الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصارم الذي هو (تمامًا) في مستوى الأَحداث والذي جاء عقوبة على قدر الجريمة.
ذكرى لم ينساها سعد
ومن الجدير بالذكر أن سعد بن معاذ هذا، كان أحد أعضاء الوفد الذين أرسلهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى بني قريظة لجس النبض عندما بدأت جيوش الأحزاب في محاصرة المدينة، وذلك بعد أن بلغه أن بني قريظة قد خانوا العهد ونقضوا الحلف وانضموا إلى معسكر الأحزاب.
فقد جاء هذا الوفد إلى بني قريظة يطلب منهم الوفاء بالعهد والقيام بالتزاماتهم العسكرية للدفاع عن المدينة بجانب المسلمين، كما تنص على ذلك المعاهدة المعقوده بين المسلمين واليهود.
وكان سعد بن معاذ أحد أقطاب هذا الوفد، وقد سمع جواب اليهود على طلب الوفد، ورأى كيف شتم هؤلاء الخونة في تلك الخونة في تلك اللحظات الحاسمة من تاريخ الإِسلام، النبي صلى الله عليه وسلم، واعلنوا (دونما أيّ خجل أو حياء) نقضهم العهد، وأصروا (علنًا) على المشاركة الفعالة في استئصال شأفة المسلمين مغتنمين استحكام حلقات المحنة عليهم (صنيع النذل الخسيس الذي لا ضمير له ولا ذمة ولا عهد ولا شرف).
فقد تأثر سيد الأوس الشاب سعد بن معاذ تأثرًا عميقًا عندما سمع من حلفائه اليهود ذلك القول القبيح ورأى منهم ذلك العمل الوضيع.
فتجسدت أمامه خسة هؤلاء اليهود ونذالتهم عندما وجّهوا إلى حلفائهم المسلمين تلك الطعنة النجلاء في أحرج الساعات وأدقّ الظروف التي مرَّت بجيش محمد في تاريخه منذ نشأ.
ولم ينس سعد في ضجيج الاستعطاف الموجّه إليه من قومه بشأن حلفائهم اليهود .. لم ينس (وهو يصدر ذلك الحكم الصارم العادل على هؤلاء اليهود) أَنه قد حذَّرهم ونصحهم (بصفتهم حلفاءه) أَن يبقوا على عهدهم وأن لا يغدروا برسول الله صلى الله عليه وسلم لئلا ينتهوا إلى المصير المرعب الذي قادهم إليه أخيرًا غدرهم وخيانتهم.
فقد قال لهم سعد يوم ذاك ناصحًا ومحذرًا .. إنكم قد علمتم الذي بيننا وبينكم -من العهد- يا بني قريظة وأنا أخاف عليكم مثل يوم بني النضير أو أمرّ منه.
فكان منهم ذلك الجواب الفاحش القبيح الذي أملته نشوة الفرح بإطباق جيوش الأحزاب على المسلمين من كل جانب ونشوة الانتصار الذي تخيّلوا أنهم سيحققونه على المسلمين، حيث أفحشوا لحليفهم الناصح في القول فسّبوه سبًا مقذعًا وسبّوا رسول الله إذ قالوا لسعد (يوم نصحهم) .. أكلت أَيْر أَبيك (1)، فقال .. (وكان حليمًا هادئ الطبع عفيفًا). غير هذا من القول كان أجمل بكم - يا بني قريظة - ثم نالوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالوا .. من هو رسول الله؟ ؟ ، لا عهد بيننا وبين محمد (2).
(1) البداية والنهاية ج 4 ص 104.
(2)
سيرة ابن هشام ج 2 ص 222، وقد ذَكرنا القصة مفصلة في أول الكتاب ولكنا ذكرنا هذا المقطع منها للمناسبة.