المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌من عمل إبراهيم البليهي: - معجم أسر بريدة - جـ ٢

[محمد بن ناصر العبودي]

فهرس الكتاب

- ‌(باب الباء)

- ‌الباتل:

- ‌وصية لآل باتل:

- ‌الباحُوث:

- ‌قصة برية:

- ‌طلبة علم من البواحيث:

- ‌الشاعر الزمريق:

- ‌وثائق الباحوث:

- ‌وثيقة حديثة:

- ‌الباني:

- ‌الباهلي:

- ‌الْبَتَّال:

- ‌البَثْره:

- ‌البْجَادي:

- ‌البَحَر:

- ‌البخيتان:

- ‌البْداح:

- ‌أبناء سليمان بن عبد الكريم:

- ‌البداح:

- ‌‌‌البْدَاح:

- ‌البْدَاح:

- ‌البديري:

- ‌البديوي:

- ‌البديوي:

- ‌البَذْرَه:

- ‌البْرَادي:

- ‌وصية طرفة بنت ناصر البرادي:

- ‌وصية إبراهيم بن سليمان البرادي:

- ‌ البراك

- ‌صالح بن محمد‌‌ البراك:

- ‌ البراك:

- ‌ البراك

- ‌البَرَّاك:

- ‌البَرَّاكي:

- ‌البربري:

- ‌البرجس:

- ‌البَرْد:

- ‌البرغش:

- ‌البرِكة:

- ‌البَريدي:

- ‌ الأسر التي استوطنت (خب البريدي)

- ‌وثائق البريدي:

- ‌وصية مريم بنت عبد الوهاب البريدي:

- ‌وصية عبد الله الحمود البريدي:

- ‌وصية صالح بن إبراهيم بن حمد البريدي:

- ‌البْرَيْعصِي:

- ‌البريكان:

- ‌وثائق للبريكانيات:

- ‌وكالة من نورة بنت عبد الرحمن البريكان:

- ‌وصية حصة بنت محمد البريكان:

- ‌وصية فاطمة بنت محمد البريكان:

- ‌الْبْرَيمي:

- ‌البْرَيْهِي:

- ‌البزيع:

- ‌البْسَيْمي:

- ‌الْبِشِر:

- ‌معلومات عامة عن البشر:

- ‌وثائق أسرة البشر:

- ‌ البشر

- ‌البصير:

- ‌شاب يبحث عن رزقه في البحر:

- ‌البصيلي:

- ‌البَطَّاح:

- ‌البُطِي:

- ‌ورقة مختصرة:

- ‌البُطِي:

- ‌الوثائق عن البطي:

- ‌البطي من أهل الخضر:

- ‌‌‌البُطي:

- ‌البُطي:

- ‌وثائق للبطي أهل القصيعة:

- ‌البْطَيْن:

- ‌البعيجاني:

- ‌البْعَيِّر:

- ‌البعَيْمي:

- ‌وثائق للبعيمي:

- ‌البْقُمِي:

- ‌البْقَيْشِي:

- ‌السفر على الأقدام إلى عنيزة:

- ‌البلادان:

- ‌البلالة:

- ‌البَلْهان:

- ‌البليدان:

- ‌عائلة البليطيح:

- ‌البليهد:

- ‌البْلَيْهي:

- ‌إبراهيم البليهي والأمير عبد الله بن عبد الرحمن:

- ‌من عمل إبراهيم البليهي:

- ‌رسائل من الشيخ صالح بن إبراهيم البليهي:

- ‌ومن أسرة البليهي:

- ‌الدكتور الطبيب مانع بن محمد بن عبد الرحمن البليهي:

- ‌الشيخ عبد الله بن محمد السليمان البليهي:

- ‌عبد الله بن محمد الصالح البليهي:

- ‌محمد بن علي المحمد البليهي:

- ‌الرائد بحري محمد بن عبد الله البليهي:

- ‌الشيخ إبراهيم بن عبد الرحمن البليهي:

- ‌الشيخ عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم البليهي:

- ‌البَنْدر:

- ‌البواردي:

- ‌البهيجي:

- ‌البَيْدا:

- ‌البَيُّوض:

- ‌البْيِّيبِي:

- ‌(باب التاء)

- ‌التِّرْكي:

- ‌التِّركي:

- ‌التركي:

- ‌التركي:

- ‌التَّلّال:

- ‌التّلّال:

- ‌التِّميمي:

- ‌التنيش:

- ‌التْوَامَي:

- ‌التويجري:

- ‌التواجر يزيدون:

- ‌مجيء التواجر إلى القصيم:

- ‌رأي الكاتب آخر من أسرة التويجري:

- ‌رأي مؤلف من التواجر:

- ‌التواجر أهل القصيم:

- ‌أصل التويجري:

- ‌عود إلى التواجر أهل الصباخ:

- ‌من التواجر أهل القصيعة:

- ‌أصدقاء من التواجر:

- ‌لمحات مضيئة من حياة الشيخ صالح بن محمد التويجري:

- ‌أعماله الخيرية:

- ‌ما قيل فيه من المراثي:

- ‌حمود بن حمود التويجري:

- ‌عناية عظيمة:

- ‌الشيخ صالح التويجري إلى رحمة الله:

