة 1282 هـ.
وهي مداينة بين سعود الحمد راعي أبا الدود وبين (
…
) بن سليمان.
والدين أربعة أصواع ذرة عوض ( .... ) يحل أجلهن أي أجل الوفاء بها في جماد التالي وهو جمادي الثانية من عام 1283 هـ.
والشاهدان محمد القسومي، وعبد العزيز ( .... ) راعي القرعاء.
وتدلنا هذه الوثيقة على أمرين مهمين أولهما: وجود كاتب في هذه الأسرة في ذلك العهد في القصيم، أما في الوشم فإن هذا الأمر مختلف، إذ كان فيهم طلبة علم.
والثاني: قدم وجود الأسرة في القصيم.