المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌بنو قريظة في نظر القانون الدولي - من معارك الإسلام الفاصلة = موسوعة الغزوات الكبرى - جـ ٤

[محمد بن أحمد باشميل]

فهرس الكتاب

- ‌ 4 -غَزْوَةُ بني قُرَيظَة

- ‌تقديم الكتاب

- ‌دروس من غزوة بنى قريظة

- ‌كلمة المؤلف

- ‌ترجمة الوثيقة باللغة العربية

- ‌الفصل الأول

- ‌نسب اليهود

- ‌قبائل اليهود في يثرب

- ‌العنصرية بين اليهود

- ‌كيف جاء اليهود إلى يثرب

- ‌أدوار التاريخ اليهودي في يثرب

- ‌إخضاع اليهود لسيطرة اليمانيين على يثرب

- ‌الأوس والخزرج في المدينة

- ‌الحرب الأهلية بين اليهود

- ‌حال اليهود بعد فقد السلطان

- ‌مركز اليهود المالى

- ‌اليهود في خيبر

- ‌اليهود في الشمال

- ‌يهود تيماء

- ‌نقاط أخرى في الشمال

- ‌في الطائف والبحرين

- ‌اليهود في اليمن

- ‌كيف دخلت اليهودية اليمن

- ‌ذهاب ملك التبابعة علي أيدي الحبش

- ‌اليهود في مكة

- ‌أثر اليهود في العرب

- ‌أثر اليهودية في اليمن

- ‌يهود الجزيرة في نظر غيرهم من اليهود

- ‌العرب والثقافة اليهودية

- ‌الشعراء اليهود

- ‌السموأل بن عاديا

- ‌أخو السموأل سعية

- ‌أوس بن دنن القرظي

- ‌أبو الزناد اليهوي

- ‌سارة القرظية

- ‌الفصل الثاني

- ‌ اليهود بعد الإسلام

- ‌حديث اليهود عن نبوة محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌كيف جحد اليهود الحق بعد معرفته