- ‌وثائق لأسرة التويجري:

- ‌أشخاص بارزون معاصرون:

- ‌صالح بن عبد الله بن وايل التويجري (أبو أحمد):

- ‌الأستاذ عبد العزيز بن محمد بن عبد الله التويجري:

- ‌الدكتور علي بن محمد التويجري:

- ‌محمد بن عبد الكريم بن محمد التويجري:

- ‌عبد الله بن سليمان بن عبد الله التويجري (أبو سليمان):

- ‌محمد بن صالح بن عبد الله التويجري:

- ‌التَّيْسان:

- ‌(باب الثاء)

- ‌الثابت:

- ‌الثاقب:

- ‌الثامر:

- ‌الثنيان:

- ‌الثنيان:

- ‌الثّنيْان:

- ‌الثّنَيان:

- ‌الثنيان

- ‌الثوَّاب:

- ‌الثّوَيْني:

- ‌ الثويني

- ‌الثويني:

- ‌‌‌الثويني:

- ‌الثويني:

- ‌الثويني:

الفصل: ‌من عمل إبراهيم البليهي:

يحسبونه كذلك، لذلك كان ينزل خارج بريدة في خيام وقد أدركته فعل ذلك.

ومرة نزل فيما يعرف الآن بالنازية وهي الرملة المرتفعة الواقعة غرب التغيرة، فكان ملك إبراهيم البليهي في التغيرة غير بعيد من مكان نزوله، فتعرف على الأمير عبد الله بن عبد الرحمن الذي سر لما وجده عند إبراهيم البليهي من المعرفة بالنخل والزرع وأهدى إليه البليهي تمرًا من السكري فأعجب به وطلب منه (فراخة) وهي الصغار من النخل ليغرسها في حائطه المغترة قرب الرياض.

وهكذا كان، وتوطدت العلاقة بينهما حتى فرق الموت بينهما فلا أدري عما إذا كان ذلك هو سبب تعيين إبراهيم البليهي في هيئة خرص النخيل في الأحساء والقطيف أم لا.

ولد إبراهيم بن محمد (البليهي) المذكور عام 1310 هـ، وهو معني بتواريخ الأمور المهمة لذلك كتب أوراقًا فيها نبذ تاريخية وأتلفها عام 1337 هـ، وتلتها سنة الرحمة، كأنه لم يرض عما فيها، ولكون الناس شغلوا بما هو أهم عندهم من ذلك، وهو معالجة مرضاهم ودفن موتاهم الذين ماتوا في الوباء في تلك السنة.

ولو كانت وصلت إلينا أوراق من تقييدات إبراهيم البليهي بما نعرفه عنه من دقة في الكتابة، والحكم على الأشياء، ومن الإطلاع على ما وراء الألفاظ لكانت مفيدة جدًّا، ولكن تلك علة فأشبة في علمائنا وأدبائنا أن لا يثقوا فيما يكتبونه، وأن يحملهم التواضع على أن يحطوا من أقدار أنفسهم.

توفي إبراهيم بن محمد البليهي عام 1381 هـ.

‌من عمل إبراهيم البليهي:

إننا نذكر اسم هذا الرجل مجردًا من كلمة الشيخ لأن في أسرة البليهي

ص: 344

مشايخ عدة، إضافة إلى أننا نسير في ذلك على ما كان عليه مشايخنا وأهلنا وجماعتنا أهل بريدة مثلهم في ذلك مثل أهل نجد في كونهم لا يطلقون لقب شيخ إلَّا على من تولى القضاء أو كانت لديه حصيلة علمية تعادل ذلك.

وقد أردت أن أذكر هنا حادثة تافهة وإن كانت مهمة عندي وليس ذلك هو الذي حملني على أن أذكرها ولكن لكونها تتعلق بتخطيط شرقي مدينة بريدة وتاريخ ذلك:

وفي عام 1361 هـ كنت وقتها في السادسة عشرة من عمري سمعنا أن الأمير ابن فيصل وهو عبد الله بن فيصل الفرحان أمير بريدة والقصيم يريد أن يوزع أراضي في شرق بريدة، والمراد بذلك الضفة الشرقية للخبيب، أي ما كان شرقا من شارع الحبيب الرئيسي الذي كانت توجد فيه أحواش قليلة مملوكة وباقيه أراض حكومية أو هي حُرَّة على حد تعبير الناس بمعنى أنها لا مالك لها.

وقد عرفنا أن الأمير ابن فيصل قد وكل أمر تنظيم ذلك وإخراجه إلى حيز الوجود إلى رئيس ديوان الإمارة في ذلك الوقت وهو (سالم بن إبراهيم الدبيب) وإبراهيم البليهي وأنهما وضعا خطة لذلك عرضاها على الأمير ابن فيصل فوافق عليها.

وتتلخص في أنهم قرروا أن يقسموا المنطقة كلها وهي واسعة ممتدة إذ تبدأ من جهة الجنوب بشارع الثانوية الذي كان يسمى (شارع الخالدية) لأن المدرسة الخالدية صارت فيه وهو الشارع الذي ينطلق من الخبيب ويدع قصر الإمارة القديم على يمينه للمتجه منه إلى النقع - ويمتد شمالًا حتى حدود التغيرة، أما شرقًا فهو إلى رأس النفود وغربًا إلى قرب شارع الخبيب الحالي.

