الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما المسلمون فقد أحكموا الحصار حول المحصون وقاموا بتطويقها من كل جانب، وقطعت الجيوش الإسلامية كل اتصل بين اليهود وبين الخارج، ووضعت القوات الإسلامية أيديها على كل مزارعهم ونخيليهم الواقعة خارج حصونهم.
مقر قيادة الرسول أثناء الحصار
وقد نزل الرسول صلى الله عليه وسلم أثناء ضرب الحصار على بني قريظة -على بئر من آبارهم يقال له بئر أنى-، وجعل مقر قيادته هناك.
ولقد كانت مقاومة اليهود للحصار (أول الأمر) شديدة، ولكنهم بعد مرور حوالي عشرين ليلة على هذا الحصار بدأ الضعف والقلق يتسرب إلى نفوسهم، بعد أن أجهدهم الحصار وأيقنوا أن المسلمين ليسو بمنصرفين عنهم حتى يستسلموا، أو يقتحموا عليهم حصونهم ويفتحوها بحد السلاح. فبالرغم من الإمكانيات المادية المتوفرة لديهم من مياه ومواد غذائية وسلاح كامل وحصون منيعة، تساعدهم على المقاومة وقتًا طويلًا، فقد امتلأت نفوسهم بالرعب والخوف والفزع، فخارت قواهم، وأخذوا يفكرون في الطريقة التي يمكنهم بها حقن دمائهم.
سيد بني قريظة يدعوهم إلى الإسلام
ففي ذلك الظرف العصيب دعا سيد بني قريظة (كعب بن أسد) دعا زعماء قومه إلى اجتماع في مقر قيادته لتبادل وجهات النظر بشأن
الموقف الحربى ولإبداء الرأي حول ما يجب اتخاذه لإنقاذ الموقف المتدهور.
ولما اجتمع رؤساء الغدر والخيانة بسيدهم كعب بن أسد (وكان عاقلًا متزنًا) لولا رفقاء السوء الذين غلبوه على أمره وحملوه على نقض العهد الذي بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم.
فقد كان كعب هذا (كما تقدم) كارهًا لنقض العهد وراغبًا رغبة أكيدة في البقاء على ولائه للمسلمين، ومن أجل ذلك أقفل باب حصنه عندما علم أن شيطان بني النضير (حيى بن أخطب جاء لمقابلته) عندما وصلت جيوش الأحزاب إلى ضواحي المدنية.
لأنه كان يعلم أن حييًا هذا ما جاء إلا ليطلب من بني قريظة الغدر بالمسلمين والانضمام إلى الأحزاب فكان كعب بن أسد متخوفًا من نقض العهد، وكان يقدر النتائج الوخيمة التي ستترتب على الغدر بالمسلمين قبل وقوعها.
ولهذا رفض (أول الأمر) مقابلة حيى بن أخطب واستقبح رأيه الداعي إلى الغدر بالمسلمين، حيث قال له (بكل صراحة) .. ويحك يا حيي إنك امرؤ مشؤوم، وإني قد عاهدت محمدًا فلست بناقض ما بيني وبينه، ولم أر منه إلا وفاء وصدقًا.
وعندما أراد حيي التأثير عليه بقوة الأحزاب الضاربة وإقناعه بأن قضاءها على المسلمين في حكم المؤكد فقال له .. ويحك يا كعب جئتك بعز الدهر (يعني جيوش الأحزاب) قال له كعب -كأنه ينظر جهارًا إلي ما سيحل ببني قريظة نتيجة الانضمام إلى الأحزاب- .. جئتني والله بذل
الدهر، جئتنى بجهام قد هراق ماؤه، فهو يرعد ويبرق ليس فيه شيء، ويحك ياحيى، فدعنى وما أنا عليه. الخ.
وعندما اجتمع يهود بني قريظة بسيدهم كعب بن أسد عندما خنقهم الحصار، ذكرهم، وذكر حيى بن أخطب على وجه الخصوص) بأنه قد حذرهم هذا المصير عندما مانع في نقض العهد والغدر بالمسلمين في بداية الأمر.
فقد قال لهم في هذا الاجتماع .. يا معشر يهود، قد نزل بكم من الأمر ما ترون، ولقد كنت كارهًا لنقض العهد، ثم التفت إلى حيى بن أخطب، وأشار إليه محمله مسئولية كل ماحدث وسيحدث لبنى قريظة قائلًا .. ولم يكن البلاء والشؤم إلا من هذا الجالس.
وكان حيى بن أخطب عندما نجح في حمل بني قريظة على نقض العهد والغدر بالمسلمين قد تعهد لسيد بني قريظة بأن يدخل معه حصنه ليصيبه ما أصاب بني قريظة إذا ما انسحبت جيوش الأحزاب دون أن تستأصل شأفة المسلمين وتقضى عليهم قضاء تامًّا، وفعلا، فقد وفى له حيى بذلك، فقد أتى الله به إلى حصون بني قريظة ليجنى ثمار أعماله الشريرة فبقى معهم داخل حصونهم حتى نهاية أمرهم.
ثم واصل كعب بن أسد حديثه مع قومه في هذا الاجتماع فدعاهم (لإنقاذ الموقف) إلى اتباع أمر من ثلاثة:
أ- إما اتباع النبي صلى الله عليه وسلم والدخول في الإسلام.