- ‌بدء المقاومة اليهودية للإسلام

- ‌نموذج من تشكيك اليهود وتلبيسهم

- ‌اليهود وصرف القبلة عن الشام

- ‌تعنت اليهود وحلم النبي صلى الله عليه وسلم عليهم

- ‌اليهود يسبون الله

- ‌مساومة الرسول لفتنته

- ‌محاولة اليهود بعث الروح الجاهلية بين القبائل

- ‌نجاح اليهود في إثارة الحرب الأهلية

- ‌الرسول ينقذ الموقف

- ‌إحباط فتنة اليهود

- ‌حبر من اليهود بفضحهم

- ‌تبديل اليهود حكم الرجم في التوراة

- ‌افتضاح اليهود في تلاعبهم

- ‌اعتراف الأحبار بالتلاعب في التوراة

- ‌المد الإسلامي يجرف اليهود

- ‌اغتباط اليهود بزحف قريش إلى بدر

- ‌اليهود ينقلون المعركة إلى صعيد أوسع

- ‌اليهود بعد انتصار المسلمين في بدر

- ‌النبي وحرية القول

- ‌الطريق الخطر

- ‌اليهود يهددون بالحرب

- ‌النبي ينصح بني قينقاع

- ‌بنو قينقاع يغلظون القول للنبي

- ‌بنو قينقاع ينقضون العهد

- ‌مناقشة ابن إسحاق

- ‌حصار بني قينقاع

- ‌المنافقون وبنو قينقاع

- ‌نجاح رأس النفاق في الشفاعة

- ‌طاغية اليهود الأكبر

- ‌الطاغية ينقض العهد

- ‌التحريض على المسلمين

- ‌الطاغية في مكة

- ‌مقتل طاغية اليهود

- ‌هدوء اليهود بعد مصرع الطاغية

- ‌استقرار الأحوال في المدينة

- ‌النبي والخطر الخارجي

- ‌الموقف بعد نكسة أحد

- ‌نشاط اليهود من جديد

- ‌بنو النضير ينقضون العهد

- ‌فاجعة بئر معونة

- ‌من آثار النكبة

- ‌النبي في ديار بني النضير

- ‌فرصة كبيرة

- ‌المحاصرة ثم الجلاء

- ‌مركز التآمر في خيبر

- ‌سيطرة بني النضير على خيبر

- ‌اليهود وغزوة الأحزاب

- ‌الفصل الثالث

- ‌بنو قريظة وإبادة المسلمين

- ‌غزوة بني قريظة امتداد للأحزاب

- ‌تصفية الحساب مع اليهود

- ‌مرسوم الزحف على اليهود

- ‌أمير المدينة

- ‌فرض الحصار على اليهود

- ‌وقفة فقهية هامة

- ‌النبي يقر الجميع

- ‌وجوب احترام وجهات النظر المختلفة

- ‌تأخير الصلاة أقرب إلى الصواب

- ‌تأخير الصلوات لعذر القتال

- ‌نيل اليهود من الذات النبوية الكريمة

- ‌النبي القائد في ديار قريظة

- ‌حديث النبي مع اليهود وقت الحصار

- ‌طبيعة اليهود التي لا تتغير

- ‌محاولة عقلاء اليهود إنقاذ الموقف

- ‌زعيم يهودى يدعو قومه للدخول في الإسلام

- ‌اليهودى الذي وفى بالعهد

- ‌ثناء النبي على اليهودي الوفي

- ‌مقاومة اليهود واشتداد الحصار عليهم

- ‌مقر قيادة الرسول أثناء الحصار

- ‌سيد بني قريظة يدعوهم إلى الإسلام

- ‌يقترح قتل النساء والأطفال والهجوم على المسلمين

- ‌اليهود يطلبون المفاوضة

- ‌النبي يرفض المفاوضة على غير التسليم

- ‌لا أمل في النجدة

- ‌موقف خيبر من بني قريظة

- ‌محاولة اليهود الأخيرة

- ‌الصحابي الذي خان الله ورسوله

- ‌أبو لبابة يربط نفسه في المسجد

- ‌توبة أبي لبابة

- ‌يمنعه الرسول من التصدق بكل ماله

- ‌انهيار اليهود في المقاومة

- ‌التهديد باقتحام حصون اليهود

- ‌إستسلام اليهود وانتهاء الحصار

- ‌الأوس يشفعون لليهود عند رسول الله

- ‌محاكمة بني قريظة

- ‌تحكيم سعد بن معاذ في بني قريظة

- ‌شفاعة وجوه الأوس عند سيدهم لليهود

- ‌الحكم الجريح

- ‌سعد في المعسكر النبوي

- ‌وقفة فقهية

- ‌سعد يطلب موافقة اليهود علي تحكيمه

- ‌اللحظة الرهيبة في تاريخ بني قريظة

- ‌سعد يحكم بالإعدام على اليهود

- ‌وقفة عند حكم سعد بن معاذ

- ‌ذكرى لم ينساها سعد

- ‌تنفيذ حكم الإعدام في اليهود

- ‌دفن اليهود في الخنادق بعد إعدامهم

- ‌النبي يشهد عملية إعدام اليهود

- ‌شيطان بني النضير يتكلم قبل إعدامه

- ‌شجاعة حيي بن أخطب

- ‌كيف أعدم سيد بني قريظة

- ‌أفي كل موطن لا تعقلون

- ‌المرأة الوحيدة التي أعدمت

- ‌أمر عجيب

- ‌قصة عجيبة من قصص اليهود

- ‌مصير السبي والغنائم

- ‌مشاركة المرأة في الغنائم

- ‌منع التفريق بين الأم وابنها

- ‌الرسول يتزوج من بني قريظة

- ‌الفصل الرَّابع على أطلال بني قريظة

- ‌الطاعنون في حكم إعدام اليهود

- ‌تحذير لكل مسلم

- ‌طبيعة اليهود الأبدية

- ‌المعاهدة بين المسلمين واليهود