كنت صغيرًا آنذاك ولكن قطع الأراضي المعدة للمنح للمواطنين كثيرة، وكان (سالم الدبيب) رئيس ديوان الإمارة وهذا هو عمله بالضبط ولكنني لست

ص: 345

متأكدًا من كونه يسمي بهذا الاسم في ذلك التاريخ المبكر 1361 هـ، كان جارنا في شمال بريدة، لذلك كتبت عريضة مثل غيري وقدمتها إليه، وإذا باسمي يخرج مع غيري من الأسماء التي كانت تظهر للناس في قوائم، فيها الموافقة على منحهم أرضا، غير أن القريب من المنطقة وهي الضفة الشرقية لشارع الحبيب كان في الترقيم من نصيب الذين سبقونا في تقديم طلبهم.

وكان إبراهيم البليهي يخرج ومعه رَجَّال الشيوخ الذي هو بمثابة الشرطي من باب إثبات الوجود وإلَّا فإنه لا داعي له، ولم تكن توجد في بريدة في ذلك التاريخ بلدية، ولا إدارة للشرطة.

وكل من جاء برقمه أمام اسمه عرف سالم الدبيب موضعه وقال راجع أبو صالح إبراهيم البليهي، فكان البليهي يقول مثلًا يوم كذا لأهل الأرقام التي تبدأ من كذا.

إلَّا أن وجه الغرابة، أو قل إنه وجه النقص بالنسبة لما نعرفه الآن أن القطع ليست لها أرقام على القطعة نفسها وإنما هو رقمها في تسجيلها في ديوان الإمارة.

وعندما حان الأجل الموعود لمنحي وأمثالي الأرض ذهبنا إلى الموقع وهو في مكان مرتفع من النفود ولكنه يعتبر قريبًا إذ هو بالضبط بإزاء المعهد العلمي الآن الذي لم يعرف فضلًا عن أن يكون بني وإنما فتح بعد ذلك باثنتي عشرة سنة، وكنت أنا مديره الذي فتحه.

بدأ إبراهيم البليهي من جهة الجنوب يبوع الأرض بنفسه أي يقدرها بالأبواع من دون أمتار أو حبال أو عصي مما تقاس به المسافات، وإنما كان يمد رجليه مدًّا واسعًا ويقول: واحد، وهذا هو نصف البوع ويساوي ذلك نحو مترين ثم يمدها ثانية ويقول اثنين وهكذا.

وكانت العادة التي سار عليها أن يمنح كل اثنين أرضًا واحدة أي قطعة واحدة في الأماكن القريبة من شارع الحبيب، أما الذين كان نصيبهم مما هو

ص: 346

أبعد من ذلك فإنه كان يعطيهم قطعة كاملة.

وكانت القطعة طولها عشرين بوعًا وعرضها عشرة أبواع، وذلك يساوي على وجه التقريب 18 مترًا في 36 مترًا.

وسرنا مع إبراهيم البليهي وهو يبوع الأرض وكلما فرغ من قطعة قال هذه رقم كذا، للرقم الذي في القائمة فيقول رجال الشيوخ: هذي لفلان.

وبعد تحديد أربع أراض أو خمس يقفز البليهي عدة أبواع ويقول: هذه أسواق أي شوارع لأنه لا يعرف مسار الشوارع التي ستخرج من المدينة مارة بشارع الخبيب متجهة شرقًا.

أما الشوارع التي تنطلق من الجنوب إلى الشمال فإنها واضحة لأنها بعرض 20 ذراعًا ومستمرة على استقامة تامة.

صار يبوع ويبوع ونحن نتبعه وإذا به يكاد يصل إلى النغيرة ويقول الذي معه إن هذا الرقم لمحمد بن ناصر العبودي، ولما رأيت أنها ستكون في حدود النغيرة وأنني لا أكاد أرى بنيان المدينة لأنها لا يوجد بينها وبين بريدة أية أرض مبنية قلت له: يا أبو صالح، الله يسلمك ها الأرض ما تصلح لي هذي في البر فمن فضلك دور لي غيرها.

كنت أتعجب من ذلك في نفسي بعد ذلك كيف جرأت عليه واستجاب لرغبتي مع أنني في السادسة عشرة من عمري وليست لي أية سمعة لأنني لم أصبح من طلبة العلم المعروفين وإنما كنت أقرأ في المسجد على شيخين قراءة غير منتظمة.

أنصت الرجل لما قلت له باهتمام، وقال لي هامسًا: كلامك هذا من حظ صالح الطويان لأنه قد بقيت نحو خمس قطع أو ست على الوصول إلى جادة الطرفية التي كانت تفصل بين ملك ابن طويان وبين الأراضي الحرة أي الحكومية التي توزع، وتلك الجادة هي التي أصبحت شارع التغيرة الذي ينطلق

ص: 347

من الخبيب ويذهب شرقًا، وابن طويان يملك بستانًا في أرض زراعية كان اشتراها من محمد بن محمد السديري، فقلت للبليهي هامسًا وكان معنا جمع: كيف يا أبو صالح؟ قال: تبي تبقى هذا الأرض حرة، ويأخذها.

