الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يساقون أسرى تحت حراسة رماح قوات الجيش النبوى المنتصر، قد شدت أيديهم إلى الوراء، يعلوهم ذل الهزيمة ومهانة الانكسار، يتعثرون في خطاهم وكأنهم لا يبصرون.
فتحطمت آمال اليهود وانهارت أحلامهم وانقلبت أفراحهم أتراحًا حيث كانوا يتمنون بل يتوقعون سحق المسلمين في هذ المعركة التي كان انتصارهم فيها على قريش، ليس بداية تسلمهم مقاليد الأمور في يثرب فحسب، بل في جزيرة العرب بأكملها بل في العالم كله الأمر الذي أطار صواب اليهود وجعلهم يتوقعون نهاية أمرهم ويلجأون لذلك إلى أسلوب جديد في محاربة الإسلام.
اليهود ينقلون المعركة إلى صعيد أوسع
فبدلًا من أن يعود اليهود إلى صوابهم أمام ذلك النصر الساحق الذي حققته الدعوة الإسلامية في المجالين الحربى والعقائدى، تلك الدعوة التي تمكن حامل لوائها بصدق لهجته وصفاء نفسه ودماثة خلقه وشرف مقصده وحلمه الواسع أن يضم تحت جناحى هذه الدعوة الحانيين كل سكان يثرب دون أن يضطر إلى إراقة قطرة دم واحدة .. نعم بدلًا من أن يعود اليهود إلى صوابهم ويستجيبوا لداعى الحق الذي يهتف بهم في أعماق نفوسهم، فإنهم ازدادوا عنادًا ومكابرة وارتفعت درجة اشتعال الحقد والحسد والبغض في نفوسهم للإسلام وحامل لواء دعوته.
وتمشيًا مع هذا الارتفاع الذي أعمى اليهود، فكروا في نقل المعركة
ضد النبي ودينه وأتباعه إلى صعيد أكثر فعالية، وأكثر شمولًا.
فلم يكتف اليهود بالصد عن الإسلام ومحاولة تشكيد الناس في صدق النبي صلى الله عليه وسلم أو سلخهم عن الدين الجديد، عن طريق الجدل والتزوير ونشر أعمدة من دخان اللبس والتشويه والتشكيك حول جوهر الدعوة الجديدة الحقة داخل يثرب.
بل ذهب بهم الحقد الأعمى والحرص القاتل على تقويض معالم الدعوة الإسلامية والقضاء على حامل لوائها في عقر دارها إلى أن يذهب منهم أحبار دينيون ووجهاء ماليون وزعماء سياسيون يطوفون في أنحاء الجزيرة العربية بين مضارب البدو في الصحراء وأندية الحضر في المدن والحواضر، لا ليقوموا بحملات دعائية سلاحها التنفير والتشكيك والتكذيب ضد دعوة محمد فحسب (كما يفعلون في يثرب) وإنما ليقوموا بتحذير القبائل العربية ويشرحوا لها خطر الدعوة الإسلامية ويدعونهم إلى مقاومتها بحد السلاح، بل وتجريد الجيوش للقضاء على هذه الدعوة ودعاتها في مقرها الرئيسى قبل أن يستفحل أمرها فتقضى عليهم، وكان هذا من اليهود بداية خطيرة في تطور الصراع بينهم وبين المسلمين جعلت هذه البداية - التي لا تعنى سوى تصميم اليهود على القضاء على الإسلام والمسلمين ولو بالاستعانة بتجريد الجيوش من القبائل الوثنية - جعلت هذه البداية الخطيرة القيادة الإسلامية في المدينة تغير من نظرتها التقليدية المتسامحة إلى المقاومة اليهودية للدعوة الإسلامية، التي لم تعد -كما كانت