- ‌أربع سنوات من المعاهدة

- ‌العهود والمواثيق في نظر اليهود

- ‌إلى المدافعين عن بني قريظة

- ‌أهم بنود المعاهدة

- ‌اليهود والمسلمون أمة واحدة

- ‌كان اليهود مواطنين يثربيين

- ‌لم يكن اليهود مجبرين على المعاهدة

- ‌سؤال قانوني

- ‌بنو قريظة في نظر القانون الدولي

- ‌اليهود خونة لا أسرى حرب

- ‌لكل دولة قانونها الخاص

- ‌إعدام اليهود والاتفاقات الدولية

- ‌سكان هيروشيما وبنو قريظة

- ‌خرافة مدنية القرن العشرين

- ‌حكم بني قريظة في شريعهم

- ‌دفاع مجيد

- ‌التقول على الإسلام

- ‌مقارنة بين قبائل اليهود الثلاث

- ‌دفاع الدكتور محمد علي

- ‌حديث الشيخ الغزالي

- ‌رأى إنكليزى منصف

- ‌الإسلام والرق

- ‌الإسلام لم يشرع الرق

- ‌الإسلام يلغى جميع أنواع الرق

- ‌لماذا أباح الإسلام رق الحرب

- ‌الاسترقاق في الإسلام معاملة بالمثل

- ‌ليس في الإسلام ما يمنع من الاتفاق على إلغاء الرق

- ‌الرقيق عند الرومان والأمم الأخرى

- ‌الحقوق التي أعطاها الإسلام للرقيق

- ‌مساواة الإسلام بين المالك والرقيق

- ‌كيف فتح الإسلام باب التحرر للرقيق

- ‌كيف يجبر الإسلام المالك على تحرير عبده

- ‌وجوب مساعدة الرقيق على التحرر

- ‌البند المالي الخاص لتحرير العبيد

- ‌كيف قلص الإسلام من سلطة المالك على الرقيق

- ‌الإبقاء على الرق في الإسلام شكليًّا

- ‌محاربة الإسلام للرق

- ‌تحرير الرقيق غير المسلم

- ‌رغبة الإسلام في تصفية الرق

- ‌بند تحرير العبيد في وزارة مالية الإسلام

- ‌المساواة بين الأحرار والعبيد

- ‌الأرقاء ومنصب القيادة في الإسلام

- ‌العبيد ومنصب الخلافة

- ‌كلمة إلى المنصفين

- ‌أيها الشباب المسلم

- ‌أهم مراجع هذا الكتاب

الفصل: ‌بنو قريظة في نظر القانون الدولي

بل أعتقد أن واحدًا من هؤلاء المعترضين لن يستطيع إلَّا أَن يقول: إن أقل عقوبة يمكن إنزالها بمن ارتكب مثل هذه الجرائم التي أشرنا إليها هي الموت.

لأن جميع قوانين الدنيا (بلا استثناء) تنص على أَن الموت ومصادرة الممتلكات هي العقوبة العادلة التي يجب أَن تنزل بمن ارتكب مثل تلك الجرائم التي ذكرنا.

‌بنو قريظة في نظر القانون الدولي

فإذا عرفنا هذا واتفقنا على أَنه ليس من الظلم ولا من الوحشية في شيء إصدار حكم الإِعدام وتنفيذه بحق المواطن الذي يتصل بالعدو في حالة الحرب القائمة وييسّر له (ولو ببعض المعلومات) مهمة احتلال وطنه أو الإضرار بدولته وأمته، فإن سؤالًا آخر أَهم من السؤال الأول لا بد للمعترضين على الحكم الصادر والنافذ بحق يهود بني قريظة من الإجابة عليه وهو:

ما هو (في عرف جميع القوانين) حكم الذي ينقل معلومات إلى العدو تنفعه وتُيسّر له الإضرار بالأُمة وتعرّض الوطن للخطر فحسب، بل ما حكم الذي يستغل حراجة ظروف وطنه ومواطنيه الذي هو جزء منهم ويقيم بينهم فيخون ويغدر، ويطعن وطنه وأمته من الخلف.

فيشهر السلاح في وجه دولته ومواطنيه، ويعلن إنضمامه إلي العدوّ الغازى في تلك الظروف الحربية الدقيقة المخيفة، قاصدًا من وراء غدره وخيانته إخضاع وطنه للغزاة وسحق الفئات الأخرى من

ص: 231

بني وطنه وإسقاط النظام القائم (بحد السلاح وبالتواطؤ مع العدو) الذي ارتضاه واعترف به وعاش في ظله آمنًا مطمئنًا لم يهضم له حق ولم يكن إلَّا محل الرعاية والوفاء؟ .

أَعتقد أَنَّ أَحدًا (وحتى من المستبشعين للحكم الصادر في حق بني قريظة) لن يكون جوابه (إذا كان يحترم عقله) على هذا السؤال إلَّا الاعتراف بأَن جميع قوانين وأَعراف الدنيا في الحاضر والماضي تنصّ (بالإجماع) على أن الموت والمصادرة هي عقوبة كل من يقدم على هذه الجرائم التي أَشرنا إليها.

وحيث أَن هذا أَمر متفق عليه (بلا جدال) عند جميع الأمم -قديمًا وحديثًا- فإنه من التحامل والتعسف والافتراءِ القول بأن الحكم الصادر في حق بني قريظة هو حكم غير عادل ومخالف لقواعد الإنسانية.

لأَن هؤلاءِ اليهود قد جمعوا في تصرفاتهم الخائنة الغادرة ضد المسلمين كل الجرائم التي عقوبة واحدة منها (فقط) الموت في جميع قوانين الدنيا في كل الأعصار والأزمنة.