ثم التفت إلى الجمع الذين كانوا يتبعونه وقال: يا جماعة أنا أوجعتني فخوذي من كثر المباوع لكن وعدكم إن شاء الله باكر نبدأ من جنوب.

ثم خصني بالكلام دونهم قائلًا: باكر إن شاء الله نبدأ من جنوب بريد مع الشارع الذي يمر الآن إلى الشمال من الإمارة القديمة ونبي نعطي دحيم الخطاف عشرين بوع في عشرين بوع وعبد الله الحمادي عشرين بوع في عشرين بوع لأن هذي تعويض لهم عن أراض لهم شرق المقبرة طلب الجماعة من الملك عبد العزيز أن تبقى لمرافق البلد ويعوضون عنها، وبعدها نعطيك أرضك، فدعوت له، وانصرفت.

وفي اليوم التالي نفذ ما قاله فكانت الأرض القريبة التي أعطاني إياها تساوي عشرًا من الأراضي البعيدة التي تركتها.

كانت المنطقة نفودًا أي رملًا خالصًا ليس فيه شجر ولا نبات ولا أية علامة فكان من تعين له أرض يرسم حدودها بجعل زبرة من الرمال وهي الكومة التي تكون بقدر الرجل الجالس ويتركها، ولكن هذا الرسم كالخطوط في الرمل سرعان ما تضمحل وتتلاشى لأن الرمل يذهب وكان بعض الحازمين من غير العاجزين ولست منهم يذهبون بعيدًا يبحثون عن عظم جيفة قديم فيركزونه في حد الأرض في الرمل دون أن يضعوا شيئًا يمسك به ليكون علامة، لأنه يتحرك ويزول.

لذلك اختلطت تلك الأراضي وضاعت حدودها، غير أن الخطة التي صنعها البليهي مع الإمارة تقضي بأن يعطى كل شخص وثيقة من الإمارة

ص: 348

مختومة بختم الأمير ابن فيصل تبين رقم القطعة التي منحت له، وأسماء جيرانها إلَّا أن أسماء الجيران لم تكن دقيقة إذ لم تكن عينت الشوارع، وعندما تحددت صارت تفصل بعض القطع عن بعض، غير أن هذه مشكلة أمكن تلاقيها بسبب تصرف إبراهيم البليهي لأنه بعد كل ثلاث قطع من الأراضي أو نحوها يترك مسافة تكفي للشارع وإن لم يعينها.

وقد انمحت حدود تلك الأراضي بالفعل وصار لا يعرف أحد أرضه غير أنها ظلت معروفة على الورق سنين طوالًا وفي بعض تلك السنين شغلت بأعراب حصل عليهم جدب ومحل أهلك مواشيهم وما يملكون فسقطوا في المدن والقرى ونزلوا فيما حولها من الأراضي الخالية عسى أن يستطيعوا أن يجدوا ما يضعونه في أفواههم وأفواه نسائهم وصبيانهم، وكان من بين الأماكن التي نزلوها نفود الخبيب الشرقي الذي فيه أراضينا.

هذا وبعد سنوات طويلة تطورت فيها الأمور وتغيرت فيها الأحوال وصرت مديرًا للمعهد العلمي في بريدة حوشت تلك الأرض وكان الذي خططها أي حدد حدودها لي ولجيراني عبد الله السويد وإخوانه الذين كانوا اشتروا القطعة التي تقع إلى الشمال من أرضي هو (إبراهيم البليهي) رحمه الله ثم بنيتها بيتًا طينيًا وتركته فترة قصيرة نقلت بعدها إلى الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة.

وبعد سنوات كثيرة هدمته وبنيته بالمسلح وأشرف على بنائه ابني المهندس المعماري ناصر وشقيقه ابني خالد وهو خبير مالي، وصار حانوتين دكانين كبيرين سعة كل واحد منهما أكثر من 400 متر مربع.

إن إبراهيم بن محمد البليهي من أفذاذ الرجال الذين عرفتهم عقلًا وسياسة، ووزنًا للكلام ومعرفة بالناس وبطبائع الأشياء، ومحبة للمعلومات العامة، وله كلمات في هذا الأمر كثيرة ومواقف تستحق التسجيل، ولكن لم يسجل له شيء وضاعت كلماته وأخباره سدى كما ضاعت أخبار غيره من

ص: 349

قومنا سدى بسبب تقصيرنا في تسجيل آثارهم وأخبارهم.

تذاكرت مرة معه حالة أسرة كان أوائلها من نجباء الرجال، ولكن كان المتأخرون من أبنائها دون المتوسط فقال:

يا أخ محمد، بعض الحمايل مثل بعض شجر الأثل أول عمرها تطلع خشبها مطارق عدلة وآخره تكولن ولا يصير فيها إلَّا خشب عوج نصفه وبن.

وكلمة تكولن من الكلمات التي تحتضر في لغتنا الدارجة وربما لا يفهمها بعض الناشئة عندنا وقد شرحتها مع مثيلاتها من الكلمات في (معجم الألفاظ العامية).

ومعناها أن تتحول الشجرة من شجرة تخرج خشبًا مستقيمًا لا عوج فيه ولا عقد إلى شجرة لا يخرج منها إلَّا خشب عوج قصار ذوات عقد وهي الأبن لأن العقدة هي الأبنة في الخشبة في الفصحى.

رحم الله أبا صالح إبراهيم البليهي فقد كان من أفذاذ الرجال معرفة بأمور الأراضي والعقارات والزراعات وأخبار الرجال ووزن أقدارهم وهو جدير بأن يؤلف عنه كتاب مستقل بذاته ممن يحفظون أخباره ويعرفون عنه أكثر.

ولو كنت عنيت بأمر الأسر ورجالها وأتيح لي الوقت الكافي في ذلك الحين لكنت استطعت ذلك.

ومنهم الشيخ صالح بن إبراهيم البليهي وهو ابن إبراهيم بن محمد البليهي المذكور كان زميلًا لنا مدرسًا في المعهد العلمي في بريدة طيلة بقائي في المعهد المذكور مديرًا له من عام افتتاحه عام 1373 هـ إلى عام انتقالي للجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1380 هـ.

وكنت رشحته مع ثلاثة من المشايخ في بريدة كانوا أمثل طلبة العلم فيها وأكثرهم علمًا وأحسنهم سمعة وهم الشيخ صالح بن أحمد الخريصي والشيخ صالح

ص: 350

بن عبد الرحمن السكيتي والشيخ علي بن إبراهيم المشيقح والشيخ صالح البليهي.

أما الشيخ صالح البليهي فإنه استجاب للتعيين وشكر ذلك وقال: الحقيقة إن هذه نعمة من الله كبرى أن يهيئ الله لنا أن نعلم العلم في بلدتنا ونأخذ على ذلك مكافأة ونحن نود أن نفعل ذلك مجانًا.

وأما الباقون فقد ذكرت قصتهم في ترجمة الشيخ صالح بن أحمد الخريصي وسيأتي تفصيل بعض ذلك هنا.

لقد عرفت الشيخ صالح بن إبراهيم البليهي قبل ذلك في حلقات الدروس العلمية على الشيخين صالح بن أحمد الخريصي والشيخ عمر بن سليم، وكان درس على الأول أكثر من الثاني ثم عرفته في طلبة العلم على شيخنا العلامة الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد رئيس قضاة منطقة القصيم.

ولم يكن يواظب على الدروس في أول الأمر لأن والده إبراهيم بن محمد البليهي كان فلاحًا ولكن كان ابنه صالح يطلب العلم رغم ذلك، وكان يأخذ معه بعض الكتب يستذكرها ويدرسها وهو يعمل في فلاحة والده.

وكنت عينت مديرًا للمعهد العلمي في بريدة في أواخر عام 1372 هـ بناء على أمر من ولي العهد آنذاك الملك سعود بن عبد العزيز رحمه الله، وقد أبلغني بذلك العلامة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ المفتي الأكبر للمملكة العربية السعودية ورئيس القضاة فيها وهو في الوقت نفسه كبير علماء البلاد.

وهو رئيس المعهد العلمي في الرياض الذي تطورت منه كليتا الشريعة واللغة.

وكان الشيخ محمد بن إبراهيم الذي سيكون رئيس المعهد العلمي في بريدة الذي عينت في إدارته قبل افتتاحه فكان كأكثر الوظائف التي شغلتها بعد ذلك وقبل ذلك أنا أول الموظفين فيه لأنه لم يفتتح بعد، وأنا سأتولى افتتاحه.

ص: 351

فقلت للشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله: إننا إذا لم نعين عددًا من المشايخ مدرسين في المعهد فإن بعض طلبة العلم سوف ينصرفون عن الالتحاق بالمعهد، وقد ينضمون إلى الجماعات المعارضة لأي تعليم حديث في بريدة، ومنه المعهد جهلًا منهم لفائدة المعهد، ولكونهم يعتقدون أن ذلك ربما يؤثر في انحراف بعض طلبة العلم الذي يلتحقون فيه فيصبحون عصريين - على حد تعبيرهم - ومعنى ذلك بزعمهم أنهم لن يتمسكوا بما تمسك به أسلافهم من مشايخ البلاد.

واخترت من كبار المشايخ وطلبة العلم في بريدة أربعة، هم أكثرهم تحصيلًا للعلم، وأكثرهم مكانة في نظر العامة وطلبة العلم.

وهم الشيخ صالح بن أحمد الخريصي وكان وقتها قاضيًا في الأسياح.

والشيخ صالح بن عبد الرحمن السكيتي وكان في وظيفة قاضي المذنب.

والشيخ صالح بن إبراهيم البليهي ولم يكن يشغل وظيفة، والشيخ علي بن إبراهيم المشيقح، ولم يكن يشغل وظيفة أيضًا، فوافق الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله على ما عرضته.

كما وافق على ما شرحته له بأن شيخنا الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد الذي كان قاضي بريدة ورئيس القضاة في منطقة القصيم ومن العلماء المعدودين في المملكة، وذلك ما اقترحته بأن نعين الشيخ عبد الله بن حميد في وظيفة مشرف على المعهد براتب ستمائة ريال في الشهر وهو راتب المدرس الواحد في المعهد العلمي الذي خصصناه للمدرسين وهو أكثر من راتب قاضي بريدة الذي يتقاضاه على عمل القضاء آنذاك، إذ كان راتبه لا يزيد على خمسمائة ريال مع أنه لا يوجد قاض في نجد يتسلم مثله هذا المبلغ خمسمائة ريال، إلَّا الشيخ عبد العزيز بن باز قاضي الخرج في ذلك الحين.