فاليهود لم يكتفوا بالتجسس على مواطنيهم لحساب العدو في حالة الحرب، ولم يكتفوا بمد هذا العدو بالمساعدات المادية والأَدبية التي تيسّر له مهمة احتلال المدينة وطن المجميع المشترك (يوم ذاك) .. وهي أَعمال تُصنّف في باب الخيانة العظمى التي عقوبتها الموت في جميع قوانين العالم .. نعم لم يكتفوا بهذه الأَعمال فحسب، بل (بالإضافة إِلى كل ذلك) شهروا السلاح في وجه الجيش الإِسلامي المشغول بمواجهة الغزاة، وأَعلنوا قطع كل صلة تصلهم بحلفائهم

ص: 232

مواطنيهم المسلمين، وانضموا في تلك الساعات المزلزلة، إلى قوات العدو الغازية مستهدفين سحق المسلمين (بسرعة) سحقًا كاملا مستغلين الموقف الدقيق المتأَزم الذي بلغت فيه حالة المسلمين من الضيق والشدة حد الاختناق ضاربين بكل المثل والأعراف والقوانين والعهود والمواثيق عرض الحائط.

إن يهود بني قريظة (وقد ظهرت نواياهم الخبيثة وتكشفوا على تلك الحالة من اللؤم والخسة والدناءة) لو تم النصر لهم وللأحزاب على المسلمين لما اكتفوا إلا باستئصال شأفة المسلمين ومصادرة كل أملاكهم وسبي جميع نسائهم وذرارهم.

وهذا أمر مبيَّت منهم للمسلمين (بالتأكيد) فهم لم يُقدموا على تلك الخيانة العظمى فيتواطئوا مع العدو الغازى إلَّا وقد وضعوا نُصب أعينهم (كهدف أول) إبادة المسلمين عن آخرهم.

وقد تجلى هذا المقصد الخبيث من اليهود عندما طلبوا من الأحزاب (كشرط أساسى لانضمامهم إليهم) أن لا ينسحبوا ويفكوا الحصار عن المدينة إلَّا بعد سحق المسلمين واستئصال شأفتهم، وأخذوا بذلك العهد على مندوب الأحزاب (حُيَى بن أخطب) فتعهَّد لهم بذلك باسم الأحزاب.

فكيف (إذن) بعد هذه الحقائق الدامغة كلها، وبعد هذه الأعمال التي قام بها اليهود، والتي يكفي البعض منها (فكيف بها مجتمعة) لإدانة هؤلاء اليهود بالخيانة العظمى التي عقوبتها الموت والمصادرة في جميع قوانين الدنيا

كيف بعد هذا كله يسوغ لعاقل منصف يحترم نفسه أن ينفي صفة العدل والإنصاف عن الحكم الصادر والنافذ

ص: 233

بحق هؤلاء اليهود الذين لم ينتهوا إلا إلى المصير الذي حاولوا (خيانة وغدرًا وبكل الوسائل الخسيسة) أن يصلوا بالمسلمين إليه؟ ؟

ولماذا يكون من العدل والإنصاف تنفيذ حكم الإعدام (في هذا العصر) فيمن ارتكب جريمة واحدة فقط من الجرائم التي أشرنا إليها والتي تكفي واحدة منها بإنزال عقوبة الإعدام بمرتكبها كنقل أسرار حربية إلى العدو (فقط) كما يحدث في هذا الزمن، ولا يكون من العدل والإنصاف، بل يصبح من القسوة والوحشية والظلم، تنفيذ حكم الإعدام فيمن ارتكب كل هذه الجرائم الخطيرة مجتمعة كما فعل بنو قريظة؟ ؟ .

ألَأَن المحكومين يهود والحاكمين مسلمون أم ماذا؟ ؟ .

إننا لا نزال نسمع كل يوم بأحكام الإعدام تصدر بحق أُناس في أمريكا وأوروبا وكل العالم المسمى (بالعالم الحر) لا لأنهم انضموا إلى الأعداء وشهروا السلاح في وجه دولتهم ومواطنيهم، وإنما لأنهم نقلوا إلى العدو معلومات تفيده وتيسِّر له الإضرار بوطنهم ومواطنيهم.

فما حلَّ ليهود بني قريظة (إذن) من عقاب صارم إنما هو جزاء عادل، يستند إلى قاعدة دولية عامة في كل عصر وزمان، وهو بعيد كل البعد عن أبي شطط أو انحراف عن مبادئ العدالة والإنصاف، لا سيما في ذلك العصر الذي لو وقع فيه المسلمون في أيدي يهود بني قريظة والأحزاب الذين تواطأَ معهم يهود بني قريظة، لما صاروا (أي المسلمون) إلَّا إلى أقسى مما صار إليه هؤلاءِ اليهود على أيدى المسلمين.

ص: 234