ص: 352

أما بقية القضاة في نجد فكانت رواتبهم أقل من ذلك.

كان راتب أمير بريدة آنذاك ثمانمائة ريال تعاقب على تسلم هذا المقدار من الراتب الأمير عبد الله بن مساعد والأمير ابن بتال.

أما راتب مدير المعهد الذي بدأت أتقاضاه فكان أكثر راتب لموظف في القصيم وهو ألف ريال عدا العلاوة، وهي علاوة الغلاء التي كانت تصرف للموظفين وقدرها 25 % من الراتب، وقد أمر الشيخ محمد بن إبراهيم بإعداد رسائل مفتوحة للمشايخ الأربعة المذكورين وللشيخ عبد الله بن حميد فأعددتها بالتعاون مع مدير مكتبه أنذاك الأستاذ صالح بن حيدر.

وحملت هذه الرسائل معي إلى بريدة وأنا مشفق من ألا يقبلوا كلهم أو بعضهم العمل في المعهد رغم الراتب المغري، وكون العمل في بلدهم وذلك من أجل التأثير الكبير الذي يملكه المتشددون الذين يؤيدهم الرأي العام.

ولم أكن غريبًا عنهم كلهم فأكثرهم مشايخي، بل كلهم مشايخي ما عدا الشيخين البليهي وابن مشيقح فإنهما من زملائي وإن كانا أسن مني بكثير، وأقدم عهدًا بطلب العلم.

فبدأت بالشيخ صالح الخريصي وسلمته الكتاب ورغَّبته في قبول المنصب، وقلت له: إن المعهد ليس فيه من الإداريين أحد أجنبي، فأنا تلميذكم وسوف اختار مساعدًا لي وكتبة من أبنائكم الصالحين من أهل بريدة.

ثم إن هذه الوظيفة هي تعليمية صرفة وتعلمون فضل تعليم العلم وأنتم سوف تتفرغون لها، إذ أخبرني الشيخ محمد بن إبراهيم وهو رئيس القضاة أنه في حالة قبولكم لوظيفة التدريس في المعهد العلمي فإنه سوف يعين بديلًا منكم في قضاء الأسياح، قلت ذلك وأنا أعرف أنه لم يكن مستريحًا في تلك الوظيفة، لأن الأسياح في ذلك الوقت تعتبر بعيدة عن بريدة، وهي تبعده عن تلامذته ومسجده الذي يصلي

ص: 353

إمامًا فيه، ويأتي طلبة العلم للدراسة عليه فيه من أماكن بعيدة.

فقال لي: يا أخ محمد، الحقيقة أنه لو لم يكن في المعهد إلَّا أنت وأمثالك لكنت وافقت، ولكن سيكون فيه مدرسون أجانب ممن عقائدهم غير صافية، وأقل ما يكون فيها أن يكونوا من الأشاعرة ومن الصعب على مجالستهم، والسكوت على ما هم عليه.

فقلت له: إن هذا ينبغي أن يكن مسببًا لحرصكم على الالتحاق بالمعهد وذلك لإرشاد من قد يكونون كما ذكرتم من المدرسين الأجانب والإيضاح ما قد يذكرونه مما ذكرتم للطلبة.

فطلب مني المهلة ثلاثة أيام لينظر في الأمر.

ثم أجابني بعد ذلك بالاعتذار.

أما الشيخ صالح البليهي فعندما ناولته كتاب الشيخ محمد بن إبراهيم قلت له - مشفقًا - من أن يكون جوابه بالنفي: إنني أترك لكم فرصة للتفكير بعض الوقت أجاب: إنني موافق منذ الآن ولا احتاج للتفكير.

ثم قال لي: يا شيخ محمد، من ذا الذي يتردد في قبول وظيفة تعليمية في بلده، ومع ذلك يعطي لها راتبًا جيدًا!

وكان هو الوحيد بين المشايخ الأربعة الذي قبل العمل في التدريس في المعهد دون تردد.

حيث إن الشيخ علي المشيقح استمهلني بعض الوقت، ثم قال لي: يا أخ محمد أنا الآن متفرغ لطلب العلم ونسخ الكتب ولي عبادات وأوراد أواظب عليها وأخشي إذا دخلت في المعهد مدرسًا عندكم أن أتغير عما أنا عليه من ذلك.

ثم رفض الطلب.

ص: 354

وأما الشيخ صالح السكيتي فإنه لم يبت في الأمر إلَّا بعد فترة وكان قراره بالموافقة.

وهذه صورة الكتاب الذي حملته إلى الشيخ صالح البليهي ومثله للمشايخ الثلاثة الأخرين وكل واحد منهم باسمه:

وقد ظل الشيخ صالح البليهي مدرسًا في المعهد العلمي في بريدة منذ أن عنيته في عام 1373 هـ حتى أحيل إلى التقاعد في عام 1390 هـ.

وقد طلب منه بعد أن تركت المعهد أن يقبل وظيفة مدرس في كلية الشريعة في الرياض فأبى ذلك وفضل البقاء مدرسًا في ذلك المعهد الثانوي على التدريس في الكلية إيثارًا منه للبقاء في بلدته بريدة.

ص: 355

كما عرضت على الشيخ صالح البليهي وظيفة التدريس في كلية الشريعة في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، وذلك يعتبر ترقية له وتقديرًا لعمله، لأنه ممن طلب العلم على المشايخ من آل سليم وغيرهم وليست لديه شهادة عالية رسمية، وكان يدرس آنذاك في معهد بريدة العلمي الذي هو معهد ثانوي فرفض ذلك، مؤثرًا البقاء في المعهد في بريدة على السفر للتدريس في الكلية، وكنت اتفقت مع الشيخ عبد العزيز بن باز عندما كان يشغل وظيفة رئيس الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، وكانت وظيفتي تلي وظيفته مباشرة فيها وهي (الأمين العام للجامعة) إذ لم يكن هناك في الجامعة وظيفة نائب رئيس ولا وكيل للجامعة أو مديرها بأن يعين الشيخ صالح البليهي أستاذًا في الجامعة فكتبنا إليه بذلك فاعتذر مؤثرًا - أيضًا البقاء في معهد بريدة مدرسًا على الانتقال إلى الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة أستاذًا جامعيًا فيها.

وللشيخ صالح البليهي مؤلفات عديدة منها: السلسبيل في معرفة الدليل، وهو حاشية على زاد المستقنع في الفقه، في ثلاثة أجزاء طبع أكثر من مرة وانتفع به طلبة المعاهد العلمية.

وقد قرضه شقيقي الشيخ سليمان بن ناصر العبودي بأبيات من الرجز طبعت في مقدمته، وأخي سليمان أحد تلاميذ الشيخ صالح البليهي، وهذا نص أبياته وما كتب قبلها مع ذلك الكتاب المطبوع:

تقريض الشيخ الفاضل سليمان بن ناصر العبودي أحد أعضاء محكمة بريدة الكبرى في وقته لما سمع بعض مواضيع من حاشية زاد المستقنع فجادت قريحته بما يلي:

بدا لنا اليوم كتاب الزاد

متضح الأعلام للقُصَّاد

بحلة جديدة محترمة

وحلية نفيسة منتظمة

لشيخنا العلامة الفقيه

أبي علي صالح البليهي

ص: 356

نظمه تنظيم ذي عرفان

وخبرة بشأن هذا الشأن

فصار نعم مرتع للطالب

وسلسبيلًا سائغًا للشارب

لما حوى من ساطع الدليل

من الكتاب وعن الرسول

ثم اتفاق المسلمين فيما

قد أجمعوا بشأنه قديمًا

وما يرى بقية الأربعة

الشافعيِّ وأبي حنيفة

ومالك في أغلب المسائل

من اتفاق أو خلاف حاصل

كذاك قول بعض من يُعتد

به وممن برزوا يُعدُّ

سمعت منه جملًا وأسطرًا

كانت نموذجًا لما ما لم أرى

فكان نعم مرجعًا في بابه

وهاديًا بين يدي طلابه

فاحرص عليه وادع للمؤلف

بالعفو والثواب يوم الموقف

ثم الصلاة والسلام سرمدًا

على النبي الهاشمي أحمدا

سليمان بن ناصر العبودي

ولأخي الشيخ سليمان قصيدة أخرى في الشيخ صالح البليهي لم أجدها عند كتابة هذا الفصل.

كما قرضه الشيخ الجيلي أحمد المكي من السودان وكان منتدبًا التدريس في المعهد العلمي في بريدة زميلًا للشيخ صالح البليهي وذلك بقصيدة منها:

قرأت إلى (البليهي) الجليل

بإعجاب كتاب السلسبيل

وجدت السلسبيل العذب شهدًا

ونهرًا فاض من شيخ جليل

أخي بشْرٍ، وذي ورع تقي

يذكرنا بأعلام فحول

ص: 357

أخي بحث وترتيب دقيق

وترجيح بتدقيق جميل

وفيه من اختيارات حسان

تطمئن بل وتشفي للغليل

من ابن القيم المعروف علمًا

ومن ابن تيمية الجليل

هنيئًا يا بريدة أنت روض

يفتح ثم يزهر للعقول

أهني معهدًا ضم (البليهي)

على تأليفه للسلسبيل

ومن مؤلفات الشيخ صالح البليهي أيضًا كتاب: (يا فتاة الإسلام، اقرئي حتى لا تخدعي)، طبع في مطابع السلمان في بريدة في 370 صفحة.

ورسالة عنوانها: (أربع كلمات مفيدة، في الأحكام والعقيدة)، طبعت في بريدة عام 1409 هـ.

وقدم لرسالة للإمام عبد العزيز بن محمد آل سعود أحد مؤسسي الدولة السعودية بالاشتراك مع الشيخ صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ.

ونشرها بعنوان (رسالة مهمة للإمام المجاهد عبد العزيز بن محمد بن سعود) طبعت بمطابع الأوفست الأهلية في الرياض.

وعندما تقاعد الشيخ صالح البليهي لم يقل نشاطه العلمي والخيري فاختارته جماعة تحفيظ القرآن في بريدة رئيسًا لها واستمر رئيسًا للجماعة حتى الآن 1409 هـ.

كما اختير رئيسًا فعليًا لجمعية البر الخيرية في بريدة وإن كان بمسمى وظيفة نائب رئيس الجمعية الخيرية والرئيس هو الأمير عبد الإله بن عبد العزيز أمير منطقة القصيم ولكنه الرئيس الأعلى والرئيس العامل هو الشيخ صالح البليهي.

وأخبرني الشيخ صالح البليهي أن الجمعية تضم الآن ما ينوف قليلًا على أربعة آلاف عضو، فيهم عدد من الفتيات.

ص: 358

وأنهم يعطون عددًا من طلبة العلم الشبان الذين يتعاونون معهم راتبًا رمزيا قدره ألف ريال في الشهر ولكنهم يوزعونه على الطلاب المجتهدين في الجمعية ولا يأخذون شيئًا التماسًا للأجر والثواب من الله تعالى.

وتصدر الجمعية تقريرًا سنويًا كل عام توضح فيه نشاطها، وقد اطلعت على التقرير الذي صدر لعام 1407 - 1408 هـ. وهو أشبه بالكتاب الذي يوضح نشاطًا يثير الإغتباط.

كان للشيخ صالح البليهي ابن لا أريد أن أذكر اسمه حمل معه خالته وهي أم زوجته إلى السوق بسيارته ثم تركها فيه وواعدها مكانًا يأخذها منه بعد فراغها فلما أخذها منه رآه بعض الإخوان المسمين بالمتطوعين، وهم الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر دون أن يكونوا موظفين أو معينين من الحكومة لذلك، فظنوا أنها امرأة أجنبية معه، لذا سألوه فأغلظ لهم القول ثقة منه بصحة كلامه، فضربوه ضربًا مبرحًا وأهانوه.

حدثني الشيخ عبد الله بن علي الغضية قال: كنت أكتب للشيخ صالح رسائله قال: فأملى علي رسالة إلى رئيس هيئة الأمر بالمعروف بالرياض يقول فيها: لقد حصل على ابني كذا وكذا، من (الإخوان المتطوعين) وبما إنني أخشى أن يبلغكم شيء عن هذا الحادث من غيري فيكون في ذلك تشويه لسمعة الإخوان أو إلحاق الأذى بهم مما يجعل عزمهم على إنكار المنكر يفتر، فإنني أخبركم بأننا لا نطالب الإخوان بشيء وأن هذا الحادث ينبغي أن لا ينقص من قدرهم أو عملهم، وأرجو أن يعتبر الموضوع منتهيًا!

ومعلوم أن المتطوعين المذكورين يقومون بعملهم دون مقابل، وليست لديهم إدارة مسئولة عن أعمالهم، لذا كانت تنسب إليهم تجاوزات هدفهم منها الاحتياط لأمور الدين.

ص: 359

ويعد الشيخ محمد بن عبد العزيز بن صالح الثويني رسالة الدكتوراه عن الشيخ صالح البليهي بعنوان (الشيخ صالح بن إبراهيم البليهي جهوده العلمية والدعوية)، في كلية الدعوة في المدينة المنورة التي تتبع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية يشرف عليها الدكتور صالح بن محمد الحسن الأستاذ في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في القصيم، ثم نوقشت الرسالة المذكورة وكنت أحد المناقشين لها اختارتني لذلك جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وحصل على مرتبة الدكتوراه على عمله فيها.

وكان الشيخ صالح البليهي قد أصيب بمرض خطير في أحد الشرايين القلبية كاد يهلكه إلَّا أن الأمير عبد الله بن عبد الرحمن آل سعود عم الملك فيصل كان صديقًا لوالده إبراهيم البليهي كما تقدم، فشفع عند الملك فيصل رحمه الله في أن يعالج الشيخ صالح في بريطانيا على نفقة الحكومة.

فسافر إلى لندن وقد أشفى على الهلاك وتم علاجه هناك وعاد معافي إلى بريدة وعاش بعد مرضه ذلك سنين طوالًا حتى توفي في 4/ 5 / 1410 هـ رحمه الله.

وقبل أن أختتم كلامي على الشيخ صالح بن إبراهيم البليهي أقول: إنه كوالده لديه نظر في العقارات والأراضي والنخيل وإن لم يكن يمارس التجارة فيها.

وأذكر أنني عندما عزمت علي بناء بيتي على الأرض التي ذكرتها في الكلام على والده في النفود الشرقي لبريدة وحفر العمال أساس غرفها ووضعوا فيه الطين والحصا رآه الشيخ صالح فقال: يا فلان، قهوتك هذه يقصد غرفة الاستقبال التي يسمونها القهوة صغيرة وأنت رجل يجيك ناس كبار القدر، وكثير العزايم، لابد أنك تكبرها أكثر.

ولما قلت له: إنني أظنها كافية أخذ المسحاة بيده وردم الأساس الذي حفره العمال وخط خطًّا لتوسعتها قائلًا: ما يمكن أنك تندم على سعة المحل، الإنسان يندم

ص: 360